أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوحنا بيداويد - دور المدارس السريانية وعلمائها في الحضارات العالمية















المزيد.....

دور المدارس السريانية وعلمائها في الحضارات العالمية


يوحنا بيداويد

الحوار المتمدن-العدد: 2610 - 2009 / 4 / 8 - 10:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الجزء الاول

ملاحظة المقال منشور في مجلة نوهرا العدد 50


لا يستطيع أي مؤرخ أو باحث ان يتحدث عن تاريخ الحضارات القديمة في الشرق الأوسط دون ان يذكر الدور المهم الذي لعبه أبائنا القدماء ولغتنا السريانية في هذا الشـأن. حيث كانت بمثابة جسر رابط بين هذه الحضارات، حيث تم ترجمة العلوم الإغريقية إلى السريانية ومن ثم إلى العربية ثم إلى اللاتينية ومن ثم إلى اللغات الأوربية الحديثة. حيث بدأت أثر هذه اللغة (الآرامية القديمة) منذ (700 ق.م) زمن أحيقار الحكيم وامتد إلى (1300م) زمن ابن العبري. لكن مع الأسف، في القرون الأخيرة بدأت شمسها تغيب على الرغم من محاولات بعض الجامعات العالمية الغربية وعدد كبير من المؤسسات الحكومية والأهلية والكنسية في أرض الوطن والخارج بحمايتها من الاندثار، إلا ان صيتها وسمعتها بدأت تختزل لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن.

لقد كُتِب فيها أو تُرِجم إليها كل المنجزات الفكرية والعلمية من الحضارات التي وُلِدت في وادي الرافدين، بدأً من الحضارة السومرية، الاكدية، البابلية، الآشورية، الكلدانية والقبائل الآرامية ثم الحضارات المجاورة مثل الإغريق والرومان. بحيث أصحبت اللغة الرئيسية لمنطقة الشرق الأوسط . لأن كل الوثائق كانت مدونة بهذه اللغة، فلم يكن من السهل تبديلها بسبب قلة المتعلمين القراءة والكتابة في حينها.

حينما فتح العرب بلاد وادي الرافدين وسوريا وبلاد فارس لم تكن اللغة العربية تمتلك مقومات اللغة العلمية والفكرية والفلسفية لذلك استمرت اللغة السريانية كلغة رسمية لفترة بداية الدولة الأموية. لكن العرب احتاجوا إلى تبديل اللغة الرسمية إلى اللغة العربية كي يتعلم الناس قراءة وفهم كتاب الدين الإسلامي المدون باللغة العربية، لذلك لم يكن أمامهم إلا الطلب من المفكرين والمترجمين والأطباء والفلاسفة السريان بترجمة أمهات الكتب والمعرفة الإغريقية المترجمة أصلاً إلى السريانية إلى العربية أو ترجمة ما كان مهما ولم يترجم بعد، كذلك طُلب منهم وضع المصطلحات العلمية في اللغة العربية، على سبيل المثال أن الأرقام العربية الحالية أصلها من الحضارة الهندية أدخلها العالم السرياني ساويرا سابوخت إلى العربية.

أما أهم المدارس السريانية التي كانت بمثابة الجامعات العالمية المشهورة التي ظهرت في التاريخ هي:-

مدرسة انطاكية
لم تكن مدينة إنطاكية أقل شأناً من مدينة الإسكندرية التي كانت تربط بين الحضارات الشرقية والإغريقية، وعندما دخلتها المسيحية شرع أباء الكنيسة مقاومة الوثنية والهرطقات التي أصبحت خطراً محدقاً بالمبادئ المسيحية. لذلك تأسست هذه المدرسة لغرض تثقيف أباء الكنيسة وتساعدهم على البحث والاطلاع في المجال الفكري للرد عليها. أما مؤسس هذه المدرسة فهو كاهن يدعى لوسيان يُقال تم تأسيسها بحدود 290م ثم تطورت واشتهرت لحد النصف الأول من القرن الخامس.

مدرسة نصيبيين الأولى:
بسبب الصيت الواسع الذي اكتسبته كل من مدرسة الإسكندرية وإنطاكية، استهوت الفكرة أسقف مدينة الرها يعقوب افراهاط الذي قام بتأسيس مدرسة أخرى في هذه المدينة سنة 325م ولكنها اشتهرت تحت رئاسة خليفته مار أفرام السرياني. تركها مار أفرام السرياني مع معظم أساتذتها وهربوا إلى الرها بسبب الاحتلال الفارسي لنصيبيين سنة 363م.

مدرسة الرها:
البعض يقولون مؤسسها هو مار أفرام مع الأساتذة الذين هاجروا من مدرسة نصيبين الأولى إلى هذه المدينة والبعض الآخر يقول كانت موجودة لكنها تطورت بعد التحاق مار أفرام وزملائه بها، ولكن الكل متفق بأن مار أفرام (المتوفي سنة 375م) كان سبباً لذيع صيتها في التاريخ. من أشهر أساتذتها وابرز الشخصيات تولوا إدارة المدرسة فيما بعد هو أيهيبا ومن بعده جاء مار نرساي (399- 400م) الذي حافظ على خط أستاذه في إدارة المدرسة ونشر التعليم النسطوري. أغلقت المدرسة من قبل الإمبراطور زيتون سنة 489م بسبب انتشار المذهب النسطوري فيها.

مدرسة نصيبيين الثانية:
نشئت هذه المدرسة بحدود 471م، بسبب الاختلاف الفكري بين الشرق والغرب حول طبيعة المسيح؛ ترك عدد كبير من الأساتذة من المؤيدين للفكر النسطوري مدرسة الرها وذهبوا إلى نصيبيين مرة أخرى التي كانت تحت نفوذ الفرس وكان برصوما أهم الأساتذة الذين انتقلوا إليها من مدرسة الرها في عام 457م ثم تبعه مار نرساي عام (471م) الذي طلب منه برصوما تأسيس وإدارة هذه المدرسة.

مدرسة دير قنسرين:
تأسست هذه المدرسة في القرن السادس الميلادي، وبقيت مزدهرة حتى القرن التاسع الميلادي. من ابرز علمائها ساويرا سابوخت (ت 667م) الذي تتلمذ عدد كبير من العلماء على يده أهمهم يعقوب الرهاوي الذي كتب الكثير في قواعد اللغة السريانية واليه تنسب إدخال الحركات اليونانية الخمسة إلى السريانية.

مدرسة جنديسابور:
أسسها الإمبراطور الفارسي كسرى انوشوران في بداية القرن السادس الميلادي كمعسكر لمعالجة المرضى وتعلم الطب. وعندما أغلق الإمبراطور الروماني زينون مدرسة الرها 489م لاعتناق أساتذتها المذهب النسطوري، توجه علمائها إلى مدرسة جندياسبور. من أهم أساتذتها جورجيوس بن بختيشوع الذي عالج الخليفة أبو جعفر المنصور.

الخلاصة
إذا كان لآبائنا القدماء مهنة يختصون بها ومتميزين فيها، فهي الكتابة والترجمة والثقافة وعلم اللغة والطب والفلك والفلسفة والرياضيات والأدب، لذلك لا يمكن حصر أهمية هذه اللغة بمقال أو كتاب ما مهما حاول المرء جمع الإنتاج الفكري والعلمي المدون فيها .
يكفي ان نقول أنها كانت اللغة العلمية والإدارية للفترة الساسانية والدولة العربية في زمن الأمويين، لذلك لُقِبت هذه اللغة (بأميرة الثقافة وأم الحضارة) وإذا كان لا بد من ذكر أهم فلاطحة أو فلاسفة السريان فأن المرء يحتار بينهم. لكن برأيي لا يوجد أعظم من مار أفرام السرياني (306-375) الذي أعطته الكنيسة الكاثوليكية لقب ملفان الكنيسة الجامعة أي معلم الكنيسة فكانت معظم إنتاجاته الفكرية هي باللغة السريانية. وحنين بن اسحق، و يوحنا بن ماسويه، جرجيوس بختشوع وعائلته التي كانت تخدم في بلاط الخلفاء العباسيين خلال ثلاثة قرون.


المصادر:
مار أفرام الأول برصوم، اللؤلؤ المنثور في تاريخ والعلوم والآداب السريانية، مطبعة الشعب، بغداد، العراق، 1976.
انمار عبد الجبار جاسم، مجلة بين النهرين، العدد 127 - 128 لسنة 2004، بغداد، العراق.
نزار الديراني، مقال في جريدة الصباح بعنوان (أضواء على تاريخ الثقافة السريانية)
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=23200
اثر جهود السريان على الحضارة العربية الإسلامية، د احمد الجمل، كلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، القاهرة، مصر، 2005.
http://www.imanway1.com/horras/showthread.php?t=8221
سليم مطر، الذات الجريحة، إشكاليات الهوية في العراق والعالم العربي( الشرقاني)، بيروت، لبنان، 1997.



#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاول من نيسان عيد اكيتو كيف تحول الى يوم الكذب؟
- كي لا تسقط بابل الثانية من جديد
- متى يصبح الدين افيون الشعوب؟
- دراسة في ديالكتيكية هيجل
- كارل ماركس والثورة الاشتراكية
- كيف يصبح المالكي قائداً خالداً للعراقيين؟
- حركة العصر الحديث الى اين تقود مجتمعنا ؟
- الصراع الفكري بين الماديين والمثاليين حول طبيعة الكون
- الصراع بين الموضوعية والذاتية
- اسهامات فلاسفة العرب الاوائل في تطوير الفكر الفلسفي


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوحنا بيداويد - دور المدارس السريانية وعلمائها في الحضارات العالمية