أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أمير ماركوس - هل هناك تنمية بشرية حقيقية في دولة الإمارات















المزيد.....

هل هناك تنمية بشرية حقيقية في دولة الإمارات


أمير ماركوس

الحوار المتمدن-العدد: 2632 - 2009 / 4 / 30 - 07:23
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بناء على معايشة فعلية لمدة أكثر من ثلاث عقود في دبي ودولة الإمارات يمكننا أن نقول بكل ثقة أن العنصر البشري من أبناء الدولة لم يتطور سوى من حيث الشكل، بمعنى أنه بدلا من الخيمة التي كان يسكن فيها أجداده (وربما والداه) في الصحراء ، أصبح هو الآن يسكن في فيلا وربما في قصر مزود بمارينا (مرسى بحري لليخت الخاص) بسبب الطفرة النفطية، وبدلا من رعي الغنم أو صيد اللؤلؤ التي كانت حرفة الجدود ، أصبح الحفيد الآن يشغل مناصب مرموقة في جهاز حكومي أو شركة حكومية كبرى، وأصبحت هناك ألقاب وظيفية براقة يشغلها أولئك ويتفننون في صياغة مسمياتها من نوع مدير تطوير العمليات التجارية، والنائب الأول للرئيس التنفيذي لشؤون التطوير ... والمساعد الأول لنائب الرئيس التنفيذي لشؤون خدمات العملاء.. إلخ.. من هذه الصيغ الشكلية التي يُسهم في إبتكارها خبراء من العالم الغربي أدركوا بذكائهم ودرايتهم بالأمور النفسية ما يبهر الإنسان الخليجي ويجعله يسدد لهم أتعاباً سخية.

لكن دعونا نغوص قليلا إلى ما تحت السطح البراق، لنجيب على هذا السؤال .. هل وصلت التنمية البشرية الحقيقية إلى المضمون الداخلي وهل تجاوز التطوير الأمور الشكلية والماديات مثل الفيلا والسيارة الفاخرة والعطور الأنيقة .. إلخ؟.

شاءت لنا ظروف العمل أن نتعامل مع العديد من الشركات الحكومية وشبه الحكومية العملاقة في دبي والعاملة في مجال التطوير العقاري، والتي تُعبر أسماؤها عن مفردات من تراث الأجداد وعبارات خلابة مثل اللؤلؤة والنخيل والإعمار وما شابه ذلك. فماذا وجدنا؟ ..

تتكون إدارة كافة هذه الشركات من عدد قليل من مواطني الدولة ممن ولدوا في القصور والفيلات وحصلوا على شهادات أكاديمية من جامعات عالمية، نعلم جميعاً الكيفية التي حصل بها معظمهم عليها، ونعرف شخصياً بعض أساتذة الجامعات في مصر ممن يقومون بكتابة الأوراق العلمية لخليجيين في مقابل أتعاب سخية ، ونعرف جميعا أن شبكة الإنترنت تمتليء بالإعلانات عن شهادات أكاديمية تمنح مقابل مبالغ مالية، هؤلاء يشغلون الوظائف الرئيسية الكبرى في تلك الشركات، ويعتبرون آلهة صغار، لا يمكن الوصول إليهم إلا بالوساطة من خلال الطبقة التي تليهم أسفل البناء الإداري، وهذه الطبقة تتكون في معظم الحالات من جنسيات عربية غير خليجية، وهذه الطبقة هي المنوط بها إنجاز الأعمال اليومية، وتدرك هذه الطبقة جيداً أن السبيل الوحيد والأوحد لبقائها في وظائفها حيث يتقاضى شاغلو هذه الوظائف الإدارية رواتب ومزايا تتجاوز بكثير القدرات الحقيقية لكل منهم، يدرك أولئك أن بقاءهم في وظائفهم مرهون بإستمرار رضا طبقة الآلهة عنهم، كما أنهم تعلموا من تجاربهم أن يكون ولاؤهم لهؤلاء الآلهة وليس للمصلحة العامة للشركة أو المؤسسة، وبالتالي يكون دور شاغلي وظائف الإدارة المتوسطة هو القيام بمهمة الحاجز الخرساني الذي يحجب المشاكل الفعلية عن الآلهة بحيث يمكن لأولئك الكبار الإستمتاع بإهتماماتهم الشخصية التي تتمثل في الظهور الإعلامي في الفضائيات ومتابعة تطورات أسعار الأسهم في البورصات العالمية والمحلية والسفر للخارج في مهام على نفقة الشركة والإهتمام بمتابعة سباقات الخيل والهجن .. إلخ.

ونضرب مثلا يمكن لقارئنا التحقق من مصداقيته .. تأمل معنا يا عزيزي القاريء المواقع الإعلانية لتلك الشركات الكبرى الموجودة على شبكة الإنترنت ، تحت عنوان إتصلوا بنا لن تجد سوى عنوان بريد إلكتروني يسمى معلومات (info) أو خدمة العملاء (customer service) أو مبيعات (sales)، ونتحدى من يجد لنا عنوان البريد الشخصي الإلكتروني للرئيس التنفيذي المسؤول، أو المدير العام ، فعندما تتصرف حضرتك ببراءة وتتصور أن هذه العناوين ستقود رسالتك إلى أي من الآلهة الكبار، تكون واهماً فهذه العناوين المنشورة مُصمّمة بحيث تتلقى على رسالتك رداً إلكترونياً فورياً يفيد بما معناه أننا تسلمنا (التساؤل) (query) الموجه منكم ونشكركم عليه وسنرد عليكم في الوقت المناسب، ولن يصلكم الرد ولا في المشمش (كما يقول المصريون بالعبارة الدارجة) مهما تابعت المراسلة بمزيد من الإستعجالات، ومن الواضح أن هذه الرسائل لا تصل إلى الكبار، بل تنتهي في أحسن الأحوال عند شاغلي طبقة الإدارة المتوسطة ممن يقومون بمهام الحائط الواقي أو السد المانع للتسرب.

وحتى لا يتصور أحد أننا نتحامل عليهم، ندعوكم إلى الدخول إلى المواقع الإلكترونية لشركات مماثلة في العالم الغربي، سنجد أسماء وصور شخصية لكبار المديرين وعناوين بريدهم الإلكتروني، وهم يتعاملون شخصياً مع بريدهم الإلكتروني ولا يتركون هذه المهمة لصغار الموظفين من مساعديهم، ولا مانع من تفويض السكرتيرة بإجراء فرز للبريد، لكن يستلزم الأمر بالضرورة أن يقوم المسؤول من فترة إلى أخرى بإطلاع عشوائي على بريده الإلكتروني فيما يسمى بـ(spot checking) لمراقبة أداء السكرتيرة والتحقق من أنه يتحسس نبض العملاء، ولا مجال لأحد كبار المديرين أن يزعم بأنه مشغول بإتخاذ القرارات الإستراتيجية ولا وقت لديه للإطلاع على البريد الإلكتروني، لأن الإخفاق في هذا الإطلاع يعزل الإدارة عزلا تاماً عن المشاكل الواقعية الموجودة على الطبيعة ، وهذا هو ما يحدث في الشركات الإماراتية العملاقة التي نتحدث عنها، حيث أصبحت طبقة الآلهة معزولة تماماً عن مشاكل الواقع وتعاملات الأعمال اليومية.

مثال عملي آخر .. أصدرت لنا مؤخراً إحدى كبار الموظفات (من طبقة صغار الكبار) بإحدى هذه الشركات العملاقة أمراً محرراً خطياً لتقديم خدمات إدارية، وأرسلنا رداً خطياً بما يفيد إستلامنا للأمر وشروعنا في التنفيذ، لكنها لاحقاً لذلك تابعت الأمر برسالة أخرى تلغي الأمر السابق، بلهجة جافة ودون أي إعتذار ودون أن تعرض تعويضنا عن الوقت والجهد المبذول .. وهي تعلم علم اليقين أن مُزوِّد الخدمة لن يتمكن من عرض شكواه على أي من الآلهة الكبار، وهذا ما حدث بالفعل .. حيث كانت كافة الطرق أمامنا مسدودة، والوثائق لدينا لمن يرغب في الإطلاع، وربما ننشرها كما هي وبأسمائها الحقيقية في موقعنا الإلكتروني بعد إستطلاع رأي مستشارنا القانوني.

تأكيداً لوجهة نظرنا، نشير إلى حقيقة أخرى وهي أن النظام القضائي المُطبق في تلك الدول ليس فيه ما هو موجود بأمريكا مثلا (رغم أنهم إستوردوا منها كل شيء)، وهو ما يسمى بالمحكمة الصغيرة (small court) التي يحكم فيها القاضي في جلسة واحدة، ويمثل أمامه المدعي والمدعى عليه شخصياً دون محامين، وهي تتعلق بالمطالبات الصغيرة، وهو ما نشاهده على قنوات التلفاز الأمريكية عندما يطالب أحدهم بتعويضه ببضع مئات من الدولارات عن مخالفة وقعت من الطرف الآخر..

إن عدم وجود نظام قضائي موازي ومماثل لفكرة "المحكمة الصغيرة" في تلك الدول الخليجية، يجعل من المستحيل على من تعرض لظلم (على سبيل المثال) في أمر توريد منخفض القيمة (أي ما يعادل بضع مئات من الدولارات) أن يلجأ للقضاء التقليدي، حيث يحتاج إلى أن يسدد مقدماً رسوم المحكمة وأتعاب المحامي ثم الإنتظار لمدة سنين في المحاكم، وهذا عامل آخر يدفع طبقة صغار كبار المديرين إلى التوحش في التعامل مع المُوردين ومُزودي الخدمات، لأن طريق الشكوى أمامهم مسدود .. مسدود يا ولدي (كما يقول شاعرنا العظيم نزار قباني في الأغنية التي يغنيها عبد الحليم حافظ).. سواء داخل الشركة أو خارجها من خلال القضاء العادي.

نعود إلى السؤال موضوع المقال .. مجرد تأمل للتركيبة السكانية في دولة الإمارات يحدد لنا المؤشر الهام الذي يلقي الضوء على الأسباب التي أدت إلى الظاهرة الحالية.. فتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة عدد مواطني دولة الإمارات يدور حول (17 – 18%) من مجموع المقيمين على أرض الدولة، ويعمل نظام العبودية المُسمّى بنظام الكفيل على أن تشكل هذه الأقلية بشكل تلقائي طبقة الأسياد وأن يُصبح الباقون هم العبيد بأشكال مختلفة، ثم هناك العوامل المساعدة على ترسيخ نمط السادة والعبيد.. وهي سلوكيات طبقة صغار كبار المسؤولين من المنتفعين بهذا الوضع والعاملين على ترسيخه ، ممن يقومون بدور الحاجز المانع.

ربما نكون قد أجبنا بشكل غير مباشر على أسباب إنهيار البناء الهش، رغم مظهره البراق، بمجرد أن بدأت الأزمة المالية العالمية، فليست هناك تنمية بشرية حقيقية من أي نوع لمواكني الدولة، بل أن النظام الإجتماعي السائد يجعل من المواطن الخليجي إنساناً جشعاً باحثاً عن رخائه المادي الشكلي على حساب كافة القيم .. فليس هناك إماراتي واحد يعمل بمهنة يدوية مثل ميكانيكي سيارات أو حرفي في مهن البناء المختلفة أو جزار (لحام) أو ممرض أو حتى سائق سيارة خاصة لدى مواطن آخر أو ما شابه ذلك، فهذه المهن متروكة للعبيد.. ويمتد هذا الوضع إلى داخل قصورهم وفيلاتهم، فيلزم أن يكون لدى كل منهم عدد من الخدم والخادمات والمربيات والسائقين الخصوصيين .. ولا أمل في أي تغيير لهذه الأوضاع في المستقبل المرئي.

المراجع:
شركة إماراتية عملاقة في التطوير العقاري
http://www.dubaipearl.com
إتصلوا بنا
http://www.dubaipearl.com/Contact.aspx

شركة إماراتية أخرى
http://www.nakheel.com/en

شركة إماراتية ثالثة
http://www.emaar.com/index.aspx?page=home
إتصلوا بنا
http://www.emaar.com/index.aspx?page=contact

للمقارنة (شركة عالمية في مجال الإستثمار العقاري)
http://www.inlandgroup.com/
أسماء وصور كبار المسؤولين فيها
http://www.inlandgroup.com/about/bios.htm

شركة عالمية أخرى في نفس المجال
http://www.haymancompany.com/home.cfm
أسماء وصور كبار المسؤولين فيها
http://www.haymancompany.com/profiles_hayman.cfm

المحكمة الصغيرة (في أمريكا)
http://www.jud.state.ct.us/faq/smallclaims.html
http://www.courts.state.va.us/pamphlets/small_claims.html








#أمير_ماركوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تحول الشعب المصري إلى شعب دموي إلى هذه الدرجة
- نوادر وملاحظات من واقع التجربة الإماراتية
- ردودنا على تعليقات القراء على مقالينا عن الإستثمار العقاري ف ...
- الحكومة الإلكترونية .. دعابة كبرى في عالمنا العربي
- تعليق على هامش أزمة الإستثمار العقاري في دبي


المزيد.....




- اشتريه وأنت مغمض وعلى ضمنتي!!.. مواصفات ومميزات هاتفRealme ...
- صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية
- وظائف جانبية لكسب المال من المنزل في عام 2024
- بلينكن يحث الصين على توفير فرص متكافئة للشركات الأميركية
- أرباح بنك الإمارات دبي الوطني ترتفع 12% في الربع الأول
- ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف في 2024
- مشروع قطري-جزائري لإنتاج الحليب في الجزائر بـ3.5 مليار دولار ...
- -تيك توك- تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها
- النفط مستقر وسط مخاوف الطلب الأميركي وصراع الشرق الأوسط
- جني الأرباح يهبط بأسعار الذهب للجلسة الرابعة على التوالي


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أمير ماركوس - هل هناك تنمية بشرية حقيقية في دولة الإمارات