أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد طه عيسى - التعدد القومي والديني: كنز للعراقيين وفي نفس الوقت وقود لحروبهم الأهلية















المزيد.....

التعدد القومي والديني: كنز للعراقيين وفي نفس الوقت وقود لحروبهم الأهلية


خالد طه عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 21:03
المحور: حقوق الانسان
    


Multi ethnics society is good for Iraq but might be reason for civil war

كان خلوّ العراق من نظام ديمقراطي، يتيح لجميع مكوِّنات النسيج الاجتماعي الوطني التعبير عن هويَّاتها القوميَّة والعرقيَّة والدينيَّة بحريَّة تامَّة، قد حوَّل التنوُّع القومي والإثني والديني والمذهبي، من ثراء حضاري، إلى عُقَد ومشاكل سياسية مزمنة، وقنابل موقوتة دائمة الترشُّح للانفجار، يغّذيها غبن وإجحاف وإقصاء وقمع وصهر لحق بأبناء الأقليات والمكونات الاجتماعية على يد الحكومات المستأثرة بالسلطة والثروة. ويأتي العراق كنموذج مصغَّر عن الشرق الأوسط، لجهة التنوُّع القومي والإثني والديني والمذهبي الذي يحتويه، والذي أفرز ثلاثة مشاريع رئيسية لاحتواء (أزمة؟) التعدد:





1. التيَّار القومي العربي رأى أن أقصر السبل وأسهلها لحلّ مشكلة الأقليَّات القوميَّة، هو قمعها وصهرها في بوتقة القوميَّة السيَّدة. وهذا ما فعلته العقيدة القوميَّة البعثيَّة إذ تعتبر كل من يعيش على "الأرض العربيَّة" بأنه عربيّ. ووصلت التطبيقات العمليَّة لهذه العقيدة في العراق، لمرتبة الإبادة الجماعيَّة العرقيَّة "الجينوسايد" ضدَّ الأكراد. في حين مارست هذه العقيدة على أكراد سورية، نوعاً من "المجازر البيضاء"، من قبيل التجريد من الجنسيَّة، وتعريب المناطق، والاستهداف الاقتصاديَّ وحتَّى الثقافيَّ.





2. التيَّار اليساري، قفز فوق الأزمة كليّاً، مدَّعياً النظرة الأمميَّة، ومنتظراً تحقق الاشتراكيَّة في هذا المنطقة، "باعتبارها" ستأتي بالعدالة الاجتماعيَّة والمساواة السياسيَّة في الحقوق والواجبات بين القوميَّات والأعراق. والحقُّ أنَّ اليسار العربي والعراقي، لم يسلم من الانحيازات القوميَّة، وغالباًَ ما كانت تتبدَّى بطانته، حيال التعاطي مع الملفّ الكرديّ.






3. تيَّارات الإسلام السياسي، وخاصَّة منها السنيَّة، فلا زالت ترى أن أفضل وسيلة لحلّ المشاكل القوميَّة، هو الاندماج في الأمَّة الإسلاميَّة، وترك الخيار القومي جانباً، باعتبار النزعة القوميَّة تتعارض مع التعاليم الدينيَّة، لكن هذا التيَّار، كحال اليسار العراقي، سرعان ما تتبدَّى بطانته القومويَّة، لصالح القوميَّة العربيَّة، أثناء تعاطيها مع ملف الأقليَّات في عمليَّة دمج مسبقة بين القوميَّة العربيَّة والإسلام، متجاهلاً وجود العديد من القوميَّات والأقليَّات غير المسلمة (صابئة وايزيديين وكلدو آشوريين وغيرهم).




هذه التيَّارات الثلاث السائدة، فشلت في تقديم مشاريع تراعي التنوُّع والتعدديَّة، لافتقادها للذهنيَّة الديمقراطيَّة، وللإرث والتراكم الديمقراطي. وليس صحيحاً القول، إنَّ المشاكل القوميَّة، ظهرت مع انهيار الاتحاد السوفياتي، لأن تلك المشاكل، كانت موجودةًَ أصلاً. وليس صحيحاًَ أيضاً أنَّ الخلافات القوميَّة والمذهبيَّة والطائفيَّة والدينيَّة ظهرت في العراق، بعد انهيار النظام السابق، حسبما يتحجج "أيتام" النظام السابق، فكتم نظام البعث للمشاكل القوميّة في العراق، لم يلغِ هذه المشاكل، ويجتثَّها من الجذور، بل زادها تعميقاً وتفاقماً، تحت الرماد، وجعلها من أكثر الملفَّات إثارةً لشهيَّة الدول الكبرى التي تود توسيع رقعة ملعبها في الشرق الأوسط.





هنا يأتي الـتأكيد على الدور الأمريكي الذي أوقد الأزمة، بدلاً من السعي لإطفائها. فلم يمضِ ثلاثة شهور على سقوط النظام السابق، حتى شكّل الأمريكيون مجلس الحكم الانتقالي على أسس محاصصة قوميَّة وعرقيَّة وطائفيَّة في تموز/يوليو 2003، لم يجر التوافق مسبقاً بين المكوِّنات العراقيَّة عليها. ومذّاك، والأقليَّات العرقيَّة والقوميَّة، لا تدخر وسعاً في التعبير عن تذمُّرها من كون تمثيلها في البرلمان ومجالس المحافظات، لا ينسجم وحجمها. ناهيكم عن التجاذبات اللاحقة حول الفيدراليَّة، والمادة 140 من الدستور، وقانون النفط، وقانون انتخابات مجالس المحافظات، وكلُّها قضايا تمسُّ الأقلّيَّات والمحاصصة فيما بينها في الصميم.





ما يغذي الأزمة ويضيّع البوصلة. وعدم وجود أيّ إحصاء سكاني عام، يتيح لنا معرفة حجم الطوائف الدينيَّة والعرقيَّة في العراق، يجعل كل منها يلجأ إلى تقديراته الخاصَّة المحتكمة إلى مصالحه وعقائده. فما يصدر عن المؤسسات ومراكز الأبحاث في هذا الصدد، هو مجرّد تخمينات، تستند على إحصاأت قديمة كان آخرها عام 1957، أو على مرجعيَّات إحصائيَّة أخرى، تستقي معلوماتها من جداول البطاقة التموينيَّة الصادرة عن النظام السابق، أو غيرها من مصادر، تحتمل هامشاًَ كبيراً من الخطأ.





الأمريكيون احتكموا على ما يبدو عند توزيعهم لمقاعد مجلس الحكم الانتقالي، على أساس التمثيل الديني والعرقي، إلى معلومات استخباريَّة، نشرها موقع الاستخبارات الأميركيَّة، الذي رأى عدد سكان العراق 24.683313 مليوناً، بحسب تقديرات يوليو/ تموز 2003. يشكّل العرب 75ء80%، الأكراد 15ء20%، والتركمان والسريان وآخرون 5%، بحسب التقسيم العرقي. وبحسب التقسيم الديني، يُشكِّل الشيعة 60ء65%، والسنة 32ء37%، والمسيحيون والديانات الأخرى 3%. فنال الشيعة العرب 13 مقعد، من أصل 25. وأعطي 5 مقاعد للسنة العرب، و5 مقاعد للأكراد، والتركمان مقعداً، والمسيحيون الآشوريون مقعداً. واستناداً على هذه المحاصصة، تأسست المعادلة السياسيَّة في العراق، لكن في غياب توافق العراقيين بين أنفسهم على حجر الزاوية.





ونظراً إلى صعوبة إجراء إحصاء سكَّاني محايد ونزيه، دون تسييس، في المدى القريب، يبقى جلّ مشاكل العراق متأتيا من الاختلاف على نسب توزيع الحصص بين المكونات، وهو الخلاف الذي انتقل سريعاً بعد تشكيل مجلس الحكم إلى الشارع العراقي، بعد أن شعر جزء كبير من العراقيين بالتهميش واللإقصاء عن العمليَّة السياسيَّة.

راسِمو الخريطة السياسيَّةء الديموغرافيَّة الجديدة، لم يضعوا في الحسبان تلك المتوالية من الأزمات التي قاد إليها تكريس النسب الديموغرافيَّة المقدّرة، سياسيَّاً.





حتّى الشيعة والأكراد، اللذين نالوا حصة الأسد من مكتسبات التغيير الحاصل، يرفضون اعتبار التقديرات الأمريكيَّة على أنها نهائيَّة. أمَّا في الشمال وعلى حدود الاقليم الكردي، فلا تزال أزمة كركوك تتفاعل منذ سنة 2003 بين الاثنيَّات الرئيسيَّة الأربعة المكوّنة للمحافظة، والتي تطالب جميعاً بتطبيق المادة 140 من الدستور المتضمنة إجراء إحصاء سكاني في المدينة (مع أن المكونات الأربع لكركوك تختلف فيما بينها على كيفية تطبيق بقية بنود المادة). خطوط التقسيم الطائفي والعرقي يغذيها أحداث العنف الحاصلة، لكن يغذيها في الوقت نفسه عدم وجود توافق وطني على الحجم الفعلي لكل مكون في هذا البلد.






بعد عام 2003 تغيّرت قواعد الصراع الطائفي، من عربي ـ كردي، إلى شيعي ـ سنِّي ثمَّ اتجهت كرة النَّار الأهليَّة الدائرة إلى ما بين التيارات والقوى الشيعيَّة أنفسها، وفي الوقت نفسه، كان أبناء الديانة الإزيديَّة يتعرضون لاستهداف مجموعات إرهاب تدعي تمثيلها للسنّة. وحاليَّاً، يتمُّ استهداف المسيحيين وهناك مزاعم وادعاأت حول تورُّط الحزبين الكرديين في عمليَّات التصفيَّة، فضلاً عن المجاميع المسلحة المرتبطة بالقاعدة في الموصل. وتبدو خطوط التقسيم أكثر عمقاً، مع الأخذ بالاعتبار، تلك المحاولات الجارية لإبعاد أبناء الديانة الإيزيديَّة عن أصولهم القوميَّة الكرديَّة، ومع مطالبات طائفتي الشبك والصابئة، باعتبارهم أقليات قوميَّة مستقلَّة، ومع المخاطر التي يستشعرها الأكراد من طموحات الحكومة المركزيَّة المتنامية.





في جميع تلك الحوادث، يبدو الشعور بالمظلوميَّة، وعدم الرضا لدى أبناء الأقليَّات محرِّكاً رئيسيَّاً لأحداث العنف. لذا، يبدو من العسير جداً القول: إن العراق على مقربة من طوي صفحاته الداميَّة، وإنَّ هذا البلد الثري بقومياته، بات قاب قوسين أو أدنى من الاستقرار. والخشية كل الخشية، أن تؤدي مزاعم واعتقادات (وأوهام) كل طرف عن مدى حجمه العددي وتمثيله، إلى تكريس الاحترابات الأهليَّة كمسألة مرشحة للاستمرار في العراق.


أبو خلود



#خالد_طه_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار على شكل دردشات تدور حول مايدور على الساحة السياسية
- ايادي خفية تلعب بمصائر الشعوب!!


المزيد.....




- الخارجية الأمريكية: حددنا 5 وحدات إسرائيلية ارتكبت انتهاكات ...
- مصدر إسرائيلي يحذر: مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائي ...
- سبب مثير وراء اعتقال روسيا جنديا سابقا بجيش الاحتلال الإسرائ ...
- لماذا ترفض المملكة المتحدة قرار إيرلندا بإعادة طالبي اللجوء ...
- المندوبة الأمريكية: واشنطن لا تتدخل في عمل المحكمة الجنائية ...
- إسرائيل تستنفر سفاراتها تحسبا لمذكرات اعتقال بحق مسئوليها
- يديعوت أحرونوت ترجح صدور مذكرات اعتقال سرية بحق مسئولين إسرا ...
- ليبيا.. الحرب السودانية وأزمة اللاجئين
- نتنياهو ومخاوف أوامر الاعتقال الدولية
- -هيومن رايتس ووتش-: رد فعل رؤساء الجامعات الأمريكية على الاح ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد طه عيسى - التعدد القومي والديني: كنز للعراقيين وفي نفس الوقت وقود لحروبهم الأهلية