أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - عودة إلى مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري














المزيد.....

عودة إلى مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2710 - 2009 / 7 / 17 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من حيث المبدأ، يمكن انتقاد قانون الأحوال الشخصية السورية الحالي ومشروع القانون الذي انتهت الحكومة السورية (في 2/7) إلى "عدم الموافقة" عليه "شكلا ومضمونا" من موقعين مختلفين: موقع وطني علماني، القيمة الأساسية فيه هي المساواة بين المواطنين على اختلافهم في الدين والمذهب والجنس؛ وموقع طائفي مهتم بالمساواة بين الجماعات الدينية والمذهبية منظورا إليها كوحدات اجتماعية مستقلة.
العدل وفقا للموقع الأول يتمثل في أن ينال المواطنون الحقوق ذاتها، فلا فرق بين ذكر وأنثى (حظر تعدد الزوجات، والمساواة في الميراث والشهادة..)، وبين غير المسلم والمسلم. وهذا ما لا يمكن أن يضمنه إلا قانون مدني للأحوال الشخصية، ينبغي أن يكفل أيضا إباحة الطلاق وإخراج معاملات العلاقات الأسرية من نطاق الدين، فلا يضطر أحد الزوجين إلى تغيير دينه إن كان الزوج الآخر من دين آخر.
أما وفقا للموقع الثاني، فيتمثل العدل في أن ينال "كل ذي حق حقه"، أو أن يجري "إنزال الناس منازلهم" على نحو ما يحددها ميلادهم ضمن هذه المجموعة الدينية أو تلك. وهذا هو المفهوم ما قبل المواطني للعدل في ثقافتنا كما في غيرها من الثقافات. وغاية المطلوب هنا هو رفع الهيمنة الإسلامية عن نظام الأحوال الشخصية، واستقلال كل جماعة دينية في التشريع لنفسها، ضربٌ من الاستقلال الذاتي في مجال تشريعات الأسرة. ولا يعترض النقد من هذا الموقع على هيمنة أية جماعة دينية على المنسوبين إليها، ولا يقر أصلا بوجود أفراد غير منسوبين إلى الجماعات الدينية القائمة (علمانيين، غير مؤمنين..).
والواقع أنه من السهولة بمكان، من وجهة نظر إسلامية، القبول بمبدأ العدالة الطائفية هذا. ولطالما تمتعت الجماعات غير الإسلامية باستقلالية أكيدة في مجال الأحوال الشخصية وفي مجمل معاملاتها الخاصة منذ الأزمنة الإسلامية الباكرة. بل إنه يبدو أن المشروع الأخير لم يصغ على صورة تحمل بصمات الهيمنة الإسلامية إلا لأن الحكومة السورية طلبت قانونا موحدا للأحوال الشخصية، وأوعزت بآلية غير معروفة إلى لجنة مكونة حصرا "علماء" مسلمين سنيين تأليفه. والحال، لا يمكن لقانون موحد إلا أن يكون مدنيا، فإن كان دينيا فلا يسعه أن يكون موحدا في مجتمع متعدد الأديان كالمجتمع السوري. فهل صدرت إرادة الجمع بين قانون موحد وبين كونه دينيا عن جهل وعدم كفاءة؟ وهل يحتمل أن المشروع الذي قدم تحركه رغبة في المساومة على الصيغة النهائية للقانون؟ لا نعلم. كما لا نعلم بأية آلية ألغي المشروع، وأي إلهام هبط على الحكومة فلم توافق عليه، بعد أن بدت لبعض الوقت مرتبكة في الموقف حياله.
على أية حال، سهلت الجلبة التي أثارها المشروع اختلاط موقعي الاعتراض المشار إليهما. لكن كان واضحا أن بعض الانتقادات موجهة ضد الهيمنة الإسلامية (السنية) على المشروع، وبعضها تحيل صراحة إلى مرجعية دينية أخرى، بينما كان قانون مدني هو محفّز بعض ثالث منها.
النقد الأخير هو وحده المتسق. فهو لا يؤسس اعتراضه على المشروع المنكود على التعويل على عدالة طوائفية، بل على الأسس ذاتها التي ينبني عليها اعتراضه على القانون الحالي، وعلى أي قانون يتعامل مع السكان وفقا لحيثياتهم الدينية. وهذه نقطة مهمة للمستقبل. إذ من غير المرجح أن تبادر السلطات السورية إلى وضع قانون مدني للأحوال الشخصية. هي أقل رسوخا، اجتماعيا وسياسيا وفكريا، من أن تقدم على ذلك. هذا فوق أن الأمر ليس مما يتخذ القرار بشأنه بآليات بيروقراطية فوقية أو بالقوة الجبرية. إنه مسألة تطور اجتماعي ونقاش عام، ثماره الإيجابية مرهونة بأن تشارك فيه أعداد من الناس أكبر مما تتيحه المعادلات السياسة القائمة.
هذا يرفع من أهمية طرح القضايا ذات الصلة بالموضوع بأتم وضوح فكري وأخلاقي، ومعرفة الرهانات المحتملة خلفها، وتبين تضميناتها الاجتماعية والسياسية، والاطلاع على آليات التقرير الخاصة بها، فضلا عن جلاء معايير الحكم بشأنها دون لبس. في هذا الشأن كما في غيره، بل أكثر من غيره، يتعين الجمع بين وضوح الفكرة وهدوء النبرة، وتجنب الخلطة المعاكسة: فكرة ملتبسة ونبرة صادحة. هذه ليست وصفة أخلاقية فقط، وإنما هي قبل ذلك الأرضية الأنسب لاجتذاب قاعدة اجتماعية أوسع إلى العمل من أجل نظم قانونية وسياسية أكثر عدالة. لا نعرف مثالا واحدا لتشكل جمهور واسع حول فكرة مهوشة حادة النبرة.
وإذا كان صحيحا، على ما نرجح، أن الطريق طويل إلى قانون مدني للأحوال الشخصية، وأن فرص التوصل إليه معدومة في ظل هياكل السلطة الحالية، فإن توسيع قاعدة التفكير والنقاش حول الموضوع، وما يتطلبه من اعتدال وسداد وحسن نية، تكتسب أهمية حاسمة لا مجال للمبالغة في شأنها. مشكلاتنا العامة محلولة مبدئيا منذ أن تكون موضع اهتمام شرائح متوسعة باستمرار من السكان.





#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الحل- غير موجود... أين هو؟
- في بئري الدين والدولة
- في شأن الديمقراطية والإصلاح السياسي... سيرة استهلاك إيديولوج ...
- الطائفية والأحوال الشخصية في سورية
- عالم السادة الرجال -المسلمين- وما وراءه
- بحثا عن توازنات جديدة.. إيران تتحرك!
- تساؤلات بصدد السياق السياسي والمؤسسي لمشروع قانون الأحوال ال ...
- نتنياهو، كيف حصلنا عليه؟ وأي سلم يتحصل منه؟
- ما معنى البقاء في السلطة إلى الأبد؟
- الكثير الذي فات خطابك يا أخ أوباما!
- هذه أو هذه وإلا فتلك: عقائد الحتمية في السياسة السورية
- نظرات في اللوحة الإيديولوجية العربية السائدة
- العلمانية والقومية والامبريالية.. أسئلة مفتوحة
- نظريتان في الطائفية.. بلا نظر
- الكتابة العمومية كسياسة كتابة
- نظرية الحتمية الثقافية في الثقافة السورية مقالة ضد العناد
- الفكرة القومية العربية (والإسلامية) كإيديولوجيتي حرب أهلية
- مسار حرج لتطور الوضع الكردي السوري
- في ذهنية المنفعة ونقد الثقافة
- العلم والفتوى و..الفوضى


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - عودة إلى مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري