أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم البوسعيدي - دقائق التأمل














المزيد.....

دقائق التأمل


هيثم البوسعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2713 - 2009 / 7 / 20 - 08:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



الـتأمل هو سباحة في فضاءات التفكير، نفكر في نفوسنا، نفكر في حقيقة الوجود، ولماذا خلق الله الإنسان؟ ولماذا سخر الله لنا الارض بما فيها من خيرات ونعم؟ ولماذا يجب أن نمعن النظر في تكوين السماوات والنجوم وما هي علاقة البحر باليابسة؟ ولماذا يجب أن نفكر في تكوين جسم الإنسان الذي يتركب من أنظمة متعددة وأجهزة متفرقة؟ وهل تدبرنا الحقيقة المرتبطة بالموت؟ وهل فشلنا أو نجحنا في تحقيق التصالح المطلوب بين عقولنا وقلوبنا وأجسادنا وكل ما يحيط بنا في هذه الحياة ؟

كل ذلك يكشفه لنا التأمل الذي هو في حقيقة الأمر نعمة قليل من البشر يدرك قيمتها العظيمة، وممارسة يومية لفترة محددة يبتعد فيها الإنسان عن الكثير من الأفكار والمشاعر المرتبطة بحياته اليومية ليسلم نفسه للحظات استرخاء يستطيع من خلالها تصفيه ذهنه وتنقية مشاعره من الشوائب بحيث يذهب به التأمل إلى ما هو أبعد من المشاعر والذكريات والأفكار.

والتأمل هو إحدى الممارسات الروحية والدينية الموغلة في القدم، وعادة موجودة في الكثير من الأديان وخصوصا في ديننا الاسلامي فهي عادة الأنبياء والأولياء والصالحين فقد كان هؤلاء العظام يمارسون التأمل عبر جلسات طويلة وصور مختلفة كما حصل للنبي إبراهيم عليه السلام وهو يتأمل النجوم والكواكب والأفلاك، وأيضا ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم من التحنث الليالي الطوال وذهابه للغار في الجبال وعملية تفكره بخلق الله، وذلك التفكر بطبيعة الحال يشمل التفكير بمكونات الارض ومخلوقات السماء حتى يتحقق للإنسان ما هو أهم من التأمل الا وهو اتصال النفس البشرية بالكون وخالقها عزوجل.

والتأمل أيضا ممارسة مستمرة تمهد نحو دقائق تشعر الإنسان بالسكينة والهدوء والصفاء، وبتكرار هذه الممارسة على فترات متباعدة وبطريقة منتظمة يستطيع الفرد استرجاع ذاته التي سلبت منه بفعل شتى الظروف والأوضاع، ويكتسب المرء شعور بالانسجامية بين روحه وعقله وجسده، فيتحقق التوازن المطلوب في حياته ويكتشف المعاني العميقة للذات ويترفع عن سفاسف الأفكار ويتجنب العثرات والزلات والاخطاء، بل يوجه أهتماماته نحو أشياء أخرى ذات جدوى له ولعائلته ومجتمعه ووطنه، والأهم من كل ذلك أن روحه ستبحر في هذا الملكوت طالبه القرب والتودد من ملك الملوك وسيد الكون عزوجل.

وهذه الفوائد والمنافع أثبتتها كثير من الأبحاث والدارسات الكثيرة التي أجريت في شتى بقاع العالم حيث كشفت الدراسات عن فوائد التأمل الكثيرة على صحة الإنسان بكونها إحدى وصفات التقليل من درجة الضغط النفسي والبدني، ووسيلة لتقليص أو تخفيف الآلام الناتجة من مختلف الأمراض .

وفي وقتنا الحاضر كثر الحديث عن التأمل وكتبت مؤلفات ودونت أبحاث عن أشكال وصور التأمل، واكتشفت تمارين وطرق ذات صلة بالتأمل مثل الإسترخاء والتنفس العميق والتماريض الرياضية المعروفة مثل السباحة، أما أنواع التأمل فهي تنقسم لنوعين فهناك التأمل الداخلي الذي يدفع الإنسان لتخيل ما يحدث داخل جسده وقلبه وعقله، وهذا النوع ليس سهلا لأنه يؤدي لحدوث الحوار الذاتي داخل النفس الإنسانية مما يمهد نحو إحداث تغييرات تساعد في نهاية الأمر نحو تحقيق التوازن المطلوب بين مكونات الإنسان من روح وعقل وجسد لينعكس بعد ذلك على الفعل والسلوك.

وثانيا هناك التأمل الخارجي الذي يشتمل على استحضار مجموعة من الصور بحيث تلعب المؤثرات الخارجية دورا في جذب المرء نحو مظاهر التأمل مثل الإنصات إلى التلاوة الخاشعة للقرآن الكريم وكذلك الإستماع إلى الموسيقى الهادئة أو الجلوس على الشواطئ الرملية المعزولة أو محاكاة عناصر الطيبعة كصوت الماء وأصوات الطيور ومنظر الأشجار والنباتات.

وفي النهاية يتبادر للذهن سؤال مهم: لماذا لا يأخذ التأمل وقته الكافي في حياتنا؟ لماذا نبخس لهذه اللحظات والدقائق حقها الطبيعي ونحرم أنفسنا من فائدة ستمكننا بمرور الوقت من مصارحة الذات؟ ولماذا نتكاسل عن البحث عن أشكال وصور وطرق التأمل؟، لأن الحقيقة تقول أن التأمل هو صنعة الأقوياء ومهارة الفائزين وهبة الله لكل الحكماء والفلاسفة عبر مختلف العصور.



#هيثم_البوسعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضطهاد المبدع
- قصة قصيرة : حلم صعب
- حياتنا ونموذج المرسيدس
- ثقافة الألم وولادة الإبداع
- الوحدة الوطنية في مهب الريح
- السفيه والمسؤوليه
- قلم المثقف وعصا السلطة
- القدس في وجدان الإنسان العربي
- شهوة الكتابة
- المجلس
- صناعة الحب
- قصة : جراح بغداد
- إدارة الانسان : مفهوم غائب في عالمنا العربي
- القراءة والكتابة ....علاقة ترابط وتفاعل دائم
- رؤية نقدية : أهل الدين تحت المجهر


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم البوسعيدي - دقائق التأمل