أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هايل نصر - غزة تُقصف. وقصف عربي عربي مضاد.















المزيد.....

غزة تُقصف. وقصف عربي عربي مضاد.


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2511 - 2008 / 12 / 30 - 10:00
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ما أشبه اليوم بالبارحة, وما أشبه البارحة بأول البارحة, وما أشبه أول البارحة بعقود ماضية في تاريخ امتنا. وسوف لا يكون المستقبل, المنظور, ضمن شروطنا الحالية, إلا كاليوم والبارحة وأول البارحة, والعقود الماضية.
مرور الزمن لا يفعل فعله عندنا في عالمنا, إلا باسترداد النفوس المستحقة بفعله إلى بارئها. وقد عجز إلى الآن, عن فعل ما فعله في غير عالمنا, من تغيير وتطوير للعقول والأفكار, والمفاهيم, ورديء القيم والعادات, وعجز عن تثبيت الصالح منها. كما عجز عن ضمنا لركب الحضارة والتطور والنمو الاقتصادي والعلمي والثقافي. فكانّ الزمن العربي لا علاقة له بهذا الزمن. أو أن الزمن لا يأخذنا باعتباره لتخلفنا ورفضنا لمساره.
غزة تُقصف. مئات بين شهيد وجريح ومهجر من كل الأعمار ومن الجنسين. وكالبارحة وأول البارحة وقبل عقود, يعلن المقصوف النصر المبين. ويتوعد بنصر شبيه قادم. فهو مازال حيا وفي سلطته. وهذه قمة الانتصار. الشهادة قدر محتوم على أبنائنا. شهادة مجانية دون مقابل من تحرير أو حرية, شهادة يخطط لها صاحب القرار, ويطلبها من غيره ويحرم نفسه منها. ويعد طلابها بالنصر والتحرير, وبالجنة في الآخرة, ويضمنها لهم كضمانه لحماية الأوطان.
خلال كل قصف تعلو التوصيفات ليُقصف بها العدو في عقر داره, فهو: صهيوني و بربري وغاشم, وعدو الإنسانية. وعدوانه: وحشي وهمجي وخال من كل القيم والأعراف التي عرفتها البشرية, وانه إبادة جماعية, وانه مجازر صهيونية. توصيفات يتم ترديدها عند كل عدوان, مفاجئ دائما, وكأننا كنا ننتظر منه غير ذلك. وكانّ التوصيف هو ما ينقصنا. ماذا يُنتظر من عدو عرفنا هو حق المعرفة, ولم نعرفه نحن حتى في الحدود الدنيا. هل سنكتفي بقصفه بنعوت سيذوب خجلا عند سماعها؟. قصفناه بها البارحة وأول البارحة واليوم, ولم يخجل ولم يمتقع لونه , ولم يرف له جفن, ولم يرعوي. ومع ذلك سنقصفه بها غدا وبعد غد, دون أي قصف آخر, ولن ننثني ولن نلين. وزيادة في إيذائه سندعو عليه ببالغ الدعاء علنا نحرقه عند رب العالمين.
غزة تقصف. ويحول الغاضب من الحكام غضب شعوبنا وسخطها إلى مسيرات منظمة منتظمة تردد الشعارات ذاتها, شعارات البارحة وأول البارحة وقبل عقود, دون أن يسمح لها بزيادة أو نقصان, شعارات صالحة لكل قصف, والى يوم النصر. غضب حتى لا يخرج عن السيطرة يحول إلى السير بنفس الشوارع, والتجمع بنفس الساحات, ويتم تنفيسه بنفس الخطابات الهادرة, والكلمات المعدة جيدا, والفصيحة بما فيه الكفاية لتوصيل كل الرسائل, ومن بينها رسالة النصر المرتقب. وتنتهي بأغلظ الأيمان بنصرة الأوطان. وكان احمد سعيد مازال يزأر من صوت العرب ويبشر بالنصر كل امة العرب.
غزة تقصف. وتنطلق الأناشيد الثورية من المحطات الأرضية والفضائية الأكثر ثورية. وتنطلق ألسنة كل المحللين السياسيين والاستراتجيين, المجند منهم والاحتياط, المستقدمون للمناسبة على عجل, ليقولوا قولوهم, ويصفوا ويحللوا, ليعدوا ويتوعدوا, وفي الختام يدعو كل منهم الآخرين للاحتذاء بمواقف زعيم بلده والاقتداء بها, للوصول إلى توحيد ورص الصفوف بانتظار الرد القادم, فالحالي فوتته المفاجأة . إنهم محللو البارحة وبكلمات البارحة وأول البارحة وقبل عقود, و للقادم من الأيام يعدون ورثتهم لشغل المكان, وإتباع نفس المنطق وذلاقة اللسان. وفي المحطات الفضائية الأقل ثورية لا تتعدل البرامج, وتبقي في مواعيدها حلقات فنون الطبخ والطبيخ, والطرب و الأغاني, والرقصات, والمقابلات الفنية, والمسلسلات العربية والتركية.
غزة تقصف. وتدبج المقالات بالصحف الرسمية المكتوبة وامتداداتها على شبكة الانترنت, والكل ينصح أو يُنظّر, أو يشيد بمواقف زعمائه, التي لو تبعتها المواقف الأخرى ودرسها بعمق الفلسطينيون لكنا نحن الآن من يقصف لا من يُقصف.
غزة تقصف. ويتبادل بعض الفلسطينيين القصف البيني والاتهام, والاتهام المضاد. ويقسمون على الانتقام, ولكن بعد تصفية كل الحسابات البينية المتأخر منها والمستحق حاليا ومستقبلا. وكأنّ الجماهير الفلسطينية البطلة الغاضبة, والحاملة وحدها صدق المقاومة وروح وغضبة المقاوم, المتصدية للعدوان بالصدور العارية والحجر, لا تفعل ذلك, , من اجل غزة والضفة, من اجل الوطن, من اجل فلسطين, وإنما من اجل هذا أو ذاك الفصيل.
غزة تقصف. وكالبارحة وأول البارحة وقبل عقود, وعند كل قصف وعدوان, يبدأ القصف العربي العربي البيني بأقذع الألفاظ وأحط والصفات. فالكل يُخّون الكل. والكل يتهم الكل بتفريق الصفوف وإضعاف النفوس وإيهان الهمم. والتخلي عن القضية. و بعدها يتداعى الملوك والرؤساء والأمراء والشيوخ (والكل زعماء دون استثناء) لقمة تدين, بعد مداولات وتبادل التهم والشتائم, القصف وتستنكر وحشية القاصف وهمجيته وتشهر به في بيان ختامي. وتكتب الأمانة العامة للقمة قرارات للأرشيف. لا يتداعون للقمة لنصرة القضية أو لنخوة عربية, وإنما للهروب من المسؤولية. فالكل, خوفا من عسير حساب قادم من ما وراء البحار, لا يجرؤ على تصريح أو إعلان موقف فردي واتخاذ قرار, فيُترك الأمر للقمة لتضيع المسؤولية بين كامل القبائل العربية.
وكالبارحة وأول البارحة وقبل عقود, وبعد انتهاء كل قصف وعدوان, تهدأ النفوس ويبدأ البحث عن المصالحات, وإعادة ترتيب التحالفات, ونسيان ما فات. ويلتحق الشهداء بالقوائم المليونية المنسية, ويدخل الجرحى في عداد المعاقين العاجزين عن العمل وتدبير لقمة العيش. و من دمرت بيوتهم وأرزاقهم فالله وحده يعلم أعدادهم ويحس بمآسيهم.
وكالبارحة, وأول البارحة, وقبل عقود, واليوم, وللقادم من الزمن, ستبقى شعوبنا تحت الظلم الاستبداد, وتضليل الزعماء والمتزعمين المتاجرين بأرواح الآخرين, وبدمائهم إلى أخر قطرة, دون ضمير أو مسؤولية. وسيبقى الإنسان بين مطرقة العدوان الصهيوني وسندان الطغيان.
غزة تقصف. وتتفهم أمريكا دوافع إسرائيل, مؤكدة أن تفهمها لهذا يلتقي مع التفهم المعبر لها عنه سرا وخلف الأبواب الموصدة, بمقابل أو بدونه, من غالبية الزعماء العرب.
غزة تُقصف ويدفع الثمن الأبرياء. و كالبارحة وأول البارحة وقبل عقود, ما دامت أوطننا بيد الزعماء, سيقصف القاتل كل الجبهات و كل الأعماق, وسيفلت من كل حساب أو عقاب.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضاء الجزائي الفرنسي في عيون رجاله
- لجنة عربية لمراقبة حقوق الإنسان في الوطن العربي. عهر سياسي
- إلى الحوار المتمدن
- في العداء للديمقراطية
- حق اللجوء, التفاف على المضمون وتعسف في التطبيق
- سلطات ثلاث والى جانبها رابعة
- في -السلطة- القضائية و فصل السلطات
- سنوات جزائرية
- قاضي التحقيق القاضي الأكثر إثارة للجدل
- نفاق -ديمقراطي-
- أسماء وصفات ومسيرة اندماج عرجاء
- فن المحاكمة (5/5) l’Art de juger
- فن المحاكمة 4 L’Art de juger
- صعق فتاة عربية بقرار
- ابتكار عمره 25 قرنا أسمه ديمقراطية
- فن المحاكمة 3 l’Art de juger
- اتحاد متوسطي أنّت لولادته شعوب الضفة الأخرى
- فن المحاكمة 2 l’Art de juger
- فن المحاكمة L’art de juger 1
- مغترب على أبواب عطلة صيفية Vacances


المزيد.....




- إسبانيا: رئيس الوزراء بيدرو سانشيز يفكر في الاستقالة بعد تحق ...
- السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟
- كأس الاتحاد الأفريقي: كاف يقرر هزم اتحاد الجزائر 3-صفر بعد - ...
- كتائب القسام تعلن إيقاع قوتين إسرائيليتين في كمينيْن بالمغرا ...
- خبير عسكري: عودة العمليات في النصيرات تهدف لتأمين ممر نتساري ...
- شاهد.. قناص قسامي يصيب ضابطا إسرائيليا ويفر رفاقه هاربين
- أبرز تطورات اليوم الـ201 من الحرب الإسرائيلية على غزة
- أساتذة قانون تونسيون يطالبون بإطلاق سراح موقوفين
- الإفراج عن 18 موقوفا إثر وقفة تضامنية بالقاهرة مع غزة والسود ...
- الى الأمام العدد 206


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هايل نصر - غزة تُقصف. وقصف عربي عربي مضاد.