أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح اهضير - عندما يتحول الغناء العربي إلى ظاهرة استعراضية














المزيد.....

عندما يتحول الغناء العربي إلى ظاهرة استعراضية


صالح اهضير

الحوار المتمدن-العدد: 1966 - 2007 / 7 / 4 - 06:26
المحور: الادب والفن
    


من اللافت للنظر في الوقت الراهن، أن الغناء العربي في مجمله أصبح ظاهرة استعراضية بشكل ملموس...
ونحن هنا، لا نعني بالاستعراض ما كان يقدم في الماضي القريب ولا يزال يقدم اليوم من حين لآخر من عروض غنائية على المسارح أو عبر شاشة السينما والقنوات الفضائية ، مثل الفوازير والأوبيريتات الغنائية ، وغير ذلك من الإنتاجات الموسيقية التي ألّفت وتؤلف للغرض ذاته ..
وإنما نعني ما يطال الأغنية العربية أو يطبعها عامة من مظاهر ديكورية وأكسوسوارية ، وتلاعب بالأضواء الباهرة / / Jeux De Lumière ورقص وإيماءات محركة للغرائز، و"مطربون" و "مطربات" من الدرجة العاشرة يرفلون في أزياء "قوس قزحية"ومثيرة ، تصاحبهم في الغالب مجموعات صوتية لفتيان وفتيات تتعالى أصواتها ويتردد صداها مع جلجلة وصخب المجموعة الإيقاعية ، وغير ذلك مما يتنافى وطبيعة الغناء كصوت يعتمد على ملكة السمع بالدرجة الأولى،وطبيعة الغناء العربي الرفيع الذي يتسم بالهدوء في الأداء مع التعبير عن الإعجاب بالتصفيقات أو إشارات استحسان من جانب المتلقي بلا هرج أوتهريج ..
ولفهم بعض من إشكالات الظاهرة وإيضاح لتجلياتها، يجدر بنا تبيان وجرد لأهم دوافعها وأسبابها ، وعلى ضوئها يمكن استخلاص الحلول الممكنة :
أولا – انتشار القنوات الفضائية الغنائية المستقطبة لفئات عريضة من جمهور الشباب العربي أدّى إلى هيمنة هذا المظهر الاستعراضي المبتذل للأغنية العربية وتحويلها إلى منتوج أو سلعة ذات واجهة براقة تخفي في باطنها كلمات ونصوص غنائية مائعة ورديئة ..وبعبارة أكثر وضوحا ، فقد تم استغلال الغناء العربي كوسيلة لإبراز المفاتن والنتوءات الجسدية، وبخاصة من جانب المغنيات ،مع ما يصاحب ذلك من رقص عشوائي مرتجل وفوضوي ،لا صلة له إطلاقا بفن الرقص وأصوله ، وغير ذلك من الوسائل الإغرائية التي تؤدي إلى طمس الأسماع وردعها عن التقاط النغم الهجين والكلمة المائعة الركيكة !!
ثانيا – إن ما يصلح لغيرنا قد لا يصلح بالضرورة لنا.. فالتقليد الأعمى ، ومن غير روية أو تمحيص أو اقتباس لما هو ملائم وضروري ، للأشكال الغنائية الغربية ، قد أدّى بشكل ملحوظ إلى تعديلات جذرية مست هيكل الغناء العربي بحيث كادت أن تؤدّي إلى طمس لطابع الأصالة فيه ، ومن ثمة إظهاره بمظهر مثير للهلوسة بحيث لا يمت بصلة للمتعارف عليه في تقاليد نمطنا الغنائي ..
ثالثا – الجمهور ذاته لم يعد ذلك الجمهور الذي حافظ على دوره في أدبيات عملية التلقي؛ لقد كاد أن يتحول إلى محور للعملية الموسيقية خلال فترة الأداء ، كمصاحبته للمغني والمجموعة المرددة طيلة الوصلة،أو أن يعمد إلى الرقص أو الصياح،وفي بعض الحالات يصاب بحالة هذيان أوإغماء .. وهي كلها سلوكات غربية محضة ..
على أن المسؤولية الكبرى بالطبع تقع على عاتق المؤلف الموسيقي وكاتب الكلمات بالدرجة الثانية مادام كل منهما مزودا رئيسيا لما يتلقفه الجمهور ..ومع ذلك فإن لهذا الأخير،وبلا أدنى شك، نصيبا من المسؤولية باعتباره من العناصر الأساسية للعمل الموسيقي.. فلا معنى لوجود الملحن والشاعر والعازف في غياب المتلقي الذي يعي ما يقدم إليه و يمتلك بالتالي قدرة وحاسة دقيقة لتقييم هذا العمل أوذاك أو قبوله ورفضه !!
ونحن لا ندعو الجمهور إلى رد فعل يطبعه الوجوم في تجاوبه مع المغني ، وإنما ندعوه إلى الاتزان والرزانة وحسن الإصغاء خلال فترة العرض بعيدا عن الردود الفعلية الكرنفالية ...
رابعا – اعتماد المؤلفين الموسيقيين العرب في البناء اللحني لإبداعاتهم على قوالب غنائية جاهزة ذات إيقاعات بسيطة وسريعة راقصة في الأغلب الأعم حتى ولو كانت طبيعة اللحن تستدعي إيقاعات ثقيلة ومركبة..فلا يعقل ، والحالة هذه ، أداء أغنية على مقام"الصبا" بإيقاع راقص!! علما بأن هذا المقام كما هو معروف يحتوي على نبرات جد حزينة وبخاصة في الرباعي الصوتي الأول من تركيبات المقام ...
ولقد لاحظنا في السنوات الأخيرة من القرن الماضي وبداية القرن الحالي إلى اليوم نزوع بعض المهتمين بالتوزيع الموسيقي إلى إعادة توزيع الأغنية العربية وكذا المعزوفات الموسيقية لكبار المطربين الرواد على إيقاعات سريعة ، مثل إيقاع "الوحدة السائرة"،ربما بذريعة تكييفها مع الواقع الجديد لتكون مسايرة للتطور ..غير أن ذلك حولها مع الأسف إلى وصلات راقصة وحاد بها عن بنيتها الأصلية بشكل مفرط ..
وأغلب الظن أن هذا المنحى في الرجوع إلى القديم، وإعادة تشكيله وفق ما هو جديد، ليس إلا دليلا صارخا على الشعور بالتذمر واليأس إزاء الفراغ الذي تعيشه الساحة الفنية في الوطن العربي، بل ليس إلا حنينا لاستعادة أمجاد الغناء العربي الواعد...
ومع ذلك، فيبدو من الصعب أن نحشر في هذا الوضع المزري ثلة من أقطاب الغناء العربي،من أمثال: صباح فخري وفيروز ووديع الصافي وكاظم الساهر، وغيرهم قليل.. إنهم بحق الأعمدة التي لا تزال تشدّ بنيان إبداعاتنا الغنائية، وهم قبل هذا وذاك بمثابة نبراس ينبعث منه بصيص من أمل في متاهات ليل دامس..
ولا ينبغي أن يفهم من كل ما سبق أننا ندعو إلى نبذ الجديد وإحلال القديم محله! وإنما ندعو إلى ألا يتحول هذا الجديد إلى بضاعة مغلفة بشتى أنواع الورق القشيب.. تبهرالأعين وتأخذ بالأبصار.. يروج لها اليوم ليحل بها الكساد غدا .. وتلك لعمري هي الطامة الكبرى !!!



#صالح_اهضير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوصاياالشيطانية
- !!!صلعة مولانا الإمبراطور
- الاغنية العاطفية وخرافة القرن ....


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح اهضير - عندما يتحول الغناء العربي إلى ظاهرة استعراضية