أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبحي حديدي - قلعة الرجل الإنكليزي














المزيد.....

قلعة الرجل الإنكليزي


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شركة Choices Video، وهي واحدة من كبريات مؤسسات بيع وتأجير أشرطة الفيديو في بريطانيا وعلى شبكة الإنترنت، أجرت استطلاعاً اشترك فيه 8000 من زبائنها، حول أعظم عشر شخصيات سينمائية على امتداد تاريخ الفنّ السابع. مَن حلّ، أو حلّت، في المرتبة الأولى؟ شارلي شابلن في "الأزمنة الحديثة"؟ أورسون ويلز في "المواطن كين"؟ مارلين مونرو في "الرجال يفضّلون الشقراوات"؟ بيتر أوتول في "لورانس العرب"؟ أنا مانياني في "روما مدينة مفتوحة"؟ مارلون براندو في "العرّاب"؟ جولي أندروز في "صوت الموسيقى"؟ جاك نيكلسون في "طيران فوق عشّ الوقواق"؟
من العبث مواصلة البحث في سلسلة من هذا النوع، أو هذه السويّة بالأحرى! ما صوّت عليه زبائن الشركة الشهيرة، وهم بلا ريب يمثّلون الشرائح الواسعة التي تستهلك هذا الطراز من التسلية/الثقافة الشعبية في أوروبا المعاصرة، وربما معظم العالم في نهاية المطاف، اختاروا الممثّل راسل كراو الذي لعب دور الجنرال الروماني ماكسيموس في فيلم "المصارع". في المرتبة الثانية جاء كريستوفر ريف في دور "سوبرمان"، وفي الثالثة ميل غيبسون وشخصية وليام والاس في "القلب الشجاع"، وأمّا المرتبة الرابعة فقد ذهبت إلى الأنثى الوحيدة في لائحة العشرة: سيغورني ويفر وشخصية إلين رايبلي في سلسلة أفلام الخيال العلمي Alien...
تتمة اللائحة لا تخرج كثيراً عن هذا السياق: فيغو مورتن ـ سين في "سيّد الخواتم"، شون كونري في "جيمس بوند"، ليغولاس غرينليف في "سيّد الخواتم" أيضاً، وبالطبع هاريسون فورد في "إنديانا جونز". الاستثناء الوحيد عن اللائحة، إذا جاز اعتباره هكذا، هو كيرك دوغلاس في دور سبارتاكوس المصارع الثائر. وفي عداد العشرة التالية، التي لم تدخل السباق بالطبع، ثمة استثناءان: جوليا روبرتس في شخصية المحامية إرين بروكوفيتش (وهذه، في الواقع، شخصية حقيقية وليست سينمائية)، ثمّ ليام نيسون في "لائحة شندلر" ودور رجل الأعمال الألماني الذي ينقذ آلاف اليهود من الهولوكوست.
وللوهلة الأولى يبدو أنّ الاستنتاج الوحيد ذا الدلالة هنا هو الميل إلى العنف، وثقافة القوّة، والثأر، ومناهضة الشرّ بوسائل تفوق طاقة البشر، وسوى هذه من القِيَم. غير أنّ ما أدهشني شخصياً هو تفضيل الثقافة الأمريكية على الثقافة الوطنية، البريطانية في هذه الحال، والتي قدّمت للفنّ السابع عشرات الأعمال الخالدة. كذلك أدهشني، وكنت قد قرأت تفاصيل الاستطلاع في "ديلي إكسبريس" البريطانية، أنّ هذه الصحيفة لا تشعر بأية "مهانة وطنية" لأنّ الفنّ البريطاني غائب عن اللائحة، الأمر الذي لا يبدو مألوفاً في صحيفة تابلويد عُرف عنها الدفاع العارم عن "الذات القومية البريطانية"!
غير أنّ المرء يغفر للمشاهد البريطاني تفضيله السينما الأمريكية على السينما البريطانية، إذا ما تذكّر ما يفعله رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في اقتفاء السياسة الخارجية الأمريكية، أينما وكلما شاء البيت الأبيض. وليس هذا الاقتفاء جديداً، أو يقتصر على مشاركة بريطانيا في غزو العراق والسير في ركاب جورج بوش الإبن، بل هو يمتدّ على كامل السنوات التي قضاها بلير في داوننغ ستريت.
وفي عام 1990، عشية اجتياح القوّات العراقية للكويت، لم تكن مارغريت ثاتشر مضطرة إلى مديح جورج بوش الأب، بل كان العكس هو الصحيح لأنها اضطرت إلى توبيخه. وفي عام 1998 لم يكن توني بلير مضطراً إلى إزجاء المدائح بحقّ بيل كلينتون فحسب، بل كان أيضاً مضطراً إلى السكوت عن فضائح الرجل المالية والجنسية. المأساة في موقف ثاتشر انقلبت إلى مهزلة في موقف بلير، الذي وجد نفسه منضوياً في صفّ المدافعين عن كلينتون، مراهناً على رئيس مثخن بالجراح، مقامراً بخيانة "مدوّنة السلوك" التي بشّر بها طويلاً، هو المعروف بدفاعه المرير عن القيم العائلية، وهو الذي سعي ويسعي إلى تجسيد المعجزة الأخلاقية للبريطاني النيو ـ فكتوري السائر على الطريق الثالث بين اليمين واليسار.
أكثر من ذلك، اضطر توني بلير إلى مقارنة السيدة الأمريكية الأولى هيلاري كلينتون بأحدث قديسة عثر عليها الوجدان البريطاني المعاصر: الليدي ديانا، دون سواها! "كلاهما اتصفتا بالكرامة والألق" قال بلير وهو يطنب في امتداح "المواقف المشرّفة التي اتخذتها هيلاري في مناصرة الصديق بيل في محنته وصراعه المكابر ضد موجة إثر أخرى من الأكاذيب". المغنية المعروفة بربارة ستريسند كانت حاضرة في حفل الاستقبال الذي أريقت فيه هذه العبارات، فاستحت قليلاً، أو استحت أكثر بكثير مما كان في وسع رئيس الوزراء البريطاني أن يفعل. ستريسند لم تمدح ولم تقدح، بل قالت ببساطة بليغة: "علام الصخب! لقد انتخبناه ليكون الرئيس لا ليكون البابا! وما يفعله العباد خلف أبواب موصدة هو شأنهم الخاص وحدهم، وحدهم فقط".
وما يفعله المشاهد البريطاني إزاء النموذج البطولي الأمريكي أقلّ إفكاً، أقلّ بكثير، من ذاك الذي يفعله رئيس الوزراء البريطاني كلّ يوم إزاء سيّد البيت الأبيض. لا أحد، على الأرجح، يتذكّر المثل البريطاني الشائع: بيت الرجل الإنكليزي قلعته!




#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية المسيحية وجذور الموقف الأمريكي من إسرائيل
- شهادة الفلسطيني
- جدول أعمال أمريكا: صناعة المزيد من مسّوغات 11/9!
- احتفال شخصي
- هل آن أوان ارتطام الكوابيس القاتمة بالأحلام الوردية؟ شيعة ال ...
- فـي نقـد النقـد
- الحلف الأطلسي الجديد: هل يشفي غليل الجوارح؟
- الاقتصاد السياسي للأدب: عولمة المخيّلة، أم مخيال العولمة؟ 2ـ ...
- الاقتصاد السياسي للأدب: عولمة المخيّلة، أم مخيال العولمة؟ 1 ...
- الوصايا الكاذبة
- استشهاد الشيخ أحمد ياسين: هل تنقلب النعمة إلى نقمة؟
- صباح الخير يا كاسترو!
- أهي مصادفة أنها اندلعت في المحافظات الشرقية المنبوذة المنسية ...
- العروس ترتدي الحداد
- قد تصطبغ بلون الدماء حين يخرج جياعها إلي الشارع: روسيا التي ...
- تهذيب العولمة
- المواطن الأول
- ليس بعدُ جثة هامدة ولكن احتضاره ثابت وفي اشتداد حزب البعث بع ...
- تكريم إيهاب حسن
- الفنـّان والسـفـود


المزيد.....




- زعيم القبارصة الأتراك يوضح حقيقة شراء زيلينسكي فندقا في قبرص ...
- في ضرورة الإصلاح السياسي واستعجالية الحوار الوطني حول الانتخ ...
- مبابي: -بعض الأشخاص جعلوني تعيساً- في باريس سان جرمان
- تركيا ـ احتجاجات ومصادمات بعد إقالة مسؤول مؤيد للأكراد
- صحفي أمريكي يسخر من تناقض تصريحات بايدن بشأن روسيا ويدعوه لل ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي منع رئيس الأركان تحرير مختطفين من مستش ...
- صحيفة إيطالية تسمي قوة -رهيبة- تمتلكها روسيا جعلت مصير التدخ ...
- ابتكار جديد لعلاج فعال ضد لدغات الأفاعي
- أمراض تسبب الشخير
- مصدر رفيع المستوى: اجتماع مصري قطري أمريكي بالدوحة لبحث الهد ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبحي حديدي - قلعة الرجل الإنكليزي