أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صالح اهضير - الزيارة المفاجئة لمولانا الحاكم بأمر الله..














المزيد.....

الزيارة المفاجئة لمولانا الحاكم بأمر الله..


صالح اهضير

الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:10
المحور: كتابات ساخرة
    


على حين غرة،استفاقت المدينة الجاثمة على السفوح الأطلسية على نبإ مفاده أن مولانا الحاكم بأمر الله سيحل بالبلد للقيام بزيارة من زياراته الميمونة،وأن موعد وصوله لن يستغرق سوى بضع ساعات ليس إلا..
ارتبكت فرائص أعيان البلدة واهتز كيان السلطات المحلية..تجهمت الوجوه واختنقت الأنفاس وتسارعت نبضات الأفئدة ووقع الجميع في حيص بيص..
على التو،أصدر حاكم المدينة،الملقب بـ"الديناصور"،أوامره الصارمة للمسؤولين:رؤساء المصالح،أعوان السلطة،الأمن المحلي،وغيرهم من أولياء الأمور وخدام العتبات..داعيا إياهم جميعا للحضور في اجتماع فوري وطارئ،وأن لا أحد يعذر بتخلفه عن الموعد المعلوم..
"لمقدم رحال"،الملقب بـ"الرادار" لكثرة تنصته ورصده لهذه وتلك إلى حد لا يكاد فيه يغادر كل صغيرة أو كبيرة إلا وأحصاها،توقف في تلك الصبيحة لبرهة وجيزة فوق عتبة مسكنه وهو ينفض عن شاربيه بقايا من طعام الفطور الذي تناوله بعجالة منقطعة النظير..رمقته أعين المارة،وتبادل الناس الهمسات،وتعالت ضحكات الأطفال.أطلت"رحمة"،جارته،من الشرفة المقابلة وقد انتابتها موجة من قهقهات متتالية..ترامى الهرج والصخب إلى أسماع زوجته"الضاوية" ثم فتحت الباب على عجل وسحبت الرجل بقوة من قبعة جلبابه الأبيض إلى فناء الدار..أومأت بأصبعها إلى قدميه وقد استبدت بها فورة غضب غير معهود..تطلع بنظرة خاطفة إلى الأسفل مذهولا:كان يرتدي خفي زوجته!!..ردد في قرارة نفسه:"تفو!..الله ينعل بوها خدمة!!..."
كانت السيارة "المخزنية" تعدو بسرعة مثل السهم في اتجاه مقر الاجتماع.ترجل من على متنها أكابر قواد المدينة،الملقب بـ"الأقرع"..سار لبضع خطوات مترنحا في مشيته،غير أن أحد مرافقيه نبهه إلى أن فتحة سروال بدلته العسكرية فاغرة فاها،بحيث إن تبانه كان يبدو جليا للناظرين،بلا مبالاة سحب سلسلة الفتحة إلى الأعلى وقد عبست ملامح وجهه..ردد في دخيلته:" تفو!..الله ينعل بوها خدمة!!..."
بداخل قاعة الاجتماعات الكبرى،جلس المجتمعون وقد غمرهم صمت رهيب.استوى باشا المدينة،الملقب بـ"بوقرفاضة"،جالسا على يمين "الديناصور"،بجلبابه الشفاف الناصع البياض وطربوش أحمرقان تعلوه خيوط دقيقة سوداء تتراقص كلما صدرت عنه أدنى حركة..تهاوى جدار الصمت بمجرد أن تبودلت نظرات وهمسات هازئة بين الحاضرين..فطن حاكم البلدة لما يجري ويدور وأدرك مغزى الإشارات ثم تمتم بكلمات خافتة للجالس عن يمينه دون أن يلتفت ناحيته..تطلع "بوقرفاضة"إلى جلبابه،هز حاجبيه وعلت وجنتيه حمرة شديدة من هول الموقف ثم اتجه إلى المرحاض..خلع جلبابه المقلوب ثم ارتداه من جديد..ردد في عمق ذاته:" تفو!..الله ينعل بوها خدمة!!..."
تجاذب المجتمعون أطراف الحديث وأدلى كل بدلوهّّّّ؛وفي الختام،هز "الديناصور" رأسه الأهليلجي الضخم وذكر مخاطبيه قائلا:"أريد أيها السادة أن أرى المدينة وقد ارتدت أبهى الحلي والحلل حتى تنال الرضى والحظوة لدى مولانا الحاكم بأمر الله..."
مدت الزرابي المبثوثة بداخل خيمة عملاقة نصبت خصيصا للزائر وحاشيته..اقتلعت الأشجار وبعض نباتات الزينة من ضواحي المدينة وشحنت في الناقلات ثم أعيد غرسها على امتداد الشوارع الكبرى والساحات العمومية وملتقى الطرق الرئيسية،وفي كل مكان يتوقع أن يحظى بالزيارة المباركة.صبغت الأرصفة، وسدت الحفر والثغرات،ورش إسفلت الشارع العام وزين بمصابيح قشيبة،ورفعت الرايات على الأعمدة،وأقيمت الحواجز الحديدية..شرعت الفرق الفلكلورية في تقديم عروضها الفنية،وتهافت الناس من كل حدب وصوب..
استقبل مولانا الحاكم بأمرالله ببالغ الحفاوة والترحاب واشرأبت الأعناق للتملي بطلعته الميمونة..مر موكبه المبجل بسلام لولا أن تهاوت فجأة شجرة على مقربة منه بفعل تدافع الجماهير الغفيرة،كادت أن تتسبب في كارثة لولا لطف الله..
ركع المضيف مستقبلا ضيفه بداخل الخيمة المنصوبة وحياه بأحسن ما تكون التحية ثم طفقا يتبادلان أطراف الحديث حول شؤون وأوضاع البلدة وساكنتها:
ـ كيف هي أحوال رعايانا في هذه البلدة؟
ـ آمنون،مطمئنون،سيدي أعزكم الله،ولا ينقصهم سوى النظر في وجهكم العزيز..
ـ حسنا..وكيف هي أوضاع العمال والموظفين؟
ـ الكل راض،سيدي أعزكم الله،ماداموا مشمولين برعايتكم المولوية..
ـ حسنا..والمشاريع الموكول لكم تنفيذها؟
ـ لقد تم إنجاز،سيدي أعزكم الله،99،99 منها.أما الباقي فهو المرحلة من اللمسات الأخيرة بفضل مقامكم العالي بالله..
أرخى الليل سدوله،واستسلمت المدينة لسبات عميق..عندئذ،قرر مولانا الحاكم بأمر الله،كدأبه في كل زيارة لأرجاء الوطن،القيام بجولة استطلاعية خاطفة في الأزقة والدروب والأحياء الهامشية مع ثلة من حرسه..إنها،بالنسبة إليه،فرصة سانحة للتخلص من روتينية المواعيد المجدولة وعبء الإنشغالات اليومية الرتيبة،غير أنها،في معظم الأحيان،تكون مبعثا للقلق،ومثارا للسخط وعدم الرضى نتيجة ما يقف عليه من وقائع لا تصدق وحالات وأوضاع مزرية!!
انتهت الزيارة المحفوفة بالرعاية الربانية،وودع مولانا الحاكم بأمر الله رعاياه وقفل راجعا إلى مقره الأعظم..استعادت البلدة الأطلسية ايقاعها المعهود،بحيث ما عادت الفرائص ترتبك ولا الأفئدة تخفق في الصدور..وبعد أيام معدودات،تلقى حاكم المدينة من الحكومة المركزية رسالة خطية تقول بعد التحية والسلام:
((وبعد،فبناء على الزيارة الميمونة لمولانا الحاكم بأمر الله لبلدتكم الموقرة،وما أظهرتموه خلالها من "حميد الخصال"،و"حسن الاستقبال"،و"حفاوة الوصال"،و"كرم الضيافة"،وما أبديتموه من"واجب الطاعة"و"وخالص الولاء" و"جسامة التضحيات" التي يندى لها الجبين من أجل خدمة رعايا السدة العالية،فقد تقرر"ترقيتكم إلى أعلى عليين.."،وعليه،فيتعين عليكم فور توصلكم بهذا الخطاب الالتحاق بالمقر المركزي بعد تسليم المهام لمن سيخلفكم بعون الله...وبه وجب إعلامكم والسلام))
جمد الدم في عروق "الديناصور"،وسرت رعدة قوية في أوصاله وضرب كفا بكف ثم غمغم في غور ذاته:"تفو!..الله ينعل بوها خدمة!!..."







#صالح_اهضير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرقص على أجساد الموتى ليلة اختتام مهرجان-موازين-لدورته الثا ...
- اتصالات المغرب تزف بشرى إهداء جديد بحلول عام 2009
- السير في الطرقات بالمغرب
- نحن أمة هاربة...!!!
- موسوعة -غنيس- ومفاخر الأمّة!!!
- اللغة الدخيلة وإشكالية التواصل
- عندما تستحيل الحكمة إلى شعار للتمويه!!
- عنزة السيد -سوغان- وعنزة معالي الوزير!!
- حضارة المسدس لا تزال قائمة
- عندما يتحول الغناء العربي إلى ظاهرة استعراضية
- الوصاياالشيطانية
- !!!صلعة مولانا الإمبراطور
- الاغنية العاطفية وخرافة القرن ....


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صالح اهضير - الزيارة المفاجئة لمولانا الحاكم بأمر الله..