أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رباح آل جعفر - مصطفى محمود .. المفترى عليه














المزيد.....

مصطفى محمود .. المفترى عليه


رباح آل جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 2759 - 2009 / 9 / 4 - 00:46
المحور: الادب والفن
    


عندما قابلت الدكتور مصطفى محمود في منزله في الجيزة بمصر سنة 2002 ، كانت الألسن تلوك كثيراً في سيرته ، وكان الأزهر متفجراً غضباً على كتابه ( الشفاعة ) ، وكان ظهور الكتاب فرصة سنحت لتصفية كل الحسابات الأزهرية مرة واحدة ، وقال لي المفكر الكبير مصطفى محمود : إن عدداً منهم ضربني بالخناجر ، أو أغمض عينيه والدماء تسيل من قلبي !.
ثم أضاف : إنها ليست العاصفة الأولى التي تواجهني بطواحين الهواء ، كأنّ صواعق السماء كلّها انقضّت على رأسي ، فذات يوم نشرت في مجلة ( صباح الخير ) مقالاً عن الزعيم الألماني هتلر ، وكانت النتيجة إنني مُنعتُ من الكتابة مدة طويلة ، وهاجمتني نفس الأقلام التي تهاجمني هذه الأيام ، وان اختلفت ألوان الحبر !.
وسألني بابتسامة فيها كثير من التردّد والحياء ، إذا كنت قرأت الكتاب ؟، وقلت : إنني قرأته ، وأول ما قرأته ذكّرني بكتاب الشيخ علي عبد الرازق: ( الإسلام وأصول الحكم ) ، وكتاب الدكتور طه حسين : ( الشعر الجاهلي ) .. وهناك كثيرون لم يروا ، ولم يقرأوا ، ولم يفهموا .. لكنهم أرادوها أن تكون ( دون كيشوتية ) جديدة بعد قرون من اليوم الذي كتب فيه ذلك الأديب الإسباني الخالد ( سيرفانتيس ) رائعته الباقية مع الزمن ، بدليل أن عدداً من علماء الأزهر تصدّوا لكتابك بأكثر من ( 12 ) كتاباً ، بعضها من كلمات ، وبعضها من سكاكين ، وبعضها الآخر لا علاقة لها بقواعد الحلال والحرام !.
وقال لي الدكتور مصطفى محمود : أنا أشعر بالدهشة ، فأنا أعلم تماماً ماذا أكتب ؟ وماذا أقول ؟ وأعلم يقيناً إنني لم أنكر الشفاعة ، ولم أنكر السنّة في أي صفحة من كتابي ، لكني قلت : إن الشفاعة مشروطة ، وليست نهباً لأي طامع .
وسارعت أحدّثه عن عدد من علماء الأزهر الذين التقيتهم في القاهرة قبل أن ألتقيه بيومين ، وقولهم لي : إن مصطفى غير متخصص في الدين ، وكان مصطفى متيقّظاً لم يترك للشامتين من الأزهريين ، ولا لأصدقائهم فرصة ، فما لبث أن ردَّ ، وقال : نعم !. هم قالوا إنني لست متخصصاً في الدين لأنني طبيب أمراض صدرية ، وغير مسموح لي أن أتكلم في الدين ، وبدوري أتساءل : هل نزل القرآن الكريم للمتخصصين .. وهل نزل للأزهر ورجاله ؟!.
كانت تلك بداية حوار دار بيني وبين الطبيب ، والصحفي ، والمفكر الكبير ، الدكتور مصطفى محمود على امتداد ساعات .. بدأنا حديثنا عن كتابه ( الشفاعة ) ومعاركه الفكرية وسط دنيا هائجة مائجة ، وتشعّب بنا الحديث فطاف بمواضيع شتّى : عن رحلته من الشك إلى الإيمان ، وعن بداياته الأدبية والصحفية حين كتب مجموعة قصص وذهب بها إلى الأستاذ عباس محمود العقاد ونشرها في مجلة ( الرسالة ) .. ثمّ وصلنا إلى ( خلوته مع الله ) .. جلست أمامه وكانت الشمس على وشك أن تتوسط السماء ، وانتبهت إلى نفسي فإذا الشمس تكاد تنحدر في اتجاه الغروب .
أذكر أني حين ذهبت إلى مصطفى محمود كان قد تشافى من وعكة صحيّة ألمّت به ، وعلى الرغم من مرضه الذي احمرّت له عيناه ، وشفتاه ، ووجنتاه ، وانفه أيضا ، فإنه لم ينقطع عن الكتابة والقراءة ، وفي كثير من الأحيان كان يقرأ الكتابين والثلاثة في وقت واحد ، وعندما وجدني أرى على وجهه بقايا من شحوب المرض ، ضحك قائلاً : هل تعرف ما الذي قاله فيكتور هيجو عندما كان مريضاً ، ونظر إلى نفسه في المرآة ؟ .. قال : الذي لا يعرفني يخيّل إليه أنني رجل حاقد على فيكتور هيجو !!.
قلت للدكتور محمود : لا النوم يطيل العمر ، ولا السهر يقصفه .. وتذكرت شعراً لعمر الخيام ، يقول : ( فما أطال النوم عمراً ... ولا قصّر في الأعمار طول السهر ) ، وسألته : كم عمرك ؟، قال : ثمانون عاماً ، فأنا ولدت في شبين الكوم بالمنوفية يوم 27/2/1921، وكان يبدو لي أصغر من عمره بثلاثين !.
وأريد أن أقول: أني وجدت مصطفى محمود مختلفاً عن الآخرين في شئ جوهري جداً، إنه يقنعك ولا يحاول أن يعلّمك، وليس المهم ان يتعلّم الناس، ولكن أن تكون لهم طبائع متشابهة، وهو رجل بسيط في مظهره، وليس في حاجة إلى أن يشرح لك طيبة قلبه، وصفاء نفسه، وإيمانه بالله تعالى، ومحبته لوالديه، فكل ذلك واضح، ولكي تعرف مقدار برّه بوالديه، يجب أن تسأل عن مسجد محمود، الذي بناه مصطفى تخليداً لذكرى والده وصدقة جارية، ثمّ ألحق بالمسجد مركزاً طبياً للفقراء والمحتاجين يديره ولده (ادهم)، إضافة إلى مركزين طبيين آخرين، هما: مركز الكوثر ومركز الاعلام.
ولقد دعاني الدكتور مصطفى محمود أن نصلّي صلاة المغرب في هذا المسجد ، الذي يلاصق منزله ، وتتكدّس أمامه الورود ، وأغصان الشجر .. ومشى ومشيت بجانبه ، ودخل المسجد ودخلت وراءه ، وسألني ببساطة شديدة وقد تحوّل من مفكر عظيم إلى مجرّد مضيّف كريم ، إذا كنت أريد أن أذهب إلى الوضوء .. وذهبت وتوضأت ، وأخرج مصطفى طاقية بيضاء من جيبه ووضعها في رأسه ، وصلّى بنا إماماً وصلّينا خلفه جماعة ثلاث ركعات في خشوع .
وعدنا إلى المنزل ، ووجدت المفكر الكبير يتجه فجأة نحو مكتبه ثمّ يعود ممسكاً في يده بمجموعة من الكتب ، ويقول : هذه بعض مؤلفاتي لك ، كلّ ما أريده منك أن تعيد قراءة كتابي ( الشفاعة ) وتتأمله بعمق .. وفي الفندق الذي كنت أسكنه تأملت ( الشفاعة ) بعمق وقرأته بفهم ، فوجدت أن مصطفى محمود لم يفقد عقله كما ادعى خصومه ، إنّما أولئك الذين يؤيدون نيتشة في معاداة سقراط وكل منطق المناطقة في كل العصور ، هم الذين فقدوا عقولهم !.




#رباح_آل_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الغني الملاح يستردّ للمتنبي أباه !..
- مدني صالح يدفن زمان الوصل في هيت
- ( صانع ) بلند وحسين مردان .. صفاء الحيدري لا عذاب يشبه عذابه
- أبو جهل يتوحم على دمائنا
- عندما تغضب الكلمات
- علي الوردي وأنا في حوار من الأعظمية إلى الكاظمية
- عبد الوهاب البياتي .. الأول في روما


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رباح آل جعفر - مصطفى محمود .. المفترى عليه