|
عندما يغوص القلم في الوحل !!
رفعت نافع الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 2804 - 2009 / 10 / 19 - 04:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القلم الذي بين يديك أخي القارئ ، لة مهام جسام وغايات وأغراض كثيرة متعددة ومتنوعة ، فالعلماء والباحثين يسطرون ما تجود بة عقولهم وعصارة افكارهم من ابحاث واكتشافات واختراعات لخدمة البشرية وتقدمها ، وهناك من يستعمل هذة الاداة الساحرة في وضع لمساتة الرائعة لكتابة قصيدة شعرية او نثر او قصة او مقالة سياسية او اجتماعية او تسجيل مراحل تاريخ البشرية وما مرت بة من تطورات في كافة العلوم والمعارف ، والتوقيع بة على كتاب تعيين او ترقية او مكافأة، والتوقيع على النتائج والشهادات الدراسية المعتمدة ، او ما تخطة اقلامنا فوق ورقة الانتخابات من الانحياز بوعي وبدونة لاي من المرشحين ، او ما يقوم بة الطبيب في كتابة وصفة علاجية تجلب لنا الصحة والسعادة ، وكل تلك الاستخدمات التي مر ذكرها او لم تذكر... تبدأ اناملنا بالتدريب عليها منذ نعومة اضفارنا عندما ندخل المدرسة اول مرة ، ونبقى ننهل من يراعة الكثير في كل مرحلة دراسية نجتازها وكل مرحلة من مراحل الحياة لاحقا . وهناك استخدام من نوع آخر لهذا القلم المسكين ، يستخدمة نموذج آخر من الكتاب لغرض الاساءة للاخرين وأيذائهم وترويعهم والحط من شخوصهم وكرامتهم وشرفهم بشتى السبل والاساليب الرخيصة ، واستخدامهم لغة غريبة عن الحوار والمنطق أساسها الكذب والتلفيق وصياغة الخبر والمعلومة المفربكة . وقد وصفها البعض من الكتاب ب ( لغة الهراوات ) التي تتحدى وتتجاوز كل الطرق الواعية في التفاهم والحوار الهادئ ، اما بسبب مرض نفسي مستعصي ألم في نفوسهم او بسبب اعتقادهم وايمانهم بنظرية ( اكتب لمن يدفع أكثر ) او ( اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ) المعروضة في دكاكين المزادات الواهنة ، والذي انتشرت في العقد الاول من هذا القرن بسبب التطور العلمي الهائل وما افرزة هذا التطور من تقنيات كثيرة في مجال الاعلام والاتصالات ، ابتداءا من خدمات شبكة الانترنيت والاتصالات وانتهاءا بالقنوات الفضائية المنتشرة في ارجاء المعمورة، والسهولة في حصول المواطن على تلك الخدمات . من خلال استعراض هذين الاستخدامين المتقاطعين والمتعارضين لوظائف القلم ومهامة ، يتوجب علينا ان نكون على استعداد للتخلي عن رأينا اذا ثبت عدم صوابة او مجانبتة الحقيقة، وأن لا نقبل في الواقع اية حقيقة او مقولة لمجرد ان صدورها قد تم من قبل جهة واحدة او شخص مسؤول او سياسي ممن يطلق علية الان ( مصادر مطلعة ) ، وان نتعلم ان نجمع الادلة والبراهين الكافية لدراسة اية حالة يراد مناقشتها وتحليلها قبل اصدار الاحكام النهائية ، حيث ان حالة التعميم تعتبر نوع من الخطأ الفادح اذا استند على مقارنة حالة واحدة او اعتمد بصورة نهائية على ملاحظات عابرة واشارات غير دقيقة . حيث يلاحظ ان اغلب الاخبار والردود والتحليلات تعتمد المصدر الواحد الذي لا يمتلك الحقيقة كلها، وعندما لا تمتلك الحقيقة كلها لا يمكنك ان تقول الحقيقة كلها . لان التحيز لفكرة واحدة ونهج سياسي واحد وبطريقة لا شعورية ، يفهم منة اقصاء الاخرين والانتقاص من ارائهم ومناهجهم . نحن البشر قد آمنا بالعلم كوسيلة لرفع مستوى تفكيرنا والتغلب على دواعي التأخر الاجتماعي الذي غلف عقولنا وأثر علينا لمدد طويلة، وهدم اجزاء كبيرة من وعينا وثقافتنا في نواحي كثيرة ، لا يمكن عدها او احصاءها، ومن ادوات هذا العلم هو القلم وما ينتجة من انواع الكتابة لغرض طرح مشاكلنا وايجاد الحلول المناسبة التي من شأنها تقليل الاضرار من خلال تنمية الاتجاهات العلمية القريبة من الواقع ، والابتعاد قدر الممكن من الاحكام الجاهزة المغايرة للحقيقة والتي ادمن البعض مما يسمى بالكتاب والباحثين في الشأن السياسي على سياسة الشتم والانتقاص من الاخرين واسهل هذة الطرق تلك التي تصف الفريق الاخر او بعبارة ادق الرأي الاخر بالعمالة والخيانة وأنة غير معروف الاصل والفصل ، وما شابة ذلك من تلك التوصيفات ووالالقاب التي اضحت لغة وصفة للشعوب الجاهلة غير المتمدنة والتي تبحث عن اي طريق سهل للوصول الى مبتغاها في غمط حقوق الغير وتسفية ارائهم وافكارهم التي تتعارض معهم . هذة الاقلام ذات الطبيعة الغادرة اثبتت أنها لا تمتلك الشفقة والرحمة اذا ما حددت الهدف المطلوب الانقضاض علية بطريقة بربرية وهمجية تفصح عن مكنونها وطبيعتها الغجرية، انها اقلام استلمت الثمن بطريقة المزايدة السرية ، وواجبها تسطيح الحقائق وتشويهها وتسويغ الفكر الواحد المتطرف ، كيف لا وأنها استخدمت وتستخدم في اسلوب عملها نوع من انواع الكتابة الخطرة التي تجرد الاخرين حملة الراي المغاير والافكار الواقعية من كل خصائصهم وفضائلهم وانسانيتهم ، انها تلجأ الى شعاراتها البالية واعلامها المتهالك البعيد عن المنطق .... اقول لهذا النوع من الكتاب علموا انفسكم لغة الحوار والعقل الذي اساسة الاخلاق ، وان تتعلموا مجال الدقة وحدودها وأن تكون لغتكم بسيطة ومفهومة للناس وتخاطب العقل لا العواطف، وان تتعلموا ان لا شيئ اسهل من الاساءة للغير. وقد وصف الاستاذ الدكتور احمد ابو مطر في مقالة ( قراء مناضلون وكتاب عملاء ) هذا النوع من الكتاب في اعبر توصيف لهم ما يلي " لا استسلام لفريق الشتامين وكونها ظاهرة عربية، لا مفر من مواصلة الكاتب لمهمتة رغم الشتائم واتهامات العمالة والخيانة ، والشتائم لا نتيجة لها سوى تعميم الخلق السيئ ". كنت كغيري من الكتاب اكابد صمت الاشياء من حولي وأرقب نزيف بلادي الذي يحتضن الجرح بأباء ، ولكنني اعطف على تلك الاقلام الصغيرة لانها تختفي بعيدا تحت مسميات شتى، وتظهر مرة ثانية بغطاء ورداء آخر ، بالرغم من انني اكتويت بلظى تلك الاقلام وما تسطرة في حملاتها المستمرة من عدوانية تستهين بالعقل والمنطق ... ولكنني كالاخرين من اخواني الملتزمين، لم استسلم لرغباتهم واهدافهم ، فالتفائل خياري الوحيد في جعبتي ، والحلم قاعدتي التي استند عليها في هذة الحياة، برغم أرَقي من الحزن العميق الذي يلفني ويجس كل المواجع ... صحيح ان قلمهم يؤرق السعادة والنشوة التي احس بها عندما اكتب رأينا وموقفا يعبر بصدق ويصطف مع تطلعات شعبي وبلدي الجريح، ولكنه لاتستطيع ابدا ان يكسر الامل والرضا الذي اكتسبة من محبة واحترام الناس الاخرين وتمنياتهم . اخيرا لتلك الاقلام البائسة ( الشفقة ) لانها ستغُير موقفها وآرائها ومنطلقاتها الفكرية بمجرد سحب الغطاء عنها وتسريحها ، وكما يقول المثل العراقي على الشخص الغبي غير النافع ( امسًرحينة بالكنافذ ) * اي انة يليق بة ان يقود قطيع من القنافذ في البرية . وعندما تجف منابع الدعم المالي والاعلامي عن تلك الاقلام المؤُجرة تصبح اشبة ( بالجراب ) * المفرغ من الهواء تطلب الشفقة والعذر والصفح من الاخرين، ولكنني اعتقد ان تلك الاقلام لا يمكنها من النهوض من كبوتها ثانية بعد ان غاصت بعيدا في الوحل !!!
* القنافذ جمع قنفذ * القربة المصنوعة من جلد الماعز والاغنام
#رفعت_نافع_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحديات الكبيرة لتكاثر السكان في العالم
-
أطفال العراق ... اجيال المحًن وثقافة الحروب والأرهاب !!
-
التحرش بالمرأة ..هل هو نتاج الأزمة الاخلاقية التي نعيشها ؟
-
هل كان عبد الكريم قاسم حاملا راية الشعوبية في العراق ؟
-
من يحمل شرف العراقيات وغيرة العراقيين
-
هذا المشهد جدير بالتأمل والدراسة ... !!!
-
الأضراب الطلابي الكبير في ثانوية زراعة العزيزية
-
علم السياسة ومفهوم السلطة
-
ناهدة الرماحي... نورك يسطع من جديد !!
-
المرأة الأهوارية .... ننحني اليك احتراما وتقديرا
-
الكوتا ... حل مؤقت لتأكيد حضور المرأة
-
يوم المرأة العالمي ... مناسبة لتعزيز دور المرأة في بناء المج
...
-
هنالك معوقات في طريق الديمقراطية... فلنساهم جميعا في تذليلها
-
عيد الحب valentine,s day واللون الاحمر
-
المعركة الأنتخابية... تحتاج الى أساليب عمل جديدة
-
السيد رئيس الوزراء... الشعب مصدر قوتك ومرجعيتك
-
ظاهرة شراء الأصوات الأنتخابية... !!
-
مجالس المحافظات ... وبعض الملاحظات
-
سمفونية القتل غسلا للعار !!
-
موقع الحوار المتمدن طبق المادة (19) بكل شفافية ومهنية
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|