أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل كاظم العضاض - أحبتنا يرحلون بصمت














المزيد.....

أحبتنا يرحلون بصمت


كامل كاظم العضاض

الحوار المتمدن-العدد: 2736 - 2009 / 8 / 12 - 04:27
المحور: الادب والفن
    


أحبتُنا يرحلون بصمت!
الشاعر عبد الأمير العضاض

النوازل في عراقنا، الوطن المتعوس، كثيرة جدا. فناهيك عن النكبات الإجتماعية والإقتصادية التي تصيب المجتمع العراقي اليوم بكليته، هناك نكبات أمضّ منها، هي تلك التي تصيب أفراد وشرائح، كانت تلتصق بالوطن وتهيم به، لكنها تشرّدت بعيدا عنه. إنها نكبات إجتثاث من الجذور، نكبات لها آثار نفسية عميقة، قد تصل الى الشعور بالضياع والعدم، إذ مهما كانت ظروف الحياة في المهاجر ميسّرة، أو قد تبدو، ظاهريا في الأقل، مترفة، فأن لها آثار ممضّة وشجية، ولعل في مقدمتها هو ان يفرض عليك هذا البعاد فقدان الصلة والتواصل بمن أحببت وألفت، خصوصا في مراحل الطفولة التي ستبدو سعيدة من منظار يومك في الكبر، خصوصا وانت ناء عن ذلك الوطن الذي أحببت؛ ستبدو سعيدة، مهما كانت طبيعتها المادية آنذاك، ولكنها على صعيد الحياة، كانت تشكل لك عند ذاك، (و في ضميرك اللاوعي الآن)، كطفل تفتح عليها، حاضنة من الحب والحنان، وقهقهات وألعاب مسلية وشيطنات مع اتراب وخلان صغار. هكذا تتذكرهم جميعا، و تتذكر من ضمنهم حتى من كنت تتخاصم وتتشاجر معهم. لكم تتمنى أن تلتقيهم وتقف على أحوالهم، و تتبادل معهم الذكريات، وربما القهقهات ذاتها. وللأسى، فجأةٌا تردك اخبار دامعة وسوداء، تعلمك بان حتى أحلامك الصغيرة هذه قد أصبحت مستحيلة، فهم ،هؤلاء الأتراب والخلان الذين يعيشون في ذاكرتك وضميرك قد غادروا الدنيا بصمت، ولم ينتظروك، حتى ولو قليلا لتلتقيهم. هكذا هم يرحلون دون إنتظار، ودونما كلمة وداع، يا للوّعة وللألم المضني!! فتلتفت لنفسك في غربتك وتقول، وانا ايضا سأمضي، ولكن في غربتي سوف أرحل وحيدا، فمن سيذرف دمعة من أجلي، ومن سيودع جسدي المغادر الى الأبد، اليس هم الأحبة و أصدقاء العمر والخلان، واين ستجدهم، فالكثير منهم قد رحل، ومن بقي بعيدا، فأنت لا تعرف عنه شئ، أليس في هذا البعد من الألم النفسي والشخصي، نكبة غير منظورة تضاف الى نكبات العراق والعراقيين، لاسيما بعد إحتلاله، وإستحواذ المستحوذين عليه!
ومنذ أيام قليلة، أقرا نعيا حنينا ووفيا كتبه الأخ الأديب رحيم الغالبي، عن صديق طفولتي الشاعر الشعبي الفذّ وإبن الناصرية الأصيل، واحد مؤسسي منتديات الأدب الشعبي العراقي ذي الخصوصية الإبداعية المتميزة، هو الشاعر عبد الأمير العضاض، هذا الصديق الذي لا أتذكر دائما عنه، عدا عن شعره، سوى دماثته وإبتساماته الجميلة. فهو وإن كان إبن عم والدي، ولكنه كان من جيلي ومن أترابي وخلاني. وعلى الرغم من أني تركت الناصرية ولم أعد إليها منذ إنتهاء مرحلة المتوسطة، ورغم تغربي في الدراسة في الخارج، ثم عودتي للخدمة في العراق والعيش في بغداد، بقينا على صلة وأتصال، وازوره، كلما أزور الناصرية. ولكن بعد المغادرة للخارج التي فرضت نفسها علينا منذ عام 1994، لم أعد أسمع عن صديقي عبد الأمير، ولم أعد أقرا شعره، فظل الأمل يرتع في داخلي بأني ساراه قريبا. وكنت حتى عندما أزور بغداد، مرارا، في الآونة الأخيرة، أرجئ زيارته وزيارة ناصريتي الحبيبة، بأعتبار إن هكذا زيارة لايمكن أن تكون على عجل. وبينما كنت أخطط لهذه الرحلة خلال الشهرين القادمين، يأتيني الخبر المفجع برحيل هذا الصديق الطيب والمبدع والمتواضع والشفيف.
هذه هي إذن دوامة الآلام الشخصية والنفسية التي نعيشها نحن الذين نهيم بالوطن، ولا ننسى الأحبة، ولكن، ها هم أحبتنا يرحلون بصمت وبدون وداع!!



#كامل_كاظم_العضاض (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل وزير النفط العراقي الآن في الميزان؟
- العقل والذات والضرورة
- ما هي طبيعة البرامج التي يتحدث عنها المرشحون في الإنتخابات ا ...
- عندما تكون المقدمات خاطئة...حالة العدوان على غزة
- بين النسبي و المطلق، كيف يجزم الإنسان بقناعاته
- الحذاء لا يبني وطن!
- حوارية الحوار المتمدن
- نحو استراتيجية لبناء تيار ديمقراطي علماني في العراق


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل كاظم العضاض - أحبتنا يرحلون بصمت