أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أسعد أسعد - الموت... ما هو و كيف و متي و لماذا















المزيد.....

الموت... ما هو و كيف و متي و لماذا


أسعد أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 2721 - 2009 / 7 / 28 - 01:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قال البعض إنه الحقيقة الوحيدة في الحياة , و قال آخرون إنه نهاية الطريق , و البعض حاول أن يعبّر عنه بأنه مجرّد بداية الحقيقة , و الواقع أنه مهما كثرت الأقوال عن ذلك المصطلح ... الموت... فهي تبقي مجرّد أقوال فلسفية تُحاول أن تعبّر عن حقيقة واحده هي أن يَهمَد جسد الإنسان بلا نبضة حياة فيه ... لا الأنفاس تتردد و لا القلب ينبض ولا الإحساس يستجيب لأي وخز أو ألم...و يبقي الجسد كتلة باردة صمّاء بكماء عمياء لا يحيا فيه سوي بكتريا العفن ولا يرعي فيه سوي الدّود و لا يصلح لشئ إلا للقبر
و الولادة يوم يخرج الإنسان من رحم أمه هي بداية الطريق إلي الموت ... فلو وئِدَ الإنسان في ساعته أو عاش ألف سنة فالنهاية واحدة ...جسد هامد. و الموت ذلك المجهول لا يأتي دائما في إنسياب هادئ ليسحب ما في الإنسان من حياة و يترك لنا نحن الأحياء تلك الكتلة الباردة بل إنه علي مدي التاريخ البشري قد إقتحم الموت جسد الإ نسان ليس فقط بانسياب بل بفظائع و أهوال أحيانا حتي قبل أن يولد و أحيانا في لحظة لا يمكن أن يظنها الإنسان...ليلة عيد....ليلة عُرس....ليلة فرح ... يوم إنتصار...يوم نجاح...يوم مرح و سرور و في غبطة الإبتهاج...
تعددت الأسباب و الموت واحد ... عبارة نقولها ببرود و ربما ترتسم علي شفاهنا بسمة بلهاء فالأحياء دائما ما يكون تفكيرهم أبعد عن أقرب ما يحوم حولهم أو ما تكاد حياتهم أن تتلامس معه... الموت ... و نحن نتعامل معه كشئ نحاربه و نهرب منه أو نحاول أن نتناساه أو نتجاهله... بل نحن فعلا نجهله...هل تنساب الحياة من ذاتها من الجسد أم إن هناك ما ينتزعها منه...هل تتوقف نبضات القلب لأن الإنسان مات ...أم لأن الإنسان مات فقد توقفت نبضات القلب...فإذا كانت حياة الإنسان لُغز فالموت هو لُغز الألغاز...
كثيرون ماتوا في رقدتهم الأخيرة فرادي وحيدون متروكون مهملون أينما كانت هذه الرقدة الأخيرة و كثيرون ماتوا و حولهم أولاد و أحفاد وربما عشرات يبكون و ينحبون حياة تنساب من الجسد ليحل محلها السكون و البرود و الجمود...الملايين يموتون بفعل كوارث الطبيعة التي لا ترحم ...زلازل تشق الآرض فتبتلع مدنا بأكملها فيموت الإنسان إما بسحق جسده أو بخنق الهواء عن أنفاسه أو بالجوع و العطش في فجوة تحت الأرض... فياضانات تكتسح و تغرق أراض و بيوت فيسقط الإنسان تحت لجج المياه و تحبس أمواجها العاتية أنفاسه حتي ينساب إليه الموت أو قل تنساب منه الحياة ....مدنا إحترقت و منازل تفحمت و صارت رمادا ... الكل... أخشابا و أحجارا و أجساد البشر مع البهائم و الدواب و حتي الكلاب
الملايين ماتوا في السفن...في الطائرات...في السيارات...في القطارات...و في قاع البحر في الغواصات...التحطيم و التهشيم و السحق أو الحريق و النار و الإنفجار...أما كارثة الكوارث فهي عندما يَسلِب الإنسان الحياة من إنسان...لا تفسير و لا تعليل لا كيف و لا لماذا ...إنه الجنون و الجنون....و فقط الجنون....
الغضب ... الطمع.... الحسد...الكبرياء و التعظم....الخوف....شهوة سفك الدم و الإنتقام ....كلها تصب في رغبة وحشية لسلب الحياة بوحشية من إنسان آخر ... و تتعدد وسائل نزع الحياة بإختلاف خيالات وحشية هذا الإنسان و دمويته فالرصاص و القنابل و المدافع و الغازات و الحريق و السموم و من قبلها السكاكين و الحراب و السهام و السيوف و القسي و الرماح كلها أدوات الموت البشرية....السيارات معدّة للقتل...الدبابات معدّة للقتل...الطائرات و السفن و الغواصات و حتي الأقمار الصناعية و محطات الفضاء أصبحت مُعدّات للقتل و الموت ...العِلْم في المعامل أصبح يتسابق لإكتشاف مواد و مُعِدّات و أدوات و أسلحة للموت...و ليس الإنسان فقط هو الذي يستخدم أسلحة الموت و يطوّرها بل إن الطبيعة نفسها منذ بداية التاريخ البشري تستخدم أسلحة خفيّة غير منظورة دعوناها أخيرا البكتريا و الفيروسات...تهاجم بها الإنسان في مختلف أجزاء جسمه و تسلب منه الحياة بما نسميه الأمراض و الأوبئة التي تُطوّر نفسها و لا يستطيع الطب و لا العلم أن يلاحق هجماتها علي الجسم البشري...البعض يأتي من الهواء و البعض من الماء أو الغذاء و البعض تنقلها الحشرات و الحيوانات... و الأمرُّ و الأدهي من ذلك إن الجسم البشري نفسه يفرز بداخله و يتكون فيه من ذاته أسلحة فتّاكة تسبب الفشل العضوي للقلب و الكلي و التنفس و الدورة الدموية و الجهاز الهضمي...لا يفرق فيها سِن لا كبير و لا صغير و لا جنس سواء رجل أو إمرأة.
و تبقي لحظات الموت غامضة لا يدركها إلا من يمر بها و هو لا يستطيع أن يصفها و لا أن ينطق بها لأنه يكون قد مات فعلا بلا حياة ...بلا حراك بلا أنفاس في سكون بلا منطق...قد تمرّ أيام من الصراع و الأنين... العيون لا تهجع و الأنفاس تتحشرج و الوجع و الألم يُذهِب العقل و لا يُذهِبهُ الأنين و لا حتي الصّراخ ....و قد تنساب الحياة من الإنسان في نومه أو حتي في جلسة هادئة دون أي ألم دون أي وجع و دون حتي أن ينتبه إليه مَن حوله....و لا أحد يسأل متي سيأتي دوري في هذا الطابور الطويل أو بالحري الجمع الهائل من البشر الذي كل منهم يذهب بطريقة أو بأخري و لا يعود
ديانات قامت علي وجه الأرض قادتها أنبياء و معلّمين و كهنة...البعض قالوا إن عددا من الآلهة قد خلقت أرضنا و ما عليها و البعض قال إنه إله واحد فقط...آخرون قالوا ليس إله بل الصدفة خلقت شئ من لاشئ ... أصحاب الديانات قالوا الموت بعده حياة ...و أصحاب اللاشئ قالوا لاشئ و سيفضي إلي لا شئ...و تصارع الكل بعضهم مع بعض حتي أصحاب الديانات قتلوا بعضهم بعضا في دينهم الواحد و في دياناتهم المتعددة ...و لا أحد يدري هل هو صراع من أجل الموت أم صراع من أجل الحياة...الأرض يملكها الطغاة و العتاة...و المال يملكه الجشعون و الطمّاعون ...أما المستضعفون فمتشردون و جائعون ....و نهاية الكل الحقيقة التي ليس فيها سراب و لا تضارب آراء و لا فتاوي و لا أرض تشفع و لا مال ينفع...تخمد أنفاس الكل...تسكن قلوب الكل و تبرد الأجساد و تنشط البكتريا و يحيا الدود
إذا كنا وُجِدنا فلماذا نموت ...و إذا كنا نموت فلماذا وُجِدنا...و هل يعني هذا إننا وُجِدنا لكي نموت...و لماذا أكثر الموت دائما دموي وحشي أو باغت فاجع أو مفترس عضّال... قليلون أدركوا إقتراب الموت منهم ...و الكثير الكثير اُخِذوا علي غُرّة ...مَن المستفيد من موت الإنسان و مَن المستفيد من حياته... هل هناك مؤامرة ضد الحياة ...هل يتصارع الموت مع الحياة في ساحة هي وجود الإنسان و كيانه...الحياة تبدأ بطريقة واحدة...حَبَلْ المرأة بالرجل و خروج الجنين إلي الحياة... أما الموت فطُرُقه لا تُعد و لا تُحصي و آخرها ما أنتجته الحضارة البشرية الراقية...الصّعق بالكهرباء و الخَنق بالغاز و الذّوبان بالإنفجارات الذرية و الهيدروجينية ... و مع بقاء المدخل إلي الحياة واحِد فالخروج منها يتطوّر و يُستحدث و يتشكّل كل يوم...
و الموت قد يظهر لنا نحن الأحياء أنه موضوع عام قابل للدراسة و المناقشة و البحث ....إلا أنه في الواقع موضوع شخصي بحت...أين أبي و أين أمي...أين أجدادي من رأيتهم و من لم أرهم...أين ذهب بعض أصحابي أو قل أغلبهم....مصطلح واحد ينطبق علي الجميع... ماتوا.... مصطلح بارد جامد قاسي... لكنه واقعي وحقيقي معناه عدم وجود من كانوا هنا... أوجدني أبواي و تركاني و ذهبا... بل ماتا... و أنا أيضا سأترك أولادي و أذهب.... سأموت ...و أنت يا قارئي العزيز سترحل أيضا...في جميع الرحلات التي في عالمنا هذا ... يأخذ المرء معه ما يلزمه للطريق بحسب الرحلة ... أما الرحلة التي نحن جميعا ذاهبين فيها فهي الرحلة الوحيدة التي يترك فيها الإنسان وراءه كل شئ حتي جسده و يرحل





#أسعد_أسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات منطقية حول تفسير الآيات القرآنية
- جمال مبارك رئيسا لجمهورية مصر ... بيدي لا بيد عمرو
- يسوع المسيح الناصري و المسيح عيسي إبن مريم ...ضدان مفترقان ب ...
- صراع أربعة عشر قرنا من الزمان ...و سيدوم إلي الأبد
- حماس ...السلطة الشرعية في غزة...المخطط الإسرائيلي...و الأخطا ...
- قرار الحرب في غزة ...بيد من؟
- في غزة الجريحة...الدم الفلسطيني في خدمة الإقتصاد الإسرائيلي
- غزه ...و راحت
- صواريخ حماس الطائشة...و العاب إسرائيل النارية...و مصر لا أسم ...
- الحوار المتمدن...صوت صارخ في البرية
- صراع الأديان بين الكتاب المقدس و القرآن
- حوار الأديان ... متي يكون صحيحا و متي يكون مجرد هذيان؟
- عندما يعتنق باراك حسين أوباما الإسلام ...إستجابة لدعوة بن لا ...
- إمتهان الكرامة المصرية علي الأرض العربية...و أقباط المهجر بي ...
- الإسلام هل هو دين و دولة أم دولة تحت ستار الدين؟
- مصر .... صورة متناقضة بين الخيال و بين الواقع
- سيادة العقيد محمد خلف الرشدان يهاجم الكتاب المقدس و يفتح الن ...
- الشرطة في خدمة الشعب
- رسالة إلي أخي المسلم الذي سألني... هل تعتقد أن المسيح هو الل ...
- الإنجيل بحسب الاستاذ محمد الشهابي... سمك لبن تمرهندي


المزيد.....




- رغم تصريحات بايدن.. مسؤول إسرائيلي: الموافقة على توسيع العمل ...
- -بيزنس إنسايدر-: قدرات ودقة هذه الأسلحة الأمريكية موضع تساؤل ...
- إيران والإمارات تعقدان اجتماع اللجنة القنصلية المشتركة بعد ا ...
- السعودية.. السلطات توضح الآلية النظامية لتصريح الدخول لمكة ف ...
- هل يصلح قرار بايدن علاقاته مع الأميركيين العرب والمسلمين؟
- شاهد: أكثر من 90 مصابا بعد خروج قطار عن مساره واصطدامه بقطار ...
- تونس - مذكرة توقيف بحق إعلامية سخرت من وضع البلاد
- روسيا: عضوية فلسطين الكاملة تصحيح جزئي لظلم تاريخي وعواقب تص ...
- استهداف إسرائيل.. حقيقة انخراط العراق بالصراع
- محمود عباس تعليقا على قرار -العضوية الكاملة-: إجماع دولي على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أسعد أسعد - الموت... ما هو و كيف و متي و لماذا