أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - موقع -الديني السياسي- في وثيقتين معارضتين سوريتين














المزيد.....

موقع -الديني السياسي- في وثيقتين معارضتين سوريتين


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 10:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


صدرت مؤخرا وثيقتان سياسيتان عن جهتين معارضتين في سورية. مشروع برنامج سياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، وهو ائتلاف معارض تشكل قبل ثلاثين عاما من أحزاب ذات أصول يسارية وقومية عربية؛ و"مشروع وثيقة توافقات من أجل بلورة التيار الوطني الديمقراطي"، صادرة عن مجموعات لها التكوين السياسي والإيديولوجي نفسه. بين الجهتين غير منظمة مشتركة، ما يشكل واحدة من نوادر مرشحة للتكاثر في الحياة السياسية السورية. لكنهما تتوحدان في كونهما جهتين "علمانيتين"، وفي تمحور توجهاتهما السياسية حول "الديمقراطية".
ستقتصر هذه المقالة على تناول موقع الشأن الديني السياسي في كل من الوثيقتين. لا يكاد ذلك يحتاج إلى تبرير. فجملة الظواهر السياسية والاجتماعية والقانونية المتصلة بدور الدين العام ليست قليلة ولا ضعيفة التأثير في سورية اليوم، وهي حاضرة في تفكير النخب السورية بكثافة، وتشكل واحدا من محوري استقطاب أساسيين لكل تفكير ونشاط عام في البلد (المحور الآخر هو "الدولة"). ويعتقد على نطاق واسع أن الإسلاميين السوريين قوة مهمة سياسيا، حتى لو تعذر قياس قوتها بحكم التقييد السياسي المتشدد لنشاطهم من قبل السلطات. فما هو موقع الإسلام والإسلاميين في الوثيقتين المشار إليهما؟ وكيف تفكران في السياسة، وفي دور "الإسلام السياسي"؟
الواقع أن الموضع غائب غيابا مطلقا عن إحدى الوثيقتين. ولا كلمة واحدة في وثيقة "توافقات" التيار الديمقراطي. أما في "مشروع البرنامج السياسي" للتجمع الوطني الديمقراطي فقد وردت فقرة فرعية عنوانها: "الدين"، تقول إن ميدانه هو "المجتمع المدني"، وأنه يفقد "مضمونه الروحي ووظيفته الأخلاقية" إذا سخر لأغراض سياسية، أو جعل "غطاء للجهل والتخلف والطائفية". "فالدين وجد من أجل الإنسان وتقدمه"، و"إصلاح الفكر الديني وتجديده وتنويره... من أهم عوامل النهوض والتقدم". وتؤكد الوثيقة إيمان الجهة المصدرة لها بحرية الفكر والمعتقد والتعبير وممارسة الشعائر الدينية بما يعزز "وحدة المجتمع" و"الاندماج الوطني". وتدين "التعصب والعنف وسياسات التفكير والانعزال والكراهية".
كلام طيب في عموميته. لكن لدينا "دين" لا يقيم في البيت الذي يفضله له التجمع الوطني الديمقراطي، "المجتمع المدني"؛ ولا هو يخفي تطلعاته السياسية وطموحه إلى السلطة العمومية، غير مهتم فيما يبدو بفقد "مضمونه الروحي". وهناك تشكيل سياسي إسلامي يُعتقد أنه القوة الثانية في البلاد إلى جانب النظام، فيما يقرّ ديمقراطيو "التجمع" أنهم ليسوا قوة سياسية وازنة. فكيف يستقيم تناول الإسلاميين بفقرة تتكلم على الدين بعامة؟ وكيف يتجاهل "التجمع" أنه تشكل أصلا قبل جيل، بينما سورية على أعتاب أزمة وطنية متفجرة، كان طرفاها هما النظام والإسلاميون؟ وأن علاقاته بالإسلاميين في الواقع أكثر تعقيدا وتفاعلا مما توحي الفقرة الفاترة المذكورة؟ وما فائدة البرنامج السياسي إن لم يكن موجها عاما للسياسة؟
وكيف نفهم، من جهة أخرى، غياب كل ما يتصل بالإسلام السياسي والإسلام عامة والقضايا الدينية السياسية، والدين عامة، في "توافقات" التيار الوطني الديمقراطي؟ هل يعتقد التيار أنها غير مهمة؟ أم ربما هذه طريقته في إبداء الحرص على "الوحدة الوطنية"؟ نرجح من جهتنا أن الأمر يتعلق بعادات فكرية وسياسية ألِفت أن تطابق بين الدولة والسياسة، وأن لا ترى السياسة في الدين والدين في السياسة، رغم أنها مشغولة البال بالديني السياسي غالبا. هناك انفصال بين الخبرة الحية التي يشغل الدين وتظاهراته السياسية موقعا كبيرا فيها والتي تعبر عن نفسها في الخطابات الشفهية، وبين التفكير السياسي "التقدمي" التقليدي، المدوّن في وثائق مكتوبة، والذي لا موقع للدين فيه.
ولعل انشغال البال بشؤون تحيل إلى الظاهرات الدينية السياسة حاضر في إحدى فقرات "التوافقات" التي تستخدم مرتين وصف "آمن" للتحويل الديمقراطي الذي ترومه في البلاد، منكرة في آن "استخدام العنف الداخلي" و"منطق الحقد والثأر السياسي والعصبيات المختلفة". ينطوي هذا الكلام على توجس مما لا يكاد يسمى. لكن السوري المتابع يعرف أنه يتصل بصورة خاصة بالشؤون الدينية السياسية، أي بالطائفية. فكيف نتكتم على شيء نتوجس منه؟ هل نظن أن الامتناع عن تسمية الوقائع تسهم في تغيير الواقع؟ ومن أين يأتي "التحويل الديمقراطي"، "الآمن" فوق ذلك، بينما يجري تجاهل المشكلات المقلقة؟
هذه تفكير سحري، ينبع على الأرجح مما ذكرنا للتو من انفصال متأصل للتفكير السياسي عن الخبرة الحية، واتصاله بدلا منها بطقوس تعبيرية لم يعد لها مضمون محدد، ولا يكاد يتعارف عليها غير وسط ضيق من "مناضلين" يعيشون في عوالمهم الإيديولوجية والاجتماعية والجيلية الخاصة.
لكن نشتبه أيضا بأن من أسباب الغفلة عن الدور السياسي للدين ارتباك فكري. من جهة الخوف السياسي والنظري من المشكلة الطائفية. ومن جهة ثانية فقدان الثقة بالنفس العجز عن جمع معارضة الدين في تشكله السياسي إلى معارضة "الدولة" في تشكلها الاستبدادي وشبه الديني. يجري التغطية على الارتباك والعجز بالركون إلى اللياقات السياسية واللغوية السائدة، وهي تضرب بحجاب صفيق على كل ما يتصل بالديني السياسي، الطائفية بخاصة.
في المحصلة ليس هناك سياسة دينية عند المعارضين السوريين. مع ما هو معلوم من أن الدين، الإسلام بخاصة، محور استقطاب سياسي أساسي اليوم في سورية.
هذا ليس مقبولا ولا مفهوما. لا نفهم لماذا يصعب بلورة سياسة مبادرة، تجمع بين الاعتراف الواقعي بالإسلاميين وبين الاعتراض على نموذجهم الاجتماعي والسياسي. سياسة متزنة وجسورة، تقوم على الاستقلالية الكاملة للديمقراطيين والعلمانيين حيال الإسلاميين، كما بالطبع حيال النظام.
هذا ليس ضرورة سياسية فقط، وإنما هو مقوم لهوية الديمقراطيين بالذات.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من خرافة سياسية إلى أخرى..
- عودة إلى مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري
- -الحل- غير موجود... أين هو؟
- في بئري الدين والدولة
- في شأن الديمقراطية والإصلاح السياسي... سيرة استهلاك إيديولوج ...
- الطائفية والأحوال الشخصية في سورية
- عالم السادة الرجال -المسلمين- وما وراءه
- بحثا عن توازنات جديدة.. إيران تتحرك!
- تساؤلات بصدد السياق السياسي والمؤسسي لمشروع قانون الأحوال ال ...
- نتنياهو، كيف حصلنا عليه؟ وأي سلم يتحصل منه؟
- ما معنى البقاء في السلطة إلى الأبد؟
- الكثير الذي فات خطابك يا أخ أوباما!
- هذه أو هذه وإلا فتلك: عقائد الحتمية في السياسة السورية
- نظرات في اللوحة الإيديولوجية العربية السائدة
- العلمانية والقومية والامبريالية.. أسئلة مفتوحة
- نظريتان في الطائفية.. بلا نظر
- الكتابة العمومية كسياسة كتابة
- نظرية الحتمية الثقافية في الثقافة السورية مقالة ضد العناد
- الفكرة القومية العربية (والإسلامية) كإيديولوجيتي حرب أهلية
- مسار حرج لتطور الوضع الكردي السوري


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - موقع -الديني السياسي- في وثيقتين معارضتين سوريتين