|
حرية الفكر في الإسلام
إبراهيم عرفات
الحوار المتمدن-العدد: 2773 - 2009 / 9 / 18 - 22:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما ندعي حرية الفكر والأغلال تكبل أعناقنا باسم الله والدين فكلامنا عن حرية الفكر من باب العبارات الإنشائية.
يسألني كثير من الناس عن سبب تركي للإسلام واعتناقي للمسيحية. دائما تنهال أسئلة يعاملني فيها المسلم بمنطق الخيانة. إذا لم أقدم على ذكر المسيحية و كل ما أتعرض لها هو تحفظي على معتقدات الإسلام وبالتالي رفضي لها، قد ينظر لي البعض أني متفتح وأني أعملت العقل إعمالا يليق بوظيفته وأني لم أعش حياتي يوما تلو الآخر دون التفكير في معتقد موروث أبا عن جد. ولكن بمجرد أن يعرف هذا الشخص المبهور بطريقة تحليلي للإسلام أني قد صرت مسيحي أي تنصّــرت والحمد لله، ففي الحال تجد كمية غضب رهيبة وشرر يتطاير من العين وتبدأ الأسئلة تنهال على أم رأسي: هل ارتديت عن الإسلام؟ إذاً أنت مرتد؟ هل تعرف حكم المرتد في الإسلام؟ أقول لنفسي: ماذا حدث؟ منذ لحظات كنت أنال التقدير والاحترام لأني تجرأت أن أضع الإسلام تحت المجهر والآن أنا بطـّال لأني تركت الإسلام إلى الدين الخصم "المسيحية" وليس مثلا إلى الإلحاد أو اللادينية. و رداً على سؤال المسلم/المسلمة: هل تعرف ما حكم المرتد في الإسلام؟ أجيب بشيء من الضيق والدعابة في الوقت نفسه: نعم أعرف، بيعملوه شربة. هذا الشخص الذي يريد أن يخوفني بحكم الردة هو نفس الشخص الذي قال لي من خمس دقائق في أول تعارف: لمّا تحكي عن الإسلام اللي هو ديني.. بحس كلامك عن فكر واعي ناضج وعلى أساس علمي. و سبحان مقلب القلوب! أسوأ شيء هو أن تترك الإسلام للمسيحية في نظر البعض؛ فلو تركته للبوذية لكان أرحم وأهون على مشاعرهم الطائفية التي طالما وضعت المسيحية في إطار تناقلوه من أب ل جد. ثم يأتي سؤال العمر: لماذا ارتديت عن الإسلام؟ فيكون جوابي أني رأيت في الإسلام أشياء بدأت أفطن لها وأستيقظ من سباتي متيقنا بأنه لا يصلح لإقامة مجتمع إنساني. نحن نحتاج لمجتمع يرتقي و يصلح حاله وإله الإسلام بحاجة لمن يغيره و لمن يصلحه. إنه يخلق الملائكة لإشباع ذاته المريضة و ليس لها ذنب إلا أنها مسيرة وليست مخيرة. يقول القرآن في سورة الذاريات 56 : "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ". هنا الملائكة مسيـّرة و ليس لها أن تختار العبادة، و هي مخلوقة لإشباع تضخم الأنا عنده. حقا، إنه إله يحتاج لمن ينقذه من أمراضه النفسية المتعددة والتي أسقطها محمد عليه إسقاطاً نفسيا في ضوء التحليل النفسي الحديث. إنه إله عاجز و خلق البشر للدفاع عنه دفاعا مستميتا قد يصل إلى حد الحرابة و تقطيع الأيدي والأرجل. السبب هو أنهم حاربوا الله ورسوله، والله يرد على الحرب بحرب مثلها ويحدث اشتباك دامي بين الإله والبشر تصفه سورة المائدة وصفا صريحا في الآية 55 : "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتلُوا أَوْ يُصلَبوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ." وابن كثير يقول في تفسيره: وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله "إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّه وَرَسُوله وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْض فَسَادًا" الْآيَة، قَالَ، كَانَ قَوْم مِنْ أَهْل الْكِتَاب بَيْنهمْ وَبَيَّنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد وَمِيثَاق فَنَقَضُوا الْعَهْد وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْض فَخَيَّرَ اللَّه رَسُوله إِنْ شَاءَ أَنْ يَقْتُل وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَقْطَع أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ مِنْ خِلاف رَوَاهُ اِبْن جَرِير. وَرَوَى شُعْبَة عَنْ مَنْصُور عَنْ هِلال بْن حَافِظ عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْحَرُورِيَّة "إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّه وَرَسُوله وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْض فَسَادًا" وهنا أعود وأسأل كل صاحب ضمير حي: هل أنت اخترت الإسلام أم أنك مثلي ولدت فيه وهو موروث ثقافي تأخذه أبا عن جد؟ هل هناك حرية اعتقاد في الإسلام؟ هل يختار الإنسان دينه في الإسلام؟ كمسلم سابق أرى أنه لا حرية فكر في الإسلام وإنما "قبلية فكر"؛ فيفرض المجتمع الرعوي البدوي عاداته وتقاليده على أسس الاعتقاد. وبما أن الخروج على القبيلة هو تمرد و غدر، فهكذا يكون الخروج على الإسلام ورفضه. أيضا الخروج من القبيلة أو الخروج على القبيلة قد يؤدي لتفككها وأيضا الخروج من الإسلام قد يؤدي لتفككه و حدوث ما يسمى باسم "الفتنة" أو ما يسميه الكاتب السوري إبراهيم محمود "الفتنة المقدسة" لارتباط الفتنة بالدين. ولمنع الفتنة التي قد تشتت كيان الدين أو "الله" شخصيا في الإسلام، لابد من قتال المرتد و في الوقت نفسه يتشدقون أنه توجد حرية ولا إكراه في الدين. نعم، لا حرية اعتقاد في الإسلام كما أن إسلام و حرية إنسان لا يلتقيان. الحرية هي أن يفعل الإنسان كل شيء و يتحمل النتائج سلبا أو إيجابا. إن أراد الله سلب حريتي في اختيار المعتقد أو حريتي في الإرادة، فإني يشرفني أن أكفر بهذا الإله.
سؤال أريد أن نجيب عليه بأمانة: هل أنت اخترت أن تكون مسلم؟ هل أنت اخترت أن تكوني مسلمة؟ من اختار الإسلام بمحض إرادته المطلقة و لا يخشى القتل إن تركه؟ لربما هي صرخة من أعماق القلب: دعوني أختـــــار! لا تفرضوا دينا علي و تكبلوني به ثم تقولوا لي لا إكراه في الدين. إن أسوأ شيء في الوجود أن يفقد الإنسان حق الاختيار. ما قيمة الحياة وأنت لا تملك حق اختيار أقدس شيء يمس ضميرك الإنساني؟
قال القرآن "كنتم خير أمة أخرجت للناس" قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان بن ميسرة عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه "كنتم خير أمة أخرجت للناس" قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام وهكذا قال ابن عباس ومجاهد وعطية العوفي وعكرمة وعطاء والربيع بن أنس "كنتم خير أمة أخرجت للناس" يعني خير الناس للناس: والمعنى أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ولهذا قال "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.
ما أبشعها من عبارة قالها أبو هريرة و لكن ما أدقها و هي تذكرنا بالقضاء المكتوب علينا كشباب و شابات مولودين في ربوع الإسلام: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام إنها صرخة الشرفاء والشريفات في زماننا هذا:
دعــــونـي أخــــتار..
دعــــونـي أخــــتار..
دعــــونـي أخــــتار..
دعــــونـي أخــــتار..
دعــــونـي أخــــتار..
#إبراهيم_عرفات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معضلة الحوار الإسلامي المسيحي
المزيد.....
-
لغات على حافة النسيان.. معركة المصريين الأخيرة لإنقاذ السيوي
...
-
تثبيت تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديد 2025 TOYOUR EL JAN
...
-
تركيا ترفض تسليم إسرائيل نقشا -يثبت الوجود اليهودي في القدس-
...
-
فوق السلطة.. وزير فرنسي سابق: الإسلام الدين الأكثر اعتناقا و
...
-
كل ما تريد معرفته عن دورة العاب التضامن الاسلامي واماكن إقام
...
-
ترامب يشتم النائبة المسلمة إلهان عمر ويدعو لعزلها.. فما الأس
...
-
إنتخابات الكنيسة السويدية الأحد - ممارسة ديمقراطية في مؤسسة
...
-
عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي
...
-
عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي
...
-
نيويورك.. يهود يتظاهرون احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعات
...
المزيد.....
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
المزيد.....
|