أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إرنست ماندل - لينين ومشكلة الوعي الطبقي البروليتاري















المزيد.....



لينين ومشكلة الوعي الطبقي البروليتاري


إرنست ماندل

الحوار المتمدن-العدد: 7142 - 2022 / 1 / 21 - 20:32
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حالية النظرية اللينينية في التنظيم

لا يمكن الخوض في نقاش جدي حول المعنى التاريخي للنظرية اللينينية في التنظيم وحاليتها إلاّ إذا عيّنا بدقةٍ مكانة هذه النظيرة وأهميتها في تاريخ الماركسية، أو بصورة أدق: في السيرورة التاريخية، لتطور الماركسية وازدهارها، التي ينبغي إرجاعها، ككل سيرورة تاريخية، إلى تناقضاتها الداخلية - في التأثير المتبادل الوثيق بين تطور النظرية وتطور النضال الطبقي البروليتاري. إن النظرية اللينينية في التنظيم تبدو، من وجهة النظر هذه، كوحدة جدلية لثلاثة عناصر هي: نظرية في حالية الثورة في البلدان المتخلفة في عصر الإمبريالية (وقد امتدت فيما بعد لتصبح نظرية في حالية الثورة على المستوى العالمي في عصر الأزمة المعممة للرأسمالية)، نظرية في التطور المتقطع والمتناقض للوعي الطبقي البروليتاري ولأكثر أطواره أهمية، هذه الأطوار التي ينبغي تمييزها الواحد عن الآخر. ونظرية في جوهر الماركسية وفي علاقاتها النوعية سواء بالعلم أو بالنضال الطبقي البروليتاري.
إن تفحصا للموضوع أكثر تعمقاً سوف يوضح أن هذه النظريات الثلاث تشكل "الأساس الاجتماعي" للمفهوم اللينيني حول التنظيم، ذلك الأساس الذي بدونه يصبح هذا المفهوم اعتباطياً، غير مادي وغير علمي. ليس المفهوم اللينيني للحزب هو المفهوم الوحيد الممكن، إلاّ أنه الوحيد الذي يلقي على عاتق حزب الطليعة التبعية التاريخية لقيادة ثورة معتبرة أمراً محتوماً على مدى متوسط أو بعيد. لا يمكن فصل المفهوم اللينيني للحزب عن تحليل نوعي للوعي الطبقي البروليتاري، أي أن هذا المفهوم ينطلق من واقع كون الوعي الطبقي السياسي - خلافا للوعي "التريديونيوني" أو "النقابي الصرف" - لا ينمو تلقائياً ولا آلياً، منطلقاً من التطور الموضوعي للنضال الطبقي البروليتاري وحسب[1]. إنه يرتكز أخيراً إلى استقلالية معينة للتحليل العلمي أي للنظرية الماركسية التي، وإن كانت مشروطة تاريخياً بتطور النضال الطبقي البروليتاري وببوادر الثورة البروليتارية، لا يمكن اعتبارها نتاجاً آلياً لهذا النضال الطبقي، بل ينبغي النظر إليها كنتيجة ممارسة نظرية )نتاج نظري) لا تتوصل للارتباط بالنضال الطبقي إلاّ تدريجياً. إن تاريخ الثورة الاشتراكية العالمية في القرن العشرين هو تاريخ هذه السيرورة البطيئة.
إن هذه التحليلات الثلاثة تمثل فعلياً تعميقاً للماركسية: إما لمسائل لم يتطرق لها ماركس وإنجلز إلاّ سطحياً ولم تجر بلورتها فيما بعد، وإما لعناصر في النظرية الماركسية لم تؤخذ بالاعتبار تقريبا، بفعل التأخر أو التوقف عن نشر كتابات ماركس في الفترة الواقعة ما بيم 1880 و1905[2]. يتعلق الأمر إذا بتطوير جديد للنظرية الماركسية ينبغي البحث عن أصله في ثغرات (وتناقضات) التفسيرات التي تناولته خلال ربع القرن الأول الذي تلا وفاته.
إن خصوصية هذا التعميق للنظرية الماركسية تكمن في كونها تخضع مختلف الزوايا التي يجري انطلاقا منها تناول هذه النظرية إلى نقطة مركزية، ألا وهي تحديد خصوصية الثورة البروليتارية أو الاشتراكية على وجه العموم.




--------------------------------------------------------------------------------

الخصوصيات التاريخية للثورة البروليتارية


خلافاً لجميع الثورات الماضية، سواء الثورة البورجوازية التي قام ماركس وإنجلز بالدرجة الأولى بدرس منطقها بتعمق، أو الثورات التي لم تخضع لتحليل منهجي حتى الآن (كالثورات الفلاحية وثورات البرجوازية الصغيرة المدنية ضد الإقطاع. وتمردات العبيد، وانتفاضات تجمعات قبلية ضد المجتمع العبودي، والثورات الفلاحية في الأنماط القديمة للإنتاج الأسيوي التي كانت تنحل دوريا…الخ)، فإن الثورة اليروليتارية في القرن العشرين تتميز بأربع سمات خاصة تضفي عليها خصوصيتها ولكنها كذلك سبب صعوبتها، كما كان حدس ماركس بذلك[3].
إن الثورة البروليتارية هي أول ثورة ظافرة في التاريخ تنجزها الطبقة الأدنى في المجتمع، طبقة تمتلك في الواقع طاقة اقتصادية عظيمة، لكن قوتها الاقتصادية الفعلية هي الأضعف، وهي محرومة إجمالاً من أية مشاركة في الثورة الاجتماعية (خلافاً لامتلاك مواد الاستهلاك التي يتم استهلاكها باستمرار). هذا بخلاف البرجوازية أو طبقة النبلاء الإقطاعية مثلاً، اللتين استولتا على السلطة السياسية في حين كانت السلطة الاقتصادية في المجتمع قد انتقلت إليها، أو طبقة العبيد التي لم تنجح في الوصول بأي من ثوراتها إلى النصر.
إن الثورة البروليتارية هي الثورة الظافرة الأولى التي تهدف إلى قلب مخطط وواع للمجتمع القائم، أي التي لا تنوي إعادة وضع سابق (كما كانت الحال مع ثورات العبيد أو الفلاحين في الماضي)، بل تحقيق سيرورة جديدة كلياً، لم توجد من قبل أبداً، إلاّ في شكل "نظرية" أو "برنامج"[4].
تنمو الثورة البروليتارية، تماماً مثلما هي الحال في الثورات الأخرى في التاريخ بالضبط، إنطلاقا من تناقضات طبقية داخلية ونضالات طبقية تستثيرها في المجتمع القائم. لكن في حين كانت ثورات الماضي تكتفي بدفع صراع الطبقات إلى ذروته -لأن الأمر لم يكن يتعلق بالنسبة إليها بإرساء علاقات اجتماعية جديدة كلياً ومخطط لها بصورة واعية- لا تستطيع الثورة البروليتارية أن تتحقق إلاّ إذا استطاع نضال البروليتاريا أن يبلغ أوجه بسيرورة عملاقة متواصلة على امتداد السنين والعقود. إنها سيرورة تقوم بقلب العلاقات الانسانية وأسا على عقب، بصورة منهجية وواعية، وبتعميم النشاط المستقل للبروليتاريا بادئ ذي بدء، ثم فيما بعد (حين بلوغ المجتمع اللاطبقي) لكل أعضاء المجتمع. في حين يؤدي انتصار الثورة البرجوازية إلى تحويل الطبقة البرجوازية إلى طبقة محافظة لا تعود قادرة على إنجاز تحولات ثورية إلاّ في الميدان الثقني -الصناعي حيث تلعب لفترة دوراً موضوعياً في التاريخ، بل تنسحب بالمقابل من دائرة التحولات الفاعلة للحياة الاجتماعية، وتلعب على هذا الصعيد دوراً أكثر فأكثر رجعية إذ تصطدم بالبروليتاريا الخاضعة لاستغلالها، ولا يشكل استيلاء البروليتاريا على السلطة نهاية نشاط الطبقة العاملة الحديثة بل فقط بداية هذا النشاط الذي يقلب المجتمع رأسا على عقب ولا يمكن أن ينتهي إلاً عبر تخطيها لذاتها من حيث هي طبقة، بالتوازي مع تخطي كل الطبقات الأخرى[5].
على النقيض من كل الثورات الاجتماعية الماضية التي حدثت إجمالا في الإطار القومي (أو كانت تقتصر على مناطق) فإن الثورة البروليتارية هي بطبيعتها أممية؛ لن تكتمل إلاّ بالتشييد العالمي الشامل لمجتمع بدون طبقات. علماً أنه ينبغي أن تنتصر بالضرورة في الإطار القومي بادئ ذي بدء، سيبقى هذا الإنتصار مع ذلك مؤقتاً، ما دالم صراع الطبقات لم يلحق هزيمة حاسمة بالرأسمال على المستوى العالمي. فالثورة البروليتارية إذن سيرورة ثورية عالمية لا تتم بصورة مستقة موحدة. إن السلسلة الامبريالية تنكسر في البدء عند حلقتها الأظعف، وتتناسب الحركة، المتمثلة بقفزات صعود وتراجع على مستوى الثورة، مع قانون التطور اللامتساوي والمركب (ليس فقط في الميدان الاقتصادي، بل كذلك في ميزان القوى بين الطبقات. إن الأمرين كليهما لا يتطابقان آلياً في أي حال من الأحوال).
تأخذ نظرية التنظيم اللينينية في الحسبان كل خصائص الثورة البروليتارية تلك، أي أنها تعيّن ميزات هذه الثورة على ضوء خصائص وتناقضات تَشكُّل وعي الطبقة البروليتارية. إنها تعبر علانية هما لم يقم ماركس بأكثر من الشروع به، عمّا تعبر علانية عما لم يستوعبه ورثته إلاّ بصورة ضحلة، عنينا حقيقة أنه لا يمكن أن يحدث قلب "آلي" للنظام الاجتماعي الرأسمالي ولا استبدال "تلقائي" أو إنحلال عضوي لهذا النظام الاجتماعي عبر بناء مجتمع اشتراكي. إن الثورة البروليتارية وبسبب طابعها الواعي الفريد بالتجديد تفرض مسبقاً أن تنضج العوامل "الموضوعية" (أزمة اجتماعية عميقة يعبر عنها واقع أن نمط الإنتاج الرأسمالي أدى مهمته التاريخية)، كما العوامل "الذاتية" (نضج وعيي الطبقة العاملة ونضج قيادتها). فإذا كانت هذه العوامل الموضوعية غير متوافرة بشكل كاف، فسوف تصطدم الثورة البروليتارية بهذا الجدار، وستساهم هزيمتها بالذات وتدعيم الاقتصاد والمجتمع الرأسماليين، لمدة من الزمن[6].
إن النظرية الينينية في التنظيم تمثل تعميقاً للماركسية مطبقاً على المشكلات الأساسية للبنية الفوقية للمجتمع (الدولة، الوعي الطبقي، الايديولوجيا، الحزب). إنها تشكل، مقرونة بأعمال روزا لوكسمبورغ وتروتسكي، (وإلى درجة ما أعمال لوكاش)، ماركسية العامل الذاتي.


--------------------------------------------------------------------------------

الأيديولوجيا البرجوازية والوعي الطبقي البروليتاري


إن موضوعة ماركس القائلة: "ليست الايديولوجيا المسيطرة في مجتمع ما إلاّ إيديولوجيا الطبقة المسيطرة"، تتعارض للوهلة الأولى مع وصف الثورة البروليتارية بأنها قلب واع للمجتمع تقوم به البروليتاريا، ونشاط ذاتي لجماهير المأجورين. يمكن لتفسير سطحي لهذه الموضوعة أن يقود إلى استنتاج مؤاده أنه من الطوباوية بمكان أن نتوقع من الجماهير المسيَّرة في ظل النظام الرأسمالي والمعرضة لتأثير الأفكار البرجوازية والبرجوازية الصغيرة، أن تنخرط في نضال طبقي ثوري ضد هذا المجتمع، أو حتى في ثورة اجتماعية. ليس هربرت ماركوز (مؤقتاً) إلاّ الأخير في القائمة الطويلة للأيديولوجيين الذين يطرحون للمناقشة الطاقات الثورية الكامنة لدى الطبقة العاملة، منطلقين من التحديد الذي يعطيه ماركس للطبقة المسيطرة.
يمكن حل المشكلة باستبدال طريقة النظر الشكلية والجامدة بطريقة ديالكتيكية. ينبغي جعل صيغة ماركس اكثر "دينامية"، على الشكل التالي: إن الإيديولوجيا المسيطرة في كل مجتمع هي ايديولوجية الطبقة المسيطرة بمعنى أن هذه تمسك بزمام الرقابة على وسائل الإعلام الجماهيرية، الخ..) التي في متناول المجتمع، وتستخدمها وفقا لمصالحها الطبقية. إن إيديولوجيا الطبقة المسبطرة تسيطر على وعي الجماهير الخاضعة، طالما تكون السيطرة الطبقية فتية، مستقرة وبالتالي غير مطروحة للبحث. في المراحل الأولى للصراع الطبقي، يلجأ المستغلون (بفتح الغين) غالباً لصيغ المستغلين (بكسر الغين) ومثلهم العليا وإيديولوجياتهم[7]. اكن كلما طُرح النظام الإجتماعي على بساط البحث، وأصبح الصراع الطبقي أكثر حدة والسيطرة الطبقية أشد اهتزازاً، كلما تحرر أقسام من الطبقة المضطهدة (بفتح الهاء) من أفكار المسيطرين. إن الصراع بين إيديولوجية الطبقات المسيطرة والأفكار الجديدة للطبقات الثورية يسبق الثورة الاجتماعية، ويسرّع من جهته الصراع الطبقي العملي بمقدار ما يساعد الطبقة الثورية على بلوغ وعي مهامها التاريخية الخاصة بها وأهداف نضالها المباشرة، وهكذا يمكن أن ينشأ الوعي الطبقي لدى الطبقة الثورية عن الصراع الطبقي على الرغم من أيديولوجيا الطبقة المسيطرة وبمعارضتها[8]. لكن فقط في الثورة بالذات، يمكن لأكثرية المضطهدين أن تتحرر من سيطرة الأيديولوجيا البورجوازية[9]، التي تمارس (بفتح الراء) -خاصة في المجتمع البورجوازي، وإن كانت تظهر تجليات موازية في مجتمعات طبقية أخرى- ليس فقط، ولا حتى للوهلة الأولى، بفعل التحريك الأيديولوجي لكن كذلك (وعلى وجه الخصوص) في التشابك الاقتصادي والاجتماعي اليومي بالذات وفي انعكاساته داخل رؤوس المضطهدين (بفتح الهاء). إن ذلك يعني في المجتمع الرأسمالي: استبطان العلاقات السلعية -المرتبطة بصورة وثيقة بتشيء العلاقات الإنسانية، - الذي يمد جذوره في تعميم الإنتاج السلعي وفي تحويل قوة العمل إلى سلعة، كما في تعميم التقسيم الاجتماعي للعمل ضمن شروط الإنتاج السلعي، إنهاك المنتجين وتوحيشهم عن طريق العمل المستلب (بفتح اللام) والإستغلال وافتقاد أوقات فراغ (ليس كميا وحسب، بل كذلك نوعيا)، الخ… إنه فقط بمستطاع ثورة، أي نشاط متنام فجأة تقوم به الجماهير خارج إطار العمل المستلب، أن تفجر طوق هذا التشابك، وهي بالتالي قادرة على جعل التأثير التزييفي لهذا الطوق على وعي الجماهير ينحسر.
تحاول النظرية اللينينية في التنظيم أن تلتقط الجدل الداخلي لسيرورة تشكل الوعي الطبقي السياسي، الذي لا يبلغ تطوره الكامل إلاّ خلال الثورة بالذات. إلاّ أن ذلك مشروط ببدء هذا التطور قبل الثورة[10]. إنها تعمل من أجل هذه الغاية بفعل مقولات ثلاث هي: الطبقة العاملة (جمهور الشغيلة)؛ القسم المنظم من الطبقة العاملة على مستوى أولي (الطليعة البروليتارية بالمعنى الواسع للكلمة)[11]، والتنظيم الثوري، الذي يشكله الشغيلة والمثقفون الذين تلقوا تكوينا ماركسيا، على الأقل بصورة جزئية، والذين يضطلعون بممارسة ثورية.
إن لمقولة "الطبقة في ذاتها" أصلها في مفهوم الطبقة الموضوعي كما حدده ماركس، الذي يعتبر أن شريحة اجتماعية إنما يحددها موقعها الموضوعي في سيرورة الإنتاج، بالاستقلال عن وعيها، (كان ماركس الشاب قد دافع في البيان الشيوعي وفي الكتابات السياسية ما بين 1850 و1852، عن مفهوم ذاتي للطبقة ينطلق من مبدأ أن الطبقة العاملة لا تتشكل كطبقة إلاّ عبر النضال، أي إنطلاقا من حد أدنى من الوعي الطبقي). يشير بوخارين إلى مقولة الطبقة الاجتماعية هذه بمفهوم "الطبقة لذاتها"خلافاً للطبقة "في ذاتها"[12]. هذا المفهوم الموضوعي للطبقة يبقى أساسا من أجل تحليل الرأسمالية[13]، وفقا للتصور اللينيني للتنظيم، كما بالنسبة لإنجلز وللاشتراكية الديموقراطية الألمانية بقيادة إنجلز وبيبل وكاوتسكي.
لا يكس مفهوم حزب ثوري طليعي (والثوري المحترف) معنى عمليا، كما يبرزه لينين ذاته[14]، إلاّ لأن ثمة طبقة ثورية موضوعياً قادرة على خوض صراع طبقي ثوري، وبشرط أن يكون مرتبطا بنضال طبقي من هذا النوع. بدون هذا الإرتباط، يمكن للنشاط الثوري أن ينتج نواة حزب، لكن ليس حزبا. وهذه تتعرض لمخاطر الإنحلال باتجاه هواية ذاتية فئوية. إن المفهوم اللينيني للتنظيم يستتبع عدم وجود طليعة تعلن ذاتها بذاتها، وأنه ينبغي للطليعة، وهي تعمل على إرساء رابط ثوري يشدها إلى الجزء المتقدم من الطبقة وإلى نضالاته الفعلية، أن تكسب الإعتراف كطليعة (أي الحق التارسخي بالعمل كطليعة). إن لمقولة "الشغيلة المتقدمين" أساسها في التراتب الموضوعي الحتمي للطبقة العاملة، المتناسب مع أصلها التاريخي، كما مع موقعها في سيرورة الإنتاج الإجتماعي، ومع وعيها الطبقي. إن تشكل الطبقة العاملة كمقولة موضوعية هو ذاته سيرورة تاريخية. إن بعض أقسام الطبقة العاملة مكونة من المتحدرين من عمال المدن أو العمال الزراعيين والفلاحين المنزوعي الملكية. بينما تأتي أقسام أخرى من الورجوازية الصغيرة (الفلاحون، الحرفيون، الخ...) يشتغل جزء من الطبقة العاملة في المشاريع الكبرى حيث تساعد العلاقات الاقتصادية والاجتماعية على تطوير وعي طبقي أولي (وعي عدم إمكانية حل "المسائل الإجتماعية" إلاّ بالعمل والتنظيم الجماعيين). أو في ما يسمونه المصالح، حيث تولد الثقة الاقتصادية وفهم ضرورية أعمال جماهيرية واسعة بصورة أبطأ بكثير مما في المشاريع الصناعية الكبرى.
إن بعض أقسام الطبقة العاملة تعيش منذ زمن بعيد في المدن الكبرى، وهي تعرف القراءة والكتابة، ولها خبرة التنظيم النقابي وتربية سياسية وثقافية (تنظيمات الشبيبة، الصحافة العمالية، تكوين الشغيلة، الخ…). وتعيش أقسام أخرى، على العكس من ذلك، في مدن صغيرة أو في الريف (ينطبق ذلك مثلا على قسم مهم من عمال المناجم الأوروبيين حتى في الثلاثينات)، ولا تمارس أية حياة اجتماعية، كما أنها لم تعرف تقريبا أي ماض نقابي ولا أي تكوين سياسي وثقافي في الحركة العمالية المنظمة.
إن بعض قطاعات الطبقة العاملة تولد منذ مئات السنين في أمم مستقلة دأبت طبقيتها المسيطرة على اضطهاد الأمم الأخرى لفترة طويلة. بينما تولد قطاعات أخرى في بلدان قاتلت عشرات ومئات السنين من أجل حريتها القومية، أو أن هذه القطاعات كانت تعيش في ضل العبودية والقنانة قبل ما لا يزيد على قرن من الزمن.
إذا أضفنا أيضا إلى كل هذه المميزات التاريخية-البنيوية الطاقات الشخصية المختلفة لكل شغيل مأجور -ليس فقط الفروق في الذكاء والكفاآت لكن كذلك في الطاقة في قوة الطبع، في النضالية كما في وعي الإمكانية الذاتية- نفهم تماما عند ذلك أن تراتب الطبقة العاملة في شرائح مختلفة (بالنسبة إلى درجة الوعي الطبقي) هو نتيجة طبيعية محتومة لتاريخ الطبقة العاملة. إنها الصيرورة التاريخية للطبقة تنعكس عند لحظة معينة في مستويات الوعي المختلفة لديها.
إن جذور مقولة الحزب الثوري هي في واقع أن الاشتراكية علم لا يمكن امتلاكه إلاّ في الدرجة الأخيرة في كليته، ليس (وبصورة جزئية تخطي) علم اجتماعية تقليدية ثلاثة على الأقل: الفلسفة الألمانية الكلاسيكية، الاقتصاد السياسي الكلاسيكي والعلم السياسي الفرنسي الكلاسيكي (الاشتراكية والتأريخ الفرنسي). إن استيعابها يفترض مسبقا يفترض مسبقا تمرسا بالجدل المادي، بالمادية، بالمادية التاريخية، بالنظرية الاقتصادية الماركسية وبالتاريخ النقدي للثورات وللحركة العمالية الحديثة؛ هكذا فقط يمكن أن تصبح في كليتها أداة صالحة لتحليل الواقع الاجتماعي ورسملة خبرات قرن من النضالات العمالية. إنه من العبث الاعتقاد أن هذه المعارف وهذا العلم يمكن أن تنبت "تلقائيا" من العمل على المخرطة أو على آلة الحساب[15]. إن واقع كون الماركسية كعلم هي التعبير عن الوعي الطبقي البروليتاري في درجة تطوره العليا لا يعني شيئا آخر غير ما يلي: فقط بالاختيار الفردي، يمكن للأعضاء الأكثر خبرة، الأكثر ذكاء، والأكثر نضالية في صفوف البروليتاريا أن يكونوا مباشرة وبصورة مستقلة وعيا طبقيا كهذا إلاّ أنه، لكون هذا الامتلاك فرديا، فهو يمكن كذلك أن يكون في متناول أعضاء طبقات أخرى أو شرائح اجتماعية أخرى (مثقفين وطلابا ثوريين قبل كل شيء)[16]. إن أي تطور آخر يكمن في مثلنة Idéaliser الطبقة العاملة، وبالدرجة الأخيرة الرأسمالية ذاتها.




--------------------------------------------------------------------------------

النضال الطبقي البروليتاري والوعي الطبقي البروليتاري




إن توحيد (التوحيد كسيرورة) الكتلة masse البروليتارية، الطليعة البروليتارية والحزب الثوري، مشروط بالانتقال من النضال الطبقي البدائي إلى النضال الطبقي الثوري، أو بدقة أكبر، إلى الثورة البروليتارية، وبانعكاسات هذا التحول على الوعي الطبقي للجماهير المأجورة.
إن الصراع الطبقي موجود منذ آلاف السنين، دون أن يكون الأشخاص المشتركون فيه قد فهموا ما يفعلون. لقد خيضت نضالات طبقية بروليتارية قبل أن توجد حركة اشتراكية بزمن طويل، وبالأحرى قبل الاشتراكية العلمية.
إن النضال الطبقي البدائي -إضرابات، إنقطاعات عن العمل من أجل مطالب متعلقة بالأجور، بتخفيض ساعات العمل أو بتحسينات أخرى في شروط العمل- كان وراء ولادة التنظيم الطبقي البدائي (صناديق التضامن، الشكل الأولي للنقابات)، وإن بقيت هذه الأشكال التنظيمية مؤقتة ومحدودة في الزمن. إن النضال الطبقي البدائي التنظيم الطبقي البدائي والوعي الطبقي البدائي هي إذن الحاصل المباشر للعمل، ووحدها التجربة المستخلصة في هذا العمل يمكن أن يكوّن الوعي وترتفع به. إنه من قوانين التاريخ أن الجماهير العريضة لا تستطيع رفع وعيها إلاّ عبر العمل.
إلاّ أن النضال الطبقي العفوي للعمال المأجورين يترك، حتى في شكله الأكثر بدائية، أثرا ما في نمط الإنتاج الرأسمالي: إن الوعي يتكثف، يصبح ملموسا في التنظيم المتواصل. يقتصر نشاط معظم الشغيلة على النضال (إن معظم الشغيلة غير فاعلين إلاّ أثناء النضال، ما أن ينتهي هذا حتى ينسحبوا عاجلا أو آجلا إلى الحياة الخاصة، أي إلى النضال من اجل الحياة). تتميز الطليعة عن الأكثريات بكونها لا تغادر حتى في فترات النضال النّشط ميدان صراع الطبقات وتواصل بصورة ما "النضال بوسائل أخرى". تحاول أن تعزز صناديق المقاومة التي تظهر أثناء النضال محاول إياه إلى أموال إضراب دائمة، أي إلى نقابات[17]. تجتهد في بلورة وتدعيم الوعي الطبقي الأولي الذي يولد في غمرة الصراع، عن طريق إصدار جريدة عمالية وتنظيم حلقات تكوين عمالي. إنها تشكل هكذا لحظة التواصل إزاء العمل الجماهيري العفويية في ذاتها. إن التجربة العملية، أكثر بكثير من النظرية، من العلم، من الفهم الفكري للمجتمع ككل، هي التي تدفع الشغيلة المتقدمين على طريق التنظيم الدائم وتنمي الوعي الطبقي[18]. لأن النضال برهن أن حل صناديق المقاومة بعد كل إضراب يضر بفعالية الإضراب ويعود بالضرر على الصندوق، يجري العمل على الانتقال إلى مال الإضراب الدائم. لأن التجربة تثبت أن بيانا عارضا له تأثير أقل من تأثير جريدة[19] تظهر بصورة متواصلة، يجري تأسيس الصحافة العمالية. إن وعيا يمد جذوره في تجربة النضال المباشر هو وعي تجريبي-برغماتي، يمكن بالطبع أن يخصب العمل، لكنه يبقى أدنى بكثير من فعالية الوعي العملي الشامل أي الفهم النظري. لا يمكن لتنظيم الطليعة الثوري أن يعزز هذا الفهم إلاّ شريطة أن يخضع النظرية إلى الامتحان القاسي للإثبات العملي. من وجهة نظر الماركسية في عز نضجها -ماركس بالذات كما لينين- إن نظرية "صحيحة" مقطوعة عن الممارسة، هي على الدرجة ذاتها من ضلال "ممارسة ثورية" لا تدعمها نظرية علمية. لا يقلل هذا بالطبع من أهمية وضرورة الإنتاج النظري: إنه يشير فقط إلى أنه لا يمكن للجماهير المأجورة والأفراد الثوريين أن يحققوا الوحدة بين النظرية والممارسة إلاّ انطلاقا من نقاط انطلاق مختلفة ووفقا لدينامية متمايزة.
يمكننا أن نرسم لهذه المحاكمة البيان الـتالي:





إذا قلبنا هذا الرسم البياني لنستخلص منه الاستنتاجات العملية، نحصل على الصورة التالية:





هذا الرسم البياني الشكلي يكشف سلسلة من الاستنتاجات فيها ملخص دينامية الوعي الطبقي، استنتاجات سبق وانطوى عليها التحليل السابق، لكنها ممكنة الإدراك الآن في موقعها ومرماها الحقيقيين. إنه صعب نسبيا استثارة العمل الجماعي للشغيلة المتقدمين ("القادة الطليعيين" للطبقة العاملة في المنشأة) وذلك بالضبط لأن تحريكه لا يتوقف على القابلية العفوية الصرفة للانفجار (كما الحال مع الجماهير الواسعة).
إن التجربة العملية للنضال، التي هي الحافز الأساسي لعمل الشغيلة المتقدمين، تجعلهم بالضبط يترددون حيال الإنخراط في الأعمال الكبرى. لقد هضموا دروس الأعمال السابقة وهم يعرفون أن انفجارا غير كاف إطلاقا لبلوغ الهدف.ليس لديهم الكثير من الأوهام عن قوة الخصم ناهيك عن "أريحيته") وعن مدى دوام حركة الجماهير. هنا تكمن بالتحديد "التجربة" الكبرى للنزعة الاقتصادية.
فلنوجز:
إن بناء الحزب الثوري يعني انصهار وعي النوى الثوري بوعي الشغيلة المتقدمين.
إن انضاج وضع ما قبل الثوري (ثوري بالقوة) ينجم عن التلاقي المتنامي لعمل الجماهير الواسعة وعمل الشغيلة المتقدمين.
إن وضعا ثوريا -أي امكانية استلام السلطة الثورية- يتحقق عندما ينجز الانصهار بين أعمال الطليعة الثوري وأعمال الجماهير، كما بين الوعي الثوري ووعي الطليعة العمالية[20]. لا تنخرط الجماهير الواسعة في النضال الطبقي الذي يعود أصله الأساسي إلى تناقضات نمط الإنتاج الرأسمالي، إزاء "مسائل حيوية" مباشرة. وينطبق هذا على كل عمل جماهيري، حتى السياسي منه. إن مشكلة تحول النضال الطبقي إلى نضال ثوري مشروطة إذن ليس فقط كميا، بل كذلك نوعيا. إن حلها يفترض مسبقا عددا مرتفعا كفاية من الشغيلة المتقدمين القادرين على تعبئة الجماهير حول أهداف تضع موضع الاتهام دوام المجتمع البرجوازي ونمط الإنتاج الرأسمالي: نرى هنا الأهمية المركزية للمطالب الإنتقالية، الدور الاستراتيجي الذي يلعبه العمال الذين أصبحو يعرفون، بكامل تجربتهم، أن ينشروا هذه المطالب والوزن التاريخي للتنظيم الثوري الذي وحده هو القادر على وضع برنامج شامل للمطالب الإنتقالية، يتناسب في الوقت ذاته مع الشروط التاريخية الموضوعية والحاجات الذاتية للجماهير. ليست ثورة بروليتارية منتصرة ممكنة إلاّ شريطة النجاح في استيفاء هذه العوامل مجتمعة[21].




--------------------------------------------------------------------------------

المفهوم اللينين للخطة الاستراتيجية المركزية


سبق وقلنا إن النظرية اللينينية حول التنظيم هي في الأساس وقبل كل شيء نظرية عن الثورة. إن الضعف الكبير لمحاجة روزا لوكسمبورغ ضد لينين، خلال سني 1903-1904، ناجم عن كونها لم تفهم جيدا هذه النقطة. إنه لمميز أن يكون مفهوم المركزة الذي تهاجمه روزا لوكسمبورغ (وتؤسسه في الوقت ذاته) مجرد مفهوم تنظيمي. يجري اتهام لينين بأنه ينهج سياسة "مركزة قصوى"ويعدم أي مبادرة للعناصر الدنيا في الحزب[22].
لكن إذا عن كثب أكثر إلى نظرية التنظيم كما طورها لينين، يتكشف أن التشديد لا يتناول إطلاقا الجانب التنظيمي الشكلي للمركزة، بل وظيفتها السياسية الاجتماعية. نجد في صميم "ما العمل؟" مفهوم تطوير الوعي الطبقي البروليتاري إلى وعي طبقي سياسي عبر نشاط سياسي إجمالي يثير كل مسائل العلاقات الطبقية الداخلية والخارجية ويقدم لها جوابا ماركسيا: "في الواقع ليس رفع نشاط الجماهير العمالية ممكنا إلاّ إذا لم نقتصر على التحريض السياسي على الصعيد الاقتصادي. إن أحد الشروط الأساسية لتوسيع التحريض السياسي هو تنظيم التشهير السياسي في جميع الميادين. هذا التشهير هو وحده القادر على تكوين الوعي السياسي واستثارة نشاط الجماهير الثوري".
ونقرأ أبعد بقليل: "لا يمكن أن يكون وعي الطبقة العاملة، وعيا سياسيا حقا، إذا لم يتعود العمال الرد على كل حالة من حالات الطغيان والظلم والعنف وسوء الاستعمال على اختلافها بصرف النظر عن الطبقة التي توجه إليها، على أن يكون الرد من وجهة نظر الاشتراكية الديموقراطية، لا من أية وجهة نظر أخرى. ولا يمكن أن يكون وعي جماهير العمال وعيا طبقيا حقا إذا لم يتعلم العمال الاستفادة من جماهير العمال وعيا طبقيا حقا إذا لم يتعلم العمال الاستفادة من الوقائع والحوادث السياسية الملموسة والعاجلة حتما في الوقت نفسه، لمراقبة كل طبقة من الطبقات الاجتماعية الأخرى في جميع مظاهر حياتها العقلية والأخلاقية والسياسية، إذا لم يتعلموا أن يطبقوا في العمل التحليل المادي لجميع وجوه نشاط وحياة جميع طبقات السكان وفئاتهم وجماعاتهم. إن كل من يوجه انتباه الطبقة العاملة وقوة ملاحظاتها ووعيها إلى نفسها فقط، أو إلى نفسها بالدرجة الأولى، ليس باشتراكي-ديموقراطي، لأن معرفة الطبقة العاملة لنفسها مرتبطة ارتباطا لا ينفصم بمعرفتها معرفة واضحة تامة للعلاقات المتبادلة بين جميع طبقات المجتمع الراهن، معرفة ليست نظرية وحسب… والأصح أن نقول: ليست نظرية بمقدارما هي مبنية على تجربة الحياة السياسية"[23].
للسبب ذاته، يشدد لينن على ضرورة أن يلتزم الحزب الثوري بكل المطالب، كل الحركات التقدمية، حتى "الديموقراطية الصرفة"، بكل الطبقات والشرائح الاجتماعية المضطهدة. إن الخطة الاستراتيجية المركزية التي يعرضها لينين في ما العمل؟[24] هي خطة تحريض يقوم به الحزب يدمج ويجمع كل التمردات، كل حركات الاحتجاج أو المقاومة الأولية، العفوية، المبعثرة، المحلية "الصرفة" أو القطاعية. إن التأكيد على المركزة هو فقط في الصعيد السياسي، لا في الصعيد التنظيمي. ليس للمركزة التنظيمية من هدف سوى السماح بتحقيق هذه الخطة الاستراتيجية.
لأن روزا لوكسمبورغ لم تستطع أن تدرك هذه النواة المركزية، فهي اضطرت في محاجتها إلى تطوير مفهوم آخر عن تكون الوعي الطبقي السياسي وعن تهيئة وضع ثوري. وهنا بالضبط يتكشف تماما كم كانت وجهة نظرها خاطئة. إن تصور روزا لوكسمبورغ الذي يرى "أن الجيش الثوري لا يجري تجنيده إلاّ في النضال بالذات وأن مهام المعركة لا تظهر له بوضوح إلاّ خلال النضال"[25]، قد كذبه التاريخ. حتى في النضالات العمالية الأكثر قساوة وطولا لم يستطع جمهور الشغيلة أن يميز، أو أن يميز بشكل كاف، ماذا كانت مهام المعركة (فلنفكر فقط بالإضرابات العامة في فرنسا عام 1936 وعام 1968، كما بالنضالات الكبرى للشغيلة الإيطاليين عام 1920، وعام 1948 وعام 1969، كما الصراعات الطبقية في اسبانيا بين عامي 1931 و1937). إن تجربة النضال لا تكفي لاكتساب وعي واضح لمهام نضال جماهيري ما قبل ثوري أو حتى ثوري على نطاق واسع. إن هذه المهام لا تتوقف فقط على أسباب مباشرة فجرت النضال؛ لا يمكن تحديدها إلاّ إنطلاقا من تحليل عام لتطور المجتمع بأكمله، للطور التاريخي الذي بلغه نمط الانتاج الرأسمالي وتناقضاته الداخلية، كما لتوازنات القوى الوطنية والعالمية بن الطبقات. إنه لوهم كلي أن نعتقد أنه بدون إعداد طويل وصلب، دون التجربة العملية التي راكمها الشغيلة المتقدمون وهم يحاولون نقل برنامج ثوري للجماهير، وفقط بالاستناد إلى الأعمال الجماهيرية يمكن تكوين وعي ملائم لمتطلبات الوضع التاريخي. يمكن التقدم كذلك خطوة إضافية والقول إن البروليتاريا لن تحقق أبدا أهدافها التاريخية إذا كانت التربية والتكوين والامتحان العملي التي لا غنى عنها لطليعة بروليتارية، عبر الإعداد والتحريض حول برنامج ثوري، لم تسبق إنفجار النضالات الجماهيرية التي وحدها تجعل تطور وعي ثوري ممكنا. هذا هو الدرس المأساوي للثورة الألمانية بعد الحرب العالمية الأولى التي تحطمت بالتحديد على هذه الصخرة: غياب طليعة مربّاة.
إن هدف خطة لينين الاستراتيجية هو خلق طليعة كهذه عن طريق الربط العضوي للكادرات الثورية المعزولة بالشغيلة المتقدمين. إن هذا الهدف مستحيل التحقيق، دون نشاط سياسي كلي يخرج الشغيلة التقدميين من إطار النشاط النقابي الصرف أو حتى على مستوى لمؤسسة حصرا. إن المعطيات التجريبية التي نملكها اليوم تثبت أن حزب لينين قبل وأثناء ثورة 1905، وبعد استعادة الحركة الجماهيرية نشاطها عام 1912، كان يجيب عمليا عن التحديد المعطى لهكذا حزب[26].
ينبغي أن نأخذ بالاعتبار كذلك وجها آخر إذا أردنا أن ندرك كليا معنى الخطة الاستراتيجية اللينينية. إن أي تصور سياسي متمحور حول ثورة ينبغي حتما أن يهتم بمسالة مواجهة مباشرة مع جهاز قمع الدولة، كما بمسألة استلام السلطة السياسية. لكن ما أن يجري دمج إشكالية كهذه في التصور الإجمالي حتى نجد أنفسنا من جديد متوجهين لصالح المركزة. كان لينين ورزا لوكسمبورغ يتفقان حول واقع أن الرأسمالية والدولة البرجوازية يمارسان تأثيرا ممركزا عظيما على المجتمع الحديث[27] وأنه من قبيل الضلال الصرف الأمل بالتمكن تدريجيا من "تهديم" سلطة الدولة الممركزة تلك كما "يتم تهديم" جدار حجرا حجراً (إن جوهر الإصلاحية والمراجعة يقوم على هذا الوهم الذي رفضه لينين روزا لوكسمبورغ بالقوة ذاتها[28]). إلاّ أنه، ما أن يتم الاعتراف بالاستيلاء على السلطة هدفا على المدى القصير أو المتوسط بصورة ملحة. هنا ومن جديد لم تفهم وروزا لوكسمبورغ ما هو حاسم في الاستخدام الجدلي الصرف من جانب لينين للمفهوم "اليعقوبي المرتبط دون انفصام بتنظيم البروليتاريا الواعية". إن ما كان يريد لينين وصفه عبر هذا المفهوم، ليس مجموعة متآمرين بلانكيين، بل طليعة منخرطة في الإنجاز الذي لا ينقطع للبرنامج الثوري، لا تسمح لنفسها بالتحول عن التركيز على تلك المهام بفعل المد والجزر المحتوم للحركات الجماهيرية. إلاّ أنه من أجل إعطاء روزا لوكسمبورغ حقها ينبغي أن نضيف أولا أنها كانت تتصدى لهذه المسألة ضمن منظور تاريخي خاص -ولم يكن بوسعها التصدي لها بطريقة أخرى- عنينا منظور ألمانيا عام 1904، حيث لم تكن ثورة وشيكة الوقوع بادية للعيان. ثانيا، أنها استخلصت منها الاستنتاجات الضرورية بالمعنى اللينيني منذ برزت حالية الثورة بصورة مباشرة، في ألمانيا[29].
وقد ارتكب تروتسكي الشاب كذلك، غلطة كبيرة في مناظرته العنيفة للينين عندما لامه على هذه "الاستبدالية"، أي استبدال مبادرة الطبقة العاملة بمبادرة الحزب وحده[30]. ولو انتزعنا جوهر هذا اللوم من إطاره التهجمي، نجد هنا أيضا فهما مثاليا غير واف لتطور الوعي الطبقي للبروليتاريا على إدخالها ضمن إطار وعيها، أي على تحويل تحقيق المصالح "الموضوعية" إلى مصلحة "ذاتية"[31]. أما اليوم فإننا نستطيع أن نرى بكل سهولة التفاؤل القدري الساذج الكامن في هذا التحليل غير الوافي. فالمصالح الفورية توضح هنا في مستوى المصالح التاريخية بالذات، أي في حل خبايا الأسئلة الأكثر تعقيدا المتعلقة بالاستراتيجية والتكتيك السياسيين. إن الأمل في أن تتمكن البروليتاريا "في النهاية" من ادراك مصالحها التاريخية، يبدو سطحيا إلى حد ما عندما يقارن بالمصائب التاريخية التي وقعت، لأنه في غياب القيادة الثورية الكفوءة ، لم تكن البروليتاريا قادرة حتى على إنجاز المهام الثورية الآنية العاجلة.
ويظهر هذا التفاؤل الساذج بشكل أكثر وضوحا في النص التالي المأخوذ من المناظرة نفسها:
"إن الديموقراطي الاشتراكي الثوري لا يقتنع فقط بالنمو(!) الحتمي لحزب البروليتاريا السياسي، بل كذلك بحتمية انتصار أفكار الاشتراكية الثورية داخل هذا الحزب. ويكمن البرهان الأول لذلك في حقيقة أن تطور المجتمع البرجوازي، يؤدي بالبروليتاريا تلقائيا إلى تحديد أو تعريف نفسها سياسيا. أما البرهان الثاني فيكمن في حقيقة أن الاتجاهات الموضوعية والمشاكل التكتيكية لمثل هذا التحديد، تعبر عن نفسها بالشكل الأحسن والأكمل والأعمق في الاشتراكية الثورية أي الماركسية[32].
يوضح هذا النص أن ما كان ينادي به تروتسكي الشاب في محاجته ضد لينين إنما هو "التكتيك القديم المجرب" والاعتقاد الساذج في "حتمية التقدم"، على النحو الذي اتبعه بيبل وكاوتسكي اللذان سيطرا على فكر الديموقراطية الاشتراكية الأممية منذ وفاة ماركس حتى الحرب العالمية الأولى. أما مفهوم لينين للوعي الطبقي فقد كان أغنى بما لا يقارن، كان أكثر تناقضية وأكثر جدلية، وبالضبط لأنه ارتكز على فهم عميق لحالية الثورة في الوقت الراهن (ليس في أحد الأيام في النهاية، بل في السنوات القادمة).
ولكي يتم تلخيص التطور التاريخي لابد من أن نضيف أنه في أعقاب تفجر الثورة الروسية في 1917، تبنى تروتسكي، بشكل كامل، تحليل لينين لتكوّن الوعي الطبقي البروليتاري، ومن ثم نظرية لينين في التنظيم أيضا. وظل تروتسكي، حتى وفاته، يدافع عنها بعناد ضد كل المتشككين والمفرطين في التشاؤم (الذين ادعوا أنهم يكادون يرون فيهما "جنين" الستالينية). ولهذا فقد كتب تروتسكي في آخر مخطوطة له وهي مخطوطة لم يتممها:
"لقد كان لينين أحد العوامل العملاقة التي ساعدت في نضج البروليتاريا الروسية في فبراير ومارس سنة 1917. ولكنه لم يهبط من السماء، بل جسد التقليد الثوري للطبقة العاملة، لأنه لكي تجد شعارات لينين طريقها إلى الجماهير، كان لا بد من وجود كوادر، حتى لو كان عددها ضئيلا في البداية؛ كان لابد من وجود ثقة الكوادر في القيادة، ثقة مبنية على أساس خبرات الماضي بكاملها. إن إلغاء هذه العوامل من حساباتنا، يعني ببساطة تجاهل الثورة الحية، واستبدالها بشيء غير محسوس، هو "علاقات القوى"، لأن تطور الثورة يتألف بالضبط من حقيقة أن علاقات القوى لا تفتأ تتغير بشكل متواصل وسريع تحت تأثير التغيرات في وعي البروليتاريا، جذب الشرائح الرجعية باتجاه الشرائح المتقدمة، وتعاظم إيمان الطبقة بقوتها الذاتية. أمّا المحرك الحيوي لهذه العملية، فهو الحزب، تماما كما أن المحرك الحيوي لآلبة (مكانيكية) الحزب هي القيادة[33].




--------------------------------------------------------------------------------

الطليعة الثورية والعمل الجماهيري العفوي


إنه أمر خاطئ وغير مبرر أن يوصف عمل لينين كـ"بخس تقدير" منهجي لأهمية الأعمال الجماهيرية العفوية (مقارنا "باعتراف" روزا لوكسمبورغ وتروتسكي بها). إذا استثنينا بعض النصوص الجدالية التي لا يمكن فهمها إلاّ في سياقها.
كان لينين يحكم على الإضرابات الجماهيرية والأعمال المتفجرة عفويا بالحماس ذاته الذي كان يحكم به تروتسكي أو روزا لوكسمبورغ[34]. وحدها البيروقراطية الستالينية زورت اللينينية باتجاه حذر متنام إزاء الحركات الجماهيرية العفوية - وهذا من السمات المميزة لكل بيروقراطية.
عندما تقول روزا لوكسمبورغ أنه ليس بالإمكان "أن نحدد مسبقا" وفقا لروزنامة زمنية، اللحظة التي ستنفجر فيها ثورة بروليتارية، فهي على حق تماما وإن لينين كان لينضم إلى رأيها هذا. كان مقتنعا مثلها أن النشاط الأولي للجماهير الذي تستحيل الثورة بدونه لا يخضع بصورة مرسومة لـ"تنظيم" أو "قيادة سلسلة" من ضباط الصف المنتظمين. كان لينين، تماما كروزا لوكسمبورغ، يعترف بروح الإبداع وبالطاقة على المبادرة اللذين يطورهما عمل جماهيري حقيقي وواسع. إن الفرق بين النظرية اللينينية في التنظيم ونظرية العفوية، كما يسمونها -التي لا يمكن نسبتها إلى روزا لوكسمبورغ إلاّ بتحفظ- لا يمكن بالتالي في تثمين مبادرة الجماهير بل فهم حدودها. إن مبادرة الجماهير قادرة على تحقيق أشياء كثيرة، لكنها عاجزة سواء عن أن تتصور هي بذاتها البرنامج الكلي لثورة اشتراكية إبان النضال بالذات، أو عن الدفع باتجاه مركزة القوى التي هي وحدها تسمح بقلب سلطة دولة وجهاز قمعها معتمدة على التثمير الكلي لميزات "خطها الداخلي". بتعابير أخرى: حدود عفوية الجماهير تبدو بالضبط في اللحظة التي يصبح فيها جليا أن نجاح ثورة اشتراكية لا يمكن أن يرتجل ارتجالا.
فضلا عن ذلك، لا توجد عفوية "صرفة" إلاّ في كتب حكايات الحركة العمالية لكن ليس في تاريخها الحقيقي. إن ما يجب فهمه بـ"عفوية الجماهير"، إنما هو الحركات التي لم تخطط لها مقام مركزي ما. لكن لا يمكن أن نفهم بـ"عفوية الجماهير" حركات تجري دون تأثير سياسي خارجي". ما أن نحك قليلا اللون الأزرق للـ"حركات العفوية" المزعومة، حتى نج بقية محترمة من الطلاء الأحمر البراق: هنا مناضل من "مجموعة طليعية" فجر إضرابا "عفويا"، هناك عضو قديم في تجمع "متياسر" آخر كان قادرا على الرد مباشرة فيما كان الجماهير الغفل ما يزال يتردد. في إحدى الحالات نجد أن العمل "العفوي" هو نتاج عمل طويل من المعارضة النقابية أو من مجموعة قاعدية، وفي حالة أخرى أنه نتيجة اتصالات نسجها بصبر منذ زمن طويل (وطويل دون نجاح) زملاء في العمل في مدينة مجاورة (أو مؤسسة مجاورة حيث "اليسار" أقوى. حتى في صراع الطبقات، لا تسقط القبرات "بصورة عفوية" مشوية تماما من السماء. إن ما يميز إذن الأعمال "العفوية" عن "تدخل الطليعة" ليس بالتأكيد أن كل المقاتلين في الحالة الأولى يمتلكون المستوى ذاته من الوعي بينما ترتفع الطليعة في الحالة الثانية فوق "الجماهير". كذلك لا يكمن الفرق في واقع أنه في "الأعمال العفوية" لا "تُحمل من الخارج" الشعارات إلى صفوف الشغيلة، فيما تتصرف طليعة منظمة إزاء المطالب الأولية للجمهور بصورة "نخبوية" و"تفرض" عليه برنامجها. لم يحدث يوماً عمل "عفوي" دون نشاط طليعة.
إن الفرق بين الأعمال "العفوية" وتلك التي "تتدخل فيها طليعة ثورية" يكمن بصورة رئيسية، إذا لم يكن حصراً، في هذا الواقع: أنه في الأعمال "العفوية" يكون التدخل غير منظم، مرتجلاً، متقطعاً، غير مخطط له (أكان في مؤسسة، أو في قطاع محدد أو في مدينة) بينما يسمح وجود منظمة ثورية بتنسيق تدخل الطليعة في "النضال الجماهيري العفوي" بالتخطيط له، بتوقيته بصورة واعية، وبإعطائه باستمرار شكلاً . إن كل متطلبات "المركزية القصوى" اللينينية تقريبا ترجع إلى هذا، وإلى هذا على وجه الحصر.
فقط القدريون السادرون في غيهم (بتعبير آخر حتميون آليون) يمكنهم أن يزعموا أن كل الأعمال الجماهيرية كانت محكومة بأن تتم في اليوم الذي تمت فيه وأنه في كل الحالات الأخرى التي لم تؤد إلى أعمال جماهيرية، لم تكن هذه ممكنة الحصول. إن هذا الإستسلام القدري (وقد نشرته مدرسة كاوتسكي-باور) هو في الحقيقة كاريكاتور نظرية التنظيم اللينينية. وليس بالتأكيد صدفة أن يكون الكثيرون من أخصام اللينينية الذين يتكلمون كثيرا على "عفوية الجماهير" يدافعون عن هذه الحتمية الآلية المبتدلة ولا يريدون أن يفهموا إلى أي حد هي متناقضة مع "إعادة تقويم" لـ"عفوية الجماهير".
إذا انطلقنا من الدورية الحتمية للأعمال الجماهيرية العفوية -منذ لحظة نضج التناقضات الإجتماعية-الاقتصادية إلى حد لا يعود يمكن معه لنمط الانتاج الرأسمالي إلاّ أن يستثير أزمات ما قبل ثورية، يبقى مع ذلك غير قابل للجدل أنه يستحيل تحديد وقتها بدقة لأن الحوادث والصراعات الجزئية والصدف تلعب دورا مهما. هذا هو السبب في أن طليعة ثورية، قادرة في اللحظة الحاسمة أن تركز قواها على "الحلقة الضعيفة" يمكنها أن تكون أكثر فعالية بما لا يضاهى من المبادرات المجزأة للكثير من الشغيلة المتقدمين الذين تنقصهم هذه القدرة على التركيز[35]. إن أكبر نضالين عماليين حدثا حتى الآن في أوروبا الغربية -ماي 68 الفرنسي وخريف 69 الايطالي- قد أثبتا وجهة النظر هذه. الإثنان بدآ بنضالات "عفوية" لم تهيئها النقابات ولا الأحزاب الكبرى الاشتراكية-الديموقراطية أو "الشيوعية". في الحالتين لعب دورا مهما شغيلة وطلاب متجذرون بالاضافة إلى كادرات ثورية كانت تفسح للجماهير الكادحة بأن تقوم بـ"تجربة نموذجية". وفي الحالتين أيضا ساهم في النضال ملايين الأشخاص، أي أكثر مما إبان أعظم النضالات الطبقية لما بعد الحرب العالمية الأوى: عشرة ملايين مأجور بالتمام في فرنسا، وحوالي خمسة عشر مليونا في إيطاليا.
في الحالتين كانت التطلعات تتخطى إلى حد بعيد "النزعة الاقتصادية" لاضراب نقابي صرف. برهن على ذلك في فرنسا احتلال المعامل، وفي ايطاليا مظاهرات الشوارع ورفع مطالب سياسية كما محاولات التنظيم الذاتي المستقل في أماكن العمل، أي إزدواجية السلطة: إنتخاب الـdelegate di riparto (بهذا المعنى كانت الطليعة العمالية الايطالية أكثر تقدما بكثير من الطليعة الفرنسية؛ لقد استخلصت قبل غيرها الدروس التاريخية لماي الفرنسي[36]. لكن في الحالتين لم يمكن قلب جهاز الدولة البورجوازي ونمط الانتاج الرأسمالي، أو حتى فقط استشارة تماثل الجماهير الواسعة مع أغراض النضال التي كان بإمكانها أن تسمح بهذا القلب على المدى القصير. نورد في هذا الصدد الصورة التي استعارها تروتسكي في "تاريخ الثورة الروسية": كان البخار يتبدد لأنه لم يكن هناك أسطوانة تحصره عند النقطة الحاسمة[37]. طبعا إن القوة المحركة هي في النهاية قوة التعبئات والنضالات الطبقية وليس الأسطوانة بحد ذاتها. بدون هذا البخار، ليست الأسطوانة أكثر من أنبوب فارغ، لكن بدون الاسطوانة، حتى البخار الأكثر قوة يتبدد ولا يبلغ الهدف. ذلك هو جوهر نظرية التنظيم اللينينية.



#إرنست_ماندل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنظيم الذاتي والحزب الطليعي في تصور تروتسكي
- الإضراب العام
- لماذا نحن ثوريون اليوم؟
- حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
- من النضالات الجارية التي تخوضها الجماهير إلى الثورة الاشتراك ...
- الحركة الطلابية الثورية
- بلترة العمل الذهني
- الديموقراطية البورجوازية والديموقراطية البروليتارية
- الاقتصاد الرأسمالي: خصائصه، قوانين تطوره، تناقضاته ،أزماته ا ...
- ماهي الستالينية؟
- قبل 40 عاما تمت إبادة مليون شيوعي في إندونيسيا....دروس الهزي ...
- الثورة العالمية
- حدود التطور الإشتراكي في البلدان المتخلفة
- الثورات الإشتراكية في البلدان المتخلفة
- إصلاحات وثورة
- الدولة، أداة السيطرة الطبقية
- العناصر التكوينية لنظرية تروتسكي حول الفاشية
- الأممية الرابعة: أربعون سنة بعد تأسيسها
- الهجمات على الحريات النقابية
- ليون تروتسكي: دراسة في دينامية فكره


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إرنست ماندل - لينين ومشكلة الوعي الطبقي البروليتاري