عادل الخياط
الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 11:11
المحور:
الصحافة والاعلام
هل المثقف كيان الدولة , أم انه عنصر ضئيل في كيان الدولة ؟ .. القصد هنا الدولة المضطربة , المتوترة , وإسرائيل نموذجا لهذه الدولة . الإسرائيليون يتخوفون من التطرف الإسلامي وفي ذات الوقت ينتخبون متطرفين يهود على رأس الهرم , ورأس الهرم هذا غير خاضع لأي منطق في سياسته العنصرية , وغير متجاوب حتى مع سنده الكبير - الولايات المتحدة - في وقف الإستيطان أو أدنى درجات المرونة مع ميتشل ومقترحات الخارجية الأميركية أو تاريخيا على هذا الديدن . فإذا كان رأس الهرم هذا بهذه العقلية المتزمتة كيف إذن التعامل معه ؟
وبناءا إسمنتيا على هذا : الأغلبية تنتخب المتطرف , والمتطرف يمارس مثل هذا الفعل المتطرف , فما هو دور المثقف الإسرائيلي وسط هذا الزحم والزخم المقيت ؟ المثقف هنا عنصر ضئيل في دولة تتحكم بها العقليات العسكرية الدينية المتطرفة . في ذات الأفق يتساوى المثقف العربي الخاضع لنظام دكتاتوري مؤدلج مع مثقف دولة تتظاهر بالديمقراطية وتحكمها أيديولوجية دينية . بمعنى التحجيم , عدم قدرة كل منهما على التأثير في واقع الدولة الخرسانة , أو مفهوم الدولة الخرسانة .
ومن هنا كذلك لا يمكن أن تفهم ما يفوه به مسؤول إسرائيلي عن الهالة الثقافية التي تمتاز بها إسرائيل نسبة للضآلة العربية في هذا المجال : عدد المطبوعات والترجمات الخرافية في إسرائيل وضآلتها في العالم العربي وبالتحديد - مصر - التي كانت رائدة للثقافة في زمن ما .. صحيح ما يفوه به هذا السفير الإسرائيلي الرقمي , وهذا ما يتناوله جميع المشتغلين أو المهتمين بالشأن الثقافي , أن - مصر - إنتهت كدولة رائدة للثقافة العربية بعد أن أخذت المؤسسة الدينية تتحكم في شرايين الحياة في مصر ! وكذلك صحيح إن العالم العربي من الرأس إلى الكاحل غير مؤهل لأي دور ثقافي لنفس السبب السابق , كذلك كونه عالم تحكمه دكتاتوريات مُتنفذة منذ عشرات السنين وأنها تُبرمج كل شؤون الحياة وليس المجال الثقافي فقط . لكن في نفس المستوى : إسرائيل ماذا ؟ إسرائيل التي تطبع 8000 مطبوع وتتجاوز مجموع ما تطبعه المحميات العربية , إسرائيل ماذا ؟ فلا لوم يقع على حكومات دكتاتورية غير خاضعة لأي قانون أو مفهوم أخلاقي . لكن إسرائيل ماذا ؟ تطبع هذا العدد وتترجم وتزعم إنها وأنها , فأين الـ أنها تلك , اللوم على الدكتاتوريات غير منطقي , اللوم المنطقي على حكومة تزعم أو يزعم سفيرها السابق في القاهرة أنها تعوم فوق بحر من الرصيد والإنفتاح الثقافي , وفي ذات الوقت لا نلمس دورا لهذا الطوفان ؟ القضية ليست في فوز - فاروق حسني - أو عدم فوزه , وليس ان حُسني ينتمي أو يُمثل نظاما قمعيا , هذه المسألة أصلا مفروغ منها والمثقف العربي - الأصيل وليس المرتزق - قد ركنها منذ أمد بعيد .. القضية الأساس في : ماذا كان دور المثقف الإسرائيلي خلال ثلاثين سنة مضت , ما هو دور هذا الذي يعوم على تلك الهالة التي يصفها سفير إسرائيل السابق نقلا عن - الأوبزيرفر البدوية - .. هل تمكن هذا المثقف المفتوح على الإرث الإنساني , المفتوح على الرفض المستهجن للقمع البشري أن يحد نسبيا - ولا نقول يلجم - المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن فعلها الدموي , أو يُمرن العقلية الدينية المتطرفة عند جميع السياسيين الإسرائيليين.. اليساري واليميني والوسطي تُجرثم جماجمهم جميعا ذات الجرثومة التي تُلوث عناصر حزب - بيتنا إسرائيل -.. تلك الجرثومة التي تستند عليها خرسانة العدم الجهنمية , ماكنة الطحن البشري . يقول صحفي فرنسي : إنني عندما رأيت الدبابات الإسرائيلية تتقدم نحو بيروت أو تعبر الحدود اللبنانية سنة 82 أصابني ذعر مميت لم يداهمني على مدى عملي في هذه المهنة , مئات الدبابات , أكثر من ألف وأربعمئة دبابة وهي تزحف بزناجيلها نحو .. نحو ماذا بحق كل دساتير الكون يا سفير العدم الثقافي , عن أي ثقافة تتحدث ؟ .. ويضيف الصحفي : ان فرنسا رغم أنها تُعد قوة عُظمى لا تمتلك هذا العدد من الدبابات !؟ والغرابة الأكبر ان كل تلك الهالة كانت زاحفة نحو بلد هرموني التكوين , بلد ضئيل الحجم , أو المنظمة المقصودة كانت بمستوى الفقاعة , لكن هل كانت "فتح " هي المقصودة أم إيعازا لـ ( إيل حبقية ) ليبتدئ الجزر في - صبرا وشاتيلا - ؟
وفيلم رسوم مُتحركة إسرائيلي - رقصة فالس مع بشير - ترفضه إسرائيل بجميع البلازما المُتوفزة في عروقها ! منظور الفيلم تاريخي أدبي فني, والتاريخ والأدب والفن والتوغل في حياة الناس , هذه هي أعمدة الثقافة , هذا هو المفهوم الثقافي العام , فعن أية ثقافة تتحدث يا مستوى الوزير أو السفير ؟ وصاحب الفيلم جندي إسرائيلي خدم في لبنان أبان الغزو سنة 82 ثم تحرك فيه الدم الإنساني ليفضح في فيلمه تواطؤ الجيش الإسرائيلي مع ميليشيات - حبقية - في مجزرة - صبرا وشاتيلا - . مثل هذا الجندي يُرفض من قِبل المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية , لكن في ذات الأفق يُدافع رئيس وزراؤك نتنياهو عن جنود وضباط الجيش الذين من المحتمل أن يتعرضوا لمحاكمات دولية لجرائمهم في غزة بعد تقرير - غولتسون - , فعن أية ثقافة تتحدث وعن أي وعد من - نتنياهو لـ حُسني مبارك - عن عدم إثارة زوبعة ضد - فاروق حسني - في قضية الفوز باليونسكو ؟
مع التقدير إنك طلبت حقك وزيادة , لأنك مرة تزعم عن الحكومات العربية القمعية ومنها " مصر " الغير مُنتجة والغير مُؤهلة للثقافة , وفي الثانية تقول : نتنياهو وَعَدَ - حُسني مبارك - بعدم التحرش يونوسكويا بـ فاروق حُسني .. والحقيقة التي يؤمن بها كل مُثقف انه لا نتنياهو صاحبك صادق ولا حُسني مبارك ولا فاروق حُسني , جميعكم غير مُؤهلين التحدث عن البُعد الثقافي وعلاقاته بكيانات الدوران الإجتماعي و لا بـ غزل الأنظمة الغير طبيعية , ودولتك لو توغلتْ في كيانات المُنحنيات والمُكعبات والمثلثات سوف تظل غير طبيعية , ولو أردت أن تدخل في سجال حول عدم تلك الطبيعية وكيفيتها فأنا على إستعداد أبدي لسجال من هذا النوع وليس مثل المُراسل الرمز , مُراسل ( الأوبزيرفر البدوية ) التي أو الذي عمل اللقاء معك .
سيادة السفير : الثقافة ليست كراكيم تنتجها أو تصدرها مؤسسات عدمية الحس والوخز الإنساني .. الثقافة هي إنتفاضة - لوركا - في مواجهة فوران الدم البشري المُستباح , الثقافة هي حُلم - أراغون وغوركي و - بخلق عالم خال من الشرور والدم .. الثقافة هي - بابلو نيرودا - وهو يجول منتشيا مؤرخا لغابات أميركا الجنوبية الساحرة العظيمة .. الثقافة هي .. فهل أصابك لوحٌ من ذلك السديم الفردوسي , أم أن ثمة عِرق بغيظ يضرب بقوة في مؤخرة جمجمتك , عِرق يقول : ان كل تاريخ دولتك نقيض لكل تلك المفاهيم الإنسانية العظيمة !؟ .. سيادة السفير أنا من المغرمين بالنكات , لكن للأسف لم أجد نكتة تليق بتلافيف أقوالك , لكني سأقول :
ألسنتكم عندما تتحدثون شبيهة بزناجيل مجنزراتكم !.. النُظم العربية تقتل لدوام كياناتها المبثوثة من السماء , وأنتم كذلك تعتقدون إن خازوق الإله لم يضاجع إلا حورياتكم , والمجموعات الإسلامية على هذا النحو وهكذا.. والطفل في المدرسة يُحرق بالفسفور الأزرق والأبيض والأحمر وُفق معيار الحورية والإله والطيران الغير مرئي !!
لنقيسها على نحو آخر : النازي يقتل الناس لكي يُريحهم من ألم مأساة الحروب , هذه فلسفة العريف النازي الفوهرر في كتابه المسمى : الخربطات , والديكتاتور يقتل لأجل البقاء على فخذه متعافيا فوق المؤخرات المُتآكلة .. وأنتم تقتلون على خلفية جميع المبررات : مرة على أساس التهويد وخلع العِرق الفلسطيني , ومرة على خلفية غطرسة القوة , وأخرى لخلق هوة أو أسفينا بين حماس ومن يناصروها من شعب غزة مثلما حدث في غزوة غزة الأخيرة .. وحماس تضع دروعا بشرية لتقول هذه هي جرائم إسرائيل , وجماعة أبو مازن تتفق معكم للثأر من حماس !! فيا لكم من هشيم جرثومي أشد خطرا على الجنس من كل أوبئة الفسيح !
والطرف الآخر - العربي - بذات المستوى من الأتكيت الملفوف بالساندويش الفاشوشي الخالي من الملح والطلح عندما ينظر إلى إسرائيل نظرة يتملكها الوهم عن ان التطبيع أو الإنفتاح الثقافي سوف يقود إلى السلام الخرافي , وفي ذات الوقت إن العنصرية تتجسد بكل طلعها وتمرها وعنابها عندما تعلن هيئة أو هيئات الثقافة في نُظم الطلح والبلح العربانية عن صالحية البلح للبيع أو للعرض أو للتباوس والإنصهار !!.. هكذا هو العالم منذ الإسكندر السكسوني أو المقدوني , وهكذا هو مع باراك أوباما , ومع مجاهدي الشباب الصومالية , ومع كلب يأكل البطيخ , هل رأيتم في حياتكم حيوان لحومي يتحول إلى vegetarian , هذيانات سخيفة , محتمل يا صديقي , لكن منذ متى كان العالم ومنذ المشمشة الإولى غير هرطقات وسخافات غير خاضعة لمفاهيم هذا الكون السخيف !؟ .. ورغم ذلك يظل يحن هذا الـ vegetarian إلى اللحم , نوع من الإكتشاف , هل هذا تفتق أو من ضمن هذا الهذيان !؟ لكن الأكثر تفتقا وإكتشافا وهذيانا هو:
كاتب مسرحي مصري يُسمى - علي سالم - .. يقول الخبر عن علي سالم هذا إنه أراد أن يفهم من هم هؤلاء الناس , وساق سيارته وعبر الحدود ليفهم شيء ما عن ماهية ناس إسرائيل , وبعد أن فهم ناس إسرائيل وإسرافيل كتب رواية عن ناس إسرائيل , وبعد أن كتب رواية عن ناس إسرائيل بادرت هيئات البلح الثقافي المصري للمقاطعة , ومن ثم فُصل من الهيئة البلحية وبعدها عشعشت العناكب على نتاجه المسرحي والروائي ونُفي إلى سجن برمودا الأزلي ! هكذا هو الخبر , ولا إعتراض عليه , لأنه سخيف والإعتراض سيكون أكثر سخافة , لكن لنكن سُخفاء , لأن السخافة صارت مريودة في عالم الضراوات .. والإعتراض هو : إنه أراد أن يفهم من هم هؤلاء الناس وماذا يفعلونه !؟ الخبر سخيف , يعني ما مدى إمكانية وكالة البلح عما أريد أن أنشر , فهناك المئات من دور أو شركات النشر , تقوم بنشر أعمالك بفلوس , فلوس , الفلوس تجيب العروس.. المهم ربما هناك تداخلات في هذا الموضوع لا أفقهها . لكن الصُلب هو الأكثر أهمية :
من هم هؤلاء الناس وماذا تفعل هذه الناس ؟ هذا السؤال فلسفي جدا , وعاطفي جدا وبليد جدا . فلسفي لأنه يتحدث عن عموم سلوكيات الناس , والتحدث عن سلوك الناس هو فلسفة السايكولوجي , أو معيار فلسفة العالم الإجتماعي أو غيرها من التسميات .. وعاطفي لأنه أشبه بإسترضاءات لأناس أصلا لا يطمحون أو أصلا غير طارئ على تفكيرهم إنهم محل عطف من كائن من كان !.. وبليد جدا عن ماهية إختلاف هؤلاء الناس - اليهود - فهل هؤلاء يختلفون أساسا كتصنيفات بشرية كانت تسكن في العراق ومصر وغيرها من أصقاعنا العربية وغيرها من التضاريس الكونية , أم انهم بعد أن أصبحوا في كيان الدولة العبرية صاروا أناسا من أو ذات خلق مُختلف ؟! أشياء مضحكة حقا عن مستوى الطرح والبحث ! ويُقال لك أن التطبيع يأتى من خلال من خلال هذه التوليفة المرقوعة بكل أسفينات البو .....
لا أدري إن كان هذا المسرحي والروائي على بينة إن إسرائيل من ذلك إلى هذا اليوم تدق بلهفة جنونية على مفهوم الدولة القومية , دولة قومية لليهود , ولم تستطع خلال عشرات السنين من التمرين الدعائي والثقافي أن تُقنع العالم إنها دولة قومية , لأنها ببساطة ليس بمقدورها أن تعطي اليهودية بإعتبارها ديانة بُعدا قوميا , لا يُمكن لـ بوذي فرنسي أن يزعم إنه ينتمي لمقاطعة التبت الصينية , فطباعه طباع فرنسية وليست صينية , واليهود القادمون من كل أصقاع الأرض لهم خصوصياتهم القومية , كل يتطبع بطابع قوميته التي قدِم منها بل حتى بطابع القطرية : يهود العراق , يهود مصر , يهود الفلاشا , يهود أوروبا الشرقية , الغربية والخ , ويُعطي مصداقية لهذا الطرح إنه حتى داخل إسرائيل ذاتها هناك تمييز عنصري بين تلك القوميات . فهل كان يدرك هذا المسرحي والروائي هذه الأبعاد عندما ساق سيارته متوجها إلى إسرائيل ليفهم طبيعة هؤلاء الناس ؟ فمن قال لك أن ثمة عداء , مئات الآلاف من الإسرائيليين خرجوا في مظاهرات ضد شارون بعد مجزرة - صبرا وشاتيلا - واجبروه على الإستقالة من منصبه العسكري , وفي العالم العربي لم تر ومعك نحن لم نر زخما بهذا الحجم ! .. العداء يا صاحبي هو مع تلك المؤسسة العسكرية والسياسية التي جزرت البشر والحجر ولا تحترم لا مواثيق دولية ولا إنسانية ولا حيوانية ! .. مع الإعتذار إنني أكتب على أساس معلومة خبرية ليست مُفصلة , لكن وإن كانت نسبية فلا بد أن لها وقعا جزئيا حسب جزئيتها .
ويصطف في هذا اللاين مجاميع النقض , و تعرج على النبأ اليقين من خلال فضفاضية البوح أو سخافته : - هالة مصطفى - مثالا , تقول : لا أحد يمنعني .. يمنعك عن ماذا ؟ مقابلة سفير إسرائيل في زمن نتنياهو ! عن ماذا من الممكن أن يتحدث مثل هذا السفير : عن - ميتشل - المُصاب باليأس المطبق في لقاءات جنرالات التطرف الصهيوني .. عن تقرير غولتسون , عن الإتحاد الأوروبي الذي إكتشف مؤخرا إن إسرائيل بالفعل غير إخلاقية في جميع سلوكياتها وانها لا يمكن أن تُركن في صف العالم الغربي المُتحضر المناهض للسلوك الهمجي .. عن ماذا ؟ يعني هل جاءكِ النبأ اليقين في زمن نتنياهو لتعملي مقابلة مع سفيره .. يعني أنفقت صحافتك العُمرية كلها ولم تجدي مقابلة مع سفير إسرائيلي إلا في زمن حكومة نتنياهو , حقا شر المقابلات الصحفية ما يثير الزواع أو القيء ! .. فيا له من تطبيع رصين هذا الذي تقدوه تلك الخشوم التي تخر .. ماذا ؟
#عادل_الخياط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟