أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - راندا شوقى الحمامصى - تطوّر أشكال الحكومة بالعالم – الديمقراطيّة ثم ماذا بعد ؟ -(1)















المزيد.....

تطوّر أشكال الحكومة بالعالم – الديمقراطيّة ثم ماذا بعد ؟ -(1)


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2758 - 2009 / 9 / 3 - 14:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لننظر الآن في موضوع الحكومة وأشكالها بالعالم ومراحل تطورها منذ القرن التّاسع عشر.
الأشكال القياسيّة العلمانيّة للحكومة التي حدّدها أرسطو، هي الأوتوقراطية والأرستقراطيّة والديمقراطيّة. وبقصد التذكير فقط للتعريف بهذه الأشكال الثلاثة، وباختصار، فإنّ "الأوتوقراطيّة" هي حكومة الشخص الواحد أو الهيئة الواحدة، ذات قرار مطلق غير خاضع لسلطة آخرين أو مراقبتهم ؛ و"الأرستقراطية" هي حكومة من القلائل المختارين، يتصرفون بصورة مستقلّة عن تفكير الشعب وآرائه، وذلك استناداً إلى امتيازات خاصة استثنائيّة يتمتعون بها ؛ و"الديمقراطيّة" هي حكومة يختارها الشعب من الشعب وإلى الشعب. هكذا يتضّح أن مركز السلطة ينتقل على مدى الأشكال الثلاثة للحكومة من الكيان الفردي أو الواحد، إلى القلائل المختارين، وأخيراً إلى الشعب.
وبالرجوع إلى القرن التّاسع عشر، وفي إطار هذه الأشكال الثلاثة للحكومة، نجد أنّ الأوتوقراطيّة والأرستقراطيّة كانتا السّائدتين في العالم، بما في ذلك في البلدان الدّينية المنهج مثل تركيا.
بدأ ممارسة الديمقراطيّة، وهي كلمة إغريقيّة، منذ قديم الزمان، أي من حوالي القرن السادس قبل الميلاد، أوّلاً في بلدان الإغريق واستمر العمل بها حتى في فتوحات إسكندر الأكبر، متّخذة في كل عصر صور مختلفة في تطبيق المبدأ، ألا وهو إشراك الشعب بطريقة ما في أخذ القرار. كان "الشعب" في البداية جزءا مختارا من المواطنين، مثل أهل المدينة الأصليين أو جنس معيّن أو طبقة معيّنة. المواطنة كما نعرفها اليوم لم يبدأ العمل بها إلاّ في القرن التّاسع عشر.
تبلورت الديمقراطيّة إلى صيغتها الحديثة بداية من القرن التّاسع عشر وبالذات بعد الثورة الفرنسيّة، وذلك عندما بدأ العمل بالأحزاب السّياسية في أوربا والتّنافس بينها للحصول على أصوات النّاخبين. وبادرت أستراليا خلال العقد السادس من القرن التّاسع عشر بفرض السريّة على التصويت. وفي 1870 أدخلت الولايات المتحدة تعديلاً على الدستور برفع التمييز في الانتخاب، وفي 1893 بادرت نيوزيلاندا بتعميم حق الانتخاب على النساء بعد أن فرض تعميمه على الرجال في 1879.
بذلك يمكننا القول أن الديمقراطيّة الموجودة اليوم نمت من بذورها التي زرعت في القرن التّاسع عشر.
إنّ الحرب العالميّة الأولى التي جرت في العقد الثاني من القرن العشرين أفضت إلى نصر للديمقراطيّة حيث احتفظت فرنسا بالديمقراطيّة، وانسحبت الديمقراطيّة على ألمانيا، وشهدت روسيا بعض الأشهر من الديمقراطيّة تحت الكسندر كار نسكي (Alexander Kerenski)، ثم فقدتها بعد وقوعها في أيدي لينين.
في أواخر العقد الثّالث وأوائل العقد الرّابع اجتاح العالم فترة كساد اقتصادي رهيب وبطالة مفجعة، عرفت باسم (The Great Depression). وأدّى هذا الوضع إلى تراجع في الديمقراطيّة وقيام العديد من الدكتاتوريّات في أوربا وأمريكا اللاتينية.
ثم جاءت الحرب العالميّة الثانية 1939 إلى 1945، بالنصر للديمقراطيّة في أوربا الغربيّة عدا جنوبها حيث بقيت إسبانيا والبرتغال تحت براثن الديكتاتوريّة، ودون وسطها وشرقها حيث استقرت أنظمة شيوعيّة. أمّا اليابان فكانت تمارس الديمقراطيّة منذ العشرينات، باستثناء فترة بدأت قبل الحرب العالميّة الثانية بقليل وخلال الحرب نفسها، حيث كان يحكمها قادة القوّات المسلّحة. ثمّ نشأت بدورها الهند كجمهوريّة ديمقراطيّة.
في العشرالأخيرة من القرن العشرين تبدّلت السياسات في أجزاء كبيرة من العالم، وأخذت الديمقراطيّة، بمؤازرة الرأسماليّة للسوق الحرّة المعروفة جملة بالعولمة، تزحف على تلك البلدان التي طرأ عليها التبديل، لتصبح الديمقراطيّة اليوم وفي بداية القرن الواحد والعشرين، النغمة التي يتغنى بها قادة جميع البلدان، بصرف النظر عن الفوارق الموجودة في تطبيقها. فالديمقراطيّة المعروفة بالديمقراطيّة الليبرالية أو الديمقراطيّة الدّستوريّة كما تطبق بالولايات المتحدة وبلدان غرب أوربا، هي السائدة اليوم، ويسعى مؤيدوها وعلى رأسهم الولايات المتّحدة لتعميمها على البلدان النّامية كبيرها وصغيرها على حدّ سواء، على أساس أنّه أعدل نظام سياسي وأحسنهم احتراماً لحقوق الإنسان.
والاستعراض المختصر لتاريخ الديمقراطيّة المذكور في السطور السابقة لم يأت وروده بقصد سرد للتاريخ بالذات، خاصة وأنّه معروف، ولكن لتبيين ذلك التطوّر في أشكال الحكم الذي يبدو أنّه بدأ في القرن التّاسع عشر تحت تأثير قوّة ذاتيّة لإزالة تعدّد الأشكال ليحل محلّها شكل أساسي واحد يصبح بدوره النظام المطبّق في جميع دول العالم. فالفكرة التي بدأت منذ أكثر من ستة وعشرين قرناً مضى، وفي مكان محدود من العالم، عالم الإغريق، وطبقت في بدايتها في مجالات مدن كبيرة بمقاييس ذلك الوقت وصغيرة بمقاييس عصرنا، أصبحت اليوم بعد مسيرة 2600 عام، وبعد تطوّرها ومرورها بدورات لا تحصى من الرقيّ والتدهور، النظام المرغوب من كل أهل العالم. إلاّ أن المهم ملاحظته هو أن الديمقراطيّة لم تأخذ صيغة عالميّة إلاّ في القرن التّاسع عشر، لأن قبل ذلك لم يكن حق الانتخاب عاماً، بل كان التميّيز على أسس مختلفة منها المستوى الثقافي، أو المستوى الاجتماعي، أو اعتبارا للجنس أو العرق أو المعتقد.
الديمقراطيّة التّنافسية
تقوم الديمقراطيّة المطبقة بالغرب اليوم على أساس أن الحكم الديمقراطيّة يتطلّب بالضرورة "تنافس" أحزاب مختلفة للحصول على قوة سياسيّة. عملية "التّنافس السّياسي" هذه موجودة أيضا عند غياب الأحزاب كما هو الحال في الدوائر الانتخابيّة المحلية حيث يتنافس مرشحون مستقلّون. لذلك يمكن تسمية الديمقراطيّة الحاليّة ب "الديمقراطيّة التّنافسيّة". على أي حال يبقى التّنافس هو الأساس للديمقراطيّة، وهذا الأساس "التّنافسي" بالذات هو الغير ملائم والغير عادل والغير محتمل.
من الأمور المتّفق عليها هو أن الديمقراطيّة التّنافسيّة تعتبر إنجازاً تاريخيّاً متميّزاً. إنّه النظام الذي خلع الأنظمة التي ينقصها العدل والإنسانيّة من أرستقراطيّة وفاشيّة وكهنوتيّة وثيوقراطيّة، وأخذ مكانها. ولكن ما كان ملائماً في بدايته للمطالب الاجتماعيّة والبيئيّة حينذاك، أصبح الآن في حاجة إلى مراجعة كليّة.
بدأت نظريّة التّنافس السّياسي مع الثورة الصناعيّة عندما كانت جموع الأهالي صغيرة وبعيدة عن بعضها. الديمقراطيّة التّنافسيّة سبقت الكهرباء، والمحركات الميكانيكية، والطيارات، والإذاعات السمعيّة والبصريّة، والإعلاميّة، والكمبيوتر، والشبكة العالميّة للاتصال، وأسلحة الدّمار الشامل، وسياسة الاستهلاك، والأسواق العالميّة الحرّة للرأس مالية. كلّ هذه المستجدّات بدّلت أحوال الإنسانيّة بصورة جذريّة.
من الواضح أنّ النظام الديمقراطي ذا الحزبين الرئيسيين يكون أكثر نجاعة من النظام ذي الأحزاب الكثيرة. ومع ذلك فالمشاهد يرى أن هناك سلبيات في نمط الخطاب السّياسي الذي تشوبه المشادّات الكلاميّة، حتّى مع نظام الحزبين فقط. هذا الانحطاط للخطاب السّياسي يؤدي بالضرورة إلى انتشار لروح الصراع، فكل حزب يريد "قتل" الحزب الآخر سياسيّاً، ويفقد النظام في خضم هذا الصراع منافع التفاعل البنّاء بين الحزبين أو بين الأحزاب. وسرعان ما تنتهي الأمور إلى طريق مسدود، وينتشر الفساد وتنهار القواعد غير المدوّنة للياقة، والتعاون، والتفاهم.
المشكل الكبير الذي يواجه الديمقراطيّة هو أن انتهاء الأمور إلى طريق مسدود، وانتشار الفساد وانهيار القواعد غير المدوّنة للياقة، والتعاون، والتفاهم هذا، وهي عيوب تفاقمت في النظام الديمقراطي مع مرور الأيام، وليست عيوب النظام الحزبي ولكنها التطوّر الطبيعي الناتج عن الافتراض أن حبّ الذات وحبّ التّنافس من طبيعة البشر، والافتراض بأنّه لابد أن ينمو لدى مجموعات مختلفة من الناس مصالح واحتياجات وقيم مختلفة، وأنّه لابدّ لهذه المصالح أن تتنازع، والافتراض أن أفضل وأحسن طريقة لتسوس المجتمع مع ما لدى الأفراد من حبّ الذات والمجموعات ذات المصلحة المشتركة من تصارع فيما بينها، هو توظيف ديناميكيّة للتنافس المفتوح بين تلك المجموعات المختلفة.
من هنا يبدأ السّعي للفوز في الانتخابات، وللحصول على هذا الفوز، وتنزلق الأمور إلى سوق المزايدات بما في ذلك استعمال المال وما يترتب عنه من فساد إضافي. وإذا أخذنا عمليّة النّقاش حول إدارة شؤون المجتمع نرى أن التّنافس، وهو أسّ أساس النظام الديمقراطي، يبذّل النقاش من المصلحة العامّة إلى محاولة اكتساب الرصيد السّياسي للأحزاب أو للمجموعات ذات المصالح المشتركة الموجودة في الساحة السّياسية. ويزداد التصارع والتسارع لاكتساب الأرصدة السّياسية مع اقتراب موعد الانتخابات المواليّة. وقد يرغب حزب فعلاً في تحقيق برنامج في ظلّ مبادئ سياسيّة مثاليّة، ولكنه إن لم يتّبع إستراتيجية بمنهجيّة تهدف إلى الفوز في الانتخابات، فإنّ مآله يكون لا شيء. لهذا تتبدّل الأحزاب لتصبح أوّلاً وقبل كلّ اعتبار فيالق "قتال" لكسب الانتخابات.
والتّنافس بين المجموعات ذات المصالح المشتركة ليس بالضرورة في صالح تحقيق العدالة الاجتماعيّة أو استقرار البيئة. على عكس ذلك، لأنّ سجل الديمقراطيّة التّنافسيّة واضح. إنّه سجل ارتفاعاً في الفارق بين الفقر والغنى، وسجل أيضاً تدهوراً متزايداً للبيئة. لذلك لابد من أخذ مضاعفات الديمقراطيّة التّنافسيّة في الاعتبار، فهي مضاعفات تتعدى بمجرّد أن "تنتهي الأمور إلى طريق مسدود، وينتشر الفساد وتنهار القواعد غير المدوّنة للياقة، والتعاون، والتفاهم". (بقلم روشن مصطفى)




#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدة الطريق إلى السلام
- مشكلة الأرهاب وعلاجها
- تحرِّي الحقيقة وترك التقاليد
- لن يصل العالم إلى مستوايات النضج بدون القوة الخلاّقة للدين ا ...
- التأليف بين قلوب البشر و الترفُّع على النزعة السلطوية و الأن ...
- بناء مدنيّة دائمة التقدم
- يكفي قرن ونصف من الاضطهاد والسكوت!
- أنّ المعايير الاقتصادية والماديّة الّتي توجِّه بشكل رئيسي نش ...
- العلم والدين والإنسان
- (هناك نفوس موفّقة للأعمال الخيرية ومُحبة الخير للعموم ومكارم ...
- أين الله -حوار مابين مؤمن وملحد
- أحد روّاد النّهضة العربيّة في مصر يُعرّف عبد البهاء والبهائي ...
- وحدانيةُ الله من المنظور البهائي
- نداء إلى أهل العالم من صغيره إلى كبيره
- الأدب والدين
- نحو مجتمعات متآزرة في عالم عناصره متفاعلة متحدة
- ماهو الدين ؟؟؟؟
- ما هو الدين؟؟؟؟؟
- فليسقط الخلاف ولنُبعد الاختلاف-فلا خلاف ولا اختلاف
- الوصيّة في البهائية وأهميتها-الجزء الثالث والأخير-(3)


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - راندا شوقى الحمامصى - تطوّر أشكال الحكومة بالعالم – الديمقراطيّة ثم ماذا بعد ؟ -(1)