تبرعاتكم وتبرعاتكن المالية تحفظ استقلال الحوار المتمدن، فشاركونا في دعم استمرارية هذا الفضاء اليساري الحر

بدون مؤاخذة-لا أوحش الله منك يا رمضان

جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)

الحوار المتمدن-العدد: 2771 - 2009 / 9 / 16 - 21:41
المحور: القضية الفلسطينية

لا أوحش الله منك يا رمضان

شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن شهر خير وبركات، تكثر فيه العبادات، وينقطع البعض فيه عن المعاصي التي يرتكبونها في الشهور الاخرى، ويزداد المتقون تقوى طمعا في مرضاة الله ، ولما لهذا الشهر الكريم من فضائل فإن المؤمنين يتمنون لو ان كل ايام السنة رمضان .

ويمرّ رمضان هذا العام على فلسطين وشعبها، وقد مرّ على حصار مليون ونصف المليون مواطن في قطاع غزة، اكثر من ثلاث سنوات متتاليات، حيث النقص في الغذاء والداوء وكل متطلبات الحياة، حتى ان المياه الصالحة للشرب لم تعد موجودة، وبات اهلنا في القطاع على شفا العطش الجماعي، يصومون طاعة لله ويفطرون على ما تيسر من طعام يسد الرمق، وما تيسر من ماء ملوث لا يروي العطش. ومئات الآلاف من ابناء شعبنا في قطاع غزة وفي الضفة الغربية يعيشون تحت خط الفقر، أرامل الشهداء والوالدون الثكالى والأطفال الأيتام ابناء الشهداء لا يملكون سوى رحمة الله، يصومون ويصلون ويدعون ويلهمهم الله الصبر لصدق ايمانهم وثباتهم على عقيدتهم وايمانهم بعدالة قضيتهم ...

يمرّ رمضان ويأتي العيد واطفال الشهداء والأسرى لا يجدون كسوة وحذاء جديدا، أو لعبة يلهون بها في طفولتهم البريئة.

يمرّ رمضان والمستوطنات تزداد تضخما يوما على يوم ... وعائلات في القدس تفترش رصيف الشوارع وتلتحف السماء على مقربة من بيوتها التي تم اخلاؤها منها لإحلال مستوطنين فيها مكانهم .

يمرّ رمضان ومئات آلاف المؤمنين الفلسطينيين عيونهم على الأقصى ليكسبوا ثواب الصلاة فيه، لكن حواجز المحتلين العسكرية وجدران التوسع الاحتلالي تحول دون وصولهم للمسجد الأسير، فدخول القدس لمن هم خارجها في شهر رمضان فقط لمن هم فوق الخمسين من الذكور والخامسة والاربعين من الاناث، وفي الأشهر الأخرى المنع على الجميع ، هذه هي قوانين المحتل التي يطبقها بقوة السلاح .

يمََر الشهر الفضيل ومئات آلاف الصائمين الفلسطينيين يصطفون على مائدة افطار فقيرة ... خبز وزيت وزيتون.. والخبز من طحين المعونة المقدمة من وكالة غوث اللاجئين وجمعيات اغاثة دولية اخرى .

يمرّ رمضان والآلاف لا يملكون الا البكاء على عزيزين فقدوهم وهم احياء عند ربهم يرزقون، ودعوات بالحرية لأعزاء في غياهب السجون.

يمرّ الشهر الفضيل وطالبة جامعية متفوقة من مخيم بلاطة لا تملك أجرة الطريق للوصول الى جامعة النجاح حيث تدرس، فتُبكي بواكيا لا يملكون ما يريدون مساعدتها به.

يمرّ رمضان ومئات الآلاف يراقبون ترف وبذخ ابناء جنسهم على شاشات التلفزة غير مكترثين بأخوة لهم يعانون الأمرين.

يمرّ رمضان ويأتي عيد الفطر السعيد ... ولا سامع ولا مجيب لدعوات نساء واطفال وشيوخ لأمُة ما عاد فيها معتصم .

يمرّ رمضان ويأتي العيد ولا نملك الا ان نقول لأبناء أمتنا كل عام وانتم بخير ، وتذكروا حكمة الأجداد(أكلت يوم أُكل الثور الأبيض)ولا أوحش الله منك يا رمضان.

16-9-2009

#جميل_السلحوت (هاشتاغ) Jamil_Salhut#

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل