أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حافظ سيف فاضل - اكذوبة الاصلاح من الداخل















المزيد.....

اكذوبة الاصلاح من الداخل


حافظ سيف فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 860 - 2004 / 6 / 10 - 06:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان اكذوبة الاصلاح من الداخل مثلها مثل اكذوبة الاجماع, دوما نقرأ ونسمع عن جملة "اجمع العلماء" او "اجمع الفقهاء", قال الدكتور احمد الكبيسي ذات مرة: انه لايوجد هناك في الواقع شئ يسمى اجماع العلماء اي يجمع العلماء على مسألة على مدى التاريخ الاسلامي, لان الاجماع خرافة, اذ كيف يمكن ان يجمع علماء في عصر واحد على امر ما, ويجمع علماء ذلك العصر المجمعون مع علماء عصر أخر على ذلك الامر في نفس الوقت.. وهكذا!؟. هذا من قبيل الخيال وحسب. اما قضية الاصلاح من الداخل شابهت الى حد كبير المقولة السابقة الاجماعية الفقهية.

عندما كان العرب في عز مجدهم (ومجدهم بطبيعة ذاك الزمان متواضعة مقارنة بمجد انسان اليوم العظيم), كان لابد ان يسبق ذلك المجد العربي المثابرة والاجتهاد في ترجمة الكتب الاغريقية واليونانية والمستمدة من الحضارات التي سبقت الاسلام, كما ادخلوا نظام الدولة ومايتناسب من تجارب الفرس والروم منذ عهد عمر بن الخطاب, وحملوا مخترعات الفلك والكيمياء والجبر والطبابة ونشروها في الاندلس ومشارف اوروبا عبر الوسائل الحربية والسلمية والتجارية. كل ذلك يعني ان التفاعل الانساني والتبادل الحضاري افاد في ادخال مجموعات الاصلاحات والافكار التنويرية المستقدمة الى العرب ومن العرب الى غيرهم, حين كان يرزح الغرب في حقبة محدودة حالكة في الظلمة مما استدعت حاجته الماسة الى استقدام افكار تنويرية واصلاحات من (الخارج), وجرى وتم ذلك في تفاعل انساني متناغم وعلى اساس مبدأ قانون (التدافع والتنافس) بين الناس كون هذا القانون يعد من طبيعة سنن الحياة. وفي عصر انحطاط العرب السياسي والثقافي والعلمي ادخل الفرنسيون مع حملة نابليون بونابرت الى مصر المطبعة التي حرمها الاستعمار العثماني ردهة كبيرة من الزمن بحجة امكانية طباعة ونشر القرآن الكريم محرفا واستثني اليهود والاقليات الغير مسلمة المقيمة على البساط العثماني من ذلك الفرمان (الخنفشاري) وكان الاستثناء عامل نجاة ونور لغير المسلمين, وعامل جهل وظلامية للمسلمين بامتياز, يتحمله الخليفة الحاكم بأمر الله. وفُتحت الآفاق امام الطلاب العرب للدراسة في الخارج وتعلم العلوم الحديثة واكتساب الخبرات الغربية مع تبدل المواقع والمراتب ببزوغ ثقافة حضارة على حساب ثقافة حضارة اخرى. عند سقوط النازية الهتلرية لم يكن هناك من بديل ان يأتي اصلاح المانيا الا من الخارج, بعد ان دكت دكا في الحرب العالمية الثانية. وكذلك انصاعت اليابان القيصرية المتخلفة وحُفت بنهج اصلاحي متكامل اوصلها الى ماهي عليه الان من تقدم وتطور خلاق, بعد ان طالها الدمار بضرب هيروشيما وناجازاكي ولم يكن لدمارهما مثيل في البلاد على مدى التاريخ, لضرورة وقف زحف الخطرين على البشرية النازي والفاشي. عندما يصبح اي مجتمع انساني بحاجة ماسة الى عنصري التنوير والاصلاح بعد حالة من التخلف الظلامي والفساد السياسي والاخلاقي, يتحتم على طبيعة سنة الحياة المتدافعة حينها ان تفعل فعلها الحسن دون صراع, يتم ذلك فقط مادام المجتمع المعوز يتعامل باريحية متقبلا لجرعات الاصلاح المستقدمة من خارج المجتمع وفق المسيرة الزمنية التبادلية مع انخفاض اوعلو مستوى الحضارات من حيث الرقي والتطور على امتداد التاريخ لغرض خلق حضارة اعمق واشمل تدعى: (الحضارة الانسانية الارقى), التي تتمنطق بالريادة وتأخذ بيد شعوب الارض الاقل نمو وتحضر نحو مزيد من الامن والترقي. وتتشكل الحضارة الانسانية الارقى من كل الحضارات والمجتمعات الانسانية مجتمعة ومتعاقبة ومتبادلة, وعلى اساس المشاركة, التي تصب محصلتها النهائية في صالح البشرية جمعاء, وهذا من طبيعة الحياة المقوننة. ولكن قد تصبح الطامة كبرى اذا ما حدث (صد) لعجلة التحديث واعاقة قانون (التدافع) بين البشر عند رفض انظمة سياسية معينة ذات نهج شمولي ديكتاتوري هذه الاصلاحات عناداً واستئثاراً بالسلطة, وهي ماتشبه الى حد كبير الانظمة العربية القائمة, والتي تفتقر الى الاصلاحات السياسية والاقتصادية والقضائية والاجتماعية والتعليمية, وان وجدت بنود قانونية لهذه الاصلاحات, افتقرت الى آليات التنفيذ, وتقاوم هذه الانظمة باستماتة لامثيل لها الحرية بمفهومها الواسع, وتحتال بذكاء على المسميات الانسانية النبيلة, مثل مسمى حقوق الانسان, لتعمد الى مصادرة المسمى بأنشاء وزارات حكومية تعني (بحقوق الانسان) في حين ان المواطن هو من يشكو من قهر السلطة والحكومة. تماشيا مع المثل القائل: (اذا كان غريمك القاضي من تشارع)!!. ايضا الاحتيال على مسمى الديموقراطية, وعن ضرورة تبني الديموقراطية كنهج سياسي عام في الدولة والمجتمع, فجأة.. اصبحت جميع الحكومات العربية (بقدرة قادر) ديموقراطية بما فيها الملكية والثورية ويتصدر تلاوة شعار الدمقرطة نشرات الاخبار في القنوات المحلية المسموعة والمرئية المملوكة للدولة بأحتكار بلامنازع. وبهذا الاصرار الرافض لكل ماهو اصلاحي خارجي يعد مؤشر خطر يؤدي الى صراع مع طبيعة الاشياء وفق قانون التدافع سابق الذكر. والانكى والامر ان يكون صد الاصلاح والتأفف من افكار التنوير البشرية بازغا من قطاعات الشعب او المجتمع المدني -ان وجد- وان تكون مصيبة الشعوب العربية انها غير قابلة للتحديث والحداثة بسبب الاطار الثقافي المنغلق السائد في المجتمع بمفاهيم الثقافة الجبرية والسمعية والريع, والارث القديم المثقل بعبئ النصوص المعلبة الجاهزة المنتهية الصلاحية, وترسخ العادات والتقاليد المهترئة. ان هذا الاصرار على الرفض والمحاط غالبا بهالة من الشعارات الوطنية والدينية المقدسة, يصبح صدامها مع قانون التدافع الانساني في طور الحتمي, ليسهل علينا حينها التنبؤ بمؤشر الاشراع في الصراع والصدام بين الثقافات والذي لابد وان يفضي بالضرورة الى فتح مسرب للنجاة ليتدفق منه قانون التدافع لتحقيق الخلاص للامم كما حدث غير مرة في تاريخ المسيرة الانسانية باقصاء دول او سقوط امم وعلو اخرى, ولكن تظل المحصلة النهائية هي النجاة للجميع والاستمرارية نحو التطور والرقي بقيادة الارقى الاقوى. ومن وجهة نظري انه لايوجد هناك صراع حضارات بقدر ماهو صراع ثقافات, لان الحضارات, هي وحدة انسانية متكاملة ممتدة تبنى على مجموعة من الخبرات والتجارب الانسانية والتعلم التراكمي, لتصب في المصلحة البشرية الاعم, بينما الثقافات, هي نقاط الاختلافات, متعددة المشارب, حادة التمييز فيما بينها ومثيرة للخلافات والمواجهات. وتأكيدا لما سبق طرحه, هاهي الولايات المتحدة الامريكية الدولة العظمى ذو القطب الاوحد, تتعهد بتطبيق الديموقراطية والمساعدة في تقديم الاصلاحات, وفق مشروع الشرق الاوسط الكبير -المعدل- في الدول العربية, لان تطبيق الديموقراطية يقضي على الارهاب -على ذمة جورج بوش- والذي تعاني منه الدول العربية ويعاني منه العالم على نحو اوسع, بعد ان كان محصورا في بقع محددة. والديموقراطية نظام لابد منه يتوافق مع المعايير الدولية, وينظم حكم الشعب, ويسهل تبادل السلطة, ويعترف بالاخر. وقد تبنى المشروع الاوسطي مجموعة الدول الصناعية الثمانية الغنية, وبالمناسبة اقرت فرنسا (المعارضة) "على ان مشروع الشرق الاوسط الكبير بات مقبولا". وسواء وافق الحكام العرب على هذا المشروع, ام لم يوافقوا عليه, ستظل عجلة الاصلاح والتغيير تهب بضراوة من حين الى اخر, برضى ام بضغط, بسلم او بحرب, وفق قانون الحتمية التدافعي المبارك. ولكن وللتنوية مايعد مخالفاً للطبيعة, هو ان تبقى الدول العربية بمجتمعاتها مدة جاوزت الخمسين عاما عالقة في عنق زجاجة التخلف وقهر المواطن, وتتعهد -تحايلا- على الدوام بتنفيذ جرع الاصلاح منها محاربة الفساد, اشراك المرأة, احترام حقوق الانسان, السماح بحرية الرأي والمعتقد, حفظ حقوق الاقليات, والتبادل السلمي للسلطة, ولكن كل ذلك يبقى في موضع جمود نوم الفاقد للوعي واللاحركة. ولايوقظ الحكومات العربية الا محفزات خارجية خشية من تهديد وجودها ولكن سرعان بعدها ماتغوص في سبات نوم اليقظة, مدعمة بحجج وادعاءات كثيرة اهمها المواجهة مع العدو الصهيوني في حين ذلك العدو الاسرائيلي محاط بـ(22) دولة عربية تتحين هذه الدول (الاثنين والعشرين) الفرصة السانحة لقذف دولة اسرائيل في البحر على غرار شعار (تجوع ياسمك) الستيني, ونرجو ان لاتتكرر النكسة. تتمتع دولة (العدو) بديموقراطية وشفافية عالية وحريات عامة وفردية, لم يعق تقدمها حجة (المواجهة) العربية بينما سئم المواطن العربي ترديد هذه الاسطوانة الواهية من حكوماته مرارا وتكرارا خاصة مواطن دول (الطوق). اسرائيل التي تعاني من اضطراب الهاجس الامني تكرم ابنائها وتسعى سعيا حثيثا لاستعادة اشلاء او جثة قد تكون عفى عليها الزمن لتبادلها بمئة نفس حية عربية اسيرة في سجونها وقد يزيد العدد الى اربعمائة في مقابلها لرفعة في التكريم والتقدير لموتاهم, ترى ماذا يصنعوا مع الاحياء منهم!؟ وهذا مادعى مسؤل حزب الله الشيخ حسن نصر ان يحسد اسرائيل على ذلك علنا. ان الله كرم بني آدم, وبني آدم لاتعني الادمي العربي فقط, بل كل انسان على هذه البسيطة, قد احاطه الله بالتكريم والتقدير لانه على صورته خلقه ونفخ فيه من روحه. في حين لم يكرم العربان ابنائهم, وزادوهم رهقا منذ قرون وهم في غيهم مستمرون.




ـــــــــــــــــ
* باحث اكاديمي



#حافظ_سيف_فاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجموعة خيبات امل
- الارهاب من المنظور النفسي
- الاعلام وتشكيل الوعي المزيف
- الايدز ليس رعبا.. مرعب مادمنا نجهله
- من ابو غريب الى دار البشائر
- الآم المسيح
- الخطاب المأزوم
- كنت اتسائل.. (!؟)
- مقترحات للحد من ظاهرة حمل السلاح /في الحالة اليمنية
- انظمة العقد القادم والبقاء للاصلح
- ولايات من ورق !!
- الماورائيات
- المطلوب من الاشقاء العرب تجاه العراق
- ارهاب القنابل الموقوتة
- صعوبة العقلية العربية
- قليلا من الكلام في حرية المرأة
- الاعلام وقضية علوني.. (!)


المزيد.....




- 3 بيانات توضح ما بحثه بايدن مع السيسي وأمير قطر بشأن غزة
- عالم أزهري: حديث زاهي حواس بشأن عدم تواجد الأنبياء موسى وإبر ...
- مفاجآت في اعترافات مضيفة ارتكبت جريمة مروعة في مصر
- الجيش الإسرائيلي: إما قرار حول صفقة مع حماس أو عملية عسكرية ...
- زاهي حواس ردا على تصريحات عالم أزهري: لا دليل على تواجد الأن ...
- بايدن يتصل بالشيخ تميم ويؤكد: واشنطن والدوحة والقاهرة تضمن ا ...
- تقارير إعلامية: بايدن يخاطر بخسارة دعم كبير بين الناخبين الش ...
- جامعة كولومبيا الأمريكية تشرع في فصل الطلاب المشاركين في الا ...
- القيادة المركزية الأمريكية تنشر الصور الأولى للرصيف البحري ق ...
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 64 مقذوفا خلال 24 ساعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حافظ سيف فاضل - اكذوبة الاصلاح من الداخل