أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - قراءة في ( تخاريف خريف ) ل ( مؤمن المحمدي )















المزيد.....

قراءة في ( تخاريف خريف ) ل ( مؤمن المحمدي )


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 2754 - 2009 / 8 / 30 - 08:46
المحور: الادب والفن
    


بداية من إهداء الكتاب الذي وجهه ( مؤمن المحمدي ) إلى نفسه باعتباره ( لا شريك لي .. للأسف ) سنعرف أننا أمام شعر لا يراهن على أحد أو شيء .. كتابة واعية بغياب اليقين النهائي الحاسم أو المعرفة الجازمة التي ينتهي عندها القلق ويبدأ الأمان الكامل .. أن يهدي الشاعر ديوانه إليه لكونه لا شريك له ومتأسفا على هذا فالأمر يفترض إذن أن الشاعر لا يراهن أيضا على ذاته باعتبارها ذاتً عارفة تمتلك الحكمة ومن ثم قادرة على إعادة تشكيل العالم وفقا لمشيئتها وإلا ماكان هناك مبرر للأسف ولكن الإهداء إلى ذات الشاعر هو رهان على استيعاب الكيان المنتهك لكونه منتهكا بالفعل ولكونه لا يستطيع أن يضع حدا لذلك أو حتى أن يفهم أي معنى يكمن وراء هذا الانتهاك .

( هتعمل إيه بكرة
أو كنت فين السبت عشرة الصبح
تتشال على كتاف المظاهرة
ولا ف النعش الخشب
خسر الحصان السبق
ولا السبق خسر الحصان
ما عادتش فارقة
في الحقيقة
ماعادتش فارقة )

عند غياب اليقين يتساوى كل شيء ويغيب التميز والاختلاف وتضيع الجدوى .. لا يوجد طريق ثابت يقودك إلى حقيقة صحيحة مؤكدة بل تتشابه جميع الأشياء التي لم تعد سوى أوهام فاشلة لا يوجد مبرر لإعطاءها أهمية ما أو تقدير استثنائي : المستقبل .. الماضي .. الوطن .. الموت .. خسارتك للحياة كأنك لا تستحقها .. خسارة الحياة لك كأنها هي التي لا تستحقك .

( السبت 30 أيلول 95
عشرة صباحا

ع الشاشة : عرفات ورابين
بيبوسوا بعض
في الهامش: أنا وانتي في الجامعة
بنودع بعض
يبقى
لما لما دخلت القهوة
أطلب شاي بحليب
بصيت ف مراية كانت مشروخة
مش صدفة )

ماذا يعني أنه لم يعد هناك فرق بين الأشياء ؟ .. لماذا تعتبر جميع الأشياء متساوية للدرجة التي نشعر معها أن الحرص على أي قيمة لا ضرورة له ؟ .. يمكننا أن نقترح العبث كإجابة محتملة على أساس أنه لا يوجد منطق عادل يحرّك العالم .. العالم الذي يحكم البشر بمتناقضاته الغادرة فيجعل من جريمة سياسية وأخلاقية حدثا كبيرا وهاما يمرر عبر التليفزيون لكل الدنيا بينما في نفس اللحظة هناك حبيبان يفترقان دون أن يشعر بهما أحد باعتبار أن هذا الفراق لا يعد حدثا كبيرا وهاما .. العبث الذي يسمح بأن يتزامن تبادل اثنين لقبلات ما كان يجب أبدا أن يتبادلاها مع افتراق حبيبين ما كان يجب أبدا أن يفترقا .. الذات هنا لا تستوعب هذا العبث كطبيعة وجود فحسب بل ترصد أيضا كيفية اتساق جميع الأشياء وانسجامها في نطاق هذا العبث .. كأن ثمة برمجة واحدة خفية توظف هذه الأشياء كلها وتجعلها متفقة ومتجانسة فيما بينها لتحقيق الخراب .. إذن ليست هناك أي صدفة في المسألة وانتباه الذات على شرخ المرآة هو احتواء تلقائي لكافة التفاصيل المشوهة التي تم تتبعها ذهنيا وشعوريا والتي تحمل الروح العمياء اللاعاقلة للفوضى .. المرآة المشروخة تم إلتقاطها بتحريض من الإدراك الباطني الذي شكلّته تجارب وخبرات الذات نتيجة علاقتها بمهازل غير مصدقة لواقع فاسد .. حققت المرآة المشروخة انتماءها لهذا الواقع بأن صارت عاكسة لوحشيته التي تم تكوين المأساة الإنسانية من خلال شروطها .. التكوين المكاني والزمني بمعنى أن الذات هنا تتأمل من خلال هذه المرآة المشروخة التشظي المبهم الذي نتج عن وجودها في هذا المكان بالذات وهذه اللحظة التاريخية من عمر العالم .. عين ثالثة ولكنها كلية هذه المرة تُمنح لك لا لكي تتفحص بها مأزقك الشخصي فحسب بل مأزق البشر الذين تورطوا مثلك في هذه اللعبة الغير مفهومة والذين لو تصادف ونظر أي منهم إلى مرآة سيجدها مشروخة أيضا وبالمناسبة لن تكون هذه صدفة بأي حال من الأحوال .

( جايز أكون مش بطل
لكن كمان ما تخلونيش كومبارس
واثبتوا لي إني صح
ولو لمرة
وإن صورة ربنا
مش بس كلمة بسملة
بتقولها أمي لما باتكعبل
وإن طهر الكون
مش بس أيام الطفولة
وجريي حافي
وكرهي المشركين في فيلم ماجدة
وخوفي م الشبشب
وبكايا
لما كان بيدخل جون ف إكرامي
وحنيني دايما إني أكبر
لجل ما اطول الجرس
( بالمناسبة
من يوم ما كبرت ما دقيتهوش )

لدى كل منا أسبابه الخاصة التي تدفعه لعدم المراهنة على أحد أو شيء .. التي تصل به لاعتبار كافة الأشياء متساوية في عدم جدواها .. قد تكون لدينا جميعا أسباب مشتركة وقد يكون أهمها هو كشفنا التدريجي والمتواصل عن زيف وهشاشة الثوابت التي زُرعت في نفوسنا وأُجبرنا على تبنيها والإيمان بها والتي حين خضنا بها معاركنا بعد ذلك أثبتت أنها ليست سوى أفخاخ كبيرة خدعتنا ببراعة وجعلتنا نصدق وعودها كي تحطم أرواحنا بانتظام ودقة على مدار الحياة .. الشاعر في هذا المقطع يحاكم المعرفة التي لقننت إليه وثبتت في وعيه ولم يعد يصدقها الآن .. ما عرفه عن الله هي بسملة أمه حين كان يتعثر وما عرفه عن براءة العالم هي الطفولة وألعابها ومشاعرها وأمنياتها المختلفة .. ربما كان يريد أن يكتشف عن الله وعن براءة العالم ما يتجاوز ذلك ولكنه لم يجد .. ربما كان يريد أن يجرب تحقق الكون الذي شكلّه الآخرون في خياله الطفولي ولكنه حينما كبر لم يعثر عليه بل وجد نفسه متورطا في كون آخر يخلو من البراءة التي كان يوقن بأنها لن تنتهي أبدا .

( كان شخص عادي
زي موته

بالليل
هرج مع زميلته بإديه
صلى العشا
بص لي بابتسامة
بسيطة صافية
زي موته

الصبح
كان الجو دافي وهادي
زي موته

جانا الخبر
فكنت عايز أسحب نفسي
من وسطهم
وأستلذ بالضحك
ف ساعة زي دي
ولما كان
وبقيت لوحدي
حسيت بحزن حقيقي
وبكيت بجد
صعب بكايا عليهم
زي موته

وف بيته
لقيتهم غيروا اسمه
بقى "الجثة"
شلتها بين إيديا
يعني شلته بين إيديا
وسمعت بنته
وهي بتصرخ عليه
فعرفت
إن موت شخص عادي
أصعب من موت الأبطال
ف كل الأفلام الثورية )

كأن العبث لا يمكن أن يكتمل إلا بموت مهمل ومنسي .. النهاية التي لا يمكن التخلي عنها كي يبقى العادي محتفظا بعاديته : مداعبة الزميلة .. الصلاة .. الابتسام .. لكن بعد الموت يحدث شيء تلقائي جدا وهو تغير اسمك إلى ( جثة ) .. الموت المتجاهَل الذي يصدمنا بالكشف عن الحياة السابقة المهمشة .. موت الآخر الذي يكشف حياتك أنت ومن ثم موتك القادم .. لأنك عادي مثله ولست بطلا في فيلم ثوري .. إذن أنت حين تبكي على هذا الشخص فأنت أيضا تبكي على نفسك وحين تحمل جثته فأنت بالتالي تحمل جثتك وحين تسمع ابنته تصرخ عليه فأنت ترى مصيرك .

* * *
http://www.mamdouhrizk.blogspot.com/



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في ( خمر المسا .. حليب النهار ) ل ( حمدي زيدان )
- بوك ستور
- ( بابل ) .. مجزرة الصدف المدبرة
- قراءة في ( شارع بسادة ) ل ( سيد الوكيل )
- الثقب الذي لا يعنينا في الساحر الطيب
- الروح القدس
- أفراح العين الزجاجية المحتقنة
- مرحاض المونولوجست الفاشل
- الحرمان من التفاؤل واليأس
- تريلر فيلم ( شرج الطفل الممتع )
- ما بعد إنكار الإله لوجود ميدان طلعت حرب
- كيف ينظر المصريون إلى سنوات ( السادات ) و ( مبارك ) ؟
- مريض مطيع يتسلى ب ( الكيتش )
- الأضرار الجانبية للحظة التنوير
- التجنيد الوهابي للبشر بين الاستغلال والقتل
- فخ الأمنيات في رواية ( الصيف قبل الظلام ) ل دوريس ليسنج‏
- غرائب وطرائف الحرب بين الإسلاميين والعلمانيين على الإنترنت
- جزيرة الورد قبل القيامة بقليل
- لوحة سرطان الخصية
- حوار معي في صحيفة الوسط اليوم


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - قراءة في ( تخاريف خريف ) ل ( مؤمن المحمدي )