أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إرنست ماندل - الماوية والستالينية















المزيد.....

الماوية والستالينية


إرنست ماندل

الحوار المتمدن-العدد: 4927 - 2015 / 9 / 16 - 14:01
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يمثل ماو تسي تونغ قبل كل شيء انتصار الثورة الصينية الثالثة، وإطاحة سلطة البرجوازية والملاكين العقاريين بأكبر بلدان العالم سكانا، وإنهاء تطويق البلدان الامبريالية للاتحاد السوفييتي، وتغير أساسي في ميزان القوى على نطاق عالمي.

--------------------------------------------------------------------------------

ماو: بين لينين وستالين

أيا كانت معارضتنا للنظام البيروقراطي السائد اليوم في جمهورية الصين الشعبية، يجب أن نقيم دور ماو في تاريخ القرن العشرين، في المقام الأول حسب علاقاته مع الطبقات الأساسية للعالم العاصر.

يمثل انتصار الثورة الصينية الثالثة، التي كان ماو صانعها الرئيس، الحدث الأهم بالقرن العشرين منذ ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا. ليست الصين بلدا كباقي البلدان. إنها بلد كان سابقا الأكثر تقدما وغنى بالعالم، حيث أدى تدخل الرأسمالية الأجنبية منذ القرن التاسع عشر إلى كبح الانتقال إلى تشكل قوة امبريالية مستقلة، كالتي نجحت الطبقات السائدة اليابانية في خلقها في النهاية. جرى إخضاع عشرات ملايين الفلاحين والحرفيين المفقرين طيلة عقود لنظام بؤس واضطهاد وإذلال غير قابل للتحمل على نحو متزايد. انتفضوا في تمردات متتالية، من تمرد التيبينغ الى تمرد البوكسر، ومن ثورة 1911 إلى ثورة 1927.

لم يكن لهذه التمردات مخارج سياسية ممكنة حتى ظهور طبقة عاملة قوية كفاية لتضع ترشيحها للقيادة السياسية والتنظيمية للثورة الزراعية. تحطيم سيطرة الامبريالية، وتحديث البلد، وتحرير الفلاحين من نير الملاكين العقاريين والمرابين، أمور لم تكن أمرا ممكنة سوى بالظفر بالهيمنة البروليتارية في الثورة الصينية، وتطورها من ثورة ديمقراطية برجوازية إلى ثورة اشتراكية، وإرساء ديكتاتورية البروليتاريا.

شهدت الثورة البرجوازية الثانية هزيمة مأساوية في 1927 لأن ستالين فرض على الحزب الشيوعي الفتي الخضوع السياسي للكومينتانغ البرجوازي الذي يرأسه تشيانغ كاي شيك. أمكن انتصار الثورة الصينية الثالثة لأن ماو، رغم النصوص الخاطئة مثل " الديمقراطية الجديدة"، رفض عمليا إخضاع جيش التحرير الشعبي المتولد عن حركة حرب الغوار المناهضة لليابان لجيش تشيانغ كاي شيك، ورفض التضحية بالانتفاضات على مذبح حكومة تحالف مع البرجوازية. و أفضت الثورة الصينية الثالثة إلى خلق جمهورية الصين الشعبية، كدولة عمالية أصبح الشعب الصيني بفضلها أمة كبيرة مستقلة في العالم، مخلصة من الركود والمجاعة. لا يمكن لأي حدث لاحق أن يلغي الفضل التاريخي العائد إلى ماو بفعل ما قام به من دور في انتصار الثورة الاشتراكية في الصين.

لم تكن الثورة الصينية الثالثة ثورة اشتراكية "عادية". فقد حدثت بعد حرب مدمرة مديدة من الامبريالية اليابانية ضد الصين. تلك الحرب التي خربت الاقتصاد وفككت الطبقة العاملة الحضرية. و أدى هذا الواقع الموضوعي، مع التوجه المقصود لدى ماو بخنق نضال البروليتاريا الحضرية، إلى عدم قيام الطبقة العاملة بأي دور مستقل خلال الثورة الصينية الثالثة. كانت قيادة السيرورة الثورية بيد حزب شيوعي متبقرط جدا حال دون تطور مجالس السوفييتات، أي المجالس العمالية في الصين. وكانت الثورة الصينية ثورة متبقرطة منذ البداية. لم يكن ماو لينين ولا ستالين، هذا بالضبط لأنه قاد ثورة وليس ثورة مضادة، لكن أيضا لأن الثورة التي قادها لم تكن ثورة عمالية حقيقية، رغم أنها كانت بمضمون تاريخي واجتماعي: تدمير سلطة البرجوازية وملكيتها، وتحطيم الدولة البرجوازية.

تبقرط

لكن إن لم يكن ماو لينين ولا ستالين، فإن للنظام البيرقراطي الذي أقامه في جمهورية الصين الشعبية سمات مشتركة مع النظام الستاليني بالاتحاد السوفييتي، عنينا خنق الديمقراطية العمالية، و غياب تسيير العمال للمقاولات الصناعية، و تشويه براغماتي (نفعي) للماركسية، وعبادة شخص ماو، و الامتيازات المادية للبيروقراطية. إن تفسير هذه الظواهر حصرا بتخلف الصين، الذي يمثل فعلا أحد جذور التبقرط، يعني بخس أهمية العامل الذاتي ودينامية حركة الجماهير في جمهورية الصين الشعبية.

هنا يبرز البعد المأساوي الحقيقي لماو الشائخ. فقد تخوف من عواقب تبقرط الحزب والبلد على تراجع تسيس الجماهير مثلما جرى بالاتحاد السوفييتي. بعد ان وضعته قيادة الحزب في وضع أقلية على اثر فشل" القفزة الكبرى إلى أمام"، توجه ماو إلى الجماهير من فوق جهاز الحزب. كان ذلك بداية الثورة الثقافية، التي كانت لها سمات مشتركة مع تجذر الشبيبة في بقية العالم. وقد جرى إطلاقها تحت صيغة:" في نهاية التحليل تعود دروس التاريخ الى ما يلي: التمرد مبرر".

لكن عندما تجاوزت التعبئات الشعبية أكثر فأكثر تحكم الجماعة الماوية، عندما أفضت الى ظهور اتجاهات معارضة يسارية، عندما بدأت تقتاد العمال حتى على طريق الإضراب، قلب ماو الاتجاه وعاد إلى الوحدة مع أغلبية الجهاز. أخضع "الحرس الأحمر" للانضباط وجرى قمعه. و أصبحت القاعدة :" كل تمرد مبرر، ما عدا التمرد على فكر ماو تسي تونغ".

الجماهير تتدخل

أفضى الانعطاف اليميني في الداخل إلى انعطاف أكثر يمينية على صعيد السياسة الخارجية. بعد مؤاخذة القادة السوفيات على نقص الدعم للحركات الثورية وإفراط التنازلات للامبريالية، اكتشفت القيادة الصينية وجود "الامبريالية الاشتراكية" بالاتحاد السوفياتي، ووجود قوتين فائفيتن على نفس المستوى، ثم اكتشفت الامبريالية السوفياتية "الفتية" ، المعتبرة أكثر عدوانية وبالتالي أشد خطرا.

نعيد إلى الأذهان خيانة البيروقراطية الصينية الوقحة للحركات الثورية في سيلان والسودان و إثيوبيا، و مساندة الجلاد الايراني، واليد الممدودة الى الامبرياليين الاوربيين لتعزيز جيوشها ضد الاتحاد السوفياتي. كان النزاع الصيني السوفياتي، الذي تتحمل البيروقراطية الخروتشوفية مسؤوليته الرئيسية بسبب وقفها المساعدة الاقتصادية والعسكرية لجمهورية الصين الشعبية، ثم الثورة الثقافية قد مارسا تأثيرا حقيقيا على قسم من الطلائع الجديدة على الصعيد العالمي.

بدت الماوية بديلا يساريا وعالم ثالثيا ، في الآن ذاته، وحتى تحرريا، عن الأحزاب الشيوعية الرسمية. وقد كدرت نهاية الثورة الثقافية، والانعطاف اليميني للسياسة الخارجية الصينية، وتحول المنظمات الماوية إلى عصب ستالينية جديدة، تلك الصورة على نحو خاص. مات ماو في لحظة دخول الماوية طور انحطاطها على الصعيد الدولي. ترك ماو جمهورية الصين الشعبية في عز الغليان.

وبعكس الاتحاد السوفياتي في سنوات 1940 و 1950، لم تكن الجماهير محبطة و لا سلبية. و لن يحسم الصراع بين أقسام البيروقراطية حول الخلافة خارج تدخل تلك الجماهير. لقد باتت أزمة الماوية مفتوحة . وستفضي إلى انتصار الثورة السياسية المناهضة للبيروقراطية ، والى السلطة التي يمارسها العمال والفلاحون والتي ستعزز مكسب الثورة الصينية الكبرى وتجعله لا ُيقهر.

ارنست ماندل

جريدة La gauche اليسار، 16 سبتمبر 1976

تعريب :جريدة المناضل-ة



#إرنست_ماندل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماوية والثورة الصينية
- الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية
- الرقابة العمالية والإستراتيجية الثورية
- من أجل الديمقراطية العمالية
- حول أحزاب الطليعة
- إرنست ماندل: لماذا نحن ثوريون اليوم؟
- لينين ومشكلة الوعي الطبقي البروليتاري
- التنظيم الذاتي والحزب الطليعي في تصور تروتسكي
- الإضراب العام
- لماذا نحن ثوريون اليوم؟
- حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
- من النضالات الجارية التي تخوضها الجماهير إلى الثورة الاشتراك ...
- الحركة الطلابية الثورية
- بلترة العمل الذهني
- الديموقراطية البورجوازية والديموقراطية البروليتارية
- الاقتصاد الرأسمالي: خصائصه، قوانين تطوره، تناقضاته ،أزماته ا ...
- ماهي الستالينية؟
- قبل 40 عاما تمت إبادة مليون شيوعي في إندونيسيا....دروس الهزي ...
- الثورة العالمية
- حدود التطور الإشتراكي في البلدان المتخلفة


المزيد.....




- بيان مشترك: فلسطين، أرض لا تتجزأ لشعب لا يتجزأ
- بث مباشر: المرأة العاملة في القطاع الفلاحي، واقع الاستغلال و ...
- المحامون الأردنيون على رأس مظاهرة نحو السفارة الإسرائيلية لح ...
- في يوم الأرض وتضامنا مع الشعب الفلسطيني المكتب السياسي للحز ...
- تجاهل محكمة العدل في تدابيرها الاحترازية الاضافية وقف اطلاق ...
- قلق أمريكي من تصاعد الحراك الشعبي الأردني وشعاراته
- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إرنست ماندل - الماوية والستالينية