أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أمير ماركوس - تعليق على هامش أزمة الإستثمار العقاري في دبي















المزيد.....

تعليق على هامش أزمة الإستثمار العقاري في دبي


أمير ماركوس

الحوار المتمدن-العدد: 2488 - 2008 / 12 / 7 - 06:41
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بعد إقامة طويلة تجاوزت العقود الثلاثة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أتيحت لنا الفرصة خلالها في معايشة المجتمع الخليجي عن قرب والتعامل بشكل مباشر مع بعض شركات الإستثمار العقاري العملاقة التي أنشئت في السنوات الأخيرة لتتولى التطوير العقاري في دبي، نحاول إلقاء الضوء على بعض العوامل التي أسهمت في التدهور الحالي في قيمة أسهم كافة تلك الشركات، وما هو متوقع من توابع الكارثة وتداعياتها وآثارها على البنوك وشركات التمويل العقاري والمضاربين والمغامرين ممن وفدوا إلى المنطقة في السنوات الأخيرة للإستفادة مما تصوروا أنه كنز قد أصبحت ثماره دانية القطوف ...

شاء لنا القدر أن نتعامل مع إحدى هذه الشركات العملاقة في مجال التطوير العقاري، حيث كنا نسكن في عقار مملوك للحاكم بمنطقة جبل علي (وهذا وضع كان شائعاً في إمارة دبي منذ عهد الحاكم الأسبق المغفور له الشيخ راشد بن سعيد المكتوم) إنتقلت ملكيته وإدارته مؤخراً إلى إحدى هذه الكيانات الحديثة، التي قررت هدم المنطقة بالكامل وإعادة تطويرها بالشكل الذي يحقق إستثماراً مادياً أفضل للأرض، خصوصاً وأنها تقع بالقرب من مطار المكتوم الذي يجري إنشاؤه حالياً ليكون أكبر مطار في العالم، وبه ستة مدارج لهبوط وإقلاع الطائرات.. وأصبحت المنطقة كلها مستهدفة إستثمارياً من كافة الإتجاهات ..

بصفتنا المستأجرين تلقينا إنذاراً بالإخلاء، وقمنا بالإخلاء الفعلي قبل تاريخ إنتهاء المدة الإيجارية، وقمنا بتسليم براءات الذمة المطلوبة وتصورنا في إطار الدعاية الإعلامية المكثفة التي تتحدث عن الحكومة الإلكترونية في دبي والجوائز العالمية التي حصلت عليها الحكومة الإلكترونية، أننا سنتسلم قيمة التأمين القابل للإسترداد بشكل مباشر بمجرد تسليم براءات الذمة، إلا أن الأمر على الطبيعة كان مخالفاً تماماُ، فبرغم أننا ذكرنا للشركة أننا ننوي أن نغادر الدولة نهائياً ويهمنا أن نسترد التأمين في أسرع وقت، إلا أن الإجراءات الإدارية داخل الكيان العملاق لا تسمح بذلك، فالمطلوب أن توجه الأوراق (ولا نعلم لماذا توجد أوراق في الحكومة الإلكترونية!!) إلى الإدارة العليا لتحمل التوقيعات الكريمة لكبار الشخصيات من أمثال مدير عام شؤون التأجير، برغم أن ذلك إجراء روتيني كان من المفترض في عصر الإدارة الإلكترونية أن يُنجز من قبل صغار الموظفين من خلال برنامج إلكتروني مصمم بذكاء لإنجاز هذه المهمة بمجرد تسديد عدد من البيانات، ومن الممكن أن يسمح تصميم البرنامج الإلكتروني بتدخل الإدارة العليا لإيقاف الإجراءات في حالات خاصة أو حين يتوافر الدليل على وجود تلاعب مثلا... إلا أن ذلك لم يكن هو الحال مع الأسف.

ويقودنا ذلك إلى عرض تحليلي سريع عن كيفية هيكلة تلك الشركات الحكومية من داخلها، فإدارتها العليا تتكون من عدد من الشباب من مواطني الدولة ممن يحملون شهادات عليا من جامعات الخارج، وقد شاهدت بنفسي بعضهم ممن يدرسون في أمريكا على نفقة الدولة أو على نفقة جهات حكومية بها مثل ما يسمى جهاز الإستثمار يدفعون أموالا لأشخاص خارج الجامعات ليعدوا عنهم التقارير العلمية المطلوبة منهم أكاديمياً، ومعظم هؤلاء الخريجين يتحدثون الإنجليزية بطلاقة من خلال إقامتهم بالخارج دون أية قدرات تحريرية ودون دراية حقيقية باللغة، فالأمر لا يتجاوز حدود الفهلوة التي تتطابق مع طبيعة الإنسان الخليجي الذي نعرف أنه تاجر بطبيعته ، ويتجلى ذلك في إهتمامه الشديد بمظهره البراق وإنفاقه ببذخ على العطور العالمية والسيارات الفاخرة ، لإخفاء ضحالة في المعلومات وقصور في الخبرة الحقيقية خلف هذا المظهر الخادع، وقد ساعدتهم الطفرة النفطية على تحقيق ذلك الطموح التجاري، فحققوا ثروات طائلة دون أن يتحقق لهم النمو الذاتي المتواكب مع الثروة، فما زالت البداوة تجري في دمائهم، حيث أن هؤلاء الشباب ممن يحتلون مقاعد القيادة الآن، قد ولدوا في قصور وفيلات، وعاش أبواهم معظم حياتهم في بيوت شعبية، وعاش أجدادهم في خيام في الصحراء، ولك يا عزيزي القاريء أن تتخيل الآثار النفسية السلبية المترتبة على هذا التسارع اللاهث في النمو المادي دون أن تكون هناك مدة زمنية كافية تسمح بالنمو الثقافي والحضاري وإستيعاب هذا الغنى الفاحش دون أن يصاحبه هذا الإستعلاء وتلك الخُيلاء وهذه الغطرسة التي نشاهدها الآن، وسمحت لهم ظروف الإحباط السائدة في المجتمعات العربية غير الخليجية بإستقدام عمالة منها، ومارس الخليجيون على تلك العمالة كافة أشكال العبودية المتمثلة بدءاً بما يسمى نظام الكفيل إلى كافة مظاهر الإستعلاء الأخرى، أما المستوى الأدنى من الموظفين فهم من الجنسيات الأسيوية والجنسيات العربية غير الخليجية، وهؤلاء يعلمون تمام العلم أن واجبهم هو الطاعة والإمتثال للأوامر العليا الصادرة لهم من الإدارة العليا، ويستمر كل منهم بوظيفته بل ويتلقى الترقيات كلما كان أكثر ولاء لتلك الإدارة... وفي الأعم الأغلب يجري إختيار أولئك الموظفين بناءً على معرفة شخصية أو توصية من كبار موظفي الإدارة العليا، دون إختبار حقيقي للقدرات المهنية.

عندما كنا نتابع بشكل يومي مكثف إجراءات إسترداد التأمين الخاص بالعقار الذي كنا نشغله كمستأجرين في إمارة دبي، لم نتمكن من تجاوز صغار الموظفين من جنسيات عربية غير خليجية، يشكلون ما يسمى "خدمات العملاء" ، ممن تلقوا تدريباً شكلياً على التحدث بأدب جم، وإستقبال الشكوى دون أن تتوافر لهم المعلومات الكافية عما يدور داخل الشركة نفسها، وبديهي أن هؤلاء الموظفين لا حول لهم ولا قوة، ويقتصر دورهم على تخدير الشاكي وإمتصاص غضبه، وينطبق ذلك بحذافيره أيضاً على التعامل بالبريد الإلكتروني، فهذه الشركة العملاقة التي نتحدث عنها وبها آلاف الموظفين ليس لها سوى عنوان واحد بالبريد الإلكتروني بموقعها على شبكة الإنترنت، ويستحيل على الشاكي الوصول إلى أي من كبار الموظفين ممن يملكون سلطة إتخاذ القرار، فهناك حائل خرساني مكون من صغار موظفي خدمات العملاء، يمنع الشاكي من الوصول إلى الإدارة العليا، كما لم نلمس وجود أية متابعة من أي نوع من قبل الإدارة العليا لمراسلات البريد الإلكتروني ، فقد أرسلنا أكثر من (20) رسالة بالبريد الإلكتروني ، تلقينا عنها جميعاً رداً فورياً روتينياً واحداً يقول ما معناه تسلمنا "تساؤلكم" your query (وليس "شكواكم" مما يقطع بعدم قراءة تفاصيل الشكوى) وأحلناه إلى الجهة المختصة وسنوافيكم بالرد، دون أن يصلنا أي رد من أي نوع مهما طالت مدة الإنتظار، وقد بلغت الصفاقة بمن يحرر هذا الرد الروتيني أن يخاطب الشاكي بإسمه أي عزيزي فلان بالإسم، على الطريقة الأمريكية، دون أن يحمل الرد أي إسم لمحرره ، بل مجرد (قسم خدمات العملاء)، هل رأيتم إستعلاء وتحقيرا للعميل الشاكي أكثر من ذلك، كيف ترفع الكلفة معي وتخاطبني بإسمي مجرداً من أي لقب دون أن تذكر لي من أنت؟؟.. لكن الإجابة واضحة وهي أن ذلك الموظف الصغير في خدمات العملاء يُعبّر أولا عن ضعف إدراكه الإداري، وثانيا يستمد ذلك الغرور الإستعلائي من الجو العام المحيط به، ومن الدعاية الإعلامية والإعلانات التجارية المدفوعة الأجر التي تنفق عليها تلك الشركات ببذخ لم يسبق له نظير في كافة وسائل الإعلام العالمية.

لقد أدت تداعيات الأزمة العالمية الحالية إلى إفتضاح تلك الشركات الحكومية ، حيث إنكشف الكيان الهش، وتداعى البنيان، وإندفعت هذه الشركات في محاولات يائسة إلى تخفيض إنفاقها الترفي، عن طريق إنهاء خدمات أعداد هائلة من صغار الموظفين، دون كبارهم من مواطني الدولة، وإغلاق عدد من المكاتب الفرعية، ومحاولة التفاوض مع جهات التمويل، ونتوقع أن نسمع عن تداعيات أخرى لن تكون غريبة على من تعامل مع تلك الشركات الهشة عن قرب، ولمس كيف تتخذ القرارات داخلها ومدى ضحالة الفكر التجاري المهيمن عليها.

لنعرف الفرق تأمل معي يا عزيزي القاريء ما حدث في أمريكا في ظروف مشابهة، فالمعروف أن الشركات الثلاثة التي تمثل كبرى شركات السيارات في أمريكا وهي "جنرال موتورز" و"فورد" و"كرايسلر"، تطالب الحكومة الأمريكية بإنقاذها من الإفلاس عن طريق منحها مبالغ مالية ضخمة على شكل ما يسمى (bail out)، وقد شكل الكونجرس الأمريكي لجنة تحقيق علني مع رئيس كل من هذه الشركات الثلاثة، وأذيعت التحقيقات على الملأ على قنوات التليفزيون الأمريكي، ووجدنا اللجنة تحاسب كل رئيس على أنه حضر من المدينة التي يقيم فيها للمثول أمام اللجنة، بطائرة نفاثة خاصة مملوكة للشركة، ويمثل ذلك أكثر درجات البذخ لشركات تعاني من الإنهيار المالي وتطالب الحكومة بإستخدام أموال الشعب لدعمها مالياً، وهناك معارضة شديدة في الكونجرس حيث يقول ممثلو الشعب كيف نسمح بأن يسدد دافع الضرائب كل هذا المبلغ لشركات ينفق كبار المسؤولين فيها إنفاقاً ترفياً بكل هذا البذخ؟.

أما آن الأوان لمحاسبة كبار المسؤولين لدى شركات التطوير العقاري الحكومية العملاقة في دبي عما يتقاضونه من مزايا فلكية؟... أم أن هناك غيبة كاملة للرقابة بكافة أشكالها؟.



#أمير_ماركوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر تبيع أراض جديدة بالدولار
- روسيا.. مالك -كروكوس- يكشف تكلفة إعادة بناء القاعة المحترقة ...
- ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية
- إنتاج الآيس كريم في روسيا يسجل مستوى قياسيا
- العراق يوقع عقدا لاستيراد الغاز من إيران لمدة 5 سنوات
- بسبب ضغط مبيعات العرب.. البورصة المصرية تتعرض لخسارة كبيرة
- المغرب يطلق خطة لمد أنبوب للغاز مع أوروبا
- %37 نمو التبادل التجاري بين إيران والصين خلال شهرين
- هل وجدت مصر فعلا مخرجا من أزمتها الاقتصادية؟
- خد راحة واستمتع.. موعد إجازة عيد الفطر 2024 للقطاع العام وال ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أمير ماركوس - تعليق على هامش أزمة الإستثمار العقاري في دبي