أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الرباع - هل يحتاج الانسان الى كل هذه الديانات؟















المزيد.....

هل يحتاج الانسان الى كل هذه الديانات؟


سامي الرباع

الحوار المتمدن-العدد: 2618 - 2009 / 4 / 16 - 11:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاول وهلة يبدو ان الاجابة على سؤال العنوان هي "نعم". ملايين الناس في العالم لايزالون يعتقدون بأن الانسان يحتاج الى دين يدين به ويستحسن ان يكون "الهي سماوي". لذلك فان كلمة "دين" موجودة في كل قاموس بشري. يبدو ان الانسان يحتاج الى الدين كاعتقاد وايمان وأمل، شيئ روحاني نفسي تراثي اكثر منه عقلاني يتخزن فيه عبر المجتمع ومؤسساته الدينية.

في واقع الامر هناك بديل للاديان سنتعرض له لاحقا.

ملايين البشر من بسطاء ومثفقين، فقراء وأغنياء، وحتى بعض العلماء يؤمنون ويعتقدون بأن الله خلق الكون وما عليه من كائنات حية وجامدة. بعضهم يجد في الدين ملاذا روحيا يسعون من خلاله تحمل المشاكل والمصائب التي قد تحل بهم. يصلون طلبا للرحمة والحماية والتوفيق من رب العالمين. بعضهم يفعل الخير طلبا للثواب. حتى أن بعضهم يفجر نفسه بين الابرياء استشهادا في سبيل الله ينتظره في السماوات برفقة ستين حورية مكافأة له على فعله الجهادي.

مادام الانسان حتى الان لم يستطع ان يكتشف نظريا وعمليا وبدون أدنى شك كيف تشكل الكون وكيف بدأ سيظل الناس يؤمنون بأن الخالق هو الله وأنه يقيم في أعلى السماوات ينتظر محاسبتنا وفرزنا الى مجموعتين، الاولى تدخل جنات عدن والاخرى مصيرها النار الابدي.

وبناء عليه سيظل الناس يؤمنون بالله وانبيائه وكتبه التي يعتبرونها مقدسة. والكل يتمسك بدينه ويعتبره الافضل.

وقامت الحروب الدينية من صليبية وغيرها حتى داخل الاديان نفسها بين الكاثوليك والبروتستانت وغيرها في القرون الوسطى وفي القرن العشرين في ايرلاندا الشمالية على سبيل المثال، ومؤخرا اكتشف المسلمون "عظمة" الاسلام وبدأوا بشن حرب ارهابية جهادية على الكفار تحت شعار "اسلم تسلم".

ولكن التدين لايعني بالضرورة الاستقامة في السلوك وتطبيق المتدين للسلوكيات الحسنة التي تعلمها من خلال دينه . لو كان الامر كذلك لعم السلم والعدالة الاجتماعية في كل انحاء العالم.

تؤكد دراسة أجراها عدد من الباحثين من جامعة Erlangen الالمانية اجريت في عدد كبير من مجتمعات العالم من بينها مجتمعات عربية واسلامية أن غالبية المتدينين لايطبقون تعاليم دينهم من صدق وامانة وعدالة. بعضهم يرتكب الاثم تلو الاخر ثم يهرعون الى الصلاة طالبين الغفران من "رب العالمين" فالله بحسب اعتقادهم "غفور رحيم".

بعض المتدينين مصابون بانفصام في شخصيتهم. شخص فيهم يدافع بشراسة عن الدين بشكل أعمى وشخص اخر يرتكب الاثم تلو الاخر. يعقوب (مسيحي) رجل انتهازي منافق الا أنه يعتبر التشكيك بوجود الله كفرا. محمد (مسلم) ايضا منافق ويرتكب الفاحشة تلو الاخرى. والاثنان لايشعران بأي تناقض بين أفعالهما وتدينهما ويبرران كل ذلك بأن "الله غفور رحيم".

الدين نقاب يرتديه كثير من المتدينين في الحياة العامة يخفون خلفه سلوكيات غير أخلاقية من نفاق وكذب واستغلال للاخرين. فثوب القداسة ثوب جميل يوحي بأن صاحبه طاهر ولكن في كثير من الاحيان يكون الواقع عكس ذلك تماما. وبذلك يصبح الدين دعاية فارغة لبيع سلع فاسدة.

أكبر الامثلة تأكيدا لذلك هم عرب الخليج ولاسيما في السعودية والكويت وقطر والامارات وهي من أكثر المجتمعات تدينا وتطبيلا للدين. منذ اكتشاف البترول في هذه الدول ومنظمات حقوق الانسان ومنظمة العمل الدولية في جنيف تندد بسلب واستغلال أبناء هذه المجتمعات للايدي العاملة الاسيوية والافريقية.

المشكلة الرئيسية في التدين لاتكمن في الايمان بدين ما واتباع تعاليمه فهذا حق من حقوق الانسان، بل في التدين الزائف والتطرف والتعصب ضد الاخرين وفرض تعاليم ومعتقدات لايقبلها العقل الحضاري.

بدأ هنا في المانيا نقاش وجدل حاد حول مطالبة المسلمين بحق تدريس الدين الاسلامي في المدارس الالمانية اسوة بتدريس الكاثوليكية والبرتستنتنية في تلك المدارس. وبدا البعض ينادي باستبدال حصص الديانة بمادة "الاخلاقيات" والقيم البشرية ولوائح حقوق الانسان الصادرة عن الامم المتحدة.

رفضت كل المنظمات الاسلامية هذه الدعوة وتصر على تدريس الدين الاسلامي كباقي الاديان، يصورون ذلك على أنه حق من حقوق الانسان.

أعتقد بأن استبدال مادة الديانة بمادة الاخلااقيات هو خطوة جريئة حضارية نحو اضعاف سطوة الدين ايا كان نوعه وتخفيف حدته التفريقية والتعصبية وحشو أذهان الطلبة بمعتقدات أكل الدهر عليها وشرب وخاصة السلبية منها.

وهي فكرة أفضل بكثير من دعوة الناس الى التخلي عن أديانهم كما يفعل Richard Dawkins في كتابه The God Delusion وغيره لن تلقى صدى ايجابيا كبيرا لدى المتدينين.

مهما كان موقفنا من الدين، فهو جزء من حياة الناس النفسية والعاطفية ، كان ولايزال كذلك منذ القدم، نتلقاه مع حليب الام. المجتمع ككل ومؤسساته الدينية تصوره لنا على أنه شيء مقدس يختلف عن كل المعتقدات. يمكنك مناقشة اي شيئ وادانته الا الدين. يمكنك التشكيك في كل شيء الا الدين، فهذا حرام.

ولكن مع انتشار الثورة المعلوماتية بدأ الناس مؤخرا يجرؤن على توجيه النقد للاديان ومؤسساتها واعتقد أن في ذلك بداية متواضعة لنهاية العهد الذهبي الذي عاشته الاديان.

بدأ الناس يدركون بأن الاديان رغم ايات الوعظ الايجابية تحتوي على نصوص ومعتقدات غير حضارية تكرس التمييز وتتعارض مع أبسط حقوق الانسان.

مثلا، الديموقراطية والحرية وكثير من قيم المساواة بين الرجل والمرأة تكاد تكون معدومة في معظم الاديان. وعلى الرغم من ذلك ترى المتدينين يتمسكون بأديانهم ويفسرون تعاليمها كما يحلو لهم للتأكيد على صحتها وقداستها.

الديموقراطية بمعناها البرلماني الحديث لاوجود لها في الاسلام. بدل ذلك يدعو الاسلام الى "الشورى" وطاعة ولي الامر سواء كان ذلك في الدولة أو في العائلة.

في الاسلام يسمح للرجل ان يضرب زوجته في حال عدم الطاعة. ميراثها يعادل نصف ميراث الرجل. وشهادتها في المحكمة تعادل نصف شهادة الرجل. اذا مرت المرأة والكلب والحمار أمام رجل يصلي بطلت صلاته. هذا بالاضافة الى أن المرأة شؤم وأقل عقلاا من الرجل.

في المسيحية بكل انواعها أيضا لاتطبق الديموقراطية. فزعيم الكنسية سواء كان ذلك البطريرك أو البابا وكل أعضاء مجالسها لاينتخبون مباشرة من قبل الرعية بل يتم تعيينهم من قبل هذا الزعيم وأعوانه.

الكنيسة الكاثوليكية وأتباعها المؤمنين يعتقدون بأن البابا خال من الاخطاء Infallible لذلك فهوعادة يلقب بقداسة البابا. لأن Hans Küng استاذ اللاهوت السويسري شكك في ذلك فقد طرد من عمله.

الطلاق محرم في المسيحية وخاصة في الكنيسة الكاثوليكية والاورثوذكسية مهما كانت الاسباب.

وسائل منع الحمل الطبية وغيرها ممنوع استخدامها بحسب التعاليم المسيحية بشكل عام مهما كانت مخاطر الحمل. عدد كبير من المسيحيين العاملين في الجمعيات الخيرية والطبية في أفريقيا وغيرها تم طردهم من وظائفهم لانهم شجعوا على استعمال وسائل منع الحمل وخاصة في المناطق الموبوئة بمرض ال Aids .

حين علم البابا السابق بولوس الثاني ان السيدة Gudrun Von Hentig التي كانت تعمل في احدى الجمعيات الخيرية في تانزانيا كانت توزع ال condoms على الرجال قبل ممارسة الجنس لتجنب الاصابة بمرض ال Aids طلب "قداسته" طردها من وظيفتها وحرمانها من اي تعويض بعد أن عملت في تلك الجمعية بدون كلل أو ملل لمدة تزيد عن ثلاثين عاما.

في جو ديني متزمت غير حضاري وغير عقلاني كهذا يتلقى فيه الطفل تعليمه الديني في المدرسة وحين يكبر تستلمه المؤسسة الدينية وتؤكد عليه تطبيق كافة تعاليم الدين ومعتقداته لايمكن خلق انسان حضاري متسامح حر التفكير والاعتقاد. في ظل هذا الوضع غير الحضاري تحاول الاديان بسط سيطرتها على أتباعها والدفاع عن وجودها بشراسة. والمتدينون طبعا يحشرون بين قدسية الديانة من جهة وتعاليمها غير الحضارية من جهة اخرى.

لذلك كله فان استبدال الدروس الدينية بدروس أخلاقية مجردة من تدخل الاديان هو البديل الافضل لخلق جيل يؤمن بالقيم الانسانية الحضارية. ولكن بالطبع فان الاديان ستعارض هذه الفكرة وستحاربها بكل شراسة لان تطبيقها يعني زوال هذه الاديان ومؤسساتها من الوجود على المدى البعيد.

واقع الامر ان العالم بعد زوال" صناعة" عريقة اسمها "الدين" سيصبح اكثر حضارة وسلما لن يفتقدها احد ويتحسر عليها، بل سيقول: "الحمد لله على الخلاص منها!"

ولكن الى أن يحين استبدال الدين بالتعاليم الاخلاقية المجردة سنبقى ننادي: أنا مسيحي، أنا كاثوليك، أنا بروتستنت، أنا مسلم، أنا سني، أنا شيعي، أنا هندوسي، الخ. قد يستغرق ذلك وقتا طويلا قد يمتد الى عقود من الزمن بل قرون منها ولكنه اَت لامحال، حينئذ سيعرف الانسان بنفسه: أنا انسان عاقل خلوق بدون دين وتدين.

حتى أواسط القرن العشرين كان التمميز العنصري أمرا طبيعيا في بعض المجتمعات الى أن هبت البشرية بوجهه فأصبح politically incorrect . أعتقد بأن الاديان ستلقى نفس المصير عاجلا أم اَجلا.







#سامي_الرباع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيحيون في الشرق أقل تدينا وتطرفا من جيرانهم المسلمين
- التطرف الاسلامي فرصة للتنوير والاعتدال
- المنظمات الاسلامية في المانيا متطرفة وفاسدة
- السعودية تنشر التطرف لكنها تتهم الاخرين بالتطرف
- السعوديون يلمعون اسلاما مشوها
- خرابيط اسرار القراَن وأعجازاته العلمية
- هولندية تدعي الاسلام دين التسامح رغم الكراهية والعنف في القر ...
- المهم- ديموقراطية- حتى لو سيطر عليها اصحاب النفوذ وعم الفقر ...
- السعودية بلد الاصلاح والاعتدال!
- المجتمعات الخليجية غنية ماديا لكنها تفتقر الى الانسانية
- الى اين يتجه العالم؟
- تعليمنا تلقيني، شهاداتنا واجهة، وخطابنا متحييز
- هل يمكن تحديث الاسلام؟
- دموع تماسيح الاسلاميون الاتراك
- حقوق الانسان في العالم العربي غير مهمة
- نفاق الحكومات العربية
- البنوك الاسلامية بين الدجل والواقع


المزيد.....




- -عُثر عليه مقيد اليدين والقدمين ورصاصة برأسه-.. مقتل طبيب أس ...
- السلطات المكسيكية تعثر على 3 جثث خلال البحث عن سياح مفقودين ...
- شكري وعبد اللهيان يبحثان الأوضاع في غزة (فيديو)
- الصين تطلق مهمة لجلب عينات من -الجانب الخفي- للقمر
- تحذيرات ومخاوف من تنظيم احتجاجات ضد إسرائيل في جامعات ألماني ...
- نتنياهو سيبقى زعيما لإسرائيل والصفقة السعودية آخر همه!
- بلينكن : واشنطن تريد أن تمنح جزر المحيط الهادئ -خيارا أفضل- ...
- القدس.. فيض النور في كنيسة القيامة بحضور عدد كبير من المؤمني ...
- لوحة -ولادة بدون حمل- تثير ضجة كبيرة في مصر
- سلطات دونيتسك: قوات أوكرانيا لا تملك عمليا إمكانية نقل الاحت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الرباع - هل يحتاج الانسان الى كل هذه الديانات؟