أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - الطعنة الأخيرة : قصة قصيرة














المزيد.....

الطعنة الأخيرة : قصة قصيرة


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2736 - 2009 / 8 / 12 - 04:28
المحور: الادب والفن
    



أن يهدد الفتى بقتل أبيه إن لم يتركه يفعل ما يريد، ويهدم حياته التي تفانى في بنائها وتكوينها. فذاك ما لا يقبله عقل ولا قلب. وأن يقتل الأب ابنه، فلذة كبده، فذاك أمر خطير ولا يحتمل القبول به في عرف بني البشر فوق الأرض. ولا يتركه يمر سليما إلى السماء، ثم يجد نفسه فجأة قد ارتكب أكبر خطيئة في حياته لا يستطيع أن يحتملها أو أن يتحملها قلبه، فيهب نفسه لشيطان الانتحار الذي يضع حدا لحياة اثنين من بني البشر في لحظة غضب وبعد عن السوية والتعقل.

فما أتعس الباقين على قيد الحياة الذين استفاقوا من سباتهم ليجدوا عنوان الرجولة يقتل ويموت في رمشة عين. فيعرف البيت ظلاما يغمره طوال الحياة، ويكنس معنى الاستقرار والسعادة منه، ويغربل جزيئات التعاسة والحقارة في فنائه، ولكنهم لا يستطيعون أن يلمسوا الحقيقة الآن لشدة غموضها المحتجبة عن الأعين، فيصمتون صمتا غريبا ويبكون ما للبكاء من حدود.

دخل إبراهيم الرجل العامل البسيط في شركة صناعية بمدينة الدار البيضاء غرفة ابنه البكر الذي ولد بعد ابنته أسماء، ووجد عبدالإله الابن العاق الذي تغيرت تصرفاته وأحاديثه مؤخرا مع الكل في البيت. وهو تلميذ بسلك الثانوي. جميل المحيا وكثير الشعر، ذو بدانة كأنه يفرط في الأكل والشرب، وبدت عليه ملامح الغضب تغمر صفحة وجهه سمات الجريمة احتجبت بسرعة وراء ابتسامة النفاق التي واجه بها والده لما دخل عليه. كان الولد يضع أمامه على مكتبه – عوض الكتب والأقلام وينهمك في المطالعة والبحث- قنينة خمر رخيصة وكأسا نصف فارغ وعيناه قد احمرتا من كثرة الشرب. لم يصدق إبراهيم ما ألفى عليه ابنه البكر الذي كان يتمنى في نفسه أن يصبح عظيم الشأن في حياته وينقذه وينقذ عائلته الصغيرة من براثن الفقر والضياع. ماذا يمكن لرجل مثله يجد ابنه في حالة الضياع تلك أن يفعله؟ بماذا سيتصرف أب مثله عندما يجد فلذة كبده التي يعول عليها في إنقاذه يسقط في بحر الملذات والشهوات القاتلة؟.

لم يفكر الأب طويلا قبل أن يبدأ في إرسال اللكمات والركلات إلى ابنه الضائع. فما كان من عبدالإله ، وكان ثملا، إلا أن يقاوم مقاومة عنيفة ركلات وصفعات أبيه المؤلمة التي كان يرسلها إليه بدون تحفظ مقدما أغلى ما لديه من شتائم إلى أبيه المكلوم، مكثرا في حقد بالغ لعناته وبصقاته. فاستل الأب الغاضب خنجرا من تحت معطفه كان يحتفظ به ليعينه في صد هجمات قطاع الطرق وهو في طريقه إلى العمل، وبينما الولد السكران منشغل بتحسس أوجاعه وآلامه طعنه أبوه طعنة حاقدة أتبعها الابن المطعون بأنةٍ قوية ارتجت لها جدران البيت بأسى ولوعة، أما عرش الله فلا تسل.... !!



عزيز العرباوي
كاتب



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الفشل ونتائجها المدمرة :
- ثلاث قصائد :
- العنف داخل المؤسسة التربوية والبحث عن الحلول :
- استدعاء ورفض وقصائد أخرى :
- الجيلالي وكلبه : قصة قصيرة
- قاهر الجيران : قصة قصيرة
- الفتنة والقتل على الهوية : (7) :
- الدعوة إلى التباعد بين المذاهب دعوة سخيفة : (6) :
- الحوار بين المذاهب ضرورة ملحة : (5) :
- استحضار العقل في الحوار المذهبي : (4)
- أسباب التباعد والدعوة إلى التقارب : (3)
- الحوار وسيلة أم غاية ؟ (1)
- مظاهر العنف الفكري وضرورة التخلي عنه : (2)
- المشاعر المسافرة : قصة قصيرة
- بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى : فؤاد الزبادي بالجديدة :
- تشبيك العمل الجمعوي : شعار اليوم التكويني بالجديدة :
- عن التفاعلية الرقمية : مشتاق عباس يساهم في الثورة العلمية:
- قصائد قصيرة
- الرحلة الباردة : قصة قصيرة
- السينما المغربية في مفترق الطرق :


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - الطعنة الأخيرة : قصة قصيرة