أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - مسعود عكو - عندما تَعشق سلمى.. تُقتل














المزيد.....

عندما تَعشق سلمى.. تُقتل


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 2701 - 2009 / 7 / 8 - 06:08
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


قتلت سلمى على يد شقيقها بعد عدة ساعات فقط على إصدار الرئيس السوري بشار الأسد المرسوم /27/ في الأول من تموز 2009 القاضي بإلغاء المادة /548/ من قانون العقوبات المتعلقة بجرائم الشرف والاستعاضة عنها بالنص "يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد على ألا تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل".

سلمى رحلت، والاسم هو الذكرى الوحيدة لما تبق لها في هذه الفانية، مقطع مسجل بالموبايل فيها تبادل لقبلات بينها وبين من أحبته، نشر بين الناس حتى وصل إلى موبايل أحد أقاربها والذي انتفضت الرجولة والشهامة والشرف والناموس عنده فأوعز إلى أشقائها بضرورة قتلها وغسل شرف العائلة الذي لوثته سلمى.

سلمى التي كانت تترعرع في ربيع حياتها، لم تكن تظن قط أن نهايتها شنيعة إلى درجة أن ذويها ألقوا بجثتها في الشارع لكي تشهد المارة إلى أن عائلتها قد غسلوا عارهم وانتقموا لشرفهم من خلال قتلها، ونسوا أو تناسوا أن من سبب لها كل هذا ما زال طليقاً وقد يوقع العديد من أمثال سلمى في شراكه وتنتفض الهمم والرجولة في الذكور ليعيدوا الشرف المسلوب والناموس المهدور.

سلمى التي كانت ضحية الشاب الطائش (أحمد فارس) خدعها بطريقة ما، وصور مقطعاً لها على الموبايل، وقام بابتزازها على الدوام، حاولت الفرار إلا أنها لم تفلح، فكانت طلقات مسدس شقيقها فيصل إضافة إلى العديد من طعنات السكاكين وضعت حداً لحياتها ففارقتها وهي ملقية في الشارع.

سلمى التي كانت تحلم كمثيلاتها من الفتيات، اعتمار الطرحة البيضاء، وحفلة زفاف، لم تدرك أن الكفن هو أقرب إليها من الطرحة، وحفلة قتل لا حفلة زفاف، أطاح سياف أخر بعنق زهرة أخرى، ورفرف شرف العائلة على جثة هامدة كانت قبل قليل وردة يفوح عبيرها في الدار، تخفق روحها حباً وشباباً كعصفور دوري يرقص على أنغام حفيف أشجار حط عليها، سلمى قتلت كغيرها من الإناث باسم الشرف. ألا بئس الشرف في قتل عذراء.

سلمى التي صارت الأن قصة تحكى في مدينة الدرباسية شمال شرق سوريا، وجد الناس من خلال حكايتها تسلية لعدة أيام، منهم من يقول أعزهم الله لقد ظفروا لشرفهم، ومنهم من يقول عليهم قتل الشاب أيضاً حينها يكحل الشرف بالثأر، ومنهم من يقول سلمى أخطأت وهذا عقابها. سلمى لا أحد قال عنك أنك كنت ضحية شهوة حيوانية لمرتين، مرة عندما قام من أدعى أنه يحبك بنشر تصوير لك ورمى بعرض الحائط كل كلمات الحب والغزل والهيام، والمرة الثانية عندما غسل ذويك عارهم بقتلك دونما سؤالك أو التيقن لما جرى معك. سلمى أنت ضحية مجتمع متخلف، الشرف عنده في بكارة أنثى، رغم أنك كنت حريصة على عذريتك، إلا أن ذلك لم يصفح عنك بل الطلقات كانت سريعة لقطف روحك من هذه الحياة.

هل يذهب دم سلمى سدىً؟ ونكون كل يوم أمام جريمة باسم الشرف، يهتك عرض أنثى، وتقتل أمام ناظري القانون والمجتمع، حيث يقف كلاهما موقفاً أشبه بالرضاء على ذلك، والتحريض على القتل طالما أقصى عقوبة ينالها مجرم هو سنتين من السجن بحسب القانون الجديد. في كل يوم تقتل سلمى، مرة هنا ومرات هناك، كل يوم نرى أن سلمى جديدة تكون ضحية لعقلية ذكر متخلف لا يفقه في الحياة شيء، وقتل الزهور عندهم هواية تلذذ ليظفر باحترام وتقدير المجتمع، فيرددوا له عشت على ما فعلت، هنيئاً لك الأن غسلت عارك بيدك، امش بين الناس لا سلمى اليوم تعكر صفو ناموسك ولا أحد يعيرك بالعيب الذي لحق بك، إنك الأن بلا عار.

يوماً بعد يوم تتقدم سوريا في تسجيل المزيد من ما يسمى بجرائم الشرف، والقانون يقف حتى اللحظة في صف القاتل الذي غالباً ينال حكماً مخففاً لا يتعدى السنتين بعد صدور مرسوم جديد من رئيس الجمهورية، في حين يقف المجتمع متفرجاً على قتل الإناث باسم الشرف، كما أن الدين ما يزال يبارك هذا القتل على الرغم من أن الشرع لا يبيح قتل العازبات، إذا ما طبق الحكم وفق الشريعة. إذن لماذا تقتل الأنثى بحجة أنها أتت الفاحشة في حين يبقى الذكر وهو السبب الرئيس في هذه الجرائم فاراً من العقوبة المستحقة؟ ألا ينبغي للقانون والدين والمجتمع وكافة المعنيين من الوقوف بحزم أمام هذه الجرائم؟ لماذا تكون ضريبة العشق قتل بشع؟ لماذا لا يظفر الذكور لشرفهم إلا إذا كان هذا الشرف معلق بإناثهم؟ الشرف في الإناث وفي أشياء أخرى كثيرة، نعم.. عندما تعشق سلمى. تقتل.



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النوفرة
- الثورة على الثورة
- الكرد في سوريا أزمة حاضر وغياب مستقبل
- مشروع قانون الأحوال الشخصية السورية..استمرار الانتهاكات في ظ ...
- عندما تعشق البيريفانة
- آذار بهار
- في عيدها العالمي ما تزال المرأة أسيرة الاضطهاد بكافة أشكاله
- إنما الخيانة في آبائك الكرد
- الفتوى التي قتلت ميكي ماوس
- جمهورية الحجب... تقرير عن حجب المواقع الإلكترونية في سوريا
- ما تزال النار متقدة في كل المشاعل
- أحزمة ناسفة
- آلام وأحلام وكأس شاي عراقي
- ككردي... أخجل من سجالكم
- نوروز رسالة الألم الكردي
- آذار خان... سيد الشهور
- المرأة السورية بين ثنائية السياسة وحقوق الإنسان
- غني يا فيروز...
- إعلان دمشق.. اغتيال ربيع آخر
- رصيف أمن الدولة


المزيد.....




- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - مسعود عكو - عندما تَعشق سلمى.. تُقتل