أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - ثقافة قانونية وقضائية خارج الثقافة !!!















المزيد.....

ثقافة قانونية وقضائية خارج الثقافة !!!


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2633 - 2009 / 5 / 1 - 08:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحت العناوين الرئيسية لما اصطلح على أنها محتويات ومكونات الثقافة, أو من الثقافة, لا نجد إلا نادرا الإشارة لثقافة قانونية أو قضائية. وكانّ فروع الثقافة تكاد تنحصر, عند العامة والمثقفين, في الفلسفة, والأدب بأنواعه: شعر ونثر من قصة ورواية ومسرحيات, وأنواع الفنون.
ولا غرابة, عند إهمال, أو بأحسن الأحوال تهميش, المعرفة القانونية , أن يختلط لدى المواطن مفهوم الحق والقانون. وأنواع الحقوق وفروع القانون. والفوارق بين القانون العام بفروعه , والقانون الخاص بمواده. بين المفهوم القانوني للدولة, وبين السلطة. بين القيام بمهام مفوضة من الشعب للحاكم المنتخب, انتخابا صحيحا, لإدارة شؤون الدولة, وبين تجاوز هذا التفويض و إخضاع الدولة بمكوناتها,والتصرف بها كالتصرف بملكية خاصة.
وكثيرا ما نرى نقصا, حتى لا نقول جهلا كاملا, في معرفة الدور التشريعي للمجالس النيابية والقوانين الصادرة عنها, وبين المراسيم والقرارات الوزارية و معنى مبدأ تدرجية القواعد القانونية, hiérarchie. بين القواعد القانونية والقواعد الأخلاقية .. زيادة على جهل مطبق باختصاصات المحاكم وأنواعها ودرجاتها .. بين قضاة الحكم, وقضاة النيابة , وأعوان القضاء...بين المحاكم العادية ومحاكم الاستثناء, بين أن يحاكم المتقاضين أمام قاضيهم الطبيعي, وبين أن يقفوا أمام محاكم الاستثناء بتهم لا علاقة لها بهذا القضاء, إذا ما تم التسليم سلفا بمشروعيته. بين ان تعيش الدولة حياة عادية في ظل القانون, وبين أن تخضع لعقود طويلة لحالة الطوارئ والأحكام العرفية ...
لا يعتبر المثقف, أو ما اصطلح على تسميته مثقف, هذا النقص في هذا النوع من المعرفة معيبا, أو ماسا بثقافته, التي يدعيها شاملة (تيمنا بالشمولية), ولا احد من العامة أو الخاصة يعيب عليه ذلك, وان عابه أو لامه فليس بدرجة لومه له, الذي قد يصل للتشكيك بثقافته " الشمولية", في حالة نسبه أغنية لغير صاحبها, أو عدم معرفة بعض أسماء أبطال مسلسل ما, أو تحريف اسم من أصول أجنبية .
ليس المطلوب من فيلسوف أو شاعر أو كاتب, أن يعرف أصول المحاكمات, ويكتب تجليات فلسفية, أو أشعارا أو روايات فيها. ولكن لا تضر الفيلسوف أو الأديب, المعرفة بفلسفة القانون, وبعضا من الفكر القانوني ماضيه وحاضره وتطوره, كما لا تحد أو تعيق شاعرية الشاعر,أو تتناقض مع خصوبتها معرفة النظام القانوني والسياسي لدولته, ومعنى التعدي على حرية التعبير, وغلق فضاءات واسعة أمام مخيلته المفترض أنها طليقة, و كلماته التي تفقد كل مصداقية إن لم تكن حرة, وحين تصبح موجهة عكس طبيعتها, وتكذب على نفسها وعلى متلقيها بتبني صاحبها ما يسميه لنفسه, أو يسمونه له, الالتزام. ويعرف الجميع أن الالتزام, في الدولة الشمولية, ليس إلا إلزاما وإكراها خارجيا بتبني مفاهيمها وقيمها, ويصبح مع الزمن وبالتعود عليه إلزاما ذاتيا ورقابة داخلية على النفس, الخروج عنه معاقب عليه بأشد العقوبات. ( الالتزام الحقيقي هو التزام القانون بحماية حقوق الجميع, وبقوة القانون, ومنها حقوقهم في التفكير والتعبير والتنوع الثقافي والإبداع. أي حماية القانون للمثقف و لقواعد وأسس الثقافة الجديرة باسمها).
لا احد يستهجن كون الغالبية العظمى في مجتمعاتنا تتذوق الشعر, وتقرأ القصص والروايات, وتحضر المسرحيات, والمسلسلات التلفزيونية بأنواعها على مدار الساعة, وبان هذه الغالبية لا تتذوق مطلقا نصا قانونيا أو حكما قضائيا, وتطرب له مهما كانت طريقة صياغته (عدا بعض مرافعات المحامين الأكفاء وبعض قضاة النيابة العامة التي تترك إعجابا كبيرا وتقديرا عند مستمعيها) وليس هذا المطلوب . وليست الثقافة القانونية ثقافة روحية وثقافة متعة. القواعد القانونية ليست للتلحين والغناء ودغدغة العواطف أو الرقص عليها أو حولها, وإنما للتطبيق على الجميع الصغير والكبير, وللاحترام المطلوب ترسيخه في النفوس والعقول في المجتمع المتحضر.
لكن بعض المطلوب, أو أقله, أن يجري الاهتمام بنشر الثقافة القانونية, أو الإعلام بها, في المدارس بأنواعها وفي كل مرحلة بما يتلاءم معها, فواقع الحال اليوم إننا لا نجد في أية مرحلة من مراحل التعليم, من الابتدائي إلى التخرج الجامعي, مواد تذهب في هذا الاتجاه,عدا , بطبيعة الحال, ما تدرسه كليات ومعاهد القانون.
لسنا هنا بصدد نقاش طبيعة ومحتويات مناهجنا التعليمية في الوطن العربي, بما فيها مناهج الدراسات القانونية, فتكفي الإشارة إلى أن جامعاتنا مصنفة عالميا في أواخر قوائم التصنيف, وإنما للتذكير فقط بأن الوعي القانوني, والحس القانوني, والثقافة القانونية في أس تكوين المواطن وتوازنه وبناء شخصيته, وخلق الشعور بالمواطنية, ومعرفة الأسس القائمة عليها والحامية لها, وتعميق قيمها.
فبناء الدولة, التي لم تبن بعد في وطننا العربي, لا يكون إلا ببناء الإنسان, الواثق بنفسه المعتز بشخصيته, الواعي لحقوقه وواجباته, المتمسك بها, المدافع عنها دون مهادنة أو تنازل, لأنها حقوق غير قابلة للتنازل عنها, إلا إذا ارتضى أن لا يتميز عن غيره من المخلوقات التي تعيش إلى جانبه, ويساق طوعا كما تساق.
لا نجد في كل ما ينشر على الهواء من قبل مئات المحطات الفضائية أو الأرضية العربية, أو الناطقة بالعربية, برامج, أو أجزاء من برامج, تهتم بنشر الثقافة القانونية والقضائية. عدا بعض محاولات المحاكاة بالتقليد, أو البرهنة بالادعاء على إنها مهنية, فيلجأ بعضها , حين اللزوم وفي المواسم, لخبراء في القانون, وأساتذة جامعات من هذا البلد أو ذاك لطلب خبرة قانونية , أو قراءة تحليل قانوني لحدث وتأصيله, فنسمع بدل ذلك تعليقات سياسية لموظفين, ولا نسمع خبرة قانونية لمهنيين. (مع التقدير الكبير للكثير الكثير من الأساتذة والخبراء المشهود لهم في وطننا العربي في هذا المجال, وممن لهم شهرة كبيرة خارجه )
من آلاف المقالات, (لا تعنينا هنا المقالات الناطقة باسم الأنظمة السياسية الرسمية القائمة, المنشورة في صحف مكتوبة أو على الانترنت) لا نرى إلا نزرا يسيرا من الجاد منها. ما نراه يتمحور حول الأديان والمذاهب والطوائف الدينية, وأكثرها تكفيرا أو ضغينة أو حقدا, أكثرها انتشارا و قراءة وتعليقا. أو المقالات السياسية, الموالية والمعارضة, التي لم تتعب من التحليل والتركيب وإعادة التحليل وإعادة التركيب, منذ عقود وعقود, ورغم كل الجهود والحبر المسفوح, لم يبرهن الواقع على صدق أي تحليل منها أو تركيب. لذا تعمد في أيامنا هذه, ومن باب ا لتشويق, إلى الاستعانة بالشتائم والتخوين والعمالة, والقذف بأقذع العبارات, وعندها, وكلما حمي الوطيس, تكون القراءات والتعليقات لا تحصى عددا. إضافة للمقالات المتعلقة بالجنس, وأعذبها في مجتمعات مكبوتة, أكثرها إباحية, وبالتالي أكثرها جاذبية للقراء والاهتمامات.
في الدول الغربية, ونذكر منها فرنسا لمعرفتنا بها أكثر من غيرها, يدرس القانون, إضافة للاقتصاد في بعض فروع البكالوريا, وفي الجامعات لا تدرسه إلا كليات الحقوق , وبعضا منه كليات الاقتصاد, والسياسة, والتجارة, والإدارة. ولكن هناك العديد من جمعيات المجتمع المدني التي تنشر الثقافة القانونية , والأحزاب السياسية, (التي لا تربي منتسبيها, في المواضيع الثقافية على عبادة الفرد الزعيم والنظام الشمولي, وإقصاء الآخر) وآلاف الكتب الموجهة لطلبة في هذه الاختصاصات, والى العامة, ومذكرات وانتقادات واقتراحات قضاة ومحامين ورجال إدارة. ومئات المواقع الالكترونية والمجلات المتخصصة. والندوات. والبرامج التلفزيونية التي تستضيف من وقت لآخر أساتذة وخبراء قانونيين يتكلمون قانونا وخبرة قانونية حقيقية, وبحرية مطلقة. ووجود محطة برلمانية تنقل جلسات البرلمان ومناقشاته, والآراء, والتعليقات والمطالعات القانونية والندوات.. . ولا تخلو مدرسة ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية من ملصقات لإعلان حقوق الإنسان والمواطن, وحقوق الطفل, والمبادئ القانونية الأساسية. يضاف إلى ذلك أن أروقة المحاكم, بكل أنواعها, تضع تحت تصرف المتقاضين والمراجعين والزائرين, منشورات صادرة عن وزارة العدل, تهدف للمساعدة والتوجيه والتثقيف, وإطلاع كل على ما يهمه.
كما أن التوجه الحثيث من رجال القضاء والمحامين ورجال القانون لتعميق ثقافتهم العامة بالإطلاع على مختلف فروع الثقافة, بقصد معرفة آثار ما هو اجتماعي على القضايا المطروحة أمام المحاكم. ويقابل هذا توجه غير القانونيين من أدباء ومفكرين وفلاسفة للثقافة القانونية والقضائية.
الغياب, في منطقتنا العربية, (بين غيابات أخرى لأنواع أخرى من الثقافات والمعارف) للتثقيف القانوني والقضائي وأثره على الحس القانوني والوعي به, وعدم تأصيله في الضمير والسلوك الفردي والجمعي. وهذا التوجه, بهذا الكم والنوعية, الذي تعكسه الكتابة و القراءة والتعبير, بأشكاله ووسائله المتنوعة. هذه الحركة "الفكرية" أو الحراك دون وضوح الرؤى, يعتبر, باعتقادنا, مؤشرا على توجهات اجتماعية ممكن أن توحي للمراقب بان مجتمعاتنا في حالة تحول, بطيء, لكنه من طبيعة لا تقود لمستقبل واعد, على المدى المنظور على الأقل.
فليست هذه بوادر الحركة التي تدفع إلى تغيير باتجاه بناء مجتمع عصري متماسك, تقوم عليه دولة الحق والقانون والمؤسسات, وتسود فيها قيم المواطنية التي تعلو على كل الاعتبارات, وتفرض نفسها على الأنظمة الحاكمة. فالتيارات غير الحاكمة, (غير المنظمة, أو بالأصح التي لم تزل في طور تنظيم بدائي, أو التي تضفي على نفسها (تيمنا) لقبا تبدو ضئيلة تحته, معارضة ) والتي من المفترض, حسب طبيعة الأشياء, أنها ستقود إلى بديل أفضل, تتبنى نفس ثقافة وعقلية السلطة ومفاهيمها وممارساتها, واهتماماتها, حتى وهي خارج السلطة ومفسدتها.
وبعيدا عما يُقيّم على انه تشاؤم أو تفاؤل, يتبين أن ما نراه ليست مؤشرات التوجه لوضع أرجلنا بعد, ونحن في القرن 21, على بداية الطريق الصحيح, رغم كل الصراخ القادم من كل الاتجاهات, وبكل اللهجات, وبان القانون ودولة القانون وثقافة القانون ليست في أولويات احد.
في غياب الثقافة القانونية والقضائية لا تترسخ القيم الحضارية الناظمة لسلوك وتصرف المواطن وتدخل بصفتها هذه وعيه الفردي, والوعي الجمعي. ويبقى الخوف من العقاب والإكراه هو الحافز الوحيد لاحترام القانون والنزول على أحكامه, وهو ما يتلاءم مع طبيعة الإنسان المتحضر.
ومن هنا ضرورة التطلع لـ"دمج" الثقافة القانونية والقضائية بالثقافة بمعناها السائد عندنا, وإعطائها ما تستحقه, و"الاعتراف" لها بما هو لها.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما ضاع حق وراءه مطالب
- ما للدولة ليس للدولة
- ثقافة عربية دورية ومتنقلة .
- القضاء الجزائي الفرنسي في عيون رجاله 2/2
- في الأفق نصر عربي جديد !!!.
- قاضي التحقيق القاضي الأكثر إثارة للجدل2/2
- عن أية ديمقراطية يدافع هذا الغرب؟.
- صقور وحمائم ووقف حذر لإطلاق الشتائم
- مظاهراتهم ومسيراتنا
- مجلس الأمن أي امن !!!
- عام جديد في عالم متحضر
- غزة تُقصف. وقصف عربي عربي مضاد.
- القضاء الجزائي الفرنسي في عيون رجاله
- لجنة عربية لمراقبة حقوق الإنسان في الوطن العربي. عهر سياسي
- إلى الحوار المتمدن
- في العداء للديمقراطية
- حق اللجوء, التفاف على المضمون وتعسف في التطبيق
- سلطات ثلاث والى جانبها رابعة
- في -السلطة- القضائية و فصل السلطات
- سنوات جزائرية


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محاضرة في الجامعة العبرية بتهمة الت ...
- عبد الملك الحوثي: الرد الإيراني استهدف واحدة من أهم القواعد ...
- استطلاع: تدني شعبية ريشي سوناك إلى مستويات قياسية
- الدفاع الأوكرانية: نركز اهتمامنا على المساواة بين الجنسين في ...
- غوتيريش يدعو إلى إنهاء -دوامة الانتقام- بين إيران وإسرائيل و ...
- تونس.. رجل يفقأ عيني زوجته الحامل ويضع حدا لحياته في بئر
- -سبب غير متوقع- لتساقط الشعر قد تلاحظه في الربيع
- الأمير ويليام يستأنف واجباته الملكية لأول مرة منذ تشخيص مرض ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف وحدة المراقبة الجوية الإسرا ...
- تونس.. تأجيل النظر في -قضية التآمر على أمن الدولة-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - ثقافة قانونية وقضائية خارج الثقافة !!!