أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الفيتوري - كتاب مكتوب لأجلك خذه بقوة















المزيد.....

كتاب مكتوب لأجلك خذه بقوة


أحمد الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2698 - 2009 / 7 / 5 - 02:24
المحور: الادب والفن
    


ثمة كتب ترهقني بشدة لأني أحبها أكثر مما يجب وبالتالي لا أعقلها، هذه الكتب في العادة تتدفق في عروقي كالدم وأشغف بها حد النسيان؛ تحيط بي و لا أحوطها ، تقتلع عيوني من محاجرها ، ثم يصل وصلي بها حتى أحب أن يطالعها الناس كافة؛ أحبتي علي الخصوص ، لهذا أحيانا أخطي فأسلمها لمن يؤدها ، تضيع مني وأصاب برشح الحسرة الذي يخثر غيضي ، اصدر لنفسي أمرا صارما بأن لا أمنح لأحد أيا كتاب ، هذا الأمر القاطع يقطعه أول كتاب يرهقني بشدة لأني أحبه أكثر مما يجب وبالتالي لا أعقله .
ثمة كتب كثيرة أرهقتني كأنها الجمال؛ الجمال حاد الطابع يأسرك وأنت في شغف ، وبالتالي لن تنفك منه لأنك مشغوف بأسرك هذا ، فإن سلبت حريتك منه سلبت عقلك ، لهذا لن تراه لأنه فيك ، والمرء لا يري نفسه جيدا حتى في مرآة؛ اسواء أنواع النقد.. النقد الذاتي ، فإنه نقد محابي لا يري شائنة فيك، مدعي متملق هذا النقد الذاتي.
كما لو كانت مرقونة علي صفحات قلبك مثل هاتيك الكتب، التي كتبها من كتبها بمداد الروح؛ روح ملهوفة عاشقة تكد وتشقاء، وتغلب ذلك بتؤدة وتأني المودة التي ليست علي عجل من أمرها ، كما لو كانت تكتب إلي روحك رسالة محب، تشكلها نأمة نأمة وتنسج بنول جاد ومثابر وبنفس خصبة ، وفي طزاجة فلاح مقبل علي حقله في صبح ندي .
هذه كتب ترهقني بشدة لأني أحبها أكثر مما يجب وبالتالي لا أعقلها.
كعصافير طليقة تحلق في سماء الروح ،كالنحل ترشف عسل الروح، كدود القز تسلك وتغزل حرير الروح .
كما أنثي ناضجة يتفتق سكر خوخها وينساب في النفس كما النفس ..
كما أنثي تتغنج أنوثتها دون دراية منها و لا قصد .. الكتاب يأخذك بقوة ، هذا هو الكتاب تأخذه بقوة
هكذا كتاب مكتوب لأجلك . هو كما الشعر وإن كتب في غير ذلك ، منثور ، متفكر ، متفلسف ، مسرود ، منشغل بموضوع ، في كل هو كتابك ويأخذك إليه .
أي امرأة تكون لك غصبا عنك وعنها وبإرادة أنوثتها اللامرئية، كذا كتاب خصيب يبدو كنهه عصي رغم تمكنك منه وتمكنه : أبدأ القراءة قلقا متوترا ما يبدو لي أن ما أطالعه مرهق وسوف أتركه ، أنغمس بإحساس يتوكد مع كل صفحة أني تاركه ، مع كل صفحة ينتابني هذا الإحساس لكن رغم ذلك متورط وهناك ما يتواطاء فيّ، لست مسلوب الإرادة فالمحب مريد بإرادة الحب، أو كما الحدس المبني علي إرادة وعقل ولكن غير مكشوفين، أو كما العقل الباطن فهو عقل في الأخير.
كتب كهذه تمتع العقل وتأجج النفس وتوقظ الرغبة في الحياة، لأنها وإن كانت بحثا في مجال عقلي مكتوبة بروح الفن ، الفن الذي يجعل للنص حفاف عدة ويبعث الشفافية والرقة في الموضوع الحاد الصرامة، فكأنه يؤنثه؛ يبث فيه روح السلاسة وعذوبة الروح الحية النشطة.
تغدو كاتبه وتنساب فيه في محاورة يتكلم صمتها وينطق مسكوتها ، الإثارة فيه تتجلي في الروح القلقة التي يبثها فيك ، ثم يبدو كحلم أوله صعب المراس وأخره استرخاء اللذة، أو كما النبيذ المعتق المرّ المذاق المسكر حتى الثمالة.
مثل هذا الكتاب كمعشوقتك وجودك فيها ،كما وجودها فيك، لا تكتمل إلا به.
ليس بدعي و لا متملق فحكمته في غير الحكمة ، بساطة حتى حافة السذاجة حتى تقول أن بمكنتك كتابته علي حافة كرسي وطاولة وفي مقهى صخب، مكار كثعلب يأخذك بعيدا عن قريبه ثم يسلمك نفسه، كامرأة عاشقة تكون طريدة لتؤجج الرغبة فيها، وتنفك وتسلمك زمامها من كانت كما الفرس الحرون، هذا الكتاب يمنحك الشكيمة لتشكم لهفتك ولتأخذه بقوة ولكن في تأني الممارس الخبير.
يقول : أنا كتبت لأجلك
خذ الكتاب بقوة، وإن ترددت سيأخذك بقوة، فالتردد لا يليق به و لا بك، وكما في التسرع الندامة في تأني المتردد الهلاك. التهلكة أن تدفن هذا الحي في جبانة النفس الكسول.
يقول : اقرأ
تقول : لست بقارئ
يقول اقرأ، أنت القارئ ولكل قارئ قراءة.
ثمة كتب ترهقني بشدة لأني أحبها أكثر مما يجب وبالتالي لا أعقلها.
ما أحبه أطالعه بالروح ويسري فيّ حتى يغدو كدمي ، حينا أجده لساني وحينا شغفة من شغافي ، حينا أنا وإن كان آخر فأنا هو الآخر، فهذا الكتاب جسد من أحب أطالعه كما لو كان يطالعني ، أنزف فيه عطر جسدي ومن عطره أستمد عطري ، كل جهد هو باعثه وكل لذة أغمره بها تغمرني ، في بحره أطلق نفسي فتعوم دون كلل و لا تعب فهذا الكتاب يبادلني الحب.
هو المانح مجسد الروح؛ كما جسد من تحب ينسل منك تاركا فيك الروح.
هو الوصل ما تبحث عنه كثيرا وبعيدا فتجده في الوريد .
هو الكتاب ما كتب كي تكون وما تقرءاه كي يكون.
هو المنثور في البياض النفيس في النفس الشعر الذي علي قارعة الطريق.
هو علة لمعلول هو أنت .
هو ما يمل وما يملي عليك الشغف فيكون الملل زبدة الروح، لا يشبع من جوع و لا يروي من عطش .. كما النار : هل من مزيد ، يرهقك فتعاوده لا يمكنك مفارقته ، تريده وان تعبت وتتلهف إليه وهو في سريرتك يقاسمك السرير، بين يديك لست مالكه ولست مملوكه ؛ أنت به الطليق .
فالكتاب الذي لا يؤنث لا يعول عليه أو كما قال الشيخ ابن عربي .
مفتتح الكتاب كما نهد طالع من حديقة جسده يباغتك : لست طائله إلا بكد وكد، ثم يسلمك زمام نفسه ولكن كفرس حرون لا يروضها إلا المراس الحثيث، فأشكمها من عروة الرغبة وشدها إليك هي المريدة وأنت المراد . كن علة الوجود كل أنثي من خفاء فخذها من الخفاء لتتجلي، أمسك بزمام الكتاب ولا تتراجع ، في كتاب كما في بحر؛ الشاطئ مستهل لا تساهل فيه ولا عاصم منه ، الشاطئ موج يجرف كل تحوطاتك فلا تتحوط وأغمره من كل فج غمق بروح الرغبة العارمة.
كن سيفا مسلولا يكن طوع أمرك .
كل كتاب أنت محكه كما كل كتاب محكك؛ ثمة كتب ترهقني بشدة لأني أحبها أكثر مما يجب وبالتالي لا أعقلها. ادخل فيها حتى التيه؛الكتاب متاهة ليس عليك فك لغزها و لا فك أسرك ، أعجنه وأجعله عجينك، ستأكل الرغيف الطازج بلهفة الطالع من متاهة من به مس من جنون ؛ الجنون التي أحييتها بمائك فلا تجعل الجن يشل الركب كن كما الطود ، اجعل من الكتاب / المتاهة طود نجاتك.
زبدة الكاكاو تدعي الشوكلات ولونها بني مذهب، لذا الكتاب ما يمكث فيك أما ما يذهب جفاء فليس لك، دعك منه ما ينفع مكث.
الكتب هذه كما النساء يركضن مع الذئاب، لكنها تركض إليك، أو كما القراءة جهرا أو سرا هي قراءة محصولها تجنيه بتؤدة، تأتيك خفافا وتسكن محفتك، أو كما مرة كتبت ليف اولمن في مذكراتها – أتغير- : إن أفضل ما يمكن أن يرافق النجاح هو معرفة أنه ليس شيئا يتاق إليه . أو كما قالت ..



#أحمد_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صندوق نائلة
- كتاب حياتي …..
- أحاول طوال الوقت أن أتغير
- الأسطى في عين موبايلي
- الذي فوق التراب تراب- في رثاء عبد الرحمن الجنزوري
- بورتريه التوق
- جماليات جميلة
- كلام في الكلام
- مكابدات الجيلانى
- هي من كستناء ..
- نسج العنكبوت : أنا هو الآخر
- لوحة جبرين .. جماليات السراب !
- حمار جحا أو في انتظار المهدي
- باموق يعيد اكتشاف اسطنبول ... اسطنبول التي فقدت البوصلة علي ...
- المسرح العربي :المغامرة فتحت الباب للتعددية والمفاجأة ‍!
- حكايا الجدات- حيث الحداثة تكمن في التقليدي
- نجيب الحصادي : نهج الريبة !الذي يواجه سكرات الكتابة ؛ وحيداً ...
- من حقنا أن نتفائل دائما .
- سريب مليون سريب - http://afaitouri.maktoobblog.com/
- الاسم الحركي للوردة .. يغادر الحياة


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الفيتوري - كتاب مكتوب لأجلك خذه بقوة