أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد راشد المطيري - الفضيلة الغائبة














المزيد.....

الفضيلة الغائبة


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 2644 - 2009 / 5 / 12 - 08:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"الطمأنينة... دناءة روحية" ... تولستوي

مازلت أذكر أول يوم دخلت فيه مطعم إحدى المعاهد الدراسية في مدينة "توغ" الفرنسية. كانت مجموعة من الطلبة العرب تحتل طاولة طويلة في وسط الصالة. جلست على مقربة منهم، وأخذت أسترق السمع لأحاديثهم. عرفت في لهجاتهم دولاً مثل ليبيا، والعراق، وسورية، والأردن، والسعودية، والسودان... إلخ، وما أعظم دهشتي حين لاحظت أن أمام كل واحد منهم طبقاً من السمك! أيعقل أن يكون هذا الاتفاق في الشهية من باب المصادفة؟ لم يدم انتظاري طويلا كي أعثر على إجابة، فها هو أحدهم يقترب مني ويلقي عليّ سؤالاً هو إلى التقريع أقرب منه إلى الاستنكار : "أتأكل لحماً لم يذبح على الطريقة الإسلامية؟!" لم أكترث لهذا السؤال الغبي، ولا تعنيني في شيء تلك الشهية الموحّدة التي فرضوها على أنفسهم، إنما الشيء المحزن حقاً، الشيء الرهيب الذي مازلت أجهل أسبابه إلى هذه اللحظة، هو أن أحداً منهم لم يخطر في باله، ولو لمرة واحدة فقط، أن يشذ عن القاعدة! لكأنهم ليسوا في ضيافة الأرض التي أنجبت "ديكارت"! بل "لكأنهم يستحون أن يفكروا لأنفسهم بأنفسهم" على حد تعبير أحد شياطين "دوستويفسكي"! ما بال أولئك الفتية يتقاعسون عن تحقيق ذواتهم؟ ما بالهم يتنازلون طواعية عن أعز ما يملكون ويجرون لاهثين خلف فتوى دينية؟!

الفلسفة شك من دون يقين، والدين يقين من دون شك، وأما العلم فيقين قائم على شك! في الفلسفة هناك أسئلة من دون أجوبة، وفي الدين هناك جواب لكل سؤال، وفي العلم هناك سؤال حول كل جواب! لو نظرنا إلى أبرز مظهر من مظاهر هذا المجتمع الذي نعيش فيه، فلن نستغرب من اندثار دروس الفلسفة، ومن تدهور البحث العلمي، ومن غياب فضيلة الشك! بمعنى آخر أكثر تحديداً، عندما تكون حياتنا قائمة على يقين من دون شك، تختفي الفلسفة، ويذبل العلم، ويصبح الشك خطيئة توجب الاستغفار!

الشك نشاط ذهني يحرك المياه الراكدة ويزعزع المفاهيم الثابتة، فهو بمنزلة اختبار للأفكار التي نتبناها والمعتقدات التي ورثناها. عندما نشك في فكرة معينة، فإننا لا نرفض هذه الفكرة ولا نقبلها، بل نجعلها في "منزلة بين منزلتين" حسب القاموس المعتزلي. الانتقال من الشك إلى اليقين مشروط بتقديم أسباب منطقية أو دلائل مادية تجيز هذا الانتقال، والوصول إلى اليقين عن طريق الشك يعزز الثقة بسلامة الأفكار والآراء التي ندافع عنها ونسعى الى انتشارها.

هناك من يريد أن يحجر على عقولنا ويمنعنا من طرح الأسئلة، والعقول التي تتوقف عن طرح الأسئلة يسهل صياغتها في قالب واحد، ووظيفة القالب كما نعلم هي إنتاج نماذج متشابهة! هناك من يستخدم "عصا التراث" ليفرض على أفراد المجتمع الواحد نمطاً موحداً في السلوك والتفكير، وكأنه أمام قطيع من الخراف! عندما يرفض الفرد الانضمام إلى القطيع، فإن التهمة الجاهزة هي "التغريد خارج السرب"! لعمري إن تغريداً خارج السرب أشرف من ثغاء بين القطيع !



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطر الفلسفة
- جماعة الدعوة والتبليغ على الطريقة المسيحية
- التفكير الدائري
- طفل يبحث عمّن يتبنّاه
- العقل والمرأة
- الشقاء في السراء والضراء
- من يجب أن يحكم؟
- الحرية بين الشرق والغرب
- آفة الطاعة وأنواعها
- خرافة علم الأنساب
- تشويه المفاهيم الغربية
- انحسار الخطاب العلماني
- العدل والديمقراطية
- الثنائية المزيفة: إما حكم الأغلبية...وإما حكم الأقلية
- الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
- الديمقراطية و استبداد الأغلبية
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني
- نقد العقل الجبان
- التفكير النقدي: طريق الخلاص


المزيد.....




- اضبطها على جهاز الأن تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد على ال ...
- أضبط حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب ...
- -إسرائيل- تدرس إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف بنابل ...
- إيهود باراك: يجب إعطاء الأولوية لإسقاط حكومة نتنياهو
- رصاص في المسجد واختطاف الإمام.. حادث يشعل المنصات اليمنية
- يا غنماتي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد على القمر الصنا ...
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و ...
- انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال ...
- حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد راشد المطيري - الفضيلة الغائبة