أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نوري جاسم المياحي - الظلم .. والحكام .. والشعب عندما ينتفض















المزيد.....

الظلم .. والحكام .. والشعب عندما ينتفض


نوري جاسم المياحي

الحوار المتمدن-العدد: 2709 - 2009 / 7 / 16 - 08:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في صبيحة يوم 14 تموز 1958 وبعد اذاعة البيان الاول للثورة .. ناشدوا المواطنين للخروج الى الشارع لتأييد الثورة .. وكنت احد الذين خرجوا فرحا بزوال وسقوط الملكية .. الرجعية .. الفاسدة .. عملاء الاستعمار .. وعلى رأسهم نوري السعيد العميل الانكليزي رقم واحد .. وما شابه ذلك من اوصاف ما انزل الله بها من سلطان .. والتي سممت افكارنا اذاعة صوت العرب وخطابات المذيع احمد سعيد وخطابات عبد الناصر النارية ولاسيما بعد الاعتداء الثلاثي الغاشم على شعبنا في مصر والتي سبقتها نكبة فلسطين وهزيمة الجيوش العربية في الحرب واتهام الحكام العرب انذاك بالتواطأ وعدم جديتهم في انقاذ فلسطين ومساعدة الشعب الفلسطيني في محنته .. اضافة الى وصول الالاف من العوائل الفلسطينية المهجرة قسرا باطفالهم ونسائهم وشيوخهم وهم يرتدون ملابسهم التقليدية المميزة وبحال تتفطر لها القلوب ولاسيما بعد ان سمع العراقي البسيط قصص ماتعرضوا له واخوانهم من قنل وابادة وترحيل على ايدي الصهاينة .. ويحملون الحكام العرب ماساتهم .. والمعروف عن طباع الشعب العراقي انه عاطفي تحركه المواقف العاطفية .. ولهذ نجد ان العراقيين تعاطفوا مع اللاجئين بشكل انساني منقطع النظير وقدموا لهم المساعدات التي يتمكنون عليها وهنا ليس مجال الحديث واتمنى على الاحياء من اخوتي الفلسطينين ممن لازالوا احياء سرد القصص لتلك الحقبة .. ان غضب وحقد اللاجئين على الحكام العرب انذاك تأئر به العراقيون فساعد على تاجيج غضبهم على العائلة المالكة ونوري السعيد .. ان العوامل التي ذكرتها ليست هي العوامل الوحيدة وانما هناك عوامل عديدة داخلية ساذكر بعضها .. منها النظام الاقطاعي الظالم الذي كان سائدا والعلاقات غير المنصفة بين الاقطاعي الطاغية والفلاح المسحوق والفقير الى ابسط شروط الحياة اللائقة .. العمال وحياتهم البائسة والفقر المدقع وتقصير الحكومة في تحسين واقعهم المزري .. استيلاء شركات النفط الاستعمارية على ثروات وخيرات الشعب العراقي وحرمانه منها .. بعد نشوء الحكم الوطني واستلام الملك فيصل الاول المعروف بحكمته وحنكته السياسية بدات الحركة الوطنية العراقية بالانتعاش ولاسيما في مجال الثقافة والتعليم فنشا جيل مثقف واعي بعد ان كان الجهل مطبقا ما عدا شريحة معينة من العوائل السائرة في فلك الدولة العثمانية .. لعبت ثورة العشرين التي قادها رجال الدين المعروفين وفشلهم في تسخير او الاستفادة من مكاسبها لصالح طائفتهم التي ضحت بالغالي والنفيس من اجل انجاح الثورة .. سياسة الانكليز واعتمادهم على فئة معينة من السياسين من طائفة معينة واهمال الغالبية العظمى من مكونات الشعب العراقي اضافة الى عدم ادراك الحكومات المتعاقبة اهمية التعامل مع كل فئات الشعب بعدالة ومساواة ونبذ سياسة الاقصاء والتهميش مما ولد وراكم الشعور بالمظلومية .. اضافة الى كل هذا ظهور الحزب الشيوعي على الساحة العراقية وانتشاره ومبادئه بين فئة الكادحين من العمال والفلاحين الفقراء والتي كانت بيئة العراق الاجتماعية والاقتصادية مهيئة لانتشار الفكر البلشفي والثورة البلشفية الروسية ومما ساعد على ذلك بعض المواقف الخاطئة التي ارتكبها نوري السعيد من قمعه للمظاهرات بالقوة غير المبررة ولاسيما ما يعرف بكاور باغي ضد عمال نفط كركوك واعدامه قيادة الحزب الشيوعي وكانت اول عملية اعدام لسياسين في فترة الحكم الوطني .. ومن الجدير بالذكر هناك الصراع الخفي بين العائلتين السعودية حليفة امريكا والعائلة الهاشمية الحليفة التقليدية للبريطانين والصراع الخفي بين الشركات البريطانية والامريكية للسيطرة على منابع النفط في المنطقة العربية والصراع الخفي سابقا والمعلن حاليا بين المذهب الوهابي للعائلة السعودية والمذهب الحنفي للعائلة الهاشمية و قد اكون قد نسيت ذكر العديد من العوامل في هذه العجالة والمقالة المختصرة ولكني اجد وبعد اكثر من خمسين سنة ان البلاء والمصيبة التي حلت بالعراقيين والتي ومع الاسف الشديد تعتمد على الاقصاء والتهميش فئة تحاول اقصاء الفئة الاخرى والضحية وفي كل الاوقات هو الشعب العراقي المظلوم .. قتل المتظاهرين امر غير مبرر .. اعدام قيادة الحزب الشيوعي غير مبرر .. اعدام العائلة المالكة غير مبرر.. اعدام نوري السعيد وابنه ووزراء الاتحاد الهاشمي غيرمبرر .. وبعد اكثر من خمسين سنة اقول ان الجميع مخلصين ووطنين للعراق واهله وكل على طريقته الخاصة واجتهاده ولكنهم اخطأوا في مواقف سياسية معينة ولم يدركوا ان الشعب العراقي عندما يغضب لايقف بوجهه شيء .. ولكي لايتصور القاريء الكريم انني الوم الشهيد عبد الكريم قاسم على قيامه بتفجير ثورة 14 تموز فالرجل كان ابن العراق وابن عائلة فقيرة وكان يحس ويتالم لالامهم وكان يتصور انه المنقذ والمخلص للشعب العراقي وللامانة التاريخية لم ينجب العراق ابنا بارا بشعبه وحنينا على فقراءه ورحيما باعدائه كعبد الكريم قاسم .. الرجل كان عسكريا مخلصا صادقا ولم يكن سياسيا بارعا .. لم يفهم ان السياسة فن الحيلة والخدع والدجل والنفاق .. فوقع في حبائلها التي لاترحم .. ودفع حياته ثمنا لطيبته وصفاء نيته وحبه للفقراء .. واجد نفسي عاجزا عن تسطير مناقبه التي سطرها كل عراقي شريف كتب عنه سابقا ولاحقا وحتى يومنا هذا ..
ولاعد لذكرياتي المؤلمة والمحزنة ليوم 14 تموز وما اعقبه والتي بقيت مطبوعة في ذاكرتي لظلم الانسان لاخيه الانسان بالرغم من مرور عشرات السنين والتي كانت اول مجزرة اعقبتها مئات بل الاف المجازر وحتى يومنا هذا .. يوميا ترتكب مجزرة هنا او هناك .. تعددت الاسباب والدوافع والضحية هم الفقراء والابرياء ..فخرجت ذلك الصباح و كنت اقف متفرجا حالي حال المئات من البغدادين في باب وزارة الدفاع محتشدين فرحين بالثورة .. وفي لحظة ما تصايح المحتشدون .. افسحوا المجال لدخول عجلة عسكرية .. وكانت عجلة حمل ( لوري ) فيها بعض المدنين ويحرسهما جنديين جالسين في الخلف وفي المقدمة كان يجلس عسكري قرب السائق وبعد دخول العجلة باب وزارة الدفاع واذا بواحد يصيح ( جابوه لنوري السعيد ) وبلمح البصر لم اشاهد الا والعشرات صعدوا العجلة ونزلوا بالضرب المبرح على من كان في العجلة حتى الحراس لم يسلموا وبداوا برميهم خارج العجلة وتتلاقفهم الايدي الجاهزة والمرتفعة والاصوات الغاضبة .. كل مجموعة استلمت احد المساكين ضربا وركلا متجهين باتجاه شارع الرشيد .. وهنا تتفتق عبقرية احد الاشرار ليجلب حبلا يربط في عنق الضحية ليسحل في الشوارع .. وهنا يتبرع شرير اخر بسيارته ليربط الحبل في العامية الخلفية ويسحل في شوارع بغداد والرعاع يركضون صائحين هاتفين فرحين بالجريمة التي يشاركون بها وبدون وعي او ادراك لبشاعتها .. في هذا اليوم شرعت عمليات السحل التي تكررت فيما بعد في مناطق مختلفة من العراق ..
كانت الاخبار تنتقل بين المواطنين كالهشيم في النار .. واذا بنا نسمع بان الوصي الامير عبد الاله معلق في ساحة جسر العتيق في الكرخ (قبل ان يطلق عليها تسمية ساحة الشهداء فيما بعد ) وكان مكروها من الشعب على اساس انه كان مواليا للانكليز.. وحليف نوري السعيد مماتسبب في ابادة العائلة المالكة علي يدي الملازم عبد الستار العبوسي الذي نفذ عملية الاعدام بتصرف فردي وبدون امر من قيادة الثورة .. انني اذكر عندماعدت للبيت و وجدت الوالدة رحمة الله عليها ( وهي امية ولا تفقه في السياسة شيء ) وهي تبكي وتذرف الدمع مدرارا وتردد ( الظلمة قتلوا الطفل اليتيم مثل ماقتلوا ابوه الملك غازي وتتساءل.. شمسوي ؟؟ شنو ذنبه ؟؟ ) ..وهنا تحضرني حقيقة لابد ان اذكرها لاجيال اليوم والغد .. ان اباءنا وامهاتنا يكنون كل الحب للعائلة المالكة وكانوا دائما يرددون ان الانكليز وراء موت الملك فيصل الاول وقتل الملك غازي .. والله اعلم بالحقيقة .. واقول لامي التي ابكاها قتل الملك فيصل الثاني .. ابكي يا امي على احفادك الذين قتلوا بدم بارد وبلا ذنب ارتكبوه .. ابكي على النساء والاطفال والشباب الذين يسقطون يوميا بالتفجيرات والمفخخات والانتحارين وبلا سبب او ذنب ارتكبوه سوى كونهم فقراء وعراقيون
فمشينا وعبرنا الجسر الى الساحة المذكورة وهناك شاهدت جثة مشنوقه عارية معلقة من الشرفة التي تعلوا مطعم الشمس انذاك .. وقال المحتشدون انها جثة الامير عبد الاله ولاحظت ان احدى الساقين مخلوعة من مفصل القدم .. والذي اثار اشمئزازي واحتقاري هو صعود بعض الرجال يحاولون غرس سكاكينهم بالجثة او تقطيع اجزاء منها .. فتركت الموقع واتجهت نحو الصالحية لان اشاعة ترددت بين الحشود ان المتظاهرين سيهاجمون السفارة البريطانية .. وعندما وصلت الى موقع السفارة والحشود متجمعة ولكن باعداد قليلة وباب السفارة مغلق والسياج شامخ ولا احد يقترب منه ( وحتى يومنا هذا اتساءل مع نفسي .. ما السر وراء ذلك ؟؟ )
وكان امام السفارة نصب لرجل يمتطي حصان .. وعلى حين غرة تنادى المحتشدون لاسقاط التمثال .. فحاولو بالدفع فلم يتمكنوا وهنا تبرع المتبرعون ولا ادري من اين اتوا بالحبال وشدوا التمثال بالحبال وتعاونوا على سحبه واسقطوه ارضا ( طبيعي هذه العملية تجري والهوسات معرة ) وفيما بعد عرفت ان هذا التمثال كان للجنرال مود .. الذي دخل بغداد وقال كلمته المشهورة ( انني جئتكم محررا وليس فاتحا ) كذبا وافتراءا .. وبعد 85 سنة كررها الخبيث بوش ولكنه لم ينصب لنفسه تمثالا لانه يعرف جيدا ان العراقيون سيسقطونه ارضا كما فعلوا مع من سبقه
ان ما كتبته اعلاه ليس لهوايتي في الكتابة من اجل الكتابة وحسب وانما اكتبه للحكام الجدد الذين لاهم لهم الا سرقة اموال الشعب .. المواطنين ومن على شاشات التلفزيون والفضائيات يستغيثون ويستنجدون لانقاذهم من الفقر والجوع والمرض .. الماء ملوث .. الهواء ملوث .. الطعام شحيح .. الامان مفقود .. الضمائر ماتت .. الوطن دمره الامريكان ودول الجوار .. وبصراحة ابو كاطع اقولها ان ماقام به نوري السعيد وعبد الاله لايساوي واحد من الالف مماسببه حكام اليوم للشعب العراقي من ظلم والام وحرمان .. واقول لهم تذكروا كيف هرب البعثيون في الشعبانية وعند سقوط نظام صدام حسين ولم يجدون جحرا يختفون فيه بالرغم من قوتهم وجبروتهم ,.. وكيف كان يردد نوري السعيد ان دار السيد مأمونة .. وبالنتيجة يسحل في شوارع بغداد .. الظلم اذا دام دمر .. والزمن غدار .. واذا دار الفلك فان جياع الشعب العراقي لن ترحم .. وما كتبته اعلاه عبرة لمن يعتبر



#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيئة العراق ونداء لانقاذها
- الخنازير .. الفقراء .. الكفاءة ؟؟
- الرحمة بفقراء العراق يا رئيس الوزراء
- مبروك للعراقيين ما حققوه بالدم
- حقوق الانسان العراقي بين عهدين
- من وراء التفجيرات الاخيرة؟؟؟
- تغيير نظام.. الغاء مقومات دولة ..فوضى القوانين
- العراق واليوم العالمي للبيئة
- خطاب اوباما بين الأماني والواقع
- صراع التغيير بين مؤيد ومعارض
- الحرب على الفساد
- قرار الاعتقال ونتائجه
- الديمقراطية كما شهدتها بالعراق


المزيد.....




- هل إسرائيل استخدمت أسلحة أمريكية في غزة بشكل ينتهك القانون ا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- استراتيجية الغربلة: طريقة من أربع خطوات لاكتشاف الأخبار الكا ...
- أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلن وقف بعض مواد الدستور لمدة ...
- طالبة فلسطينية بجامعة مانشستر تقول إن السلطات البريطانية ألغ ...
- فيديو: مقتل شخصين بينهما مسعف في قصف إسرائيلي بطائرة مسيّرة ...
- بعد إحباط مؤامرة لاغتياله.. زيلينسكي يقيل رئيس حرسه الشخصي
- تحذيرات أممية من -كارثة إنسانية- في رفح .. وغموض بعد فشل الم ...
- مبابي يعلن بنفسه الرحيل عن سان جيرمان نهاية الموسم
- انتشال حافلة ركاب سقطت في نهر بسان بطرسبورغ في حادث مروع


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نوري جاسم المياحي - الظلم .. والحكام .. والشعب عندما ينتفض