أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد














المزيد.....

جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2665 - 2009 / 6 / 2 - 08:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأوطان والمجتمعات ، كما الأفراد والكلمات، تحيا وترتقي ، تقوى وتضعف ، ثم تتفكك وتضمحل قبل أن تنوس وتنطفئ في الذاكرة الحية، صروح حضارية عالية كان لها يوما تاريخها المسجل والمنقول ومالبثت أن هوت وتلاشت رويدا رويدا . ثمة نزوع بشري دائم فرديا وجماعيا ،من أجل استرداد الأمجاد الغابرة ، نزوعا مدمرا وقاتلا يهددها بالفناء النهائي في غالب الأحيان ، وبالضد منها ثمة من يحتفظ بعناصر البقاء والتجديد والتكيف والحياة في الذاكرة بما يسمح لها بالانبثاق والولادة الثانية من جديد بصورة مغايرة . أمم وحضارات كاملة، سادت ثم بادت تحت سطوة هذا القانون الذي لا يرحم . المفارقة الكبرى أن الارتقاء والانهيار محكومان معا بنفس القانون .

البشرية تكافئ العظام من رجالها بالتذكر العذب ،وتسمي ساحات مدنها وشوارعها، كما تسمي ولاداتها الجديدة، بأسمائهم، وتخصص لهم المطبوعات السنوية والدراسات الأكاديمية والندوات والمحاضرات التي تتناول حياتهم وسيرتهم تيمنا وعرفانا لما قدموا من جهود وأعمال وتضحيات في سبيلها .

والبشرية أيضا ، تتذكر آخرين من أنصاف الرجال، بالحرقة والحسرة والألم وباللعنات الدائمة، في محاولة واعية منها، لدفعهم إلى عالم النسيان البارد .

ثمة مسافة فاصلة بين ابن الشعب وابن الحزب في نموذجنا العراقي الجدير بالتمعن والتأمل والدراسة. مسافة إن توقفنا عندها قليلا ربما ستصبح حياتنا أجمل.

عمانؤيل داود الذي أطلق عليه العراقيون تسمية " عمو بابا " تحببا ، العراقي الآثوري الذي تربع على عرش قلوب جميع شرائح ومكونات شعبه طيلة عقود طويلة وغاص أفقيا وعموديا في الذاكرة الحية للعرب والأكراد والسنة والشيعة وجميع الطوائف الأخرى وكان في حياته ومماته رمزا وطنيا شامخا أودعنا فيه جميعا أحدى أسرار وجودنا الجماعي المشترك . قدم لشعبه من خلال العمل الصادق والعطاء المخلص والحب الذي لا يشبه الأ حب المتصوفة والأنبياء، ما لم تقدمه أحزاب وبرامج ومشاريع سياسية طويلة وعريضة
كانت ومازالت ترفع عقيرتها عاليا بأ سم الشعب والجماهير والإنسان وسط ضجيج الشعارات الفارغة من أي معنى . ابن الشعب العراقي الذي عمل دؤوبا وبصمت، وراهن على الأجيال القادمة وعانق المستقبل المشرق لوطنه وشعبه ومعاصريه . وهو الذي منحنا زادا روحيا سوف نستطعمه مادمنا أحياء .



وبالمقابل ، ثمة من سرق من قوت شعبه في أحلك الظروف واللحظات العصيبة ،مجرد حلقة صغيرة فاسدة في سلسلة فساد أكبر . لص البطاقة التموينية الشهير " عبد الفلاح السوداني " ووزير التجارة العراقي المستقيل ، الرجل القيادي في حزبه الديني ورجل المواعظ والصوم والصلاة والنهي عن الفحشاء والمنكر . تشاء الصدف وحدها في اليوم الذي يوارى فيه جثمان "عمو بابا" الثرى بعد أن أودعته الجماهير في موكب لم يشهد له مثيلا ، أن تعاد طائرة وزير التجارة الهارب من الأجواء كي يحاسب على أفعاله على الأرض .

الأول صاحبته الصلوات والمحبة والعطور والبخور ودموع الفراق إلى مثواه الأخير لينام في سلام وتصالح مع روحه الطاهرة ، والثاني أنزلته إرادة الأخيار من أبناء شعبنا من السماء لتحاسبه على ما أقترف من خطايا وموبقات بحق اليتامى والأرامل والضحايا الذين طالما كانوا وقودا لخطابه السياسي الأجوف .

سكن ابن الشعب مساحة الضمير والوجدان إلى الأبد ، وسكن ابن الحزب مزبلة التاريخ .

هل يمكن أن نعطي معنى إنسانيا جديدا للجنة والنار ؟


هل بمقدورنا أن نعيد النظر ولو قليلا في مفاهيم الثواب والعقاب والحق والباطل والخير والشر وكل الثنائيات الجامدة التي لم نعرها اهتماما منذ قرون وظلت تتحكم بنا وبحياتنا جيلا بعد جيل ؟ .

الخير الحقيقي : هو المعرفة .
والشر الحقيقي:هو الجهل .

المعرفة والثقافة تهذبنا وتجعل منا بشرا يستحقون معنى الحياة ، والجهل يكبل ذواتنا داخل أنانيتها وبدائيتها وحيوانيتها الأولى . ولا غرابة أن المجتمعات التي تسود فيها قيمة العقل والثقافة هي مجتمعات أقل عنفا .

متى تنتصر الحياة اللا نهائية على النصوص المنتهية والجامدة ؟

متى تنتهي سيرة العشاق والضحايا في آن ؟ .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الجديد:في التحول الديمقراطي واعادة الاعتبار للسياسة
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية؟-الجز ...
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية ؟
- عن الانتخابات العراقية وثوب الديموقراطية اواسع
- الخلفيات الاجتماعية والسياسية لاعادة تأسيس حركة الانصار1979/ ...


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد