أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - إيران: الثورة الخفية تواصل تحولاتها المجتمعية















المزيد.....

إيران: الثورة الخفية تواصل تحولاتها المجتمعية


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 2744 - 2009 / 8 / 20 - 09:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحت الجمر عادة يسكن الرماد، فيما الرماد دائما يتحرّق شوقا لاشتعال الجمر. ورماد الثورة التي اغتالها نظام الأوتوقراطية الدينية وصادرها، وأقصى صانعيها وأصحاب المصلحة في الاحتفاظ بنقائها، وبتسييد شرعيتها الشعبية والمجتمعية، مقدمة للانتقال نحو بناء الدولة المدنية. بين ثنايا هذا الرماد تكمن اليوم نذر التماعات تتحرّق للتحول إلى جمر ثورة تنتمي إلى الحداثة الجديدة، بكل ما تختزنه طاقات الإيرانيين من توق للتحرر من نظام استعبادي، أقام مداميكه السلطوية على قاعدة عصمة مدعاة، شأنه شأن أي نظام توتاليتاري بصبغة ثيوقراطية.

وأزمة النظام القائم في إيران، وكما بدأت بالتكشّف في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، هي أزمة شرعيته تحديدا التي باتت على المحك، بعد أن أودت التداعيات المتواصلة إلى فقدانه هيبته، بفقدان هيبة مرجعيته الأولى أمام أبنائه أولا، أبناء "نظام الثورة" الذي تحول إلى مركز لأوليغارشية حاكمة، تحلم باستعادة أمجاد الإمبراطورية القديمة. وهنا بالتحديد تكمن شوفينية هذا النظام الذي يغطي شعاراته بالتلطي أو اللعب على قضايا إسلاموية وقوموية، وقضايا عولمية أوسع. بينما اعتادت ثلة المتطرفين والمتعصبين من الشوفينيين العرب تغطية عجزها وفشلها بالتلطي خلف شعارات لفظية، اعتادت استثمارها عبر اللعب على قضايا الآخرين، ومحاولة مدها بالديمومة والاستمرارية، حتى ولو لم تكن تلك القضايا والذين يتبنونها من أنظمة شعبوية، عادلة دائما، خاصة إزاء شعوب تعاني مرارات القمع والإرهاب والاستبداد السلطوي المتنزل من فوق، من لدن أنظمة شمولية تحتكم إلى القمع والإرهاب والترهيب سبيلا لحسم صراعاتها على الهيمنة طلبا للشرعية، شرعية باتت تفتقد لمؤسسات متماسكة وموحدة، بل هي في تهالكها تقارب أن تنحلّ إلى روابط بدائية بين قلة القلة، أو نخبة النخبة التي أنزلتها أزمة النظام – الانتخابية - الأخيرة من عليائها إلى حضيض افتقادها احتضان الغالبية من جمهور، بات على وقع الأزمة الطاحنة، أكثر اصطداما بدنيوية ما اعتقد وما حاولوا ترسيخه في أذهانه على أنه إلهي!.

إن القول بتجديد شباب الثورة يجانبه الصواب، فالشباب الذي يطلق نفير ثورته السياسية – الاجتماعية اليوم، وحتى في الغد، ليس هو ذاته شباب الثورة المجهضة التي جرى سرقتها في وضح النهار من أصحابها الحقيقيين، حين استولى عليها "معممو البازار" الذين كونوا سلطتهم على حساب الثورة وعلى حساب شبابها، أولئك الذين فوجئوا ببيعهم في بازار ودهاليز السياسة التوتاليتارية والتجارة الدينوية. أما الثورة التي تتجدد اليوم فهي ثورة الشباب الذي قمعته "الثورة" ونظامها، وأقصته تماما عن مراكز صنع القرار، وذوت بأحلامه وطموحاته إلى حضيض المنافي، وتريد قولبته مجددا في قوالب النظام وولاية الفقيه، وتقديس عصمته وولايته الاستبدادية على الأمة، كما وعلى الدولة، إلى ما شاء هوى النظام التوتاليتاري بطبعته الدينية.

لقد انطلقت شرارة ما يمكن تسميته "ثورة في الثورة" وعلى نظامها، وهذا يعني أن "الثورة الخفية" المجتمعية وهي تواصل تحولاتها في قلب المجتمع، إنما هي تستمر اليوم بقوة دفع ثورة الحداثة، بكل ما تعنيه من استخدام وتوظيف طاقات وقوى وتقنيات، يصعب أن لم نقل يستحيل ضبطها فضلا عن قمعها. فالشرارة الإيرانية (المجتمعية الشبابية والنسائية) ليست ربيبة النظام ولا "ثورته" الشائخة ، ولو تمظهرت اليوم في الشارع، كون من هم في مقدمة صفوفها يحسبون على النظام، إنما من يقف في طليعتها، الطليعة الفعلية لها هم فتية وفتيات الغد، الذين يجسدون شباب الثورة التي تتكون نذرها وإرهاصاتها على وقع حراكهم العفوي الآخذ بالانتظام يوما بعد يوم، وعبر التأسيس لقابليات تغيير داخلية تحاول أن تتفادى الحرب الأهلية، أو إمكانية جعلها خيارا أهليا أو شعبيا، فيما هي قد تكون خيار النظام وأهله في سياق الدفاع عن سلطتهم "المقدسة".!

ولئن هبط ويهبط الآن سقف النظام ومرجعياته الفقهية والمعرفية، فلأن نظاما حتى ولو كان "أعلى" أو نتاجا لما هو "مقدس"، كما يتجلى في الذهن الديني، لا يمكنه الاستمرار كذلك، فالدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، الغائبة أو المغيّبة من فروض ولاة الأمر في إيران الإسلاموية، آن لها أن تطالب بحقها في حيازة شرعيتها، ذلك أن الشرعية القديمة المتهالكة التي توشك على الغروب، لا بد لها من أن تحاول التشبث بأهداب وأهداف الماضي، لترسيخ أهداف لها في الحاضر، وهي إذ احتاجت إلى أدلوجات الصراع مع "الشيطان الأكبر" وخاضت في سبيل ذلك حروبا وهمية وفعلية معه، ومع شياطين أخرى أصغر في الداخل وفي الخارج، تأمل أن يقدم لها النزوع القوموي والملف النووي اليوم، سلاحها الأكثر أدلجة لمتابعة خوض حروبها الشوفينية والدينية مع الخارج، والطبقية في الداخل، لمجرد الاحتفاظ بهيمنتها وبقايا تمظهرات شرعية، بدأ التنازع عليها، حتى داخل أروقة النظام الذي لم يعد موحدا في مطلق الأحوال، وحتى أنه لم يعد وحيدا في ادعاء امتلاكه الشرعية.

حيازة الشرعية في إيران ما بعد انتخابات الاصطفافات الجديدة، باتت أعقد من أي وقت مضى، فالحيازة التوتاليتارية من قبل الأوليغارشية المتحكمة بهيمنتها على كامل مفاصل السلطة، لم تعد كالسابق تحوزها امتلاكا لها، على ما هو حال أي نظام مستقر لجهة تحقيقه سيطرته القمعية أو "الرضائية" على السلطة. صارت الشرعية محل تنازع ومغالبة هيمنية بين قوى تشيخ، وقوى يرهص ميلادها عن نشوء ثورة جديدة، تستعيد القوى المجتمعية الأكثر شبابا وفتوة، بل وتستأنف مسيرة ثورة انقطعت بها السبل في منتصف طريق سدته القوى الدينية منذ 30 عاما، حابسة في قمقم نزوعها الإقصائي تغييرا طال انتظاره، وربما حان وقت انطلاقه نحو الفضاء الإيراني الأوسع، الأكثر توقا بشيبه وشبانه ونسائه وأطفاله للخروج من نسق نظام غيبي، إلى رحاب دولة ديمقراطية مدنية حديثة، تروم التغيير والحرية من أجل استئناف مسيرة ومسار التقدم إلى الأمام.

إيران اليوم أكثر احتياجا إلى إنتاج بنية دولة مدنية تحكمها مؤسسات ديمقراطية/ شعبية، بعد أن فشل النظام الحالي وسلطته الثيوقراطية وعلى الرغم من احتكامه إلى بضع أنماط تحديثية، لم يستطع إخفاء عيوبه السلفية الطاغية، حتى وهو يحاول استخدام بعض منتجات الحداثة، لترسيخ شرعيته التي يعرف أكثر من غيره، أنها وفي أعقاب الأزمة الحالية باتت من الماضي الذي لا يمكن أن يتكرر بهدوء.





#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة نتانياهو وفيض التشريعات العنصرية
- آفاق الاستيطان وحدود التسوية العقارية
- هل بات نتانياهو على أعتاب سقوطه الثاني؟
- بين -معركة استيطان القدس - والدولة المؤقتة!
- الاستراتيجية الإسرائيلية لربط البحار ومخاطرها الآنية والمستق ...
- الحركة الوطنية الفلسطينية وجدل التطوير والتبديد!
- حكمة الغرب لبرتراند رسل
- نحن والسياسة.. من القاتل ومن القتيل؟
- اضطرابات شينغيانغ و-مشاع- القضايا الفسطاطية
- وعود الخطابات في صياغة عالم تعددي
- لحن الدواخل الطليقة
- إرهاصات الثورة الثالثة وآفاقها
- ست قضايا عالقة قبل لقاء ميدفيديف - أوباما
- هل من حل وسط بين حلول التسويات التفاوضية؟
- خطاب النوايا الأميركي والتسويات المتباعدة
- خالد القشطيني في إقامته -على ضفاف بابل-
- ماذا تبقى من فلسطين؟
- خيار- الحل الشاروني- يسابق -حل الدولتين-
- حق العودة الفلسطيني والتسوية الممكنة!
- نتلنياهو وفحوى خياراته البديلة لحل الدولتين


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - إيران: الثورة الخفية تواصل تحولاتها المجتمعية