أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عزيز العرباوي - الأخطاء الرائجة في المقرر الدراسي : عنوان الخلل في منظومتنا التربوية :















المزيد.....

الأخطاء الرائجة في المقرر الدراسي : عنوان الخلل في منظومتنا التربوية :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2828 - 2009 / 11 / 13 - 07:32
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


الأخطاء الرائجة في المقرر الدراسي: عنوان الخلل في منظومتنا التربوية
لا تكاد صفحة الواقع التعليمي تذكر شيئا واضحا قد تحقق في مجال التعليم والتقدم المعرفي المطلوب الوصول إليه من خلال ديباجة الإصلاح الذي ينادون به، إذ كل ما يظهر من وقائع وأحداث ومظاهر سلبية تعم التعليم المغربي، في حين تصطدم مكونات العملية التعليمية التعلمية بالمشاكل وسوء التدبير والتخطيط، وبالغرق في معارف ونظريات أكل عليها الدهر وشرب تحكم مسيرتنا التعليمية كأنها كتب منزلة، وعلى رغم كل الانتقادات التي واجهت بعض هؤلاء المنظرين عالميا، وتجاوزت نظرياتهم وأفكارهم كمنطلقات تربوية وتعليمية.

والظاهر أن رجال الإدارة التربوية بالمغرب يكادون ينسون ما وعدوا به قبل الشروع في تبني الإصلاح رسميا، فوجدنا في مقولاتهم ذلك الوعد الصريح بالقدرة على تغيير مسار تعليمنا المتخبط في التيه والفشل الذريع. ومنحونا قدرا من الطمع الذي شجعنا على الانتظارية والترقب دون إبداء أي اعتراض أو نقد يواجههم في مهدهم قبل أن يبدأوا في تحقير التعليم وتسليعه وتبضيعه، حتى كاد بعضهم يبيعه في سوق النخاسة، بحيث نجد البنوك الدولية هي بطلة هذه القصة برمتها، تشتري وتبيع في أرواح وأفكار وعقول الشعوب النامية دون رادع، ودون معارضة تذكر من طرف القائمين على هذه الشعوب، وضربوا بذلك كله المثل في استعباد الطفل والمدرس والمدرسة، فما لبثوا أن أصبح كل شيء بيدهم، يضغطون على زر الإصلاح كيفما أرادوا وكيفما كانت السبل لتحقيق أهدافهم داخل هذا المجتمع.

فما يقع في الساحة التعليمية من تخبط في بداية كل موسم دراسي، ونقصان في رجال التعليم المدرسين والفعاليات الموازية، وضعف في البنية التحتية والتمويل، يظهر بجلاء هذا القول بأن هناك من له مصالح عليا في مواجهة تحرير الناس تعليميا ومعرفيا، والوقوف دون التقدم الذي ننشده جميعا باستثناء هؤلاء. وإنه لأمر خطير حقا، أن توجد مثل هذه النيات داخل مجتمعنا، أو أن تكون بأيديهم مقاليد التحكم والمقاضاة، أو أن يكونوا داخل مراكز القرار، فيتسنى لهم تحقيق مطامعهم ومصالحهم الذاتية على أنقاض الطفل البريء ومكونات أخرى داخل هذا المجتمع.

تلك هي الدوافع والأسباب التي كانت وراء ظهور سلبيات هذا الإصلاح، فما يشاع على لسان بعض المدرسين وجود أخطاء متعددة ومتنوعة داخل الكتب والمقررات الدراسية المقررة بالتعليم الابتدائي، لهو دليل كاف لمحاسبة هؤلاء على سوء العمل ، وضعف الاهتمام بالمادة المعرفية التي يبتكرونها لتكون في النهاية بين يدي الطفل الذي لا يستطيع في أغلب الأحيان أن يميز بين الصواب والخطإ، وهذا ما تجمع لديٌ من الأخطاء الممكنة بعد بحث متواضع اقتصر على مادة الرياضيات بالمستوى الخامس، وهذا لا ينفي وجود الكثير منها في باقي المواد الأخرى بنفس المستوى أو بمستويات أخرى والتي تروج على ألسنة الفاعلين في المجال بكثرة تكاد تكون عامة، فلينظر التاريخ إذن في هذه الأخطاء التي لو كانت النيات صادقة لما وجدت أبدا في مقرراتنا الدراسية.

القلب النابض:

تعتبر العمليات الحسابية كعملية الجمع أو الطرح أو الضرب أو القسمة هي مهد تعلم مادة الرياضيات، بل تكون عملية الجمع ذلك القلب النابض للمادة جميعها، وبوجود أخطاء معرفية ومنهجية في تقديم العملية للطفل التلميذ لهو من حكم اللعب بالنار، ولن نكون مغالين في القول إذا قلنا أن مثل هذه الهفوات الأخطائية التي وقع فيها مؤلفو هذه الكتب يوضح بجلاء ابتعاد هؤلاء عن الخط التأليفي المرسوم لهم، وضعفهم التكويني في المعارف الرياضية، فمثلا تقديم عمليتين للجمع بمثل هذه الطريقة: (5.932+47...+.5.69) =99963 أو (4.98+.790)=78.4 بحيث أن التلميذ عليه ملء الفراغ بالعدد المناسب للحصول على المجموع الصحيح. ففي العملية الأولى، لا يمكن جمع هذه الأعداد الثلاثة، لأننا إذا أضفنا رقم الآلاف في العدد الثاني (47..) ورقم الآلاف في العدد الثالثحتى لو وضعها مكان النقطة العدد 0 (4098) مع الاحتفاظ، سنجد أن المجموع مخالف لما تم اقتراحه أي(99963) وهذا لهو من الأخطاء من الرتبة الأولى لاعتبارها المنطلق لعملية تعلم مادة الرياضيات والاستمرار في باقي المقرر. وفي العملية الثانية كانت الطامة الكبرى، حيث أنه طلب من التلميذ جمع عددين مجموعهما المقترح لا يساويهما وغير صحيح بالمرة، فمجموع العدد 0 وهو يمثل رقم الوحدات في العدد الأول (.790) والعدد 8 يمثل رقم الوحدات في العدد الثاني (4.98) لايساوي العدد 4 وهو رقم الوحدات في مجموع العددين (78.4).

ومثل هذه الأخطاء الغريبة ستكون وبالا على التلميذ لو لم يكن هناك مدرس يتدخل في الآونة المناسبة لتجاوزها ومحاولة التغطية عليها بطرقه الخاصة كما يروج حوله، وهو الإنسان الذي لا يحب أن يضع نفسه في المكان الحاقد والمستهزيء. وهذا لا يعني أننا نضع أنفسنا في هذا المكان، ولكن الأمانة تتطلب منا أن نضع الجميع في الواجهة للتغلب على مثل هذه الهفوات والأخطاء بشتى أنواعها.

أما بعد، فهذا استهتار وتخبط في المعالجة، عرفنا بعضها ، ووضحنا بقليل من التلخيص والاختصار سوء تعاطيها في مثل هذه المواقف المؤثرة سلبا على التلميذ المتلقي وعلى المدرس الذي ينتظر من هؤلاء المؤلفين مادة كاملة تساعده على التغلب على مثل هذه التعثرات وعلى إضاعة الوقت في معالجتها وتصحيحها. وفي هذه العملية خطر عظيم على التلميذ وعلى مسيرته التعلمية وثقته في المادة والمدرس والمدرسة عموما عندما يعرف بوجود مثل هذه الأخطاء في كتابه المدرسي.

مثل الكثيرين من المدرسين، يمكنني التعامل مع هذه الأخطاء بطريقة النقد بوصفها شيئا غير معقول البتة في مادة الرياضيات، وليس لدى المؤلفين أي مبرر يمكنهم أن يسوقوه لنا لتفهم المسألة. وبشكل نمطي يمكنني أن أقول أن مثل هذه الأخطاء لم تكن مجرد زلة قلم أحادية الجانب وقع فيها مؤلفو المقرر الدراسي هذا ، وحين أمعن النظر في المقرر بصفة عامة، وهومقرر السنة الخامسة ابتدائي بالمناسبة، أدرك أنني أمام مقرر تعليمي عمودي عقيم، إن لم يكن سلطة رياضية فرضت على التلميذ والمدرس بشيء من اعداء، والنية المبيتة على طفل تلميذ مازال لا يفرق بين ما تتطلبه معارفه وما لا تتطلبه احتياجاته وميولاته.

التضارب الداخلي للمعارف:

وبالمقارنة الأفقية فقط، دون الإمعان التحليلي في المقرر السابق لهذه المادة والقرر الدراسي الجديد، نجد أن هناك شبه بعد عن روح المادة الرياضية التي كنا نلمسها في المقرر السابق ولو ضئيلة، وبدا هذا التغيير ومأنه المدمر الأعظم لأمور قد تحققت عبر تاريخ التربية والتعليم منذ فجر الاستقلال، فهل يمكن لهؤلاء المؤلفين أن يحددوا لنا مدى تمكنهم من تحقيق القفزة النوعية التي جاء بها الإصلاح في صياغته، والتي قرر تحقيقها في كل البرامج والمقررات؟ وهل يمكنهم أبضا، أن يوضحوا لنا العلاقة بين ما جاء في الكتب الدراسية المقررة وبين دفتر التحملات الذي وضع بين أيديهم؟.

هذا التضارب الداخلي للمعارف هو على وجه الدقة ما ظل يبعث على الدوام مزيجا غريبا من الاشمئزاز، خليطا من التخوف والتيه، بدءا من المدرس الذي كان يضع الثقة العمياء في الإصلاح لانتشاله من بيداغوجيا وبرامج تعليمية ومعارف معاقة، مرورا بالتلميذ الذي قتله روتين المواد الدراسية المقررة وتراتبيتها المفروضة وبرامجها الناقصة والضعيفة أمام المعرفة المتاحة كونيا، وانتهاء بكل الفعاليات والشركاء الذين صاروا لا يثقون في اي شيء يتعلق بالتعليم العمومي ببلادنا، وبأي حديث أو محاولة الحديث عن إصلاح مرتقب.

ولعل ما يقع بمدارسنا الوطنية العمومية خير دليل على ذلك، وسأسوق هنا حادثة قد تكون مؤلمة على قلب كل قاريء لها. هذه القصة بطلها مستشار جماعي لإحدى الدواوير القروية، فقبل ثلاث سنوات أو أكثر عمل الكثير من أجل إيصال المدرسة إلى الدوار، وتم له ذلك، وعينت الوزارة مدرسين وانطلقت الدراسة الفعلية بالمدرسة لمدة ثلاث سنوات كاملة دون أية مشاكل تذكر، ولكن الصدمة كانت قاتلة له خلال السنة الدراسية الرابعة حيث لم يتم تعيين مدرسين جدد بالمؤسسة المذكورة إلا بعد مرور شهرين على الدراسة الفعلية، فانقطع من التلاميذ من انقطع، وانتقل منهم من انتقل إلى مدرسة قريبة، حتى وصل به الحد إلى التصريح بأنه سيقوم هو الدوار معه برشق كل مدرس يقترب من المدرسة وسيطرده شر طردة. ألا يعتبر هذا التخطيط الفاشل الذي تمارسه الإدارة التربوية من إحدى عوامل فقدان الثقة عند الناس في المدرسة والمدرس إضافة إلى ما قيل حول وجود أخطاء معرفية وغيرها في برامجنا ومقرراتنا التعليمية والتي يكتشفها الآباء والأولياء والمدرسين والقائمين على شؤون التربية والتعليم أنفسهم ؟ أليس من العدل أن نعيد النظر في منظومتنا التعليمية كلها، ونضع اليد على الخلل العظيم الذي يوجد فيه ؟.

لذا يتبين أن بناء المواد والمقررات الدراسية، والتي تعتبر المنطلق المعرفي لرجل المستقبل، ولعالمه وأديبه ومفكره ومثقفه وسياسيه...، على أسس بيداغوجية ضعيفة فكريا وناقصة معرفيا، لا تستجيب لحاجات التلميذ المغربي حضريا وقرويا، وحتى أنها بأخطائها الرائجة هذه لا تسهل على المدرس استعمال الكتاب المدرسي بطريقة جيدة، واستثمار أنشطته في التعلم، وتقويم إنجازاته ودعمها وفق شبكة معرفية ومتقدمة.



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب في زمن البغاء : شعر
- زارع الشوك : قصة قصيرة
- هل مازال بإمكاننا الحفاظ على لغتنا من الضياع ؟ :
- ضريح الحمار ... : قصة قصيرة
- أوراق جابر عصفور الأدبية : عندما يبدع الناقد :
- وطن الجلمود والصخر
- المدرسة والمجتمع المدني
- فصول ضعف : شعر
- أريد زوجتي : قصة قصيرة
- شلل آدمي .... : شعر
- علاقة المدرسة بالإعلام العمومي والنزاهة المطلوبة :
- صورة الفرج : قصة قصيرة
- التعليم والإصلاح الغيرواقعي :
- الإصلاح التعليمي في مفترق الطرق :
- بعض طرق استقطاب المريدين داخل العدل والإحسان :
- -عبدالسلام ياسين- واستعباد المريدين :
- -عبدالسلام ياسين- : الاستبداد والتسلط الداخليين :
- العدل والإحسان ومهازل التراث :
- العدل والإحسان : تكريس الخرافة والتخلف :
- العدل والإحسان والخوف من المثقف :


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عزيز العرباوي - الأخطاء الرائجة في المقرر الدراسي : عنوان الخلل في منظومتنا التربوية :