|
سادية حاكم ..مازوشية شعب
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 18:47
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
حين بلغ الشاب الفرنسي ( فرنسوا دي ساد) الخامسة عشرة دخل الجيش ليصبح ضابطا في سلاح الفرسان . وبعد أن جاب أوربا عاد الى باريس لينغمس بحياة المتعة والمغامرة، فأجبره والده على الزواج من فتاة لا يحبها ، فدفعه زواجه القسري هذا الى حياة التهتك والمجون في بيت ريفي ، ارتكب فيه فضائح أودعته سجن الباستيل (12) عاما كتب فيها ثلاث روايات من الأدب المكشوف( جوليت ، جوستين ، 120 يوما في سادوم ) دعا فيها الى ممارسة أكثر أشكال السلوك الجنسي انحرافا ( لجعل الانسان متحررا وفائق القدرة ) بحسب تعبيره . ومن (دي ساد )هذا أشتقت السادية لتعني الحصول على الاثارة والمتعة بايقاع الألم على الشريك بالعملية الجنسية ،عدّت ، بمفهوم الطب النفسي، نوعا من الاضطراب والقائم به شخص غير سوّي. وقد توسع مفهوم " السادية " وخرج من اطاره الجنسي الى مفهوم سياسي نفسي منطلقا" من مبدأ ان السادية هي في الأصل عدوان قبل ان تكون جنسا" ، وان جوهر السادية هو أنها علاقة سطوه ، اذ لايستطيع المتسلط السادي ان يكون الا من خلال التعزيز الدائم لسطوته ، التي بدورها لا تتعزز الا بمقدار اضعاف الطرف الآخر في العلاقة واجباره على ان يقرّ بعجزه وهوانه ازاءه، واوضح نموذج لها هو دكتاتور النظام السابق . فبقدر ما كان يتمادى في اضطهاد الناس- وزيادة قسوة السادي دليل على شدّة ذعره - كان يعمد الى ذمّ العراقيين وازدرائهم والتقاط عيوبهم وتحقيرهم ، فضلا" عن دوافعه القسريه التي أجبرته على تدمير سعادتهم وتبديد آمالهم . وهنالك من يذمّ العراقيين ويلومهم على الحال الذي هم فيه ، معللين ذلك أن الشعب الذي اعتاد على حكم السلطات الدكتاتورية لمئات السنين يتحول الى شعب مازوشي، يعدّ الخضوع حقا للسلطة وواجبا عليه ويستهون الرضوخ لحاكم يمنحه سلطة الأب القاسي . وأنه "الشعب المازوشي" اذا حصل على الحرية والديقراطية سادت به الفوضى وصار بعضه يأكل بعضا ،لأن المازوشي اذا تحرر من سلطة السادي أنقلب عدوانيا . ومع أن في هذا التحليل ما هو صحيح ، الا أنهم يريدون أن ينتهوا الى القول بأن العراقيين بهم حاجة الآن الى سلطة دكتاتور لتستقيم أمورهم . والخطأ في ذلك أنه لا يوجد شعب مازوشي بالفطرة أو بالتعوّد ، وأن رضوخ الانسان المسحوق لسلطة متجبر ليست صفة ثابتة ودائمة ، فالناس خلقوا أحرارا ، والطبيعة البشرية السوية تكره " الخضوع " ولا تميل الى السيطرة على الآخر بالقسوة والعدوان . ما يحسم هذا الأمر ان العراقيين مقبلون على انتخابات ،فاذا اختاروا بوعي ومسؤولية ، حاكما ديمقراطيا عادلا وحازما ، فانهم سيغلقون الباب الخلفي لمجيء دكتاتور ..ففي الأمثال نقول :" لا يلدغ العاقل من جحر مرتين " فكيف بشعب تخلّص من لدغة " عربيد " أسود واجتاز المحنة الأصعب في ست سنوات عجاف دفع فيها باهضا ثمن الأثنتين : سادية الحاكم ومازوشية نفسه !
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زيارة لمدينة الناصرية - قراءة في ثقافة العشيرة
-
الفؤوق الجندرية بين العلم والخرافة
-
رسالة إلى نفسي
-
الانتخابات العراقية ..وسيكولوجيا الاحتواء -قراءة نفسية-سياسي
...
-
سيكولوجيا الفوضى بين بغداد وبيروت
-
نحو فهم جديد لسيكولوجيا الشيخوخة
-
العار ..للقتل غسلا للعار !
-
التقاعد = مت وأنت قاعد!
-
العراق : وطن بلا طفولة
-
دلالات الرموز في أعلام دول العالم
-
الحب في زمن الكوليرا
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة السادسة - سيكولوجيا الدين
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الخامسة -سيكولوجيا الدين :
...
-
تساؤلات محرجة .. في الدين - الحلقة الرابعة - سايكولوجيا الدي
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الثالثة - الدين والصحة الن
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الثانية - التطرفان الديني
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الأولى -
-
خذوا الحكمة من جلجامش
-
دلالات اللون في اعلام دول العالم
-
في سيكولجيا المجتمع العراقي بعد نيسان 2003
المزيد.....
-
حقق ملايين المشاهدات.. فيديو لرد فعل غير متوقعة لرضيعة تريد
...
-
منّاع للدستور الأردنية: RT العربية تمكنت من مواجهة الضغوط وإ
...
-
فيديو: محافظة خراسان تودع إبراهيم رئيسي قبل دفنه في مشهد مسق
...
-
ألمانيا تحتفل بمرور 75 عاما على إقرار الدستور
-
منح محتجين ضد حرب غزة مهلة لمغادرة جامعة ألمانية -بسلام-
-
رغم الإشادات.. مدرب ليفركوزن: كنا نستحق الخسارة!
-
-المصريون سيدفنوننا تحت التراب حال الحرب معهم-.. قراءة مصرية
...
-
وسائل إعلام: البرتغال تريد الاعتراف بفلسطين
-
إيران.. دفن رئيسي في أقدس مكان ببلاده (صور + فيديو)
-
مصريان ينتحران بطريقة مروعة
المزيد.....
المزيد.....
|