أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - أريد ان أكون مسيحيا بعد موتي














المزيد.....

أريد ان أكون مسيحيا بعد موتي


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 2844 - 2009 / 11 / 30 - 13:15
المحور: كتابات ساخرة
    


بالامس توفت جارتي البريطانية عن عمر يناهز الثامنة والثمانين .. ماتت بهدوء فقد كانت تعرف ان نهايتها قريبة فهي مصابة بأمراض القلب والسكري وضغط الدم وتليف الشرايين وغيرها من امراض الشيخوخة. كانت الى ماقبل موتها بساعات تحرث حديقتها بمساعدة جار عجوز يقاربها في العمر. كانت تزورني بين الحين والاخر وفي كل زيارة كانت تحدثني عن حبها لمشاهدة كرة القدم رغم انها تمنت في ايام شبابها ان تكون لاعبة سلة محترفة.
ماتت مارجريت في يوم نادر من ايام الصحو في اوكلاند وتحدد يوم التأبين في احدى الكنائس الكاثوليكية وكان علي ان احضر تأبينها وهذا اقل مايمكن ان افعله لهذه المرأة التي كانت متشعبة بحب الحياة رغم انها تقطع مسافة ال 500 متر في نصف ساعة.
كانت قاعة الكنيسة مشتعلة بالشموع فيما وضع تابوتها العاجي على طاولة فاخرة مزدحمة بالزهور ووقف امامها القس الهندي بزيه الكاثوليكي يعدل من اكواب النبيذ قبل ان يبدأ مراسيم التأبين. لم يتجاوز عدد الحاضرين 50 رجلا وامرأة كانوا يلبسون احلى ماعندهم، لم اجد واحدا منهم يلبس او تلبس " اللون الاسود" .
ابتدأ القس بقراءة الدعاء وطلب الغفران للمتوفية. كانت خطبة قصيرة تناول القس بعدها قدحا من النبيذ وشرب قليلا منه وصب نبيذا في قدح آخر ووضعه امام نعش المتوفية وتناول قطعة من الخبز المقدس ومضغها بهدوء ثم عاود تلاوة بعض الادعية التي لم افهم منها شيئا وتناول مرة اخرى كوب النبيذ ليرتشف منه فيما سحب القدح من امام الطاولة المقابلة للنعش ووضعه الى جانبه وارتفع صوته بالغناء وانسجم معه الحاضرون وانطلقت الترانيم هادئة في بادىء الامر لكن سرعان ما أرتفعت الاصوات وبدت الحناجر وهي تترنم بالاناشيد كأنها حنجرة واحدة . تخيلت مارجريت وهي تقفز فرحة من النعش لتحيي هؤلاء الذين جاءوا لتوديعها وتشكرهم على هذه الترانيم البهيجة. ومأن انتهت هذه الترانيم حتى وقف ابنها أمام النعش لينحني امام امه بخشوع صادق فيما تقدم منه القس ليقدم له كاسا من النبيذ رشف منه رشفة واحدة ثم جاءت زوجة الابن لتقف بنفس الخشوع وترتشف كأسا من النبيذ الذي مسح حاشيته القس بمنديل ابيض.
وقام القوم ليصطفوا امام القس الذي قدم لهم قطع من الخبز المقدس. تناولت قطعتي من يد القس ووضعتها بسرعة في فمي لارجع الى مكاني بين الحاضرين.
تذوقت قطعة الخبز المقدس لاجد طعمها يميل الى العلكة الخفيفة ولكنها كانت طيبة على اية حال، شعرت بدوار خفيف وانا أتخيل "الرادودة ام محمد" التي جاءت لتشارك بقراءة قصائد النعي على المرحومة امي، كنت آنذاك شابا يافعا ولأني كذلك فكان لزاما علي ان ان اقوم بواجب الضيافة لكل الحاضرين رجالا ونساءا .
كان شرطا ان اقدم الشاي للنساء اللاطمات والقهوة المرة للرجال وخفت أن اسأل عن السبب لكي لا انعت بالجهل . وفي كل مرة اقدم الشاي للنساء اللاطمات اجدهن في هرج ومرج .. مجموعة تحيط بعمتي التي اغمى عليها من كثرة اللطم والبكاء وكان الجميع يظن انها حزينة جدا على وفاة امي ولم تعرف اي واحدة منهن انها كانت تكره المرحومة اشد الكره لاسباب لامجال لذكرها الان، بينما احاطت مجموعة اخرى بالرادودة التي تهسترت وكاد ان يغمى عليها هي الاخرى لكثرة قصائد النعي التي ذكرتها ومناقب المتوفية التي كانت – حسب روايتها- مثال الام الرحوم والمرأة الولودة الشريفة – ولفت نظري مجموعة اخرى من النسوة ابتعدن قليلا الى احدى زوايا حائط الصالة ليكشفن عن صدورهن ويتأكدن من وجود البقع الحمراء عليها وعرفت فيما بعد انهن كن يتسابقن في اللطم والدق على الصدور حتى تفوز الواحدة منهن بمساحة اكبر من الاحمرار على صدرها ، كيف لا وحديث الغد سيكون عن المرأة التي التهب صدرها من اللطم هذا عدا ضرورة معرفة اصلها وفصلها واسم زوجها وعدد ابنائها ومن من بناتها تزوجت ومن هو الزوج وماذا يشتغل.
ذات يوم قال لي احد الاصدقاء :
جاءت الرادودة "ام محمد" لتشارك في نعي والدي .. ولانها لاتجيد القراءة والكتابة فهي تسأل عادة عن اسم المتوفي لكي تحشره في قصائد النعي الجاهزة التي تحفظها عن ظهر قلب ولكنها في هذه المرة نست ان تسأل عن الاسم ولم تمض ثوان حتى توسطت النسوة كعادتها وكشفت صدرها وبدأت في ممارلسة طقوس اللطم يصاحبها صوتها في تعداد مناقب المتوفي وبعد اقل من 10 دقائق توقفت النسوة عن اللطم وتبرعت احداهن لتصيح في وجه الرادودة: ان اسم المتوفي عدنان وليس كاظم كما ذكرت ولكن الرادودة لم تبال للاعتراض بل شدت من حنجرتها وأخذت تصيح وهي تلطم قافزة: ان المسلمين كلهم عباد الله وليست الاسماء مهمة في هذه الفاتحة.
ولم يكن امام اللاطمات سوى الاستمرار في دق الصدور ولكن بقوة هذه المرة فعليهن ان يكشفن عن صدورهن بعد حين ليتبارزن في شدة احمرار الصدور.
لاداعي لان اقول لكم بعد ذلك كيف ظهرت ام محمد ذات يوم في فاتحة ابنها الذي استشهد في حرب" القادسية" ، كانت محطمة تماما جلست على الارض محاطة بالنساء اللواتي طلبن منها ان تنعي ابنها ولكنها ردت عليهن:
ألا ابني فلن انعيه ابدا فقد كان وحيدي وكل الكلام الذي سأقوله "هواء في شبك".



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خزيتونا ياأصحاب اللحى
- حيوانات كانت بشرا
- الزوجة الدبلوماسية تطير الى باريس
- بالروح .. بالدم نفديك يابن لادن
- زوجات ازلام عدم الانحياز يجتمعن في روما؟؟؟؟
- الزوجة الدبلوماسية تزور روما
- عاشق البقرة
- الزوجة الدبلوماسية تستعرض عضلاتها في مطارات العالم
- حتى الرضيع ايها الناس يحمل جواز سفر عراقيا دبلوماسيا
- ألا بؤسكم من مسلمين
- البرادعي.. انت كذاب ياسيدي
- نحباني للو
- الحجاج يتلهفون على الحمامات التركية الشعبية
- ياصياد السمك .. اريد -بنية-
- رسالة من بيت الموتى الى الدول الثمانية
- أين العدالة ايها الناس?
- رسالتي الثانية الى رب العزة
- انا ابن الله .. وليخسأ الخاسئون
- ايها العرب أتركوا فلسطين واركضوا نحو كشمير
- أفكار بصوت عال .. لمن يسمع


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - أريد ان أكون مسيحيا بعد موتي