أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طريق الثورة - حول الاستعمار الجديد - الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسية اللينينية ) الحرب الشعبية















المزيد.....



حول الاستعمار الجديد - الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسية اللينينية ) الحرب الشعبية


طريق الثورة

الحوار المتمدن-العدد: 2742 - 2009 / 8 / 18 - 08:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


1 – الاستعمار و الاستعمار الجديد .
- ما هو الاستعمار الجديد ؟ بماذا يختلف عن الشكل القديم للاستعمار ؟

إن الاستعمار و الاستعمار الجديد ، هما خطين سياسيين نهجتهما الامبريالية من أجل إخضاع و استغلال الدول و الشعوب المضطهدة . فحتى الحرب العالمية 2 لم نكن نعرف سوى الاستعمار المباشر ، اما شكله الجديد فلم يظهر إلا بعد هذه الحرب ، و رغم ذلك فمن حيث المضمون لا يمكن أن نجد فروقا أساسية بين هذين الشكلين .
أما الفرق الاساسي فقد تمثل في إعادة الصياغة لاشكال الاستعباد و الهيمنة و استغلال الدول المتأخرة ، حتى أصبحت أشكالا متسترة و مخفية .

إن الحزب الشيوعي الصيني قام سنة 1963 إبان الصراع الكبير الذي عرفه حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية بتفسير هذه الظاهرة على النحو التالي " إن الامبرياليين بعد الحرب العالمية 2 لم يتخلوا على الاستعمار ، لكنهم أعادوا صياغته في شكله الجديد ".

" إن الامبريالية اضطرت الى تغيير الشكل القديم للسيطرة الاستعمارية المباشرة في بعض الارجاء من أجل تكريس السيطرة الاستغلال الاستعماريين معتمدين في ذلك على العملاء الذين تم تكوينهم و انتقاءهم " .
إن الامبريالية بزعامة الولايات المتحدة الامريكية تستعبد و تراقب الدول المستعمرة و تلك التي طالبت باستقلالها ، و ذلك عبر تنظيم و تشكيل الاقطاب العسكرية ، بناء القواعد العسكرية ، خلق فيدراليات ، تدعيم الانظمة الفاشية... فباسم الدعم الاقتصادي أو عبر أشكال أخرى أصبح الامبرياليين يملكون هذه الاسواق (الدول ) لبضائعهم ، و كمصادر للمواد الاولية ، يستنزفون الثروات ، و يمتصون دماء السكان في هذه الدول .
إن الامبرياليين يستخدمون الامم المتحدة كأداة فعالة من أجل التدخل في القضايا الداخلية للدول بغية إخضاعها لاحتلالات عسكرية ، اقتصادية ، و ثقافية ، أما عندما لا يستطيعون ذلك بالاشكال السلمية ، فإنهم يلجأون الى تنظيم الانقلابات العسكرية ، و تدبير الاغتيالات أو يلتجئون الى التدخل العسكري و الاستعمار المباشر .
إن و.م.أ هي الاكثر حضورا و استفادة بين الامبرياليين من ظاهرة الاستعمار الجديد ، فهي بهذا السلاح تحاول الانفراد بالمستعمرات و التأثير على المناطق التي يتواجد فيها الامبرياليين الآخرين من أجل بسط سيطرتها و هيمنتها العالميتين .
لقد صار واضحا أن الاستعمار الجديد أكثر ظلامية و أكثر تدميرا من شكله المباشر ، فهو ليس فقط ظاهرة نتجت إبان ح.ع.2 ، رغم انها أصبحت السائدة بعد هذه الحرب .
إن لينين قد أشار الى هذا النوع المتستر للاستعمار عندما نبه الشيوعيين الى أن يفسروا و يوضحوا لأوسع الجماهير المضطهدة في كل الدول و خاصة لتلك التي تعيش في الدول المتأخرة، التمويه و التضليل الذي تمارسه الدول الامبريالية: فتحت ستار خلق الدول المستقلة سياسيا ، تصنع في الواقع دولا تابعة لها في الميادين الاقتصادية ، المالية و العسكرية.

لقد بين لينين ، أن الرأسمال المالي يعتبر عاملا حاسما في كل العلاقات الاقتصادية العالمية فهو يستطيع خلق علاقات التبعية نحو الدول التي تتمتع بكامل الاستقلال السياسي .
إن الرأسمال المالي يولد بعض الاشكال الانتقالية لتبعية الدول ، لقد كان ذلك واضحا عندما قال لينين " إن الرأسمال و السياسة الدولية التي تتلاءم معه يختزل السياسة الاستعمارية في مرحلة الامبريالية الرأسمالية في صراع الدول الكبرى من أجل الاقتسام الاقتصادي و السياسي للعالم ، هكذا يتم خلق عدة أشكال للتبعية .
إن المرحلة لا تتميز فقط بوجود مجموعتين أساسيتين من الدول : المستعمرة ( بفتح السين ) و المستعمرة ( بكسر السين ) ، فبالاضافة الى ذلك تتميز بوجود اشكال مختلفة لتبعية الدول ، دول تتمتع ظاهريا باستقلالها السياسي ، لكنها في الحقيقة مكبلة بشباك التبعية المالية والديبلوماسية .

إن الارجنتين يعتبر مثالا واضحا عن هذه الاشكال الاخرى من أشكال التبعية .
أمريكا اللاتينية و بعض مناطق الشرق الاوسط كانت تحت السيطرة و الاستغلال الاستعماريين لمختلف القوى الامبريالية حتى قبل ح.ع.1 .
أعلن عن استقلال مصر سنة 1922 – العراق سنة 1927 .
إيران لم تتعرض الى معاهدة استعمارية حقيقية لكن جل هذه الدول كانت تحت الانتداب البريطاني رغم انها تمتعت بقانون دستوري كدول مستقلة .
إن جل هذه الدول كانت تحت السيطرة الاقتصادية والعسكرية و السياسية البريطانية.
لم تكن دولة مستقلة إلا بالاسم الى حدود تحريرها سنة 1949 chang kay tchikحكم إن الصين إبان ، إن الصين كانت دولة شبه مستعمرة من طرف عدد كبير من القوى الامبريالية ( بريطانيا–ألمانيا- ايطاليا ، اليابان ، و.م.أ ، فرنسا ).

إن القانون الدولي كان دائما في خدمة القوى الامبريالية ، إنه يمكنها من عدة امتيازات –( تطبيق قانونها الخاص ، خلق شرطة و قوة عسكرية ، خلق المصانع ، الابناك ، السينما ...
إن جل هذه البرامج تدخل في نطاق مجالاتها التوسعية . إن جل القوى الامبريالية كانت تستخدم أشكالا استعمارية مباشرة أو جديدة لتتمكن من سرقة الصين الشبه مستعمرة.
أما في أمريكا اللاتينية ، فقد كان الاستعمار الجديد أكثر تجليا و وضوحا حتى قبل ح.ع.2 ، فمنذ نهاية السيطرة الاستعمارية الاسبانية التي دامت حوالي ثلاثة قرون ( 1520--- 1820 ) في أمريكا اللاتينية ( باستثناء البرازيل التي كانت مستعمرة برتغالية ) ، أصبحت كل دول أمريكا اللاتينية مستقلة رسميا . لكنها في الواقع وجدت نفسها تحت سيطرة الامبريالية الامريكية .
إن سياسية و.م.أ اتجاه امريكا اللاتينية كانت مبنية على أساس نظرية
التي أعلن عنها سنة 1823 ، لقد نصت على أن " المناطق الامريكية لا يجب ان تكونMousde
موضوع الاستعمار المستقبلي لبعض القوى الامبريالية مهما كانت ، اننا نعلنها بصراحة واضحة ، فكل محاولة ترمي الى توسيع نظامهم في اتجاه بعض الارجاء من هذه المنطقة ( امريكا اللاتينية ) يعتبر تهديدا خطيرا يمس أمننا و سلامنا . هكذا قامت و.م.أ بسلب المكسيك مدينتين شكلتا تقريبا نصف أراضيها : تكساس و كاليفورنيا .
تدبير ثورة انفصالية في بناما التي سلبوها من كولومبيا، ثم أسسوا فيها نظاما فاشيا .
السماح لحليفها التقليدي الامبريالية البريطانية باستغلال الجزر الارجنتينية ، . belize في Falclaud و,haubunas
هكذا فان دول امريكا اللاتينية استقلت رسميا منذ أكثر من نصف قرن ، لكنها في المقابل أصبحت تحت السيطرة الاقتصادية ، السياسية و العسكرية و الايديولوجية للامبريالية و خاصة الامريكية .
إن و.م.أ تتدخل مباشرة في امريكا اللاتينية ، كلما أصبحت مصالحها الاستراتيجية مهددة ، كما حدث في ، في المكسيك سنة 1914، التدخل العسكري الامريكي في المكسيك vercruz ، خطف usnary انفجار
سنة 1916 إلا أن المهمة فشلت . من اجل اغتيال القائد Rebelle Pouchorilla

إن دخول و.م.أ متأخرة الى الصراع حول المستعمرات قد جعل مصالحها تتلاءم مع الخط الاستعماري الجديد .
استطاعت و.م.أ أن تمنع باقي الامبرياليين من الانفراد بدول امريكا mondroe إذن فوفقا لنظرية اللاتينية كما استطاعت أن تجسد نظامها الفاشي تقريبا في مجمل هذه البلدان . أما في المرحلة الموالية ، للحرب العالمية 2 فقد طبق الامريكيون نفس السياسة عندما قرروا امتلاك العالم من خلال المؤسسات الامبريالية كالبنك العالمي ، الكات...
إن و.م.أ اعتمدت سياسة استعمارية جديدة مكنتها من ان تتوسع خارج حدود امريكا اللاتينية ، لقد استطاعت ايضا ان توهم العالم بان هذه الدول اصبحت مستقلة ، فظاهريا يعتقد ان المكسيكيون هم الذين يحكمون المكسيك ، الفنزويليون هم الذين يحكمون فنزويلا ، الكوبيون يحكمون كوبا ...
في المكسيك كان مكسيكيا . إن الديكتاتور المنبوذ Parfidioridz جزار فينزويلا كان فينزويليا .juan v.cente cruz باتيستا كان كوبيا .

أو لنأخذ الحالات الاكثر راهنية :
بينوتشي ديكتاتور الشيلي .
فيجيناردي ديكتاتور البيرو .
إن جل هذه الدول كانت تتمتع بالاستقلال الدستوري ، أما السلطة الحقيقية فقد كانت بين يدي وول ستريت و واشنطن .
إن هذا الاسلوب الذي تمكنت من خلاله و.م.أ بسط سيطرتها عبر العالم قد سبق للجنرال سودلي أن وصفه سنة 1935 .
" لقد قضيت 33 سنة و 4 أشهر في خدمة القوة العسكرية الاكثر قوة في بلادنا " المارينز " لقد شغلت
جل درجات الضباط ، إن كل هذه المدة التي قضيتها في الخدمة كانت لصالح وول ستريت و لصالح الابناك ، باختصار كنت أجني و أقطف لصالح الرأسمالية .

ففي سنة 1914 ، ساعدت على ضمان المصالح البيترولية لامريكا في المكسيك ، و خاصة في تامبيكو ، لقد حولت منطقتي هايتي و كوبا الى مناطق خاضعة كي يتمكن البنك القومي من تحصيل المداخيل (...) .
من سنة 1902 الى حدود 1912 ساعدت على تفويت نيكاراغواي لصالح الشركة العالمية للابناك التي يملكها الاخوين " بروون" .
في سنة 1916 عملت على استتباب الامن في جمهورية الدومنيك لفائدة المصالح العسكرية الامريكية " .

- الاستعمار الجديد بعد الحرب العالمية 2

لقد اصبحت ظاهرة الاستعمار الجديد بعد ح .ع. 2 الشكل المهيمن من بين الاساليب المتسترة للاستعمار، فبعد تفكيك نظام السيطرة الاستعمارية المباشرة بفضل النهوض الذي عرفته الشعوب المضطهدة في المستعمرات ، بالاضافة الى ظهور قطب اشتراكي قوي ، أرغمت الامبريالية على وضع استراتيجية جديدة للاستعمار الجديد . إن هذا الاخير لا يشكل مرحلة جديدة بقدر ما يعبر عن ضعف الامبريالية في مرحلتها الجديدة ، مرحلة ما بعد ح.ع.2 .
إن الحضور الوازن لحركات التحرر الوطني في تاريخ العالم قد تعمق في كل من آسيا ، إفريقيا ، امريكا اللاتينية ، إن تأثيرها هو الذي أرغم القوى الامبريالية ك و.م.أ ، بريطانيا ، فرنسا ، بلجيكا ، هولاندا ، البرتغال ، على إعادة السلطة للدول في المستعمرات القديمة ، فالانقلابات العنيفة للشعوب هي التي أرغمت الامبريالية على صياغة شكل جديد للاستعمار .

فالبنسبة للامبريالية فسياسة معينة لا تتأتى عن اختيار بل عن ضرورة طبعا بعد فقدان الامل . و بجملة واحدة : " فالاستعمار الجديد هو شكل السياسة الاستعمارية الموظفة من طرف الامبريالية في مرحلة نهايتها الاستراتيجية" . إننا نستطيع قياس درجة ضعف الامبريالية على اساس الحدث التالي :
" في سنة 1919 عاشت حوالي 1,2 مليار من السكان من مجموع 1,8 مليار أي أكثر من 70 في المائة من السكان ، في المستعمرات و الشبه مستعمرات . في سنة 1996 اندثرت السيادة الاستعمارية تقريبا في كل من آسيا ، إفريقيا و الكيبك .

لقد ساعد على انتهاء نظام السيادة الاستعمارية المباشرة تكامل هذه العوامل السياسية في المنظومة الدولية :

- ظهور قطب اشتراكي يقدم الدعم لنضالات التحرر الوطني .
-الحركات المناهضة للإمبريالية .
- الحركات العمالية .
- الحركات المناضلة من أجل الديمقراطية و السلم في الدول الإمبريالية .

إن الحرب العامية الثانية قد أدت الى تقوية العوامل السياسية السالفة الذكر ، كما أدت في نفس الوقت الى ضعف الإمبريالية ، و بالتالي تأهيل شروط انهيارها .
إن معظم الأوطان التي عانت مدة قرون من السيطرة الاستعمارية ، استطاعت أخيرا التخلص من السيادة الامبريالية المباشرة . ففي العقدين الأخيرين بعد ح.ع.2 ، استطاعت آسيا أن تحقق ذلك في أقل من 10 سنوات ، كذلك الشأن بالنسبة لإفريقيا التي أنهت السيادة الإستعمارية المباشرة في العقدين اللاحقين للحرب العالمية الثانية .
في سنة 1955 حصلت 5 دول فقط من مجموع إفريقيا على استقلالها الشكلي : مصر – إثيوبيا – ليبيريا –جنوب إفريقيا – ليبيا ، بينما ارتفع عدد الدول التي حصلت على الاستقلال السياسي سنة 1968 الى 40 دولة .
إن هذا التطور الغير مسبوق في الوعي القومي ( الوطني ) جعل مختلف القوى الإمبريالية تأخذه بعين الإعتبار في استراتيجيتها الهادفة الى استغلال هذه الدول .

إن الاعتراف بهذه الحقائق قد تم التعبيرعنه من طرف الجنرال دوغول رئيس الدولة الفرنسية عندما عبر عن ضرورة وضع مقاربة جديدة في خطابه الذي وجهه لضباطه في الجيش الفرنسي في دجنبر 1960 . لقد أكد لضباطه بان يأخذوا بعين الاعتبار ما يقع في العالم ، كي يفهموا بأن الأساليب الشائخة للاضطهاد و السيادة بقوة الجيش ، بالاضافة الى الممارسة المباشرة للسلطة ، قد أصبحت مستحيلة ، و هكذا يجب خلق أشكال جديدة لضمان استمرارية الجزائر في فرنسا .
إذن لقد عمل الامبرياليون على خلق منظمات و أدوات جديدة كالأمم المتحدة ، و البنك العالمي...

فمختلف القوى الامبريالية لم تتخلى تلقائيا عن النهج القديم للسيادة الاستعمارية المباشرة . ففي نهاية ح.ع.2 استعملت القوى الامبريالية الغربية كل امكانياتها المتوفرة من أجل استرجاع المستعمرات الأسيوية التي فقدتها لصالح الفاشية اليابانية خلال الحرب . فإبان هذه الفترة لم يكن القطب الاشتراكي قويا بما فيه الكفاية ( الصين في حالة حرب من أجل التحرير ) أما حركات التحرر الوطني فلم تكن قد بلغت رشدها الكامل . كل هذا ساعد الامبريالية على معاودة المحاولة من أجل إعادة السيادة الاستعمارية في أجزاء كثيرة بآسيا ، بل و الضغط على حركات التحرر الوطني بشكل رهيب .
فخلال الحرب تم إجلاء كل القوى الامبريالية الغربية من منطقة آسيا الساحلية من طرف الامبريالية اليابانية : طرد انجلترا من بيرمانيا و ماليزيا – الفرنسيين من الهند – هولاندا من أندونيسيا – امريكا من الفلبين .

إن هذه القوى لم تكن أبدا تدافع عن الشعوب ضد الفاشية ، ولم تمكنهم من الأسلحة للدفاع عن انفسهم .

لقد لجأت كل الشعوب الى مقاومة الفاشية اليابانية ، و مع سقوطها سنة 1945 انتشرت انتفاضات الشعوب في كل مكان .

تأسيس الجمهورية الديمقراطية الفيتنامية في الشمال و الجنوب سنة 1945 .
في اندونيسيا ، اخذ الشعب زمام الأمور في يده و قام بتأسيس جمهوريته سنة 1945 .
اتحاد الشعب الماليزي بسط سيطرته على كل ماليزيا .

في كوريا الجنوبية تمت المطالبة بالجمهورية الشعبية في المؤتمر الوطني المنعقد في سيول سنة سبتمبر 1945 .
في الصين ، استطاع الحزب الشيوعي بزعامة ماو قيادة حرب التحرير ضد الاقطاعية و الامبريالية منتقلا الى مرحلة الهجوم الاستراتيجي بعد هزم الامبريالية اليابانية .

ان كل القوى الامبريالية بما فيها اليابان اعادت تنظيم نفسها لمواجهة هذه الصعوبات و إزاحة الحكومات الشعبية ، من أجل إطفاء نهضة المقاومة الوطنية .

في اندونيسيا ، هبت الامبريالية الهولندية بمساعدة الجيش البريطاني الذي أطلق سراح نحو 80000 جندي ياباني من أجل تجنيدهم للسيطرة على كل المدن بما في ذلك جاكارتا ، لقد حاولوا إعادة السيادة في مستعمرتهم القديمة .
في ماليزيا ، رفضت الجيوب البريطانية الاعتراف بالسلطات الحكومية الجديدة ( اتحاد الشعب الماليزي ) ، فنظمت هجوما شاملا ضد النقابات و بعض التنظيمات الديمقراطية ، قتلت و اعتقلت من خلاله الآلاف . إن ماليزيا لم تستطع الحصول على استقلالها السياسي إلا بعد أن تم القضاء على القوى الثورية الماليزية ، فتم تسليم السلطة من طرف البريطانيين للطبقات العميلة الفيودالية و الكمبرادورية .

في بيرمانيا ، أرغمت بريطانيا على منح الاستقلال السياسي في يناير 1948 لكن فقط بعدما تم اغتيال Annugsan
و معظم المعارضين للامبريالية .
في كوريا الجنوبية ، بعدما استسلمت اليابان عملت القوى الأمريكية على إزاحة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في الجمهورية الشعبية الكورية و على اغتيال الرئيس الليبرالي Lyuch woonhgung ، فنصبت حكومة يمينية موالية لأمريكا و على رأسها الديكتاتور Syngnan Rhee ضدا على إرادة الشعب الكوري .
قبل الاعلان عن استقلال الفلبين في يونيو سنة 1946 اتخذت الامبريالية الامريكية كل الاجراءات التي ستمكنها من خنق القوى الثورية و الحفاظ على مراقبة اقتصاد و سياسة الدولة .

لقد تم ارغام الفلبين على الموافقة على اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الامريكية ، و على بناء 22 قاعدة عسكرية لمدة 99 سنة .

في الهند ، فمن أجل الحد من الآفاق الثورية ، و الحفاظ على المصالح الاقتصادية في هذه الدولة ، لم يكن أمام بريطانيا سوى خيار تسليم السلطة لصالح البرجوازية الكبيرة و الملاكين العقاريين الكمبرادوريين .

في الصين، انفقت الامبريالية الامريكية أزيد من 5 ملايين دولار بين 1945 و 1948لإنقاذ النظام المنهار لTchag key tchee ، لكنها لم تفلح في إيقاف انتصار الثورة الصينية .

في إفريقيا ، فخلال عشرات السنين التي تلت الحرب العالمية الثانية فقد تم القضاء على كل مقاومة الشعوب ، ففي سنة 1947 تم اغتيال و قتل آلاف الأشخاص من طرف الفرنسيين في كل من مدغشقر – غانا – نيجيريا – الكامرون –كينيا – الكونغو – الجزائر – المغرب – تونس ، و في المقابل قرر الآلاف حمل السلاح من أجل قتال وحشية الإضطهاد و التقتيل المعلن من طرف القوى الامبريالية .

هكذا إذن فخلال العشر سنوات التي تلت ح.ع.2 ، هرعت مختلف القوى الامبريالية بشكل وحشي و دون ذرة شرف الى محاولة إعادة بسط الشكل القديم للسيطرة الاستعمارية في كل من اسيا و افريقيا ،إلا أنها أرغمت على استبدالها بالشكل الجديد للإستعمار ، و ذلك بسبب النمو القوي لحركات التحرر الوطني ، و القطب الاشتراكي .

إن هذا الشكل الجديد للإستعمار لم يتحقق إلا بعد خنق القوى المناهضة للامبريالية و القوى الثورية . إذن فالثورة المضادة عامل اساسي ضمن الاستعمار الجديد .

لقد كان هدف القوى الامبريالية منع ظهورالحكومات المستقلة التي تمثل القوى المناهضة للامبريالية ، فقبل منح الاستقلال الشكلي ، يكون لزاما على الامبرياليين أن يتأكدوا بأن القوى المحافظة و اليمينية هي التي ستصل الى السلطة في هذه البلدان .

فعلى سبيل المثال في " غويان" لم يتم منح الاستقلال إلا بعد التأكد من أن السلطة لن تخرج عن أيدي الكمبرادوريين ، ففي سنة 1956 عندما فاز الحزب الشعبي التقدمي بالانتخابات و شكل الحكومة في إطار منظومة داخلية مستقلة ، عملت الامبريالية الامريكية و البريطانية على إزاحة الحزب الشعبي التقدمي( guyane) قبل منحها الاستقلال

إن هذا الحزب كان قد فاز بالانتخابات في ثلاث محطات بين 1953 و 1964 لكنه لم يمنح حق ممارسة السلطة ، و تم نقلها لصالح الحزب الكمبرادوري حتى قبل منح الاستقلال .

إننا نجد نفس النهج في أمريكا اللاتينية ، اي خط الثورة المضادة ، فبعد سنة 1945 تمت الاطاحة بالحزب الشيوعي البرازيلي الذي فاز في الانتخابات بحوالي 8000000 صوت سنة 1947 .

إثر الانقلاب الذي دبر سنة 1948 ، أما الحزب الشيوعي في فنزويلا Gallagos، تم إسقاط حكومة
فقد تمت تصفيته سنة 1947 .

إن الانقلابات العسكرية ضد الحكومات الحرة ، اغتيال زعماء الطبقة العاملة ، الاعتقالات التعسفية ، الهجوم ضد الأحزاب الشيوعية ، الانتهاك الشامل للحقوق الديمقراطية ، كل هذا شكل المضمون الاساسي للسياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية . فمن هذا الواقع أقر الاعلان الثاني لهافانا بان امريكا اللاتينية المعاصرة ، عرفت امبريالية قوية، متوحشة أكثر شراسة من جحيم الاستعمار الاسباني .

هناك قاعدة عامة ، " ففي عصر الامبريالية ، لا يمكن للثروات الوطنية الديمقراطية في المستعمرات و الشبه مستعمرات أن تقاد الى النهاية ، إلا من طرف البروليتاريا ".

إن القضاء على الامبريالية و الاقطاع لم يتحقق كليا إلا في الصين ، الفيتنام ، كوريا الشمالية ، و كوبا بفضل قيادة الطبقة العاملة للثورة الديمقراطية .
إن البرجوازية الوطنية في دولة مستعمرة و شبه مستعمرة كما لاحظ ذلك الرفيق ماو و اتبثته التجربة التاريخية مترددة الى أقصى الحدود ، على المستوى الاقتصادي ، و السياسي ، و لها رغبة في التنسيق مع أعداء الثورة . فلنعطي مثالا بحالة تركيا .
لقد استطاعت البرجوازية الوطنية في تركيا وضع أسس الجمهورية المستقلة سنة 1922 ، لكن الجمهورية هذه اختزلت الى مجرد حلقة تابعة للامبريالية .
إن الرفيق ماو يوضح : " لقد ظهرت ديكتاتورية كمال أتاتورك في تركيا البرجوازية بعد ح.ع.1 و بعد ثورة اكتوبر بفعل الشروط الخاصة ( انتصار البرجوازية ، و ضعف البروليتاريا بعدما تم ردع الاجتياح اليوناني ) .
فرغم هذا الوضع فلم توجد تركيا ثانية ، بل كانت أقل من تلك التي ضمت حوالي 450 مليون ساكن بعد ح.ع.2 و بعد إتمام بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي .
أما في الصين فشروطها الخاصة تتميز بقلة الشرف عند البرجوازية و ميلها نحو التنسيق ، بينما البروليتاريا تميزت بقوة وعيها الثوري المتجذر .
إن الأشياء لا تتحرك بسهولة كما في تركيا ، لكن ألم يطالب بعض أعضاء البرجوازية الصينية بالنموذج الكمالي إثر انهزام الثورة الكبرى سنة 1927 ؟
لكن أين كمال أتاتورك من الصين ؟ و اين الديكتاتورية البرجوازية ، و أين المجتمع الرأسمالي الصيني ؟

فزيادة على كل هذا ، فرغم الارتماء الطوعي لكمال اتاتورك في أحضان الامبريالية الانكلوفرنسية ، فقد تحولت شيئا فشيئا الى امبراطورية نصف مستعمرة ، و الى جزء من العالم الامبريالي الرجعي .
إن إلقاء نظرة على الوضع العالمي يبين شيئين أساسيين : " إن الابطال في المستعمرات و الشبه مستعمرات ، يلتقون على خط الجبهة الامبريالية، و يشكلون جزءا من قوى الثورة المضادة العالمية ، أو يصطفون الى جانب الجبهة المضادة للامبريالية و يشكلون جزءا من قوى الثورة العالمية ، يجب أن يكونوا الى هذا الجانب أو ذاك ، فلا يوجد اختيار ثالث .
و هكذا ففي أي دولة مستعمرة ، قد تصل القوى المحافظة البرجوازية الكمبرادورية ، و الملاكين العقاريين الى السلطة ، و يتحالفون مع الامبريالية كما في الهند ، أو قد تستطيع البرجوازية الوطنية ، الوصول الى السلطة ، من خلال دعم الشعب لها ، كما في الجزائر، الكونغو ، و زامبيا ... لكنها تخضع للامبريالية فتمكنها من متابعة الاستغلال و السيدة بأشكال غير مباشرة .

فلنأخذ مثال زنزبار Zanzaba ، فبعدما كانت السلطة بين يدي القوى البريطانية سنة 1963 ، تم اسقاطr
النظام بعد 33 يوما بانقلاب عسكري مدعم من طرف الشعب ، لكن غياب القيادة البروليتاريا ، قاد الدولة الى كمين الاستعمار الجديد .

إن الحزب الشيوعي الصيني عارض بشدة النظرية التحريفية السوفياتية التي قالت بانتهاء الاستعمار على الارض ، الذي لم يعد يشكل تهديدا ، لقد بين الحزب الشيوعي الصيني كيف أن النمر الاستعماري الجديد دخل من الباب الخلفي . الا ان زعماء الحزب الشيوعي السوفياتي ، استمروا في تبني نظرية نهاية الاستعمار من العالم .
ان السوفيات اعلنوا بان علامات الاستعمار لا يمكن أن توجد إلا في بعض المناطق ، كالمستعمرات البرتغالية في افريقيا : انغولا – موزمبيق – ما يعني أن القضاء على السيادة الكولونيالية قد دخلت تقريبا مرحلتها الأخيرة .
فما هي الوقائع إذن ؟ فلبدأ بعرض الحالة في آسيا و إفريقيا ، لقد حصلت كل هذه الدول على استقلالها ، لكنها لم تتمكن من التخلص النهائي من المراقبة الامبريالية أو من خدمة هذه الأخيرة ، لقد أصبحت هذه الدول مواضيع للسرقة و الاستنزاف الامبرياليين ، كما أصبحت في نفس الوقت مجالات للمضاربة بين المستعمرين القدماء و الجدد .
ففي بعض هذه الدول تحول المعمرين القدماء الى معمرين جدد بعدما تبثوا سيادتهم الاستعمارية من خلال العملاء الذين تم تكوينهم لهذا الغرض .

و في دول أخرى خرج الذئب من الباب الأمامية ، لكن النمر تسلل و دخل من الباب الخلفي ، إذن لقد تم تعويض الاستعمار القديم ، بالاستعمار الامريكي الجديد الاكثر فتكا و قوة .
لقد أصبحت شعوب آسيا و افريقيا مهددة باتجاهات الاستعمار الجديد المتمثل من طرف اللوبيات المتحدة الامريكية .
ففي سنة 1960 تمت المصادقة على بيان موقع من طرف 81 حزبا يوضح على ان الامبرياليين و على رأسهم و.م.أ يبذلون كل الجهد من أجل الحفاظ على الاستغلال الاستعماري للشعوب في المستعمرات القديمة ، من خلال أساليب و أشكال جديدة تمكنهم من بسط مراقبتهم على الاقتصاد و كذا على القرار السياسي ، في دول آسيا ،غفريقيا و أمريكا اللاتينية .

أما بالنسبة لأنظمة العالم الثالث التي لم يستطع الرأسمال المالي ،إركاعها على ركبتيها ، فقد تعرضت لأشكال أخرى أكثر دموية " الحصار الاقتصادي ، الاغتيالات و الانقلابات العسكرية ، بالاضافة الى التدخل العسكري المباشر كما حدث في الفيتنام ، كوريا ، نيكاراغوا ، سلفادور و أخيرا في العراق ، هايتي و ليبيا .
إن الاستعمار الجديد لا يتوقف عند حد حراسة ، و مراقبة الاقتصاد الامبريالي ، لكنه يشمل كل المجالات .
ان الاجتماع الذي ضم شعوب افريقيا بالقاهرة سنة 1961 قد أكد على أن الاستعمار الجديدقد عوض النظام الاستعماري القديم ، فرغم الاعتراف الشكلي بالاستقلال السياسي للدول التي ظهرت ، فقد أصبحت ضحايا لشكل غير مباشر من الهيمنة بادوات سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، عسكرية أو تقنية .
إن هذه الوسائل تشكل تهديدا خطيرا للدول الافريقية التي حصلت على استقلالها ، أو بالنسبة لتلك التي أصبحت مقتربة من نيل استقلالها السياسي .
إن المؤتمر الذي احتضنته هافانا في يناير 1966 بامريكا اللاتينية حول التضامن مع شعوب افريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية ، أكد على الطابع العالمي للاستعمار الجديد ، فالامبريالية كي تضمن هيمنتها عمدت الى تخريب القيم الوطنية ، الثقافية و الروحية لكل دولة .
كما عملت على بناء جهاز للسيطرة ، يوظف القوى العسكرية المحلية الخاضعة لخطها السياسي ، بالاضافة الى بناء القواعد العسكرية ، زد على ذلك المستشارين التقنيين الذين اتت بهم من الدول الامبريالية ، و الاتفاقات العسكرية السرية ، و التحالفات الاقليمية و العالمية التي تتأهب بها للحروب .


2 – آثار الاستعمار الجديد على العلاقات الإقطاعية و الشبه الإقطاعية في الزراعة ، و آثاره على تطور الرأسمالية في الدول المتأخرة .

لقد تطرقنا الى عدة نظريات حول دور الاستعمار الجديد في دول العالم الثالث منذ الحرب العالمية الثانية . فبعض الأقلام كانت تشير الى أن الامبريالية استطاعت بفضل الاستعمار الجديد ان تحدث تغيرات نوعية و عميقة في علاقات الانتاج ما قبل الرأسمالية بسبب التطور السريع للقوى المنتجة في بلدان العالم 3 .
أما البعض الآخر ، فقد أنكر نهائيا التحولات التي قد تطال علاقات الانتاج ما قبل الرأسمالية .
إن الحقيقة توجد بين هاتين الرؤيتين.

فقبل أن نقف عند التحولات التي أحدثتها الاشكال النيوليبيرالية للاستغلال بعد نهاية السيادة الاستعمارية المباشرة ، أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية سنشير أولا الى تلك التي عرفتها هذه البلدان في الحقبة الاستعمارية المباشرة .

1-2 – آثار السيادة الاستعمارية المباشرة على البنيات و الطبقات الاجتماعية ما قبل الرأسمالية .

إن الشكل الجوهري للنظام القديم للسيادة الاستعمارية تجلى في التحالف بين الامبريالية ، و القى الراسمالية المحلية : نبلاء الاقطاع ، الامراء ، الشيوخ ، رؤساء القبائل ...لكن بعض المستعمرات الاخرى عرفت أشكالا أخرى ، كذلك التحالف الذي وقع بين الامبريالية و بعض الفئات من الطبقة الرأسمالية المحلية .
لقد كان هذا راجعا الى أن علاقات الانتاج ما قبل الرأسمالية هي التي كانت سائدة في المستعمرات ، و الشبه مستعمرات ، ما أدى الى غياب البرجوازية الوطنية أو الى ضعفها ( كما كان الحال في أغلب افريقيا ) .
ففي ظل السيادة الاستعمارية عرفت المستعمرات بعض النمو الغير المتوازن الذي تمظهر في التفقير الذي مورس في حق اغلبية الشعب ، لقد تحولت هذه المستعمرات الى مراكز لانتاج المواد الأولية و المنتوجات الخاصة ( معادن – انتاج زراعي مخصص للتصدير ) . إن اقتصاد جل المستعمرات أصبح مرتكزا على انتاج و تصدير بضاعة أو بضاعتين :
غانا – الكاكاو..................................

إن الاحتكارات الكبرى للامبريالية كانت تستحوذ على كل المعادن و كل المزارع ، كما كانت توظف اليد العاملة المحلية بأجور هزيلة ، فقليلا ما كانت تعتمد على استقطاب طبقة عاملة تكون نسبيا مؤهلة ( كالعمال الزراعيين الصينيين الى بعض المناطق جنوب و غرب آسيا ) . أما الاحتكارات التجارية فكانت تشتري المنتوجات الزراعية من المزارعين المحليين بأثمان بخسة .

إن علاقات البضاعة قد تم تطويرها من خلال تحويل الارض الى سلعة : جمع الضرائب نقدا – تأدية الاجور نقدا في الزارع و المناجم – شراء المواد الاولية من المنتجين الزراعيين كالقطن لصالح الشركات الاحتكارية و بيع البضائع الامبريالية لسكان المستعمرات .

إن مصالح النظام الاستعماري القديم هدفت الى منع تصنيع المستعمرات و إبقائها مصدرا للمواد الأولية و للانتاج الزراعي و المعدني لمصانع الدول الامبريالية .

إن المؤتمر 6 للاممية الثالثة حول الحركة الثورية في الدول المستعمرة و الشبه مستعمرة أشار الى هذا التطور المشوه للرأسمالية في الفقرات التالية : إن الاستغلال الاستعماري تطلب من الامبريالية تشجيع ، دعم و تطوير الانتاج في المستعمرات ، إن هذا الدعم الذي يكون في صالح الاحتكار الامبريالي ، يوجه و يسير فقط وفق مصالح الميتربول ( الدول الامبريالية ) و خاصة وفق مصالح المحتكر الاستعماري . إن هذا الوضع يجبر المزارعين على الاهتمام بالزراعات المخصصة للتصدير ، فمثلا يتم الانتقال من زراعة الحبوب الى زراعة القطن على سبيل المثال ، أو الى الاهتمام بزراعة السكر أو الكواتشو. إلا أن هذا الانتقال من الاهتمام بزراعة الى أخرى يتم بشكل لا يتماشى مع مصالح التطور الاقتصادي المستقل للدولة المستعمرة لكنه بالعكس يمثن دائما و بشكل أكثر صلابة تبعية هذه الفئة للدول الامبريالية ، فبهدف توسيع قاعدةالمواد الاولية لصالح الامبريالية العالمية تم تشجيع منتوجات زراعية جديدة عوضت تلك التي دمرها الخط الاستعماري . فمن أجل نفس الاهداف تم بناء نظام جديد للسقي عوضا عن القديم الذي تم تدميره . إنه سلاح جديد بين يدي الامبريالية يمكنها من رفع حدة الاستغلال للمزارعين .

فمن أجل توسيع السوق الداخلية ، عملت الامبريالية على توجيه العلاقات الزراعية لصالح نمط الانتاج الرأسمالي ، و هي علاقات جزء منها خلقها الاستعمار نفسه ( مزارع متعددة تخدم مصالح الراسمال المالي ).

إن استغلال الثروات المعدنية في المستعمرات يتم وفقا للمتطلبات الصناعية للامبريالية و خاصة وفق رغبة هذا الاحتكار الامبريالي في قطع تبعيته لدول أخرى تتوفر على المواد الاولية ، لكن حضور هذا المحتكر يظل ضعيفا في هذه الدول . إنها أهم مجالات الانتاج الاستعماري ، فأهم المقاولات التي أنشئها الامبرياليون في المستعمرات ( باستثناء بعض المقاولات ذات الطبيعة العسكرية ) هي مقاولات ذات طبيعة راسمالية زراعية ، تتميز بضعف التركيب التنظيمي لرأسمالها .إن التصنيع الحقيقي للدول المستعمرة ، خاصة بناء صناعة ميكانيكية ناجحة تمكن هذه الدول من تطوير قواها المنتجة بشكل مستقل تم تعطيله من طرف الامبرياليين .

إنها المهمة الجوهرية للاستعباد الاستعماري : إن الدولة المستعمرة أجبرت على ان تقبل خسارة تنميتها المستقلة ، و على أن تلعب دور الملحقة الاقتصادية بموادها الاولية الزراعية للرأسمالية الخارجية ، ما أدى الى تبعية الطبقات الكادحة ، و الى تقوية السلطة الاقتصادية و السياسية للبرجوازية الامبريالية ، كل هذا ساعد على ضمان استمرار الاحتكارات في هذه المستعمرات ، و على توسعها مقارنة مع باقي العالم . فلكي نفهم بشكل واضح هذا التطور المشوه الذي عرفه اقتصاد المستعمرات سنسوق مثال دولة واحدة : غانا .

فبعد استقلالها سنة 1957 بدأت غانا تصدر معدن الالومنيوم لتستورد الاواني المصنعة من الالومنيوم ، تصدر زيوت النخيل و تستورد الصابون ، تصدر الخشب و تستورد الورق ، تصدر الجلد و تستورد الاحذية ، إن غانا التي تعتبر أول منتج و مصدر للكاكاو تستورد سفنا من الشوكولاتة و قنينات الكاكاو ، إن
في السنة كي تستورد الاكياس التي ستملئها بالكاكاو Les cents de livres غانا تنفق الملايين من
من أجل تصديره .
إنه أمر لا يصدق : شركة بريطانية تمتلك في غانا ضيعات كثيرة من الحوامض تصدر نحو بريطانيا لتعيد استيراده نحو غانا قصد توزيعه في قنينات بأثمان مرتفعة .

للقيام بكل هذه المهام و في أحسن الظروف فإن القوى الاستعمارية تضطر الى تشييد الطرقات و السكك الحديدية ، المطارات ، تنمية بعض البنيات التحتية ... الشيء الذي ساهم في تطوير بعض العلاقات الراسمالية .
ان تصدير الرساميل ابتداء من العشرية الاخيرة من القرن 19 قد سرع هذا التطور .
ان الرفيق لينين كان قد سجل " ان تصدير الرساميل يؤثر و يسرع بشكل كبير في تطور الراسمالية بالبلدان التي تصدر اليها " لكن كما اشرنا الى ذلك فهذا التقدم و التطور يبقى مشوها و يتم ضبطه فقط وفقا للاحتياجات الاحتكارية للمواد الاولية .

ان المصانع القليلة التي تم بناءها تراقب من طرف الامبرياليين ، اما المعامل المعدنية و تلك المرتبطة باستخراج البترول و كذلك الضيعات ، فقد كانت كليا بين يدي الراسمال الامبريالي . ان هذا التطور الجزئي الذي عرفته المستعمرات ، لم يهدف الى تلبية حاجات السوق الداخلية ، انما كان في خدمة الاحتكارات الامبريالية ، فلهذه الاسباب لن يستطيع التقدم الا في بعض الحدود .
فلهذه الاسباب اصبحت علاقات الانتاج ما قبل الراسمالية هي المهيمنة في المستعمرات بينما العلاقات الراسمالية فرضت على هذه المستعمرات من الخارج ، عكس التطور الذي عرفته الراسمالية في التشكيلات الاجتماعية ما قبل الراسمالية التي كانت في اوروبا و امريكا ، حيث ضمنت السوق الداخلية قاعدة صلبة مكنت الراسمالية من الرشد .
ان الراسمالية التي ظهرت في اوروبا كانت لها حركيتها الداخلية التي مكنتها من التطور بلا حدود ، كما مكنتها من تحويل البنيات الفيودالية و الشبه فيودالية ، و بعض البنيات الاخرى ما قبل الراسمالية صادفتها في طريقها ، بل أكثر من ذلك فقد دمرت هذه العلاقات ما قبل الراسمالية بالقوة .إن تحطيم ما كان موجودا من قبل شكل في نفس الوقت ارضية لخلق علاقات راسمالية جديدة .

ان التطور السريع الذي عرفته القوى المنتجة في الدول الراسمالية ارتكز على الاسواق الداخلية المناسبة ، رغم الاستغلال و الخسائر ، دون ذكر المستعمرات ، و شبه المستعمرات و تجارة الرقيق ، التي اعطت الانطلاقة نحو التراكم البدائي للرساميل .
فحتى في اليابان ، حيث الثورة الديمقراطية اللامنتهية ، استمرت العلاقات الشبه فيودالية في الزراعة الى حدود الحرب العالمية الثانية . و رغم ذلك استطاعت الراسمالية ان تتطور بسرعة لانها ارتكزت كليا على الراسمال الوطني الذي عرف تطورا مستقلا .

فرغم تاخرها الحاد الى حدود الربع الاخير من القرن 19 ، بالاضافة الى الخصاص الكبير الذي كانت تعاني منه فيما يخص المواد الاولية ، إلا انها استفادت من كونها لم تكن ابدا مستعمرة او شبه مستعمرة .
ان السوق الداخلية كانت محدودة قبل الحرب العالمية بسبب العراقيل التي كانت تخلقها العلاقات الشبه اقطاعية . إلا أن جهاز الدولة الذي كان منظما تنظيما عسكريا قويا ساعد الراسمال الياباني من احتلال السيادة في الاسواق ، و على الاستحواذ على الموارد الخارجية للمواد الاولية .
إن تدمير نمط الانتاج القديم لم يتم إلا جزئيا في المستعمرات لانه لم يخلق شيء جديد يعوضه بفعل وجود مقاومة ضاغطة . و هكذا تطورت الراسمالية جنبا الى جنب مع البنيات و العلاقات ما قبل الراسمالية .
إن الحرفيين المفلسين لم يستطيعوا الاندماج في مجال الانتاج لان العدد القليل للمصانع لم يستوعبهم ، الشيء الذي دفعهم الى العودة للقرى ، و بالتالي تكريس حدة الازمة الزراعية ، انه استغلال اقتصادي حقيقي مزدوج باضطهاد السوق الداخلية في المستعمرات و الشبه مستعمرات . فبسبب الضعف الحاد للاسواق الداخلية في هذه المستعمرات ، استطاعت الاستثمارات الخارجية في هذه الدول ان تحقق كل الامتيازات ، هكذا أصبح كل القطاع الراسمالي في مسلسل التنمية مصدره الخارج .

ان العلاقات ، و البنيات ما قبل الراسمالية سخرت لحاجيات المعمرين لكنها لم تعرف تحولات جذرية من اجل نمط انتاج راسمالي . فالبرجوازية التجارية اتحدت مع الراسمال الخارجي ، فتحولت الى برجوازية كمبرادورية ، اما الملاكين العقاريين و زعماء القبائل فقد شكلوا ركائز اجتماعية للعملاء الاستعماريين .
ان الرفيق ماو قد شرح هذه الظاهرة في سياقها الصيني معتمدا على خلاصاته حول الحركة الثورية في البلدان المستعمرة والشبه مستعمرة ، و على خلاصات الرفيق ستالين التي القاها ماو في المؤتمر 16ل Komintern
" ان القوى الامبريالية جعلت طبقة الملاكين العقاريين و و الكمبرادوريين ركائزا
اجتماعية لسلطتها في الصين ، ان الامبريالية تحالفت في البداية مع زعماء البنية الاجتماعية السابقة ، مع السادة الاقطاعيين ، و البرجوازية التجارية ضد اغلبية الشعب .
ان الامبريالية تحاول في كل مكان الحفاظ على كل اشكال الاستغلال ما قبل الراسمالي خاصة في القرى التي تخدم تواجد حلفائها الرجعيين .

ان الامبريالية بكل سلطتها المالية و العسكرية هي القوى التي تساند و تدعم و تحافظ على بقايا الاقطاع في الصين ، و على بنيتها الفوقية البيروقراطية العسكرية " .
فبالاضافة الى كل هذا فان الرفيق ماو قد سجل ايضا " على اي فان ظهور و تطور الراسمالية ليس الا جانبا من جوانب التغيير التي تلت تدخل الامبريالية في الصين ، بالاضافة الى جانب آخر مرافق ، انه تواطؤ الامبريالية مع القوى الاقطاعية من اجل منع تطور الراسمالية الصينية " .
لكنه في نفس الوقت ظهرت طبقة جديدة من العمال و الرأسماليين في المرحلة الاستعمارية الى جانب الطبقات الاجتماعية المرتبطة بالتشكيلات الاجتماعية ما قبل الراسمالية من سادة اقطاعيين ، العمال الزراعيين ، رجال الحرف و المهن القروية ، الشيوخ ، الرؤساء ...
هناك أيضا قوى جديدة : فئة الموظفين ، التقنيين المختصين في الخدمات هؤلاء الذين شغلوا مراكز جديدة في الادارة الاستعمارية ، القوى العسكرية ،خدمات البريد ، المستشفيات المدارس و الاعداديات ...
إن الرفيق ماو في كتابه حول الديمقراطية الجديدة شرح هذه المتغيرات الجديدة التي عرفتها الصين بعد ظهور القطاع الراسمالي في الاقتصاد الصيني .
" لقد تغيرت خصائص المجتمع الصيني شيئا فشيئا ، فمنذ ظهور الاقتصاد الراسمالي في الصين ، لم يعد قط مجتمعا إقطاعيا بالكامل ، فلقد أصبح شبه إقطاعي رغم الهيمنة الدائمة للاقتصاد الفيودالي ، فمقارنة مع هذا الأخير فإن الاقتصاد الرأسمالي يشكل النوع الجديد .
إن القوى السياسية للبرجوازية ، البرجوازية الصغيرة ، و البروليتاريا شكلت القوى السياسية الجديدة التي ظهرت و تطورت بشكل متواز مع الاقتصاد الراسمالي الجديد ، إن هذه القوى الاقتصادية و السياسية الجديدة حملت معها على المستوى الايديولوجي ثقافة جديدة . فبدون الاقتصاد الراسمالي ، بدون البرجوازية ، البرجوازية الصغيرة ، و البروليتاريا فبدون القوى السياسية لهذه الطبقات ما كان لتظهر الايديولوجية الجديدة أو الثقافة الجديدة ".
إن التطور الذي عرفته الراسمالية في ميدان الزراعة كان محدودا ، فدرجات التطور
كانت مشروطة بأهمية الصادرات التي تحتاجها البلدان الامبريالية . إنه ما يؤكد الخلاصات الاساسية ل .Komintern

" إن الراسمالية التي وجهت القرية المستعمرة في نظامها الضريبي ، و في جهازها التجاري ، و التي حولت العلاقات ما قبل الراسمالية ( تدمير الجماعة القروية ) ، لم تحرر المزارعين من الخضوع القسري لخدمة الاقطاع ، لكنها منحت لهذا الأخير تعبيرا ماليا ( خدمات ، اكتراءات اقطاعية ، أداء الضرائب نقدا ...) كل هذا سيساهم في الرفع من حدة القهر عند المزارعين . فرغم التنوع الكبير للعلاقات الزراعية في مختلف الدول المستعمرة ، و حتى في مختلف مناطق دولة واحدة ، فإن شروط حياة الجماهير تتميز بالفقر المدقع (...) ، ففي مثل هذه الظروف ، فإن التملك الكبير للأرض ليست له قيمة مضافة حتى مع وجود زراعة ذات مستوى عال ، لكنها تصبح فقط وسيلة تكرى أو تكترى بالقوة للمزارعين .
نستطيع هنا أن نجد تسلسلا في مستويات عدة تتألف من :
- النبلاء
- أمين النبلاء
- المزارع الذي يشتغل في حقله ، و الملاك الكبير ، او الدولة(...)
لقد تم اقصاء جماهير كثيرة من المزارعين ، من مسلسل الانتاج ، بحيث لم يعد بامكانهم ان يجدوا عملا سواء في المدن ، أو في القرى ، فتحولوا الى فئات مسحوقة .
إن محاولة تطبيق الاصلاح الزراعي دون المس بالنظام الاستعماري ، كان الغرض منه تحويل ملكية الارض الاقطاعية الى ملكية راسمالية ، أما في بعض الحالات فمن أجل خلق فئة محدودة من المزارعين على شاكلة الكولاك .
ان الرفيق ماو كتب حول التحولات التي عرفها الاقتصاد الصيني مع بروز الراسمال الخارجي ما يلي : " ان اسس الاقتصاد الطبيعي ، في المرحلة الاقطاعية ، قد تم تدميرها ، لكن استغلال الفلاحين من طرف ملاكي الاراضي ( هذه الملكية التي تشكل جوهر الاستغلال الاقطاعي ) لم تعد فقط وحيدة بل اقترن بطبيعتها تلك بالراسمال الكمبرادوري و الزراعي ، إنها أصبحت تسود بشكل واضح كل الحياة الاجتماعية و الاقتصادية للصين " .
" إن الراسمالية الوطنية قد تطورت في حدود معينة ، و لعبت دورا هاما في الحياة السياسية و الثقافية بالصين لكنها لم تتحول الى النمط الرئيسي في الاقتصاد الصيني ، انها تفتقد الى الحركية ، و بشكل عام ، فقد اصبحت شريكا للامبريالية الخارجية و الاقطاعية " .

أخيرا ، لا يجب ان ننسى ان آثار السيادة الاستعمارية في المستعمرات ، ليست نفسها ، إن هذه الآثار تستنبط من مستوى نمو الاقتصادات المحلية في عهد السيادة الاستعمارية ، و من قوة الطبقات الاجتماعية في هذه المستعمرات .
إن التطورات التي عرفتها امريكا اللاتينية تحت السيادة الاستعمارية المباشرة منذ حوالي 3 قرون ( حيث انتقلت السلطة للملاكين الكبار و البرجوازية الكمبرادورية في الربع الاول من ق 19 قبل ظهور الامبريالية المعاصرة ) مختلفة جذريا عن تلك التطورات التي عرفتها افريقيا الصحراوية ، التي لم تعرف أبدا لا الملاكين العقاريين الكبار و لا البرجوازية الكمبرادورية ، أو الوطنية ، عند نهاية السيادة الاستعمارية المباشرة .
إن الرأسمالية الزراعية من صنف اللاتفنديا “ latifundia” التي ترتكز على البنيات الشبه الاقطاعية
، لم تعرف تطورا متكاملا ، و ذلك بفعل تدخل معيقات اقتصاد التصدير . فبعض البلدان كمصر و الهند ... قد عرفت وجود برجوازية قوية إبان الاجتياح الاستعماري ، لكنها ، سريعا ما تحولت الى برجوازية كمبرادورية .
أما في آسيا فالراسمالية لم تستطع ان تتطور الى مستويات مهمة تحت السيادة الاستعمارية ، رغم تحول العلاقات ، و البنيات الاقطاعية الى علاقات و بنيات شبه اقطاعية ، فالضيعات الراسمالية العصرية التي
الى غير ذلك ، ركزت انشطتها على الزراعة الغذائية .« uniliver » , « unitedfruit » امتلكتها
فحتى في القطاع الراسمالي الزراعي يتم اللجوء الى اشكال الخدمة ، و الاستغلال الاقطاعيين من اجل استخراج أكبر قدر ممكن من فائض القيمة .

ان افريقيا التي تعتبر آخر بلاد تم استعمارها في نهاية القرن 19 ، كانت في مرحلتها البدائية ، من النمو في عهد الاجتياح الاستعماري .

ان استقرار البيض الفقراء في افريقيا الشمالية عرقل تكون الطبقات الاجتماعية كتلك التي توجد في آسيا .فكل الاطر الادارية كانت من المعمرين الاجانب ، عكس مستعمرات آسيا و الشرق الاوسط .
ان الراسمالية في هذه البلدن بدأت تتطور في المدن ، فتطورت معها البرجوازية المدينية التي كانت لها علاقات محدودة مع الملاكين العقاريين الكبار ، بينما البرجوازية القروية أو طبقة الكولاك كانت ضعيفة .
فعليا لم تعرف افريقيا تطورا مدينيا ولا برجوازية مدينية . ان البرجوازية القروية هي التي نمت تدريجيا ابان المرحلة الاستعمارية بفعل الانتقال من الزراعة البدائية الى اقتصاد مبني على الضيعات يستهدف التصدير نحو الدول الامبريالية .
ان هذه البرجوازية القروية هي التي انتقلت الى برجوازية مدينية .
ان هذه التطورات المختلفة تحت السيادة الاستعمارية كان لها تأثيرمباشر على الوضع في مرحلة الاستعمار الامبريالي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية .

2-2 : العلاقة بين الاستعمار الجديد و الطبقات الاجتماعية و علاقات الانتاج في دول العالم 3 .

ان التغيرات التي طرئت بعد ح.ع.2 ( اهمها ظهور قطب اشتراكي بالاضافة الى قوى اجتماعية و سياسية جديدة ظهرت في المستعمرات بفعل مسلسل نمو الراسمالية ) أجبرت الامبريالية على اللجوء الى طرق السيادة الغير مباشرة ( الاستعمار الجديد ) و على البحث على قواعد اجتماعية جديدة تمكنها من ضمان نفوذها و استغلالها .
ان بزوغ الشيوعية قد أزعج الامبرياليين و ممثليهم و الفئات القديمة ما قبل الراسمالية : النبلاء الاقطاعيين ، الشيوخ ، عملاء الاستعمار القديم ، جل هؤلاء فقدوا ثقة السكان في العديد من البلدان الاسيوية ، و الافريقية و الامريكية .
ففي العديد من المستعمرات لم تكن حركات التحرر الوطني تناضل فقط ضد الامبريالية لكنها تصارع ايضا ضد الطبقات ما قبل الراسمالية المحصنة و المحمية من طرف فئات الامبرياليين .
ان قدماء الزعماء التقليديين لم يطالبوا إلا بنظام اقتصادي و اجتماعي شبيه بذلك الذي كان موجودا قبل عشر سنوات ، بينما القوى الاجتماعية الجديدة المنبثقة من الحركات الوطنية كانت تمثل طبقات لها مصلحة في بناء الدولة العصرية ، مصانع جديدة ، جامعات و مؤسسات برلمانية .
إن القوى الاستعمارية استوعبت انها لا تستطيع مراقبة الدول الحديثة إلا من خلال قواها الاجتماعية الجديدة التي حصلت على مناصب في السلطة في بعض الدول ، البرجوازية ، البرجوازية الصغيرة ، المثقفين ، النخب البيروقراطية و التقنية ، الموظفين العسكريين ...
أما في الاماكن التي لا تستطيع الامبريالية ذلك فانها تواصل علاقاتها مع القوى ما قبل الراسمالية : النبلاء الاقطاعيين ، زعماء القبائل .

ففي بعض الدول التي عرفت تشكيل حكومات جديدة كنيجيريا ، غانا ، النيجر ، مالاوي ، الفلبين ، اندونيسيا ، السودان ، الهند ، كانت خليطا بين القوى ما قبل الراسمالية و البرجوازية في تحالف مع الامبريالية .
إذن ففي بعض الدول كالهند التي عرفت برجوازية كمبرادورية متقدمة تم النقل المباشر للسلطة لتحالف القوى الاقطاعية و البرجوازية الكمبرادورية .
أما في اغلب الدول الافريقية التي تميزت باقتصاد بدائي و بوجود _________ أعاقوا ولادة طبقة راسمالية ، عملت الامبريالية على خلق طبقة جديدة متوسطة تخدم مصالح الامبرياليين . ان خلق طبقة متوسطة في البلدان الافريقية كان مطلبا امبرياليا عبر عنه مرات عدة في عدة لقاءات و مؤتمرات .
ان البرجوازية الزراعية الافريقية لم تكن لها لا الوسائل المالية و لا القدرات التقنية ، لقد كانت _________ ، إنها غير قادرة على خلق الصناعة الحديثة .
ان الفرع الوحيد الذي تم التخلي عنه لصالح الجيل الشاب من البرجوازية الزراعية الافريقية هو خدمة الدولة .
إذن فقد اصبحت البيروقراطية الجديدة نخبة اساسية ، القوة الرئيسية القاتلة في المجتمع الافريقي .
إن الامبريالية بدات تحالف بشكل رئيسي في افريقيا في إطارمرحلة الاستعمار الجديد مع الموظفين الذين يستثمرون أموالهم في محيطهم و حول القرى في قطاعات مختلفة لبناء الطرق ، السيارات ، الخدمات ، العقار ، و برامج أشغال عمومية أخرى لا تتطلب رساميل كبيرة على غرار الموظفين التقليديين.لقد تحولت هذه البرجوازية الادارية تدريجيا الى برجوازية الدولة الخاضعة للمصالح الامبريالية .إن الهدف الرئيسي للاستعمار الجديد في دول العالم الثالث هو أن يمنع حدوث تغيرات ثورية قد تؤشر على حرب لا هوادة فيها ضد الامبريالية و الاقطاعية يخوضها التحالف العمالي الفلاحي .
فبالاضافة الى كل هذا فقد أصبح من المستحيل الحفاظ على الشركات الاقطاعية و الشبه الاقطاعية كركائز أساسية للتأثير، فالامبرياليون انفسهم قاموا بإصلاحات زراعية كما حدث في التايوان ، كوريا الجنوبية ،
و طبقة Fermiers capitalists ، جنوب فيتنام ، لقد خلقوا طبقة جديدة من الكولاك مشكلة من
راسمالية خاضعة للامبريالية .
كما وقع في مصرFermiers capitalistes ان بعض قدماء الملاكين العقاريين انفسهم تحولوا الى
، التايوان أو في بعض اجزاء الهند .
السياسية من أجل احداث بعض التغييرات في علاقات الانتاج الراسمالية La motivation فبينما كانت
في بلدان العالم 3 نابع من المنافسة على المستوى العالمي بين الراسمالية و الاشتراكية و من التخوف من الانتقال الممكن لهذه الدول نحو الاشتراكية ،
الاقتصادية كانت من أجل تصدير الرساميل و تجارة البلدان الامبريالية . La motivation فان
هناك عائق آخر أجبر الامبرياليين على منح جزء للطبقات الجديدة في هذه الدول و على التحقيق الجزئي لانتصارات الافراد ، الشيء الذي لا يمكنه ان يتحقق بالاعتماد فقط على نمط الانتاج القديم . و هكذا فنتيجة لذلك تم تشجيع أسواق العالم 3 ، و التطور التكنولوجي في حدود لا يمكن تجاوزها .
ان هذا لا يعني ان مصالح الطبقة البرجوازية التي أخذت مكان القيادة في تحالف السلطة بدول العالم الثالث متناقضة مع مصالح القوى الاجتماعية الاقطاعية و ما قبل الراسمالية .
في الواقع انه تحالف نبلاء الاقطاع الذين يهدفون الى اعادة مكانتهم القديمة المتميزة في المجتمع و تحالف
الذين يخشون ظهور الاشتراكية و الذين يودون لعب دور الوسيطLes spéculateurs التجار و
مع الاحتكارات العالمية الكبرى : تحالف فئات نخبوية جديدة تتغذى بالرشوة و التدبير السيء للسلطة الرسمية .
إن كل طفيليي الرأسمالية : الاغنياء الجدد ، السياسيين ، الموجزون ، رؤساء الشرطة و الجيش ، كل الذين قبلوا الفتات الذي قدم لهم من طرف السلطة الاستعمارية القديمة ، راضون على الوضع بينما أغلبية الشعب تعيش في شروط قاسية .
إن أحد أهداف الاستعمار الجديد هو خلق طبقة طفيلية ، فمن خلالهم تراقب القوى الامبريالية قضايا شعوب العالم 3 .
فعلى سبيل المثال لدينا الزايير حاليا أقلية تتكون من 2700 أسرة ثرية بجانب 27 مليون تعيش الفقر المطلق و تعيش في شروط شبه مجاعية .

ان المستبد و خادم الامبريالية "موبوتو " قد سرق 5 مليار من ثروات البلاد ( انه مبلغ يساوي الدين الخارجي للزايير ) لقد أنشأ عشرات القصور في اوروبا ، يملك عددا كبيرا من السفن ، عدة طائرات ، مجال شاسع على شكل ضيعات تنتج المنتوج السادس في الصادرات الزراعية للدولة ، هذا دون الحديث عن اسهمه و املاكه الاخرى .
أما في البرازيل فحسب احصائيات المعهد البرازيلي للتوقعات الاجتماعية و الاقتصادية فان الدخل المتوسط للطبقة الاكثر ثراء اكبر ب 225 مرة من دخل الطبقات الاكثر فقرا ، فحسب توقعات سنة 1985 فان ثلثين
من سكان البرازيل حوالي 86 مليون شخص يعانون mal nutrition . بينما 10 في المئة من الافراد
الاكثر غنى في البرازيل يسرفون نصف المداخل الاجمالية في حين يستفيد 20 بالمئة من الافراد الاكثر فقرا من فتات يعادل 2 بالمئة ( حسب الارقام المتوفرة و المرتبطة بسنة 1972 ) .
في جمهورية الدومنيك 0،07 بالمئة من الملاكين العقاريين يحتكرون 45 بالمئة من الاراضي السقوية و أكثر من نصف السكان يعيشون الفقر المذقع .
اما في الفلبين فلقد وجدوا في جيوب الديكتاتور ماركوس عندما فر من الدولة سنة 1986 على الاقل ما يعادل 15 بالمئة من الديون الخارجية للدولة التي ارتفعت الى 26 مليار دولار .
فحسب توقعات رئيس البنك الدولي الامريكي فان تهريب رؤوس الاموال فيما يخص المكسيك وحدها بين سنة 1983 و 1979 قد بلغ 90 مليار دولار.
بالنسبة لكل امريكا اللاتينية فقد تم تصدير 130مليار دولار الى الخارج من طرف العائلات الفاحشة الثراء المنتمية للطبقات السائدة .
ان الامبريالية نقلت السلطة في كل دول العالم 3 ، اما الى البرجوازية الكمبرادورية ( كانت متحالفة مع طبقة الملاكين العقاريين ) القوية نسبيا من اجل تحمل مسؤولية السلطة او بتشجيع بعض التطورات الراسمالية من اجل خلق طبقة كمبرادورية جديدة خاضعة للامبريالية .
فكما شرحه Amiscal cabral قائد الشعب الغيني " غينيا البرتغالية " ، " ان احد الاهداف الاساسية
للاستعمار الجديد خلق برجوازية وهمية من أجل عرقلة الثورة و توسيع امكانيات البرجوازية الصغيرة من اجل ان تحيد الثورة " .

انه اساسي بالنسبة لنا ان نعترف بان امكانيات نمو راسمال وطني تبقى محدودة في الدول التي يسودها الراسمال الاجنبي كما في امريكا اللاتينية و بعض دول آسيا و الشرق الاوسط كالهند و مصر. اما الوضع في افريقيا فانه اكثر صعوبة بما ان الحد الادنى من التراكم البدائي لم يتحقق و بما ان الراسمال الوطني لم يوجد بعد نهاية السيادة الاستعمارية المباشرة . في الواقع لقد تم دمج افريقا في السوق العالمي في مرحلتها البدائية من النمو الاجتماعي كما ان توظيف المال كان Marginal
.فتاريخيا ان الراسمال الذي تم استثماره هو نتاج استغلال القطاعات الغير الراسمالية بمعنى عكس التراكم البدائي للراسمال" .
إن الارباح المستخلصة من الرساميل المستثمرة ، تم حفظها من أجل اعادة استثمارها فيما بعد من اجل توسيع القدرة الانتاجية ، إنها الدورة التي نسميها اعادة الانتاج .
فبدون التراكم البدائي للراسمال و اعادة الانتاج فلا يمكن ان يتحقق التطور الراسمالي .
ان مستويات تراكم راسمال اغلب بلدان العالم 3 كانت ضعيفة جدا و ذلك بسبب التحويل المستمر للفائض نحو الدول الامبريالية .

هكذا ففي ظل الشروط الامبريالية فان البرجوازية المحلية لايمكن ان تتقدم الا في اطار الاحتمالات المتاحة و المسطرة من طرف الراسمال السائد ما يوضح في ظل الاستعمار الجديد .
فنتيجة لذلك فقد لعبت الدولة في بلدان العالم 3 دورا مهما في التراكم البدائي للراسمال و في مساعدة نمو البرجوازية الخاصة ، اما في بعض الدول تم استعمال المساعدات القادمة من الدول الاشتراكية او تلك التناقضات التي نتجت بين مختلف القوى الامبريالية .
لقد تطورت راسمالية الدولة بشكل سريع و بمستويات مختلفة ، بل أكثر من ذلك لقد تم تأميم حتى الرساميل الاجنبية كما حدث في مصر و الكونغو ، زامبيا و تونس .

اما في الهند فقد تطور قطاع راسمالية الدولة بشكل مثير في العشريات الاربع التي تلت انتقال السلطة ، لقد تم ذلك بمساعدة الامبريالية و الاشتراكية الامبريالية دون اللجوء الى تأميم الرساميل الاجنبية .
ان قطاع الدولة في مجموع بلدان العالم 3 تطبع بالصفة الكمبرادورية ، لقد خلق سوقا داخلية واسعة ، و أحدث بعض التغيرات في علاقات الانتاج الاقطاعية و في بعض العلاقات ما قبل الراسمالية المرتبطة بالزراعة .
ان الامبريالية عبر العالم قاست بتغيير و توجيه الاقطاعية و العلاقات الانتاجية ما قبل الراسمالية الاخرى بشكل منسجم مع حاجاتها .

اما في مرحلة الاستعمار الجديد ففي بعض الدول الافريقية و الامريكية اللاتينية و في بعض المناطق من بلدان آسيا ، فإن الراسمالية الزراعية المرتكزة على اقتصاد الضيعات العصرية و الموجهة نحو التصدير ، تطورت الى مستويات ملحوظة ، نستنتج إذن بانه ازدهار ، بما ان تطورها قبلي ليس بحاجة لسوق محلية لكنه نتيجة لطلبات و حاجيات السوق الامبريالي العالمي .
فكلما انخفضت أثمان بيع المنتوجات المخصصة للسوق العالمي إلا ونستنتج وجود أزمة فلاحية خانقة في هذه الدول بالاضافة الى النسبة الكبيرة من المزارعين . اننا نكتشف ايضا ظاهرة غريبة تتمثل في كون الدول التي تعرف بالفلاحية في اقتصادها ، تستورد المنتوجات الغذائية لاستهلاكها اليومي .
ان المغرب مثلا كان يصدر Les céréales إبان سنوات 1950 بينما اليوم لا يغطي الا الخمس من
حاجياته الاساسية . لقد ارتفعت نسبة مستوردي المواد الغذائية في المتوسط الى 17 في المئة في السنة بين سنوات 1970 و 1983 أي بنسبة 220 في المئة .
ابتداء من أواسط سنة 1960 عندما بدأت الولايات المتحدة الامريكية تواجه أزمة خانقة في فائض الانتاج المرتبط بالآلات الزراعية والمواد المخصصة للزراعة التجئت الى تبني استراتيجية الثورة الخضراء المقترحة من البنك العالمي .
ان عرض مساعدات و.م.أ ، و من بعد مساعدات القوى الامبريالية الأخرى على دول العالم 3 تضمنت : اسمدة رفيعة ، جرارات ، حصادات و بعض الآلات الأخرى .
ففي سنوات 1970 و 1980 عرف العالم 3 ارتفاعا غير مسبوق في استعمال كل هذه الآلات و المعدات الفلاحية . فمن أجل ان تتجاوز الامبريالية ازمتها الاقتصادية سرعت من مستوى التطور الراسمالي للزراعة في بلدان العالم 3 ابان الربع الاخير من ق 20 .
ان هذا أدى الى ظهور طبقة جديدة " الكولاك " ، لكنه في العديد من الدول شكلت البنيات الشبه اقطاعية معيقات امام التحول الكامل نحو الزراعة الراسمالية .
ان كل هذه التغيرات التي طرات في إطار الاستعمار الجديد لا توضح الا قطيعة نسبية مع اشكال ما قبل الراسمالية الاقتصادية . و بالتالي فان القطيعة النهائية مع الاشكال الاقطاعية و الاشكال الاخرى ما قبل الراسمالية يصبح مستحيلا في ظل النظام الامبريالي العالمي بدون ثورة بروليتارية حقيقية .
في الخلاصة نستطيع ان نقول بانه في مرحلة الاستعمار الجديد يوجد تطور سريع للراسمالية سواء في زراعة أو صناعة بلدان العالم 3 . لكن بدون ان تتحول هذه الاقتصاديات الى اقتصادات راسمالية .
ان البنيات الشبه الاقطاعية : هيمنة الراسمال الاجنبي في هذه البلدان ، التكنولوجية الاجنبية ، البضائع الاجنبية ( الخدمات ) ... كل هذه العوامل تعرقل تطور الراسمالية في هذه البلدان و تحولها الى ملحقات دول شبه اقطاعية ، شبه مستعمرة ، و مستعمرات جديدة .
ان تحطيم هذه العقبات هو الكفيل بتحقيق تقم حقيقي صناعي و زراعي في هذه البلدان .
ان التخلص من هذا الاقتصاد الراسمالي العالمي هو الذي سيمكن هذه الدول من التحول الى مجموعة منظمة و متقدمة تتمتع باقتصاد قوي .

3-2- الاتجاهات العالية في الاقتصاد الراسمالي العالمي : التدويل و آثاره على العالم 3 .

ان التدويل الراسمالي كما هو ليس ظاهرة جديدة لكنه في ظل مرحلة الاستعمار الجديد عرف تقدما بمستويات لم يسبق لها مثيل، بل لقد اتخذت اشكالا جديدة تضمن استمرار الامبريالية على قيد الحياة .
ان الراسمال يتجه نحو التوسيع المستمر ، و يدمج مختلف الانواع الاقتصادية في سوق عالمية واحدة .ان هذا السوق العالمي قد ظهر في النصف الثاني من القرن 19 و كان ماركس شخصيا قد اشار الى هذا الحدث . منذ ان حاولت الراسمالية دمج الانشطة الاقتصادية عبر العالم و حمل مختلف الاشكال الاقتصادية على الدخول في سوق عالمية موحدة .
في هذه المرحلة الاولى التي تمتد من سنوات 1860 الى حدود بداية القرن 20 اتخذ التدويل الراسمالي شكل التجارة العالمية للمواد الحرفية ، يضاف الى هذا الشكل تصدير الراسمال المالي انطلاقا من نهاية القرن 19 .
ان لينين الذي عايش المرحلة التي اصبح فيها الراسمال المالي يشكل عصب الاقتصاد العالمي سجل بان هذا الوضع سيقود الى " توسع الراسمالية عبر العالم " .
ان الرفيق ستالين قد تحدث ايضا سنة 1925 عندما قال : " فبسبب ارتفاع تصدير الرساميل من البلدان المتقدمة نحو المتأخرة ، ارتفاع شجعه الاستقرار النسبي للراسمالية تطورت الراسمالية في البلدان المستعمرة و ستستمر في التطور بنسب سريعة ستحذف الشروط الاجتماعية و السياسية القديمة لتعوضها باخرى جديدة" .
ان الحرب العالمية 2 تلتها فترة من تدويل الاستثمارات ، التمويل ، القروض ، المساعدات .
فبعد انفجار الازمة الطويلة للامبريالية التي بدأت في بداية 1970 ، فإن تدويل الانتاج و الاستثمارات الاجنبية المباشرة بدات تضمن سيادتها .
هناك مبدأ اساسي يقول بان الهدف الوحيد للراسمال يتمثل في مراكمة الراسمال ، فكل التحولات التي عرفها الاقتصاد العالمي كانت اساسية فقط لتراكم الاحتكارات الامبريالية مزيدا من الرساميل .
ان التحول في ادوار الاقتصاديات الاسيوية ، الافريقية ، الامريكية اللاتينية و كذا التحولات التي طرأت داخل اقتصاديات هذه الدول لا يمكن فهمها الا في سياق التحولات التي نتجت في كل الدورة التدويلية الراسمالية كما وصفناها اعلاه .
فنتيجة لكل هذا فان المرحلة الولى من تدويل الراسمالية تميزت بوجود مناطق كاملة في كل من آسيا ، افريقيا و امريكا اللاتينية مختصة في تمويل المصانع الاوروبية بالمواد الاولية الفلاحية و مواد أخرى .
ففي هذه الفترة استثمر الراسمال الاوروبي في الضيعات ، الانشطة المعدنية ، القطاعات المرتبطة بالتنمية الاستعمارية ، كالسكك الحديدية ، المحطات الطرقية ، الابناك ، التامينات، التجارة و الخدمات .
بينما الدول الامبريالية تمولهم بالمنتوجات الاستهلاكية ، في حين تقوم المستعمرات و شبه المستعمرات و الدول التبعية بتمويل الامبريالية بالمواد الاولية . بمعنى انهم يقايضون المراكز الصناعية الغربية بالمواد الاولية .
ان الميزة الاساسية التي اتسمت بها دول آسيا و افريقيا و امريكا اللاتينية في الربع الاول الذي تلى الحرب العالمية 2 ( اغلبها تخلصت من السيادة الاستعمارية المباشرة ) تمثلت في تاسيس مجموعات صناعية موسعة .
ان الدول الامبريالية التجأت الى تصنيع العالم 3 ابان الحرب العالمية 2 و بعدها و ذلك لسببين :
الاول : كان لديها فائض غير مسبوق في المعدات بالدول الامبريالية .
الثاني : كلفة الانتاج منخفضة في دول العالم 3 كما ان نسبة الارباح مرتفعة جدا .
هكذا استطاع الامبرياليون ضرب عصفورين بحجر واحد : ربحين في عملية واحدة .
بالاضافة الى ذلك ففي أغلب دول العالم 3( كل افريقيا باستثناء جنوب افريقيا، الدولة الامبريالية ) فان
التصنيع الغذائي اسسته بشكل مباشر الشركات العملاقة و المتعددة الجنسية التي تصدر أغلب الارباح نحو الخارج ، بما ان الطبقات الكمبرادورية ليس لها اعتراض لانها لا تستطيع ان ترغم هذه الاحتكارات الاجنبية على إعادة استثمار ارباحها في هذه الدول المعنية .فبعيدا عن كل هذا فان المعدات و الآلات التي تباع للراسماليين الخاضعين تتميز بجودة ضعيفة بينما الشركات المتعددة الجنسية تتمتع بتكنولوجيا جد متقدمة ، هكذا تنعدم امكانية منافسة حقيقية بين القطاعات المحلية و الاجنبية في تصنيع المواد الاستهلاكية .
إن كل مقاولة صغيرة أو متوسطة ترغب في ان تكون قوية يجب ان تخضع للتنسيق بشكل أو بآخر مع الشركات المتعددة الجنسية .
إن القروض و المساعدات ، التي تمنحها الامبريالية لدول العالم 3 تكون مرتبطة بمجموعة من الشروط تعكس مصالح هؤلاء .
إن الاتجاه في تصنيع العالم 3 يؤدي الى تطور مستواه التبعي ، حيث الشكر الدائم للامبرياليين على التقدم التكنولوجي . لقد عرفت ايضا هذه الفترة تقسيما جديدا للعمل على المستوى العالمي ، بحيث تمنح الدول الامبريالية المعدات و الآلات بينما دول العالم الثالث ، المواد الاستهلاكية المستخرجة من الصناعة الغذائية التي تهيمن عليها الشركات المتعددة الجنسية في العديد من الدول .
فخلال سنوات 1950 و 1960 و النصف الأول من سنوات 1970 تم إملاء نهج السياسات الحكومية في دول العالم 3 من طرف الامبريالية من اجل خلق الشروط الاساسية لاستيعاب ما تمت الاشارة اليه أعلاه : نقل جزء من الصناعة الاستهلاكية للدول الامبريالية نحو دول العالم 3 .
فحسب مقررات البنك العالمي فمن أجل التفعيل الاقصى لهذا التقييم العالمي الجديد للعمل تم تطوير البنيات التحتية الصناعية ، من خلال بناء الطرقات، انشاء المطارات ، مراكز الطاقة ، شبكات الاتصالات ...
مع الازمة الخانقة التي عرفها السوق العالمي منذ بداية سنة 1970 ، اشتدت المنافسة بين مختلف الشركات العملاقة و المتعددة الجنسية ، كما أن الانخفاض التابث في نسبة ارباح الصناعة في البلدان الامبريالية ارغم الاحتكارات ان تبحث منذ نفس سنوات 1970 عن اتجاهات دولية جديدة.
هكذا ظهر تدويل الانتاج " بمعنى تقسيم و تجزيئ مسلسل الانتاج الى عدة عمليات تمكن من توزيعه في مختلف الدول قصد الرفع في النسبة العامة للربح .
ان الثورة العلمية و التقنية الفريدة التي عرفها عصرنا دفعت نحو مركزية الانتاج في المجال ، و الى مركزة القرار .
ان الدول الامبريالية احتفظت بالمصانع الفوق عصرية و التي تتميز بعمل منظم تنظيما عاليا و تتطلب يدا عاملة جد مؤهلة كما بالنسبة للصناعة النووية ، الاتصالات عبر الاقمار الاصطناعية ، أو أنشطة اخرى فضائية ، او انتاج الحواسيب و التقنيات الالكترونية ... بينما طلب من دول العالم 3 التخصص في الخطوط التقليدية للانتاج التي تتضمن ، المصانع التقليدية للصلب كالحديد ، الصناعة الميكانيكية ، و وسائل انتاج أخرى تتطلب عامة يدا عاملة غير مؤهلة او مؤهلة نسبيا .
و هكذا فباستثناء اشكال الانتاج الاوتوماتيكي التي تتطلب يدا عاملة جد مؤهلة ، فكل فروع النشاط الصناعي التي تتضمن انتاج وسائل الانتاج للمصانع التقليدية تم تحويلها بشكل عام في اتجاه اسواق العالم 3 حيث تتلاءم مع اليد العاملة الموجودة .
فخلافا لهذا فان اليد العاملة المؤهلة جدا في دول العالم 3 تم نقلها نحو الخارج في اتجاه الدول الامبريالية في اطار مسلسل سمي سرقة او تهجير الادمغة .
لقد تم تشجيع بلدان العالم 3 على خلق ما يسمى " مجالات المعالجة من أجل التصدير "، مجالات التبادل الحر ، أو أحياء صناعية ، في شروط مجحفة بحيث يتم استغلال يد عاملة غير مؤهلة او نسبيا كذلك في عمليات التركيب ، أو في صناعة المنتوجات الكيميائية ، كل هذا من اجل التصدير .
ان هذه المراكز و خاصة منذ 1970 تستغل يدا عاملة ضعيفة التنظيم تلبي حاجات الشركات المتعددة الجنسية .
ان هذه التحولات الناتجة عن استيراد التصنيع في اطار تخطيط الدولة و بمساعدة الرساميل الاجنبية خلال سنوات 1950 و 1960 نحو مصانع ركزت على التصدير منذ 70 .
لا يمكن فهمها الا اذا نظرنا الى جوهر تدويل الانتاج و ظهور مصانع ذات الابعاد العالمية بسبب المستويات المرتفعة التي بلغها التمركز و التخصص الذي تحقق بفعل الراسمال المتعدد الجنسية خلال 20 سنة التي تلت ح.ع.2 اي خلال سنوات التوسع السريع للاقتصاد العالمي ، و الانخفاضات التي عرفتها نسب الارباح الصناعية .
إن نسب الربح منذ مدة طويلة و هي متعددة في مختلف الدول ( بمعنى أنه لم تحقق نسبة متساوية في الربح على المستوى العالمي ) فان اتجاه الراسمال نحو التوسع عالميا سيؤدي الى اندماج قسري للسوق العالمية في شبكة موحدة للانتاج و التبادل الراسماليين .
انه الاتجاه الوحيد الذي بقي للراسمال العالمي .
ان توجهات مختلف مؤسسات الاستعمار الجديد كالبنك العالمي ،FMI , GATT ، هدفت منذ سنة 1970الى تحقيق الاندماج في السوق العالمي .
هناك عامل آخر أدى الى ضعف الاسواق الداخلية لدول العالم 3 يرجع الى البنيات الشبه اقطاعية التي احتفظت على بؤس أغلب الجماهير في شروط قاهرة .
هذه الشروط القاسية جعلت من الصعب تغطية حاجياتهم الغذائية المرتفعة و المواد الاستهلاكية الضرورية . فبعد التبعية المطلقة لهذه المصانع نحو السوق العالمي الذي ليس له أمل في النمو السريع ، أيضا بفعل المنافسة النامية بين مختلف دول العالم 3 ( بالاضافة الى دخول بعض الدول مجال المنافسة و هي لا تنتمي الى دول العالم 3 كالصين ، دول الغرب ، الجمهوريات القديمة السوفياتية ) بحيث كل دولة أصبحت ترغب في بيع طبقتها العاملة لصالح الامبريالية . بفعل كل هذه الاسباب لا تتوقف الجماهير عن النزول الى الحضيض حتى يبرز اختناق حاد في السوق الداخلية و بالتالي ازمة خانقة في الاقتصاد العالمي .
فقط جزء من السكان : النخب المنتمية الى الطبقات السائدة ، الفئات العالية من الطبقات المتوسطة تستفيد من الوضع ، بينما الطبقة المتوسطة و بعض الفئات من البرجوازية الوطنية تخرج خالية الوفاض هذا دون الحديث عن الاغلبية الساحقة من الجماهير الكادحة .
أما مفتاح الراسمالية الكمبرادورية ( بالاضافة الى النخب في بلدان العالم الثالث ) في تواطئ مع الامبريالية ، فقد راكموا ثروات فاحشة باستغلال الجماهير الكادحة .
لا فائدة من قول " ان تدويل الانتاج يقزم مصانع العالم 3 الى مركبات بسيطة للشركات المتعددة الجنسية ذات الابعاد العالمية . ان هذا الوضع يقود الى ازمة بدون سابق انذار في اقتصاديات بلدان العالم 3 . و
بالموازاة فالازمة الاقتصادية العالمية S’intensifiera . فكلما اندمجت دولة ما في السوق العالمي كلما
قائما في لحظات بروز ازمة عالمية خانقة. Le désastre اصبح
ان الدول المسماة " النمور الاسيوية "كوريا الجنوبية ، التايوان ، هونغ كونغ ، سانغافورة ، بالاضافة الى نمور آسيا الغربية و الجنوبية ، كل هذه ا لدول التابعة للسوق العالمية ستكون الاكثر تضررا .


4-2- الاستعمار الجديد في الهند :


ان التغيرات التي عرفتها الهند بعد انتقال السلطة ( الاستقلال) يجب فهمها في سياق التحولات التي عرفها السوق العالمي ، وهي تحولات كنا قد اشرنا اليها .
فكما يعلم الشيوعيون الثوريون الذين يقودون الثورة الديمقراطية الجديدة و يخوضون صراعا عسكريا ضد الاقطاعية و الامبريالية ، فان المجتمع الهندي قد تحول الى مجتمع شبه اقطاعي و شبه مستعمر بعد نهاية السيادة الاستعمارية المباشرة للامبريالية البريطانية .
اننا سنشير و باختصار للتحولات التي وقعت ابان الفترة الطويلة للسيادة الاستعمارية البريطانية .
فمع هذه السيادة كان المجتمع الهندي مجتمعا اقطاعيا كما كان اقتصاده مبنيا الى جانب ذلك على المواد الاستهلاكية المتطورة التي كانت مرتكزة في المدن و من هذا المنطلق كانت تحمل الهند في طياتها بذور الراسمالية .
فابان الاجتياح البريطاني كانت طبقة التجار الهنود قد راكمت ثروة لا يستهان بها سواء من خلال التجارة العالمية ، او التجارة الداخلية .
ان الحرفيين ، عمال النسيج ، و أصحاب المهن الذين كانوا يتمتعون بقدر من المعرفة ، كانوا قد خاضوا عدة صراعات في مختلف مناطق الهند كما حدث مع " حركات باكتي " .
لقد تكونت عدة دول وطنية مع استمرار التطور الراسمالي و في خضم الصراع الذي خاضته البرجوازية الجنينية لمختلف القوميات ضد الاقطاعية .
اذن فلو لم تتعرض الهند للاستعمار البريطاني لقامت بازاحة الاقطاعية و طورت تدريجيا مجتمعها الراسمالي .
ان هذا الصعود الطبيعي في المجتمع الهندي قد تم توقيفه بالاجتياح الاستعماري الذي عرفته الهند في النصف الثاني من القرن 18 .
ان تتبيث الراسمال الاجنبي و تدخل الدولة الاستعمارية قاد الى تفكيك الاقتصاد الطبيعي للهند ، وتدمير معامل الصناعة التقليدية ، كما قاموا باختزال المراكز الحضارية الكبرى الى قرى كبيرة .
ان البرجوازية الكبيرة و خارقة الاصول ، اتحدت مع الراسمال البريطاني ، فلعبت دور الطبقة الكمبرادورية ، و مع مرور الوقت تحولت الى برجوازية كمبرادورية كبيرة تستثمر في المصانع العصرية .لكن التطور الراسمالي تم ايقافه بسبب السياسة البريطانية التي هدفت الى التحالف مع المسيرين التقليديين و خلق طبقة جديدة من الزمندار ( الملاكين الكبار ) في الارياف .
ان الامبريالية البريطانية كانت سعيدة لانها تقبض الضرائب من طبقة الزمندار التي اصبحت مفيدة لها بما انها ركيزة اجتماعية لسيادتها .
على كل فتبعا للسياسة البريطانية التي هدفت الى تحويل الارض الى الملكية الخاصة أو جمع الضرائب العينية من المزارعين و الملاكين الكبار ، بالاضافة الى الدفع النقدي عن المنتوجات الزراعية التي حملها التجار البريطانيون . فان اقتصاد المواد الاستهلاكية تطورت في حدود معينة بالقرى .
كما حدث في كل مكان فان البريطانيين خلقوا في بعض قطاعات الانتاج الزراعي العديد من الضيعات كما قاموا بتشجيع ذلك او على الاصح اجبر المزارعين على الانتقال من الزراعات الغذائية الى الزراعات المخصصة للتصدير ( القطن ، ....) ، فتبعا لهذه الاجراءات فان نمط الانتاج الاقطاعي في الزراعة بدأ في التفكك و الانحلال ، فتحول الى نمط شبه اقطاعي .
شرطين اساسيين لظهور نمط الانتاج الراسمالي :
- الانتاج البضاعي يجب ان يكون الشكل السائد للانتاج .
- وجود يد عاملة مأجورة حرة .
فكما لاحظ ذلك لينين :" ان الراسمالية هي الانتاج البضاعي في مرحلته المتقدمة ، عندما تتحول قوة العمل نفسها الى بضاعة ".
اما مميزات نمط الانتاج الراسمالي الاخرى ك : دفع اجور العمال نقدا ، اعادة الانتاج ، اعادة استثمار فائض القيمة لاستخلاص قدر اكبر من فائض القيمة ، التقسيم المستمر و التابث للمجتمع الى طبقة الراسماليين و طبقة العمال ... كلها تستنبط من التعريف السابق للراسمالية الذي حدده لينين .
ان التغيير الجذري لنمط الانتاج الاقطاعي و الانماط الاخرى ما قبل الراسمالية وحده الكفيل بجعل نمط الانتاج الراسمالي يأخذ مكانة السيادة ، و بالتالي التطبع بالشروط التي اشرنا اليها اعلاه .
لكنه في الهند فبسبب تحالف الامبريالية البريطانية مع البرجوازية الكمبرادورية و القوى الاقطاعية و عدم اكتمال الثورة الديمقراطية ، فان اي تحول أو تغيير لا يمكن ان يحدث .
ان انماط الانتاج الراسمالية و الاقطاعية تعايشت مع النمط الشبه اقطاعي للانتاج الذي اصبح المهيمن في الزراعة .
فحتى في عهد انتقال السلطة فان 35 في المئة فقط اي اكثر بقليل من ثلث الانتاج الزراعي كانت تنتج للسوق. فثلثين من المبيعات ، ثلث المبيعات الضرورية في البوادي نفسها .
هكذا فالانتاج البضاعي لم يكن الشكل المهيمن و المحدد للانتاج الزراعي ، بالاضافة الى هذا فان العمال الزراعيون لم يكونوا احرارا ابدا . بل كانوا مكبلين بالديون ، او في موقع التابع ، او تحت رحمة اشكال أخرى من الخدمة لصالح ملاكي الاراضي الذين يشكلون عائلة واحدة من الملاكين .
ان الهند في عهد انتقال السلطة عرفت ثلاثة انواع من اشكال امتلاك الاراضي : نظام الزمندري ( الملاكين
الكبار للارض ) الذين يشكلون 57 بالمئة ،
le ryotwari (fermage) 38% , le soufermage ( lemahalawani) 5 %

لكن العلاقات الزراعية في اطار كل نظام من هذه الانظمة الثلاثة شكلت علاقات انتاج شبه اقطاعية متعددة ، تميزت بالتوزيع الجد مجحف للاراضي . ان هذه العلاقات الشبه اقطاعية بنيت عادة على تقوية الانتاج الزراعي ، و تفقير المزارعين القرويين .
فبعد انتقال السلطة عندما تحالفت البرجوازية الكمبرادورية الكبيرة مع الاقطاعية و الامبريالية لم يحدث تغير أساسي في علاقات الانتاج الزراعية الشبه اقطاعية .
ان الراسمالية كنظام تمثل تناقضا لا يمكن توفيقه مع الاقطاعية لان هذا الاخير يعرقل تطورها .
ان الاقطاعية تحد من امتداد السوق بحمل فئات واسعة من الجماهير الفلاحية نحو الخدمة ، انها حاجز امام تطور القوى المنتجة .
عكس ذلك فالراسمالية تتجه نحو تنمية السوق بحذف كل العلاقات ما قبل الراسمالية ، و تحرير المزارعين من الخدمة الاقطاعية ، و تحويلهم الى عمال زراعيين ماجورين ، احرار في بيع قوة عملهم في السوق حسب قوانين العرض و الطلب . و هكذا فان الراسمالية تنمي القوى المنتجة .
ان الهند كانت دائما تملك نسبة كافية للمستويات الضعيفة من تصنيع البلاد .
فمع بداية الهيمنة البريطانية تاكدت ظاهرة غريبة تمثلت في هجرة معطلي المدن نحو المناطق القروية ما أدى الى ارتفاع الضغط على الزراعة ، مع ذلك فرغم المستويات الضعيفة التصنيع ، و وجود جيش احتياطي بدون عمل ، فان اي اختناق اقتصادي لم يجبر البرجوازية الهندية الكبيرة على تحرير المزارعين من العلاقات الشبه اقطاعية .
على كل فسياسيا يصعب على البرجوازية ان تقوم بذلك في غياب صناعة تستطيع امتصاص جزءا كبيرا من اعدائهم لان الجماهير التي ستستيقظ لن تتوقف قبل اعلان ثورة اجتماعية .
كما انه ليست هناك آفاق الاتجاه نحو الصناعة التي يمكنها استيعاب فائض السكان الزراعيين لان الاقتصاد الهندي حول في اتجاه الاحواض الامبريالية ، فان البرجوازية الهندية و الامبريالية اعتبرت انه من الافضل المحافظة على النسبة الكبيرة من السكان المزارعين في خندق العلاقات الشبه الاقطاعية .
الا انه من حين لآخر يتم اللجوء الى محاولات انماء الانتاج الزراعي عبر ادخال الآلات العصرية ، تقنيات جديدة ، اسمدة ذات مردودية عالية ، تقنيات السقي ... إلا أن اهداف هذه المجهودات هو رفع الانتاج الفلاحي لتلبية الحاجيات الاقتصادية المتولدة للشركات التي تمثلها البرجوازية الكبيرة .
هكذا اصبحت العديد من المناطق الهندية تعرف التحول الراسمالي .
ان هذه التحولات اعطت الولادة لطبقة جديدة من الكولاك او الذين يملكون نسبة ليست بالهينة من السلطة السياسية في مجموعة من الدول .
ان بعض الملاكين الاقطاعيين الكبار تحولوا هم انفسهم الى ملاكين راسماليين لكن اشكال الاستغلال الاقطاعي ما زالت تتعايش مع اشكال الاستغلال الراسمالي حتى في ظل هذه المناطق الراسمالية الزراعية .في المجموع : ان العلاقات الانتاجية الشبه الاقطاعية اليوم تهيمن على المجال القروي الهندي .
تمركز كبير للاراضي بين ايدي بعض الملاكين العقاريين .

ان المزارعين يستثمرون في المعاناة من الديون و القروض التقليدية ، بالاضافة الى معاناتهم بسبب مضايقات الدائنين و الملاكين في القرى لان نسب الفوائد المجحفة لعبت دورا في الحياة الاقتصادية للعائلات القروية .



#طريق_الثورة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرافعة ديمتروف أمام المحكمة
- تقرير عن محاكمة مجموعة زهرة بودكور
- حول بناء الحزب
- نقد تمهيدي لأطروحة الحزب لدى الحركة الماركسية-اللينينية المغ ...
- محاكمة مجموعة زهور بودكور - محاكمة داخل محاكمة -
- “حرب على القصور، سلام في الأكواخ” (ضد دغمائية العمل الغير ال ...
- المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني
- حوار مع المعتقل السياسي الرفيق توفيق الشويني
- تقرير عن أوضاع المعتقلين السياسيين بسجن بولمهارز -مجموعة زهو ...
- حوار مع المعتقل السياسي توفيق الشويني
- اللينينية و التحريفية المعاصرة
- الماوية سلاحنا في القتال 3- الثورة الثقافية الكبرى: ثورة داخ ...
- حول الجريدة المركزية - تراث الحركة الماركسية اللينينية المغر ...
- الماوية سلاحنا في القتال 2: أسس الماوية
- خط بناء أدوات الثورة الثلاث - الحزب الشيوعي للبيرو
- الماوية سلاحنا في القتال 1 -المراحل الكبرى للثورة الصينية:
- بصدد الماركسية –اللينينية- الماوية (الحزب الشيوعي للبيرو)
- الصراع الأيديولوجي و مسألة وحدة الحركة الشيوعية


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طريق الثورة - حول الاستعمار الجديد - الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسية اللينينية ) الحرب الشعبية