أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بسام القاضي - -جرائم الشرف-: الرجولة حين تنحط إلى الذكورة















المزيد.....

-جرائم الشرف-: الرجولة حين تنحط إلى الذكورة


بسام القاضي

الحوار المتمدن-العدد: 2845 - 2009 / 12 / 1 - 14:44
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يحتج البعض أن "جرائم الشرف" لم تكن في تاريخ المنطقة، وانها فعل جديد على المجتمعات. ربما كان هذا صحيحا. لكن ما ليس صحيحا هو الاستنتاج الذي يبنى على ذلك، والذي يهدف إلى تأكيد أمر واحد: على المرأة التي هي خطيזة بحد ذاتها أن تحجب نفسها بنفسها عن الحياة، حتى تكون "طاهرة"!

فالاستنتاج هو: على النساء أن تتوقف عن التواصل مع غير "بعلها" لكي توقف مسار الخطيئة كله، ومن ثم لكي لا يبقى من "عذر" لدى القاتل! بالأحرى: حتى لا تثار غريزة الغيرة فيه! أو يدعون أنه "الشرف"! إذا، فهي المخطئة! هذا يذكر بشعار حملة "السوار" المدهش في بساطته ودقته: "هو اللي لازم يخاف.. مش انت!". شعار لامس جوهر قضية العنف ضد المرأة المتمثل في أن المعتدي هو مخطئ دائما، وهو من يجب أن يخاف دائما. لأنه هو من يجب أن يتلقى العقاب على اعتدائه. فيما هو يصور أنه هو "محق"، وأن عليها هي أن تخاف لأنها هي من "أخطأت"!

بالطبع لا يهم هنا أن نناقش مفهوم "الخطأ". فهذا نقاش غوغائي إلى حد بعيد. كل منا (فرادى وجماعات) يرسم مجموعة الأخطاء التي تناسب مصالحه. وخاصة تناسب مصالح الأسياد فيه. الأمر لا يختلف حين يكون الأسياد هم "قبيلة الذكور". فالسلطة هي السلطة. أو "الملك هو الملك" على حد تعبير الراحل سعد الله ونوس.

لكن، هل كانت تلك المقدمة صحيحة فعلا؟! بالطبع لا.
فجريمة قتل النساء بذريعة "الشرف" ليست هي المشكلة الوحيدة. البشرية عرفت الجريمة دوما. وربما ستبقى تعرفها دوما. لكن ما هو جديد نسبيا في تاريخ البشرية هو وجود القانون. أي وجود سلطة عليا ليست تابعة لشخص ما، بل نابعة من العقد المجتمعي نفسه، وتقرر حدود كل شخص ضمن الجماعة. وأهم تلك "القرارات" هي أن القصاص هو سلطة حصرية للدولة. فبدون هذا الاحتكار المطلق، لا يعود للقانون وجود، ولا للعقد معنى.

والذكور يقتلون النساء بدافع الغيرة وغيره في أمكنة كثيرة من هذا العالم الذكوري. لكن ما يفرق بين منطقة وأخرى هو الإجابة على سؤال: وماذا بعد الجريمة؟ هنا تكمن "جريمة الشرف" حين يكون الجواب: وسام البطولة وإعفاء (أو تخفيف يصل حد الإعفاء) من العقاب! هذا يعني ببساطة: كسر احتكار سلطة الدولة للقصاص. فالقاتل يعتقد أنه قد "انتهك حقه"! وبالتالي فله "الحق" وفق القانون أن يقتص من "المتعدي".

حين يحصل القاتل على هذا الوسام الأسود، تتحول الجريمة من جريمة عادية، إلى "جريمة شرف".
فهذا الدم الطازج المسفوك هو القربان الذي يقدمه ذكر ما إلى قبيلة ذكور لكي يقول لهم: لقد غسلت عاري، اقبلوني مجددا بين صفوف قطيعكم! إنه قربان، ليس إلا. لذلك لا يعد القاتل المباشر في "جريمة الشرف" إلا أداة. بينما تكون هذه الجريمة في جميع الحالات تقريبا جريمة مخطط لها بدقة، ومرتب لتفاصيلها كاملة، بما يجعل كل من هو في خلفية الصورة قتلة بالضرورة.

لكن، ألا يعني هذا أن تغيير القانون وحده، ونزع الحصانة عن هؤلاء القتلة، لن يؤدي إلى إزالة هذه الجرائم؟

هذا صحيح. هو لن يؤدي إلى إزالة هذه الجرائم. لكنه ببساطة سوف يعيدها إلى "مستواها الطبيعي" كغيرها من الجرائم. والمعتدي، الذي هو القاتل وجميع مؤيديه ومحرضيه، سيتلقون العقاب مثل أي مجرم آخر. ففي النهاية المصالح هي محدد أساسي في سلوك البشر. وحين لا تكون نتيجة هذا القتل وسام البطولة، بل عشرون سنة من السجن، مع كل تكاليف ذلك على القاتل وعلى محيطه، سوف يعاد النظر ألف مرة قبل أن ترتكب هذه الجريمة القذرة.

من هنا، فقد حان الوقت لكي تتحول هذه الجريمة إلى جريمة مدانة عالميا. ولذلك أطلق مرصد نساء سورية دعوته العالمية لاعتماد يوم 29/10 من كل عام "يوما عالميا للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف". و29/10/2009 هو اليوم الذي قرر فيه قاض سوري تبرئة قاتل لأخته بدعوى الشرف، في جريمة تم التخطيط لها على مدى أكثر من عام، وبدعم مطلق من المحيط الاجتماعي له. معلقا بذلك وسام البطولة على صدر القاتل، ومدينا الضحية مرة أخرى بعد أن أدانتها سكين القاتل التي طعنتها في صدرها وظهرها ورقبتها بينما قدمه تعلو رأسها، دون أن يرف له جفن، أو يهتز له "شرف"!
وهي دعوة يتم توجيهها إلى جميع المؤمنين بأنه حان الوقت لكي نوقف شلال الدم هذا. سواء كانوا أفرادا أو أحزابا ومنظمات وجمعيات. بهدف الوصول إلى تبنيها من قبل الأمم المتحدة تبنيا رسميا.

لكن، ما علاقة ذلك بعنوان هذه المقالة الصغيرة؟
في الواقع تم تشويه مقصود، عبر عصور الانحطاط خاصة، لمفهوم الرجولة الذي يفترض أن يدل على قيم إيجابية في العلاقة بين الرجال والنساء، من المساعدة والتعاون واللهفة والتشارك.. إلى قيم سلبية في هذه العلاقة تشكل السيطرة من قبل الرجل على المرأة بندها الوحيد.
والتمييز بين المفردتين (رجولة- ذكورة) تمييز ينبع من هنا. فيما الرجولة تنتمي إلى عالم البشر الذين تشكل أجسادهم جزءا من وجودهم، تقف الذكورة عارية مقتصرة على الجسد فقط بكل غرائزه وطبائعه البدائية التي يشكل العنف أحد أهم عناصرها.

وكما أن الرجولة هي رقي هذا الكائن من المستوى البدائي لوجوده إلى المستوى الحضاري، فالذكورة هي الاتجاه المعاكس: الانحطاط من المستوى الحضاري إلى المستوى البدائي.
في المستوى الحضاري يحضر العقل والتشارك والمساواة.. بينما لا يحضر في المستوى البدائي سوى العنف والغرائز بشكلها الأدنى.

ولنكن واقعيين: الميل الطبيعي للإنسان هو الذهاب إلى البدائية. حيث الكسل، السلطة، القوة، العنف.. مع كل "الجنات" الموعودة الناتجة عن "انتصار" هذا العنف... وبالتالي فإن المراهنة على تطور لا تتدخل فيه الإرادة بكل تجلياتها، خاصة القانون والقضاء والمؤسسات المختلفة..، هو رهان يبدو خاسرا. هذه ليست صورة سلبية للإنسان. فأن نقترب من معرفة أنفسنا كما هي هو بحد ذاته مفتاحا أساسيا للرقي بحياتنا..

إذا، سأعيد صياغة شعار حملة "السوار" بما يناسب هذا المقام: "هو اللي لازم يتعاقب.. مش انتِ!" فهو المعتدي. وهو من ينحط. لأن العنف بكافة أشكاله وأسبابه هو الانحطاط عاريا.

(*) بسام القاضي هو مدير مرصد نساء سوريا.

(**) هذا المقال ماخوذ عن موقع السوار- الحركه النسويه العربيه لدعم ضحايا الإعتداءات الجنسيه.
وقد كتب دعما لحملة السوار "هو اللي لازم يخاف".




#بسام_القاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمشاركة من القتلة المتخفين تحت ستار الدين والقانون: صبيتين ج ...
- موسم المزايدات في سورية: الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة الع ...
- ويستمر قتل النساء السوريات: جريمة -شرف- جديدة في إدلب!
- على الحكومة أن تتخذ قرارها فوراً: أن تحمي حياة المواطنة (ر.م ...
- بعض من ردّ على حوار وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سورية
- من طعن سورية.. في الوجه؟!
- التماسك والتفكك الأسري.. في (الشرق) و(الغرب)!
- إيقاف بسام القاضي عن الكتابة في جريدة النور
- نداء إلى الإعلام العربي: أوقفوا بثّ هذه الصور المريعة!
- الوحدة الوطنية
- مفاجأة يوم المرأة العالمي في سورية لعام 2006
- أمهات سوريات مازلن في الانتظار
- اكتشاف علمي جديد.. الضرب المجازي المعنوي!
- د. البوطي يتهم: -نساء سورية- عملاء!!


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بسام القاضي - -جرائم الشرف-: الرجولة حين تنحط إلى الذكورة