أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - موت المعنى














المزيد.....

موت المعنى


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 09:08
المحور: الادب والفن
    


أختارُ لموتي أسئلةً من طين، ومرايا تفضحُ أجساداً من قطن، ومعارك لم تحدثْ. وأناورُ في تدبيجِ مقالاتٍ تتسترُ في اخفاء هزائم كلماتي كي أخرج محتفلاً والناس سكارى يرتجفونْ.
أختار لموتي عنواناً ورسائل خالية إلا من خيبةِ أطفالي، ودراهم كاذبة، سيقاناً تلهبُ أغنيتي الدرداء. وأختارُ لموتي معنى، وأضمّخه بالطيبِ وأنشره في السرّ على أكتافي. وأهاتفُ أنكيدو القابع في أعماقي: انّ امرأة الغابةِ توقظُ فينا تفّاحَ الصبواتِ وتقتل طلعَ الربّ حذارِ. أشاورُ كلكامش ليلاً لنؤسس مكتبةً لحروفِ الحقِ، الحبِّ، وحاءِ الشعراء المنسيين. وأختارُ لموتي مأساة وأؤسس سيناً أخرى لا تدخل في كلماتِ اليأسِ، السورِ، السجنِ، سلامِ الرعبِ، سقوطِ الأسنان. وأختارُ لموتي ريحاً وعواصف من قلقٍ وأحاكمه وسط شواطئ لا يتعرّى فيها
غربانُ الكلماتِ المنخورة، ألقي القبض عليه وأدفنه في الأرض وأختار لموتي موتاً أبهى، أكثر طولاً وشباباً. أختارلموتي راقصةً وأكون الطبّال فهزّي هزّي. أتعبنا أنّ الزمنَ الموحشَ باعَ الريشَ هنا في حاناتِ المنسيين، فهزّي، الناقدُ مشغولٌ بدراهمه والشاعرُ صارَ مصففَ حرفٍ في مطبعةِ السخفِ الكبرى. اشتدّي رقصاً. صرخَ النحويّ بنا: غلطٌ غلطٌ. فصرخنا بالنحويّ الصارخِ: غلطٌ غلطٌ. وسكرنا حتّى نمنا في وحلِ الشارعِ، واشتدّ بنا قلقُ الرئتين، مواجعُ عينين ارتبكتْ في ظلماتِ الأرضِ. أقمنا مأدبةً لخطايانا، عاشرنا أنفسنا فيها واشتقنا لسرير الحبِّ وتهنا. كان اللهُ يراقبُ خيبةَ أخطاءِ الجسدِ الفادحة المعنى. هزّي هزّي. صرخ الضائعُ من أقصى الأرض بحرفِ السين فقال لنا: قتلتني سينُ الاسئلةِ المذعورةِ والخبزِ الحافي والأطفال البردانين، فلا جدوى من كلماتِ النورِ، لغاتِ المعنى. فاشتاقَ إلى قتلِ الرئةِ الثكلى، قال لنا: سأكون التابع والكلب القابع. هل مِن عظمٍ للضائعِ وسط السين البائع فجر الكلمات بخبز المسلولين؟ سقط َ الشعراءُ على سين الحرف، اختاروا القتلَ على هيئةِ أحجارٍ وانتشروا في دغلِ الكلمات. اخترتُ عداءَ الضائعِ والحرف النائم في معجمه. هددني. صار الضائعُ يهجوني حتى يطفئ نار الغضب المسعور، فأضحكُ أجتاز دواليب العثرات. ومن موتي الأسود أبعثُ كلماتِ الحبِّ لأشجارالفقراء يجي الردّ عنيفاً: لاجدوى! انتبهي: أختار لموتي حرفاً. ليكنْ هذا الحرف الميم. نمزّقه حتّى يتكوّن ثانيةً من غير دماء يابسةٍ وكلابٍ تسعى. ليكنْ هذا الحرف الواو، انتبهي سخفٌ لا حدّ له ياسيدتي! أتعبني دوري، كنتُ الملك العادل وسط الأتباع الفرحانين المملوء بحكمةِ أجدادي. صرخَ المخرجُ وسط الحفلة: قفْ! هل جددتَ اجازةَ سوق السيارة؟! أتعبني دوري، كنتُ المتأمل في صفحاتِ الأرضِ، أحللُ تاريخاً، أستجلي أسراراً. صرخَ المخرجُ: قفْ! هل تقدر أن تجعل حرفكَ يخرج (بالمقلوب)؟! وكنتُ العاشق، سيدتي الباء لها ثدي من عسلٍ وفم من خمرِ اللذةِ، لحنِ مسرّاتٍ. صرخ المخرجُ وسط سرير الحبّ: وهل تقدر أن تنبح؟! كنتُ الطفل فلا جدوى من تهديدي. أشجاري خضرٌ وثماري زاهيةٌ كأغاني الجبلِ الأبيض. اخترتُ القهقهةَ البيضاءَ فلا جدوى من تهديدي. جاء المخرجُ ضيّع معنى الأم وألقى القبضَ على أسرار أبي. فأبتهل َالجسدُ القابعُ فيَّ. وأيقظني المخرجُ من نومي كي أنظر موتي فبكيتُ. انحسرتْ لغتي. أرسلتُ رسائل عاجلة للأنكيدو، الكلكامش. عاط النحويّ بنا: غلطٌ غلطٌ. ركبَ النحويُّ الضائعَ في الدهليزِ المظلمِ. فانطفأتْ لغتي. واقتربَ الموتُ حثيثاً من بابِ البيتِ، فأغلقتُ البابَ، تسوّر محرابي في منتصفِ الليلِ وقالَ بأنّي الموت فلا مهرب. أضحكني سخفُ الموتِ، فقلتُ: أنا أهرب؟! هل يهربُ شيخٌ أعمى من موتكَ يا هذا المتسوّر محرابي، يا هذا المتسوّر محراب الله؟!

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
www.adeebk.com



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الجحيم وما بعده!
- أخبار المعنى
- أخطاء المعنى
- أنا وأبي والمعنى
- ألف المعنى
- أنثى المعنى
- نون المعنى
- راء المعنى
- حوارية المعنى
- قبورالمعنى
- سلام المعنى
- صراخ المعنى
- دال المعنى
- باء المعنى
- نسيان المعنى
- قصائد المعنى
- إيقاع المعنى
- رومانسية المعنى
- شمس المعنى
- زمن المعنى


المزيد.....




- ماسك يوضح الأسباب الحقيقية وراء إدانة ترامب في قضية شراء صمت ...
- خيوة التاريخية تضفي عبقها على اجتماع وزراء سياحة العالم الإس ...
- بين الغناء في المطاعم والاتجاه للتدريس.. فنانو سوريا يواجهون ...
- -مرضى وفاشيون-.. ترامب يفتح النار على بايدن و-عصابته- بعد إد ...
- -تبرعات قياسية-.. أول خطاب لترامب بعد إدانته بقضية الممثلة ا ...
- قبرص تحيي الذكرى الـ225 لميلاد ألكسندر بوشكين
- قائمة التهم الـ 34 التي أدين بها ترامب في قضية نجمة الأفلام ...
- إدانة ترامب.. هل يعيش الأميركيون فيلم -الحرب الأهلية-؟
- التمثيل التجاري المصري: الإمارات أكبر مستثمر في مصر دوليا
- -قدمت عرضا إباحيا دون سابق إنذار-.. أحد معجبي مادونا يرفع دع ...


المزيد.....

- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - موت المعنى