أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم البوسعيدي - اضطهاد المبدع














المزيد.....

اضطهاد المبدع


هيثم البوسعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2708 - 2009 / 7 / 15 - 08:01
المحور: الادب والفن
    



وجود المبدع في هذا الزمن يمثل حالة شاذة وسط محيط وصل إلى أدنى درجات الانحطاط في الفكر والذوق والفن، فكل الظروف تقف ضد المبدع وكل الأمور عكس اتجاهه، أمنياته ميته وطموحاته مقتولة، الأمواج عاتية في حياته خصوصا في عالم العرب المظلم حيث دائما تكون الغلبة للأمواج وهو الخاسر بجدارة لأن قاربه ضعيف متهالك، يحاول البحث دائما عن قشة النجاة بين أمواج الظلام والانغلاق والتخبط والتيه والضياع، وليس باستطاعته تحمل تبعات الرياح وأهوال الأمواج فهي تحمل له هدايا متنوعة وهموم ثقيلة: قمع، اضطهاد، نسيان، إهمال، معاناة، فقر.

وفي الجانب الآخر يتمرغ الفاسدين والمفسدين والجهلة في أشكال النعيم وأنواع الرخاء، ويلتف الناس حول ذوي العقول المتحجرة وأصحاب التسالي والمغنى وكل من له غاية في تلويث مسامعهم وطمس قلوبهم وتغييب قيمهم، أما المبدع الذي يبني الأوطان بفكره وعلمه وأدبه ويعمر المجتمعات بعصارة جهده وتعبه فسبيله إلى الغربة والتشتت والتمزق بين البحث عن القوت اليومي والغرق وحيدا في عوالم الإبداع، بل يعيش مجهولا بين الناس ولا يجد من يقدر قيمته وما تحمله من إرهاق فكري وتعب نفسي لتوصيل أفكاره وقضاياه، أما إنتاجه وثروته الفكرية فطريقها نحو سلة الإهمال وعباءة النسيان لأن الناس في هذا الزمن الرديء يزرعون في قلب المبدع كل أشكال الإحباط وأنواع اليأس وخصوصا حينما يعزف جلهم عن القراءة ويتحاشى معظمهم كل ما له صلة للإبداع بل يقفلون آذانهم أمام كلماته خوفا من عدوى تصيبهم بالملل والضجر والاكتئاب، لذا لن يصبح بإمكان المبدع سوى العيش غريبا وسط أمة لا تقدر غير الجهلة والفاسدين وأصحاب اللهو والتسالي.

بل إن مصيره سائر باتجاه الأزمات خصوصا عندما يصبح في عشيه وضحاها عدو الوطن في نظر أعوان ومؤسسات السلطة فالويل والثبور له ليصبح كل شئ في حياته منتهك: عرضه، شرفه، تاريخه، أما قلمه ستناله اللدغات وأنياب الإهمال من القريب والبعيد وربما من ناحية الفئة التي لا يتوقع غدرها والتي تسمي نفسها بأهل الأدب والعلم والثقافة، وإذا كان محظوظا قليلا في حياته الصعبة سيرزقه الله بعائلة تقدر سمو فكره وتحترم رفعة أدبه وتتبنى قضيته وهمومه.

فالخلاصة إذا لم يعد للمبدع بعدما تنقضي حياته بين انكسارات متكررة وأزمات مستفحلة سوى التاريخ ليقول كلمة الفصل في حقه المهضوم، والأكيد أن حقه لن يضيع هدرا لأن التاريخ سيكون لأهل زمانه بالمرصاد فهم الزائلون، سيذكرهم التاريخ بأنهم مجرد أرقام في زمن القبح والانحطاط، أما هو سيبقى الجوهرة الناصعة والدرة المعلقة على صفحات التاريخ ، وليعلم المبدع أن هذا الاضطهاد هو اضطهاد مقصود ومنظم يتشارك فيه الجميع وهو بمثابة مؤامرة محبوكة سيدفعون ثمنها لاحقا، لذلك لا تحزن يا عزيزي المبدع ولا تستصرخهم فهم السابحون في أنهار الفوضى وهم الضائعون في بحور الضلال، ستحل عليهم لعنة تغييبك، وسيذرفون الدموع على تقصيرهم في حقك، ولن يجدوا الحلول إلا في إبداعاتك المهملة وإنجازاتك العظيمة مهما طال الزمن أو قصر.



#هيثم_البوسعيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : حلم صعب
- حياتنا ونموذج المرسيدس
- ثقافة الألم وولادة الإبداع
- الوحدة الوطنية في مهب الريح
- السفيه والمسؤوليه
- قلم المثقف وعصا السلطة
- القدس في وجدان الإنسان العربي
- شهوة الكتابة
- المجلس
- صناعة الحب
- قصة : جراح بغداد
- إدارة الانسان : مفهوم غائب في عالمنا العربي
- القراءة والكتابة ....علاقة ترابط وتفاعل دائم
- رؤية نقدية : أهل الدين تحت المجهر


المزيد.....




- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم البوسعيدي - اضطهاد المبدع