أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح اهضير - نحن أمة هاربة...!!!















المزيد.....

نحن أمة هاربة...!!!


صالح اهضير

الحوار المتمدن-العدد: 2252 - 2008 / 4 / 15 - 07:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أجل ! نحن أمة نجيد فن الهروب.. لاشك في ذلك ولا جدال..هروب إلى حد أصبح فيه ظاهرة سلوكية متأصلة في غور النفوس.ونحن لا نهرب لمجرد الهروب،وإنما نهرب بالطبع لدوافع وأهداف،يمكن إجمالها فيما يأتي:
ـ هروب درءا للمخاطر وطلبا للأمان نتيجة تهديد للحياة الإنسانية.
ـ هروب رغبة في حياة أفضل يسودها الاستقرار نتيجة الشعور بالضيق واليأس والإحباط.
ـ هروب لا من خوف على حياة ولا من استشعار لضيق، وإنما تملصا من أداء
واجب أوتحمل لمسؤولية؛وهذا ما يصح أن نسميه بالتهرب ..
*الهروب إلى المقاهي:
فهناك هروب ملحوظ إلى المقاهي التي أصبحت في الوقت الراهن أكثر مقصدا إن لم تكن المقصد الأوحد لكل الفئات في الوطن العربي كالعمال والموظفين وشرائح أخرى من المجتمع في أوقات الفراغ وحتى إبان العطل الرسمية وكذا أيام الراحة الأسبوعية..هروب طلبا للترويح عن النفس من ضغوط الانشغالات اليومية وعبء المشاكل العائلية أو تخلصا من الشعور بالملل والضيق..
وإذا تسنى لك القيام بجولة سريعة في أرجاء البلاد العربية،فإنك ستجد في معظمها لا محالة كثيرا من المقاهي المنتشرة مثل الفطائر في كل الدروب والشوارع والساحات الكبرى،وقد امتلأت عن آخرها أو تكاد حتى إنه ليصدق عليها،بهذه الوفرة،قول المغاربة الشائع : " بين قهوة وقهوة قهوة "..
وإذا كان للمقاهي سلبياتها وإيجابياتها،فإن من سلبياتها أن تصبح مهربا في كل الأوقات وبشكل دائم،بتلقائية وبلا أدنى مراعاة لقيمة الوقت وتجزيته فيما هو مفيد وضروري،خصوصا بعد أن تخلت عن دورها ووظيفتها التثقيفية والعلمية والاجتماعية والسياسية التي كانت تضطلع بها في الماضي ..
كل ذلك،في غياب أوندرة مرافق أخرى لها أهميتها كالأندية الثقافية التي تتنوع أنماطها بتنوع رغبات وأهواء روادها،والمنتزهات والفضاءات الفسيحة المجهزة بشتى وسائل الراحة والاستجمام،وكذا أماكن للتسلية والترفيه ذات الطابع التعليمي والتثقيفي..
*هروب الشباب اليائس:
وهؤلاء شبابنا وفلذات أكبادنا يولون وجوههم هربا شطر الضفة الأخرى،تحذوهم الرغبة والأمل في طيب العيش والمستقر الآمن،وما هو بالعيش الكريم ولا بالملجإ المأمون،ولكنه اليأس القاتل والعطالة الخانقة وضيق ذات اليد تدفعهم دفعا إلى تجشم الأهوال وركوب المخاطر وخوض المغامرات فتنسيهم ذلك..وكم فئة كثيرة منهم تحطمت أحلامها وتطايرت أشلاء بين الضفتين،فلا هي من هذه ولا هي من تلك. يدل على ذلك ما أشار إليه تقرير لجمعية غير حكومية من أن عدد ضحايا الهجرة السرية للوصول إلى الساحل الإسباني لسنة 2007 بلغ 921 جثة،من بينها 287 من دول المغرب العربي،ناهيك عن المفقودين!!
ومما يحز في النفس،والحالة هذه،أن نعمد في وضع حد لهذه المآسي إلى الحلول المرتجلة والمعالجات السطحية المألوفة التي أثبتت مرارا عدم نجاعتها؛ومرجع ذلك في اعتقادي،إلى افتقارنا للنظرة الثاقبة والعميقة لاستئصال الداء من جذوره،فكان طبيعيا أن تتكرر هذه الأوضاع الكارثية بين الفينة والأخرى أمام أنظارنا وأنظار العالم..
*هروب الكفاءات:
وهناك نوع آخر من الهروب نحو العالم المتقدم،إنه هجرة العقول أو الكفاءات العلمية من أبناء وطننا العربي؛هذا الوطن الذي لم يجدوا فيه موطئا لقدم ييسر لهم السبيل لإرساء دعائم التنمية والسير بها نحو آفاق الرقي والازدهار..
وهي بادرة تثير في الحقيقة كثيرا من الأسى،ولا يمكن تفسيرها سوى بأنها استجابة لإغراءات البلد المضيف: من اهتمام بالغ بالإنتاجات المعرفية والفكرية،والاختراعات العلمية،وتسهيل المساطر والإجراءات الإدارية للإقامة،وتوفير وسائل البحث العلمي،وفسح المجال لحرية التعبير الذي يسمح بالابتكار والإبداع،وتشجيع للطاقات الفكرية بمنحها امتيازات متعددة وتحسين أوضاعها المعيشية..
وإن هذا الهروب الدائم ليمثل بحق خسارة كبرى للبلدان العربية،فقد قدر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لسنة 2000 أنه يكلف الحكومات العربية خسائر مالية تتجاوز مائتي مليار دولار سنويا إذا علمنا أن هناك ما يزيد على مليون عربي من أهل الخبرة والاختصاص من حملة الشهادات العليا وكذا الفنيين المهرة،يعملون في الدول المتقدمة..
وما كان لهذه الأدمغة أن تقطع الصلة ببلدها الأصلي لو كان بمقدورها أن تجد بين أحضانه مايغريها بالبقاء،وأدنى هذه المغريات:التقدير لكفاءتها ودرجتها العلمية..
وأعتقد جازما أن هذا الهروب الاضطراري هو أخطر أنواع الهروب بالنسبة لأية أمة من الأمم..إنه بمثابة ناقوس الخطر الذي ينذر بلا أدنى شك بالانحدار إلى مهاوي الجمود!!
*هروب الساسة:
الحكومات والأحزاب والقيادات العربية تمعن في الهروب من بعضها البعض،فلا توافق ولا اتفاق على كلمة تجمعها ولا وحدة أوتوحد يربط بين الجميع في صف واحد على غرار ما نراه من بوادر لاتحادات في العالم المتقدم.فلا تكاد تنعقد المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات حتى تنفض على بيانات وقرارات لا يلبث معظمها أن يحال على رفوف النسيان..
وإن المتأمل اللبيب ليلحظ،علاوة على ذلك،أن من يملكون القرارات العليا والحاسمة يتهربون- وليس يهربون- من التجاوب مع نداءات الجماهير الشعبية التي لا تملك سوى النزول إلى الشارع للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين والعراق ولبنان وغيرها من الشعوب المغلوبة على أمرها..
*الهروب من الحياة السياسية:
نسبة كبيرة من المواطنين،ومنهم الشباب العربي،يضطرون للهروب من الإدلاء بدلوهم في الحياة السياسية،بحيث يقاطعون صناديق الاقتراع في فترات الانتخابات، ويرفضون التعبير عن حقهم الدستوري لاختيار من يمنحوه صوتهم ويضعون فيه ثقتهم،لأنهم يعلمون،بناء على تجارب سابقة،أن النتائج لن تأتي أبدا بما هو مأمول منها..
يجدون أنفسهم مجبرين على ذلك وهم يرون الحكومات والهيئات السياسية المنتخبة تتعاقب بتلهف على المناصب الحكومية وأغلب المشاريع المسطرة في برامجها تتعثر، وأخرى لم تر النور بحيث تظل حبرا على ورق،لتبقى دار لقمان على حالها في نهاية المطاف..
*هروب أهل الذكر:
علماؤنا الأجلاء،إلا قلة قليلة منهم،يهربون إلى خلوتهم ويولون الأدبار إلى ما قبل قرون قد خلت،بدلا من السير إلى الأمام ومواكبة هذا السيل من القضايا الجديدة التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عصر الصحابة والتابعين.. لقد توقفوا عند المتون القديمة للأئمة والفقهاء السابقين يرددونها مثل الببغاوات، وأحاطوها بنوع من القداسة كما لو أنها وحي منزل..ولا اعتقد أنهم يجهلون أن هؤلاء قد جدوا واجتهدوا لحل مشاكل عصرهم،كل حسب طاقته مجهوده،وكانوا يعتبرون أنفسهم بشرا يخطئون ويصيبون..
فهذا أبو داود يروي عن الإمام أحمد بن حنبل قوله:"لا تقلدني ولا مالكا ولا الشافعي ولا سفيان الثوري،وخذ من حيث أخذوا..".ويقول الإمام الشافعي لتلاميذه:" إذا ذكرت لكم ما لم تقبله عقولكم فلا تقبلوه، فإن العقل مضطر إلى قبول الحق..".ويقول الإمام مالك:" إنما أنا بشر أخطئ وأصيب،فانظروا في رأيي،فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه،وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة،فاتركوه.."
وفي ظل مستجدات العصر وما طرأ عليه من تغييرات،يجد المسلم نفسه في حيرة من أمره،فلا يدري أي مسلك يسلك في أمور دينه ودنياه.فهو- على سبيل المثال لا الحصر- ما فتئ يسأل ويتساءل: ما حكم الإسلام في تحديد النسل وتنظيم الأسرة؟ ما موقفه من " الفائدة " التي تمنحها البنوك على رؤوس الأموال؟ كيف تؤدى زكاة الأموال؟ ما حكم الشرع في هذه النتائج الباهرة لعلم الهندسة الوراثية؟ وبعبارة أوجز: كيف سيتعامل مع الحقائق الجديدة في الكون والحياة والناس؟! إلى غير ذلك من الأسئلة التي لا حصر لها..
ومن هنا، نهيب بعلمائنا الأفاضل أن يزيلوا حيرة مسلم هذا الزمان بدلا من أن يعمقوها!!
*كلمة أخيرة:
لا أريد،في خاتمة هذا المقال،أن يفهم من كلامي حول ما ألت إليه أوضاع هذه الأمة نتيجة هذا الهروب،أنني أنحي باللائمة على طرف دون طرف ولا على بلد دون أخر،فجميعنا مسؤولون في هذا الوطن..وكلنا في الهروب سواء: قيادة وحكومة وشعبا..ولا ريب أن القسط الأوفر من جسامة هذه المسؤولية يتحمله ربابنة سفينتنا المنوط بهم قيادتها إلى بر الأمان.. ويوم ندرك ذلك تمام الإدراك،ساعتئذ سيستحيل هروبنا إلى وهم أو سراب....



#صالح_اهضير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسوعة -غنيس- ومفاخر الأمّة!!!
- اللغة الدخيلة وإشكالية التواصل
- عندما تستحيل الحكمة إلى شعار للتمويه!!
- عنزة السيد -سوغان- وعنزة معالي الوزير!!
- حضارة المسدس لا تزال قائمة
- عندما يتحول الغناء العربي إلى ظاهرة استعراضية
- الوصاياالشيطانية
- !!!صلعة مولانا الإمبراطور
- الاغنية العاطفية وخرافة القرن ....


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح اهضير - نحن أمة هاربة...!!!