أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد السلطاني - حديث هادئ ، في معمعة كلامية















المزيد.....

حديث هادئ ، في معمعة كلامية


خالد السلطاني

الحوار المتمدن-العدد: 832 - 2004 / 5 / 12 - 06:03
المحور: حقوق الانسان
    


حديث هادئ ، في مَـعْـمَعـة كلامية *
مـعْـمَعـة – جمع ( معامع )، والَمعَامع : الحروب .
" المورد "

اثارت معاملة بعض جنود الائتلاف السيئة للمحتجزيين العراقيين في سجن ابي غريب بضواحي العاصمة العراقية – بغداد ، اثارت موجة من الانتقادات والتعليقات والادانات الغاضبة ، كما اعقب نشر صور تلك المعاملات السيئة في اوساط اعلامية مختلفة ، كثير من الافعال التى اقرنت بقرارات شجب وادانة و مطالبة باجراء تحقيقات، واستماع لشهادات ، طالت اعلى المناصب والرتب، وذهبت بعض المطالبات بالتصريح بضرورة استقالة وزراء ، ورؤساء وزراء لتقاعسهم في واجباتهم وعدم مراقبة سلوكية جنودهم ، وتغاضيهم عن حسن تطبيق الاوامر والقواعد النافذة في مثل هذه الاحوال .
والقضية ، التى بدء نشرها قبل اسبوعين ، ما برحت مع تداعياتها ، تشغل الرأي العام في تعليقات صاخبة ومقالات كثيرة تفضح تلك الاساليب وتدين دوافعها ونوعية سلوكياتها .
ليس هناك شخص سوي بامكانه الدفاع عن ماجرى في سجن ابي غريب . فانتهاك انسانية الانسان اجراء تعسفي مرفوض وغير مقبول من قبل الجميع . وتؤكد محفوظات القيم والمواثيق الدولية رفض مثل هذه الممارسات غير الانسانية وتنادي ، مع منظمات حقوق الانسان الى وقفها وشجبها وادانة مرتكبيها .
باختصار شديد ، ان ماحدث في سجن ابي غريب من انتهاكات ، ينبغي ان تدان ويقدم المسؤلين المباشرين ، وغير المباشرين ، عنها للتحقيق ويتحملون وزر اعمالهم من عقوبات مناسبة ، كما ان هذه الافعال غير مقبولة انسانيا واخلاقيا وتحرمها المواثيق الدولية وتدينها المبادئ المعنوية والروحية .
لكن ،
و " لكن " – هنا كبيرة ، تدعونا للوقوف ملياً والتفحص بما يجري توطئة للخروج ببعض الاستنتاجات .
والـ " لكن " – هذه ، هي التى دعتني للكتابة ، انا – البعيد نوعا ما ، عن ابداء التعليقات السياسية وممارسة التجاوب الاني والتصادي مع الاحداث اليومية العابرة !
اعترف ، ابتداءاً، ان وراء هذه الكلمة امورا شائكة ، وطروحات مبطنة ، ونوايا غير سليمة يراد بها باطل ، من خلال توظيف كلمات ، يبدو ظاهرها مغلف بالعدل والاحقية . فما نراه، ولاسيما من مواقف احتجاجية ، وتنظيم مظاهرات واصدار بيانات والقيام بافعال معينة في العراق وفي البلاد العربية ، يثير الدهشة ، والريبة ، والقلق .
الدهشة ، لردة الفعل غير المتوقعة والسريعة من قبل الجماهير العربية وصحفها وحكامها وبرلمانيها ومثقفيها واصولييها وعمالها وفلاحيها .. وجنودها " لخدش " مشاعرهم بصور معاملة المحتجزيين العراقيين من قبل جنود " الاحتلال " الامريكي .
وباعث الدهشة ، هو كيف تسنى لصورة ، او صورتين او ثلاث لمعتقلين عاريين ان يعصفوا " بالضمير " العربي الى هذا الحدّ ، من دون ان ينتاب ذلك " الوجدان " اي رعشة او تأنيب او وخزّ ، لمئات شواهد المقابر الجماعية وفنون الاضطهاد والظلم والجور والتعسف والاغتيالات والاعمال القذرة التى قام بها رجال العهد البائد ، والذين يتباكون على ممثليهم الان، اولئك العرب النادبين والساخطين ومنظمى التظاهرات والاحتجاجات من المحيط وحتى الخليج ؟
كيف حدث هذا الانقلاب الشامل في سلوكية اولئك الذين تابعوا بصمت الجرائم القذرة لوحوش رجال المخابرات العراقية وذئاب براري الامن الخاص..والعام ، الذي تلذذوا بعذابات العراقيين لسنين ، بل لعقود من السنيين ، والذين شاهدناهم وهم يفجرون عمدا وبسبق الاصرار اصابع الداينميت في اجساد معتقليهم، اولئك الذين رموا ضحاياهم من طائرات الهليكوبترالمحلقة عالياً ، والذين استمتعوا بنهش الكلاب الوحشية لاجساد ضحاياهم التعساء وهم احياء؟ وتلذذوا بمناظر آلام الاف الضحايا المنكوبين بالاسلحة الكيمياوية ، والذين طمروا وهم احياء مع اطفالهم ونسائهم ورجالهم في حفر ، اكتشفت مؤخرا ، لتعلن للملأ عن هول المأساة التى كان العراق مسرحا لها طيلة سنين عديدة ؟
انه لامر محير حقاً ، ان يتعالى صراخ اولئك الذين ينادون يالثأر ورد الكرامة المغتصبة لما حدث ، وما فتأوا يلوذون بالصمت الشيطاني عن هول ما جرى من انتهاكات صارخة يندى لها جبين الانسانية ، وهل نسى اولئك الذين يقدمون انفسهم كمدافعين عن قضايا الشعب العراقي انتهاكات رجال صدام ونظامه الابليسي ، الذين ارتكبوا الفواحش وعملوا الموبقات التى لاتعرف حدودا : لا اخلاقيا ولا انسانيا ، واغتصبوا اخوات ونساء المعارضيين العراقيين امام اعين ذويهم واقاربهم ؟

والريبة ، هي الامر الاخر التى يتلمسها المرء تجاه ما حصل ، من حيث استغلال هذه الحادثة الاليمة وتجييرها لمصلحة الحكام المستبدين وتبرير اعمالهم المشينة تجاه شعوبهم ومعارضيهم ، فنحن ازاء شواهد ودلالات تحاول ان " تبيع " لنا " وهم " الديمقراطية ، و" تحرص " على تبيان اهتمام الطبقة الحاكمة في وطننا العربي على " رفض " هذه الانتهاكات والتجاوزات ، وكأن الوطن العربي خالٍ تماما من مثل تلك الفضائح والمظالم التى يعتاش عليها الحكام المستبدين يوميا ، ويمارسونها علنا وفي انتهاك صارخ لابسط حقوق المواطنين وحرياتهم .
بل وقد وصلت الوقاحة لدى بعضهم ، لتسويغ الاعمال الاجرامية العاصفة بالعالم ، والتى يرعاها الارهابيون الاصوليون التى تحصد ارواح الناس الابرياء ، كونها ردة فعل مبررة ، اثر مشاهدة المعتقلين العراة في ابي غريب! ؛ كما اشارت بعض الصحف لتسويغ ما حدث في "ينبع " بالسعودية ،او تبرير اعمال القتلة في الفلوجة ،او معارك مرتزقة ميليشا جيش المهدي في النجف ومناطق الجنوب العراقي .

ان مانراه وما نسمعه وما نتابعه يبعث ايضا عن القلق ، القلق من ان تبعات واقعة ابي غريب ستوظف كاملة للدفاع عن نظام صدام الدموي ورجاله المجرمين ، وما المطالبة والدعوةلاطلاق سراح سجناء ابي غريب ، وهم من عتاة المجرميين والافاقين ، الذين تلطخت ايديهم بدماء العراقيين الابرياء ، الا ثمرة واحدة من تلك الدعوات المشبوهة ان هذه الدعوة، وفي حالة تنفيذها ، ستبعث عند جميع انصار العدل والديمقراطية قلقا وهماً مشروعين ، وتودي لامحالة الى اخلاء سبيل قتلة الشعب العراقي واسقاط جرائمهم ، وسينعمون مرة اخرى بالحرية ، الحرية التى طالما كانوا اعداء الداء لها.
ولئن كان حديثنا هادئاً ومخالفا لاتجاه مجري الكلام والصراخ الضجيجي ،الصادر من مطحنة مشغولة الان ، باقصى سرعتها في تلفيق الاكاذيب والافتراءات واصدار البيانات والتملق للشعارات المنادية بالعدل والمساواة والشرعية ، فاننا نشعر بان الواجب الوطني والانساني يحتم علينا رفع صوتنا الضعيف ، الذي نؤمن بصدقيته وصوابيته ، تجاه هذه الموجة العارمة من "مصممي" المشاريع المشبوهة وذارفي دموع التماسيح! □□
د.خالد السلطاني



#خالد_السلطاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحات من كتاب - العمارة العراقية الحديثة: السنين التأسيسية - ...
- العلم العراقي الجديد: ملاحظـات تنظيـمية وفنـية سريعـة
- منجز العمارة الاسلامية (3 ) عمارة - مسجد امام - في اصفهان
- صفحات من كتاب - قرن من الزمان .. مئة سنة من العمارة الحديثة ...
- بمناسبة فوزها بجائزة - بريتزكير- العالمية عمـارة - زهـاء حدي ...
- عام على احداث جسام في حياة الشعب العراقي
- مبنى - السفارة الامريكية - ببغداد : تـناص معماري .. لمفاهيم ...
- منجز -اوسكار نيماير- التصميمي : مفرد .. بصيغة الجمع
- افرازات الحكم الشمولي -الصدامي- :العمارة .. انموذجـاً
- يورن اوتزن-... والعمارة الاسلامية
- صديقي : حسب الشيخ جعفر


المزيد.....




- وفاة طفل في قطاع غزة نتيجة المجاعة وسوء التغذية
- اعتقالات وإصابات بهجمات للمستوطنين في الضفة الغربية
- اعتقالات وإصابات بهجمات للمستوطنين في الضفة الغربية
- الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل قضوا جوعا في غزة ودعوات عاجلة ...
- شهداء في غارات على حي الزيتون وخيام النازحين بخان يونس
- ترامب: لن تفرج حماس عن الأسرى في ظل الظروف الحالية
- شهداء في غارات على حي الزيتون وخيام النازحين بخان يونس
- العفو الدولية تدين قتل الصحفيين بغزة وتدعو لتحرك عاجل لوقف ا ...
- رايتس ووتش: -إسرائيل- قتلت عمدا عشرات الصحفيين في غزة
- الاتحاد الأوروبي يدين قتل إسرائيل لصحافيين في غزة.. كالاس: ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد السلطاني - حديث هادئ ، في معمعة كلامية