أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - الطيب آيت حمودة - ثورة المظلوم على الظالم .















المزيد.....

ثورة المظلوم على الظالم .


الطيب آيت حمودة

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 16:03
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


من الثورات التي نالت الحضورة والعناية في الدراسات والأبحاث التاريخية من مؤرخي الاٍسلام ، وغيرهم من المستشرقين ، وكثيرا ما وصفت بأنها ثورة عبيد ، أوثورة جنس على آخر ، أو ثورة عبيد اٍفريقيا ...وهي أخطر الثورات الداخليةالتي عرفها عهد العباسيين لما شكلته من هزة عنيفة أصابت كيان الدولة لفترة زادت عن عقد ونيف من الزمن .
زعيم الثورة :
اٍنه علي بن محمد( بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) وهو من نسل آل البيت اٍدعاء. وهو من ائمة الزيدية حسب رواية ابن خلدون . وكان على رأي الأزارقة من الخوارج ، ويري باحثون محدثون ومنهم أستاذنا طه حسين أنه كان رجلاً ذكي القلب ،بعيد الأمل دقيق الحس ،ضابطاً لأمره ،مالكاً لاٍرادته. وكان يعيش في بغداد وعلي اتصال ببعض عبيد قصر الخلافه, فرأي الفساد عن قرب, ورأي عبادة اللذة والخلل الأخلاقي والاجتماعي فتكرهه نفسه, لكن هل كانت تكرهه لأنها كانت نفس كريمة تحب الخير وتكره الشر وتطمع في العدل وتؤثر المعروف؟ أم كانت نفساً طموحا تريد أن تشارك في نعيم الأحرار؟ ويذكره الطبري في تاريخه باسم الفاسق ، والخبيث والمارق الخائن ، وتنقل في بداية حياته بين مناطق مختلفة في بغداد وسامراء والري والبحرين ، ومارس في سامراء تعليم الخط والنحو والنجوم ، وقام باتصالات بالبعض من حاشية الخليفة المنتصر ، فكان يمدحهم ويستميحهم بشعره (1). وعندما قتل المنتصر عام (248هـ-862م) انضم علي بن محمد إلى المعتقلين الذين زج بهم في السجن ، وعندما أطلق سراحه غادر سامراء إلى مدينة هجر أهم مدن البحرين ، وهناك أعلن ثورته وادعى النبوة وأنه يعلم الغيب ، واستقطب عددًا من المؤيدين له ، وأصاب نجاحًا مرموقًا "وأحله أهل البحرين من أنفسهم محل نبي حتى جبى له الخراج ونفذ حكمه بينهم وقاتلوا أسباب السلطان بسببه" (2)
لماذا الثورة ؟
الزنج هو المصطلح العربي الذي يشير اٍلى عبيد الأمبراطورية الاٍسلامية السود ،الذين تم جلبهم من سواحل افريقيا الشرقية الأقرب لبلاد العرب مثل زنجبار وتنجانيقا ،وكانت أسواق النخاسة تعج بهم في ذلك الزمان، حيث كانت ظاهرة بيع الٍانسان قائمة ومشروعة ، ويؤلف العبيد الألوف المؤلفة الذين يسخرون من طرف أسيادهم للعمل في الشغل الدنيء كتطهير الأنهار ،وكسح المجاري والعمل المتعدد لفائدة الأسياد ، وثورة الزنج في حقيقتها لم تكن ثورة جنس على آخر بقدر ماكانت ثورة حق على باطل ، شارك فيها البيضان والسودان على حد سواء ، حسب ما أورده الاٍمام الطبري في تاريخ الأمم والملوك.

الثورة ومراحلها:
/ دامت الثورة أربع عشرة سنة وأربعة أشهر ، (255هجرية اٍلى 270 هجرية ) ومرت بثلاث مراحل أساسية :
أ) مرحلة التحضير :
شرع علي بن محمد في دراسة أحوال سكان منطقة جنوبي العراق لضمهم إلى حركته . فالتفت حوله جموع غفيرة من سكان المنطقة وعلى رأسهم الزنج الذين كانوا يعملون بالسباخ وإزالة الطبقة المحلية منها بعد أن "مناهم ووعدهم أن يقودهم ويرأسهم ويملكهم العبيد والأموال وحلف لهم الإيمان الغلاظ ألا يغدر بهم وألا يخذلهم أو يدع لهم شيئا من الإحسان إلا أتى إليهم .
ب) مرحلة القوة والتوسع :
استطاع صاحب الزنج فيما بين عــــامي ( 255هـ ـ 261هـ / 869 ـ 874 م ) أن يسيطر على البصرة وما حولها ثم أمتد نفوذه إلى الأهواز وعبدان والأبله وواسط .

ج) مرحلة الاٍنحسار والانكسار .
أما الفترة مابين عامي ( 261هـ ـ 270هـ / 874 ـ 883 م ) ـ أي حتى نهاية الثورة فقد تسلم فيها الموفق أخو الخليفة المعتمد قيادة الجيوش العباسية وهي فترة كان أغلبها لصالح الخلافة ، وقد أبدى الوفق بطولات مجيدة في حروبه مع صاحب الزنج حيث دارت معارك عنيفة انتهت باحتلال ( المختارة ) عاصمة على بن محمد وقتله سنة ( 270هـ / 883 م ) .
لماذا فشلت ثورة الزنج ؟:
فشلت ثورة الزنج للدور السلبي الذي أبداه مشايخ الاٍسلام وفقهائهم تجاه الثورة ، ووصفوها بالمروق والتكفير والتحقير ، بالرغم من خصوصيتها الاٍسلامية قولا وفعلا ، فهي قد مارست
شريعة العين بالعين والسن بالسن ، وكانوا يجلدون خصومهم طبقا للشريعة ، وبها تم ركوب حرائر العرب باعتبارهن سبايا حرب . وما لم يفهمه الثوار أن ما كان جائزا على أسيادهم العرب لا يجوز لهم ، لهذا اجتمع رأي العرب على استنكار اغتصاب النساء العربيات الماجدات من قبل العلوج ، فقدم مسلموا الأمبراطورية العون المادي والعسكري للخلافة العباسية للقضاء على هذه الفتنة المروعة.

عندما يتحول الظالم اٍلى مظلوم والمظلوم اٍلى ظالم :
تعد ثورة الزنج ثورة رائدة في تجسيد الانقلاب بين الظالم والمظلوم ، بحيث أن قيم الظلم المسلطة على العبيد كانت صناعة عربية ، فرفض العبيد الخنوع ، وانظموا اٍلى ثورة صاحب الزنج ( الخبيث حسب تعبير الطبري) وشكلوا جيشا عرمرما من المنبوذين والمقهورين والآبقين من سادتهم ، وتمكن علي بن محمد من قيادتهم ، وتجمعوا حوله كما يتجمع النحل حول الشهدة ، وأعلنوا الثورة على الخلافة العباسية واختاروا راية خضراء ، كتب عليها الآيات: " إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون" (3)
لقد جعل الحرب في سبيل الحرية, حرباً من المؤمنين ضد المشركين, كما هو موضوع الآيات, لقد جعل حربه حقاً يقف الله بجانبه ضد الخلافة ونظامها كله ،أصبحت هي الباطل.
واستولوا على حيز واسع من الأراضي التي دانت لهم ، ونهبوا وقتلوا وأخضعوا من كان سادة لهم سابقا للسبي ، ويرد ابن خلدون أن بعضا من سادة الموالي قدموا على صاحب الزنج لاسترداد عبيدهم ، فما كان منه سوى أن أمر كل عبد بضرب مولاه ،وحبسهم ثم أطلق سراحهم(4). وكان صندل * يكشف وجوه الحرائر ويقلبهن تقليب الاٍماء، فاٍن امتنعت منهن اٍمرأة ضرب وجهها ودفعها اٍلى بعض علوج الزنج يبيعها بأوكس الثمن (5).
من خلال ما تقدم يتضح أن ثورة علي بن محمد المعروف بصاحب الزنج ثورة تحرر ، وثورة اٍفهام الأسياد بحقوق العبيد باعتبارهم مسلمين مؤمنين لافرق بينهم وبين باقي أهل الملة ، ولاٍفهامهم ذلك يجب أن ينقلب الوضع ، ليتحول العبد سيدا ، والسيد عبدا ، ويخضع الأسياد لاٍرادة العبيد ، قتلا وسجنا وسبيا واستعبادا ، وتطبق تعاليم الاٍسلام عليهم كما طبقت سابقا على العبيد ، ليذوقوا مرارة الفعل . وبذلك تحولت القوة اٍلى وهن ، والجبروت اٍلى اٍذلال ، والجلاد اٍلى ضحية ، وغير الحق موقعه من الأسياد اٍلى العبيد . وأصبح شعار كما تدين تدان مجسدا في دنيا الواقع على يد أتباع صاحب الزنج الذي كان يطبق شريعة الاسلام بالتمام ، وهو مسلم حريص على تطبيق أوامر العالمين ، فقد جلدهم بالشرع كما كانوا يجلدون الناس, وطبق شريعة العين بالعين، والسن بالسن, وركب هو ورجاله نساء السادة العرب المهزومين , وأسروا أطفالهم ونهبوا أموالهم, فأين الكفر فيما فعل صاحب الزنج؟ اٍن الكفر الواضح أنه لم يفهم أن تلك قوانين مقدسة يطبقها العرب علي غير العرب فقط, هي قوانين تستثني واضعي القانون من القانون.

هل استفاد العرب المسلمين من ثورة الزنج ؟
بانتهاء ثورة الزنج عاد العرب اٍلى سابق عهدهم ، وعاد الزنوج اٍلى سابق عبوديتهم لأنهم لم يكونوا مؤهلين لاستبدال ثقافة العبودية بثقافة الحرية ، الثقافة التي تجعل الجميع سواسية كأسنان المشط ،لأن الركائز والأسس فهمت خطأ ، وتعمق الفهم الخاطيء وتجذر على يد الفقهاء الذين رسخوا قيم العبودية وجعلوها حقا للأسياد على حساب العبيد ، فاختفت بذلك معالم القرآن ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في ألأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) سورة القصص 5 ،أو ( ولا تضربوا الناس فتذلوهم، ولا تحرموهم فتكفروهم ، مذكم تعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ..؟( ( عمر بن الخطاب رضي الله عنه(
وانتقلت المبادرة للغرب في أمر تحرير العبيد وعتقهم بقوة القانون ، وتخلف العرب المسلمون في أمر تطبيقه لأنه لم يكن في أجندتهم ولا في نيتهم ، رغم تجريمه من طرف كل الهيئات الحقوقية العالمية ، وفرض على مملكة السعودية الوهابية منعه قسرا عام 1966، بعد أن منع نهائيا في مصر اتفاقا مع بريطانيا في عهد الخديوي عام 1877 ، وبالرغم من آليا ت المنع اٍلا أن ظواهره لا زالت قائمة في دول الخليج بنوع من التأقلم والتطويع ، وتشير تقارير عالمية أن عرب اليوم يحتلون الصدارة في تجارة البشر ، وهضم حقوق العمال ، والاٍساءة لهم ، وهي اتهامات صحيحة وموثقة ، ومن أبرز ملامحها ثورة الجياع البنغاليين في الكويت ، وقضية البدون الذين لازالوا بلاجنسية فيها، مطالب وتظاهرات أخرى في البحرين ودبي وأبو ظبي ، مع تطبيق سياسة الكفيل المجحفة في حق القادمين اٍليها ، كل ذلك جعل العالم ينظر الى العرب والاٍسلام نظرة ازدراء وتوجس وخوف ، وهو ما ولد فوبيا(العربواٍسلامي ).


الهوامش/
الطبري ، تاريخ الأمم والملوك ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ( بيروت : دار سويدان 1967 ) جـ 3 ، ص 1743 ، مؤلف مجهول ، العيون والحدائق في أخبار الحقائق ، تحقيق نبيلة عبدالمنعم داود ( النجف : مطبعة النعمان 1972 ) جـ 4 ، ص 47 ـ 48 ، ابن ابى الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ( بيروت : دار الأندلس د.ت . ) مجلد 2 ، ص 311 .
(2) الطبري ، تاريخ الأمم والملوك ، جـ 3 ، ص 1744
(3).ابن خلدون / العبر ، ج3 ص 409 .
(4) ابن خلدون / العبر ، ج3 ص 410 .
(5) (1) الطبري ، تاريخ الأمم والملوك ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ( بيروت : دار سويدان 1967 ) جـ 3 ، ص 1743 ، مؤلف مجهول
* صندل / قائد من قادة صاحب الزنج علي بن محمد.






#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الصحابة معصومون من الزلل؟
- لبنى والبنطال
- الاباضيون في الجزائر.. أمازيغ أقحاح يا سادة!
- الحضارة ...عربية ؟ أم اٍسلامية ؟
- المسلم / بين نشيد شالكة ، ودموع السبايا .
- هوية الاٍنسان أم هوية اللسان ؟ (3)
- هوية الجزائر/ لغة أم لغات ..؟( ج3)
- هويةالجزائر/ انتماءات وليس انتماء.
- لماذا يكره بعض العرب ابن خلدون .؟
- التاريخ بعيون أمازيغية .
- الوجه المظلم في تاريخ بني أمية .
- قراءة لفعاليات المؤتمر العربي الأول(1913)


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - الطيب آيت حمودة - ثورة المظلوم على الظالم .