أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - التأصيل القرآنى لمعنى كلمتى ( مصر )و( Egypt )















المزيد.....

التأصيل القرآنى لمعنى كلمتى ( مصر )و( Egypt )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 2609 - 2009 / 4 / 7 - 11:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التأصيل القرآنى لمعنى كلمتى ( مصر )و( Egypt )

( مصر ) في اللغة العربية :
قبل نزول القرآن بنحو أربعين قرنا من الزمان كانت مصر دولة تضم شعباً ووطناً وحضارة ومدائن .. وحين انفصلت اللغة العربية عن الآرامية وتكلم بها شعب الجزيرة العربية نظر (العرب) إلى " مصر " واعتبروها رمزا للتمدن وإقامة المدن ، فنحتوا من " مصر " الفعل " (مصَّر)، وفي القاموس " مصّرُوا المكان تمصيراً جعلوه مصراً فتمصر "، وأصبح (المصر) يعني البلد المتمدن فى مصطلحات التراث، فيقولون أن عمر بن الخطاب هو الذي (مصّرً الأمصار ) أي أنشأ المدن ، ويقولون أن عمر بعث العمال – أي الولاة – (على الأمصار) أي على الولايات في الشام والعراق وغيرها ، ولان عمر أنشأ الكوفة والبصرة فأنه يطلق عليها (المصران ) مثنى (مصر) أى مدينة .

معنى ( مصر ) في القرآن الكريم :

1 ـ ولذلك فإن اللغة العربية تجعل لكلمة " مصر " معنيين " مصر " الوطن الذي يعيش فيه المصريون , وهي علم أعجمي ممنوع من الصرف حسب قواعد النحو ، ثم " مصر " بمعنى بلد متمدن ..

2 ـ والقرآن الكريم استخدم كلمة " مصر " بالطريقتين ..

3 ـ جاءت كلمة " مصر " بمعنى الوطن المصري في القرآن الكريم في خمسة مواضع وكلها ممنوعة من الصرف أي التنوين باعتبارها علما أعجميا , وهي قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا)( يونس 87 )، . وكلمة (ِمِصْرَ) في الآية مجرورة بالفتحة لأنها ممنوعة من الصرف.
ويقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ) ( يوسف 21)، وكلمة (مِّصْرَ) هنا أيضا مجرورة بالفتحة لأنها ممنوعة من الصرف.
ويقول تعالى: (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ ) ( يوسف 99) ، وكلمة (مِصْرَ ) مفعول به ممنوع من الصرف أي التنوين فلم يقل (إدخلوا مصراً) لأنها تدل على مصر الوطن الأعجمي.
ويقول تعالى : (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ) (الزخرف 51)، وكلمة (مِصْرَ ) هنا مجرورة بالفتحة لأنها ممنوعة من الصرف ..

4 ـ وجاءت كلمة " مصر" بمعنى المدينة المتحضرة في موضع واحد هو قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام لقومه وهم فى تائهون فى الصحراء : (اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ) ( البقرة 61 )، وكلمة (مِصْراً ) هنا جاءت بالتنوين وهي منصوبة، لتدل على أنها كلمة عربية تدل على أي بلد متحضر ولا تدل على الوطن المصري ..
ومن الطريف المقارنة بين أيتى : (اهْبِطُواْ مِصْراً ) ( البقرة 61 )،و ( ادْخُلُواْ مِصْرَ) فكلمة ( مصر ) مفعول به فى الآيتين ، ولكن ( مصر ) التى تدل على الوطن المصرى ( ادْخُلُواْ مِصْرَ) جاءت ممنوعة من الصرف أى التنوين لأنها اسم أعجمى ،أما ( مصر ) التى تدل على أى مدينة خارج الصحراء فقد جاءت منصوبة وبالتنوين (اهْبِطُواْ مِصْراً ) .

5 ـ لقد تكلم القرآن عن أمم اندثرت وأوطان انتهت ، ولكن (مصر ) هي البلد الوحيد الذي نال حظاً أكبر في القصص القرآني بالاسم والوصف والشخصيات والسمات والصفات ، وهو البلد الوحيد الذي لا يزال مستمراً في الوجود بلداً ووطنا ودولة وشخصية معنوية ومادية قبل وبعد القرآن الكريم ،بينما اندثرت أمم وأوطان قديمة وسحيقة في القدم ـ وإن كانت مصر أقدم منها ـ مثل عاد وثمود .. انتهى أولئك وغيرهم وبقيت مصر ، وبقى حديث القرآن الكريم عن مصر ـ الممتدة فى تاريخها المتمسكة بملامحها ـ جزءا من الإعجاز القرآنى ، فكيف لشخص عربى من قريش يعيش فى الجزيرة العربية فى القرن السابع الميلادى ـ اسمه محمد بن عبد الله ـ أن يتكلم عن مصر بهذه العبقرية التى تتحدى الزمان و المكان. ؟!!..

( مصر ) الأرض:

1 ـ وهناك أهمية أخرى يضيفها القرآن الكريم على " مصر " حين يعبر عنها بلفظ (الأرض). والنسق القرآني يضفي وصف (الأرض) على وطن ما ، إذا بلغ قومه درجة كافية من القوة والتمكين في الأرض ، ونفهم ذلك من قوله تعالى: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) (فصلت 15 ).

2 ـ ولذلك استحقت مصر من القرآن أن يصفها بأنها (الأرض) حيث عاشت الدولة فيها قوية مهابة في عصور طويلة موغلة في القدم وخصوصا في عصر الرعامسة الذي شهد قصة موسى . ونقرأ على سبيل المثال في سورة واحدة – هي سورة القصص قوله تعالى عن مصر: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ ) (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ ) (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ) (إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ ) (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ ) ( القصص : 4 ، 5 ، 6 ، 19 ، 39 ) .
3 ـ ونسير مع قصة موسى في سورة الأعراف لنجد القرآن أيضا يعبر عن مصر باسم الأرض في قوله تعالى : (وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ )(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ)( قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ): (الأعراف: 127 ، 128 ، 129 ) إلى أن يقول الله تعالى عن نهاية فرعون ويصف مصر بأروع وصف: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) ( الأعراف 137 ).
وفي قصة يوسف يقول تعالى عن تطور مكانة يوسف في مصر: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ) ( يوسف 21 ) وحين طلب وظيفة من الملك قال له: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ)( يوسف 55)، فكانت خزائن مصر هي خزائن الأرض جميعا .
4 ـ وقد عكس القرآن الكريم إحساس المصريين القدماء بأن مصر تمثل الأرض كلها في ذلك الوقت حيث تركزت فيها الحضارة والمدنية بينما تعيش أوربا في الكهوف؛ يقول مؤمن آل فرعون لقومه عن عظمة مصر فى الكوكب الأرضى وقتها:(يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا)(غافر 29 ). وفي الوقت نفسه كان فرعون يخشى من دعوة موسى أن تتمخض عن انهيار حضارة مصر ومكانتها، فيقول لقومه: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ ) ( غافر 26).
5 ـ والقرآن الكريم يعبر عن اعتزاز المصريين بوطنهم، ويتجلى ذلك في قولهم لموسى أو عن موسى وأخيه: (قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى )( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا )(طه : 57 ، 63 ). فقالوا(أرضنا) و(أرضكم ) تمسكا منهم بوطنهم مصر ..
6 ـ والقرآن الكريم حين يضفي على مصر وصف (الأرض) إنما يعكس إعجازا تاريخياً يضاف إلى إعجازاته المتنوعة في الفصاحة والعلوم ، ذلك أن ما نقله القرآن باللغة العربية عن اعتزاز المصريين بأرضهم سجله فيما بعد علماء المصريات والآثار الفرعونية، حين عرفوا رموز اللغة الهيروغليفية وقرأوها وعرفوا أن كلمة " توميري " كانت متداولة على لسان المصريين وتعني عندهم " الأرض المحبوبة " أي مصر ، وفي نفس الوقت يقولون عن الصحراء ومالا يعرفونه من الأرض المجهولة والتي لا يهتمون بها أنها " آخيت "
ولا يزال المجال مفتوحا أمام علماء الآثار والمصريات لاكتشاف المزيد مما أشار إليه القرآن الكريم

Egypt ) ) ( جبت )

1 ـ في مصر عاش يعقوب (اسرائيل)عليه السلام أواخر حياته مع ابنه يوسف عليه السلام، وتكاثر في مصر أبناء يعقوب ( إسرائيل ) وصاروا اثني عشر قبيلة ، وأصبحوا بمرور الزمن جزءا من شعب مصر حتى أن القرآن يقول عن اضطهاد فرعون موسى لبني إسرائيل : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ )( القصص 4 ).أي كان بنو إسرائيل طائفة من أهل مصر، وبالتالي تأثروا بالديانة المصرية القديمة بمرور الزمن ، وفي سبيلها تناسوا دعوة الرسل من أجدادهم ( إبراهيم و اسحق ويعقوب و يوسف )
وقد أرسل الله تعالى نبيا هو موسى لينقذ بني إسرائيل من اضطهاد الفرعون ، وقد شهد قوم موسى معجزات موسى رؤيا العين ، وكان مفروضا أن يتعمق الايمان فى قلوبهم بحيث يطغى على تاثرهم بالموروثات المصرية ، ولكن بمجرد أن أنشق البحر بعصا موسى وجاوز بهم البحر بعد أن غرق فيه فرعون وجنده فأنهم تناسوا تلك المعجزة حينما رأوا معبدا فرعونيا على الضفة الشرقية للبحر الأحمر، ويحكي رب العزة ذلك الموقف : (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) (الأعراف 138) . أي أن تأثرهم بالعقائد الفرعونية كان أكبر من إيمانهم بموسى ورسالته ..
وتركهم موسى وذهب يتلقى الألواح من ربه ، وحين عاد وجدهم قد عبدوا عجل أبيس الفرعوني ، فقد جمع السامري الذهب المصري الذي سلبوه من المصريين وصاغ منه عجلا ذهبيا فعكفوا عليه يعبدونه بمثل ما اعتادوا من قبل ، وأعترض عليهم هارون فكادوا يقتلونه، ورجع موسى فاشتد به الغضب ، فألقى الألواح التي كتب الله فيها التوراة ، وكاد أن يبطش بأخيه هارون ثم هدأ . ودمر موسى العجل الذهبي وألقاه في البحر وطرد السامري، وكان غضب الله عليهم شديدا. وجاءت التفصيلات في سورتي الأعراف ( 148 : 155 ) و( طه 86 : 98 ).
ويوضح القرآن الكريم أن عبادة العجل الفرعوني الذهبي ظلت مؤثرة في عقائد بني إسرائيل واليهود في الجزيرة العربية حتى عصر نزول القرآن،إذ يقول الله تعالى يخاطبهم فى عصر النبى محمد عليه السلام : (وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ( البقرة92 : 93 ). أى تشربت قلوبهم عبادة العجل ابيس الفرعونى المصرى .
2 ـ ونفهم من نصوص القرآن الكريم أن بني إسرائيل في الجزيرة العربية قد نشروا بين العرب الأميين بعض العقائد الفرعونية التي حملوها معهم من مصر، والله تعالى يقول: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ) ( التوبة 30) . أي أن اليهود حين قالوا أن " عزير " ابن الله قد رددوا مقالة الذين كفروا من قبل , والواضح أن بني إسرائيل عاشوا قرونا من قبل في مصر القديمة وتأثروا بعقائدهم حتى في وجود موسى وهارون ،أى إن عبارة (الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْل) مقصود بها أهل مصر القديمة.

3 ـ ولكن من هو " عزير" الذي ردد اليهود مقالة المصريين فيه واعتبروه ابنا لله؟ تعالى عن ذلك علوا كبيرا ؟

انه " أوزيريس " الذي كان أشهر معبود مصري , يقول عنه أدولف أرمان صاحب كتاب " ديانة مصر القديمة " " انه محور الديانة المصرية " وأن علاقته بالحياة والموت جعلته يحتل مكان الصدارة فأصبح من أهم الآلهة المصرية " ومن أجل الحياة والموت اعتبر أوزيريس بعد ذلك إلها للموتى وسيدا لهم " .

إلا إن المصريين القدماء لم يكونوا ينطقون اسمه ( اوزيريس ) بل كانوا يقولون عنه ( عزير ) بنفس ما هو مكتوب في القرآن الكريم. بيد أن أسطورة إيزيس واوزيريس ما لبثت أن انتشرت في أوروبا حيث كان ينطق الإغريق والأوربيون حرف (ع ) بالألف ،ولأن اللغة الإغريقية تضيف حرف السين إلى أخر الأسماء فقد تحول " عزير " إلى "اوزيريس "، وعندما قام علم المصريات على يد الأوربيين نقلوا لنا نفس الاسم باللغة اليونانية وهى الأقرب الى نطقهم فقالوا (اوزيرس) بدلا من (عزير) وقالوا (إيزيس) وأصلها المصري (عزي). وكالعادة نقلنا عنهم نفس التحريف في النطق فقلنا ( اوزيريس ) وليس (عزير ) وقلنا ( ايزيس ) ولم نقل ( عزى )..

ونعود إلى بني إسرائيل وقد حملوا معهم تقديس " عزير " أو " اوزيريس " على أنه ابن الله تعالى. وقد كان المصريون القدماء يعرفون الله وينسبون له الآلهة المحلية ، وذلك ما أعترف به أرمان في كتابه " ديانة مصر القديمة ". لذلك نسب بنو إسرائيل (عزير) إلى الله بنفس ما فعل المصريون القدماء ، إلا أنهم أضافوا أيضا ملامح لغتهم العبرية على أسم عزير فأصبح " (عزرائيل) ، وكلمة ( ئيل )عندهم تعني لفظ الجلالة ( الله ) ،ومنها ( إسرائيل ) أي (عبد الله) ..
وانحدر إلينا فى تراثنا المشبع بالاسرائيليات اسم (عزرائيل ) في صورة مخففة، فلم يعد (إله الموت ) كما كان عند المصريين القدماء، ولكن يعني (ملك الموت).
و(عزرائيل ) هو الطبعة الحديثة من (عزير) أو (اوزيريس)، أي أن بضاعتنا ردت إلينا .. فاسم عزرائيل لم يرد في القرآن مطلقا .

ونشر اليهود في الجزيرة العربية أيضا عبادة ( إيزيس )، واسمها الأصلي الفرعوني (عزي)، وتحرف معناها في اللغة العربية في العصر الجاهلي ليكون (العُزّى ) ، وكانت العزى من أهم أصنام العرب وقريش، والله تعالى يقول لهم (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) ( النجم 19: 20 ) .
أي عبد العرب في الجاهلية ثالوثا تكون من " اللات والعزى ومناة " يضاهئون به الثالوث الفرعوني مع تحريف بعض الأسماء , ولكن مع الاحتفاظ أيضا بأهم عناصر الثالوث وهو إيزيس أو (عزى).

ولأن اليهود هم الذين جلبوا العقائد الفرعونية للجزيرة العربية فقد جلبوا لها أيضا اسم الديانة المصرية القديمة وهو ( جبت ). وحين ظهر الإسلام بين العرب وقف اليهود مع المشركين ضد الإسلام وأفتوا للمشركين أن دينهم خير من دين الإسلام ، وفي ذلك يقول رب العزة يرد عليهم : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ) ( النساء 51) .

إذن كان اليهود يؤمنون بالجبت , والجبت هو الديانة المصرية القديمة , وقد تشربت قلوبهم من الجبت المصري أو الديانة الفرعونية القديمة حب العجل الذهبي وعبادة ( عزير) أو ( أوزيريس ) ونشروا عبادة ( إيزيس )أو( العزى) ولذلك تحالفوا مع المشركين ضد الإسلام .. ولذلك يقول الله عنهم :( يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) .

وقد انتشرت الديانة المصرية القديمة في اليونان ومنها إلى سواحل البحر المتوسط الأوربية , وقد تكلم إرمان في كتابه" ديانة مصر القديمة " في الفصل الأخير عن انتشار الديانة المصرية في أوربا ، وأوضح فيه المكانة التي بلغتها " إيزيس " أو عزى " في عقائد الأوربيين، حتى لقد اعتبروها الآلهة الوحيدة للكون ..

ثم اختلطت شخصيتها في العصر المسيحي بشخصية السيدة مريم ، وقد قامت مصر بتمصير المسيحية وانتشرت المسيحية بهذا التمصير في الإمبراطورية الرومانية وهي تحمل البصمات المصرية , وذلك موضوع شرحه يطول ، وقد شرحناه فى كتابنا ( شخصية مصر بعد الفتح الاسلام ) الصادر عام 1984 ، وكان مقررا على طلبة قسم التاريخ فى جامعة الأزهر وقتها.
ما يهمنا فيه ان العقيدة المصرية التى حملها الاغريق الى اوربا والتى تشكلت بها المسيحية ظلت مرتبطة بمصر ، فلم يعرف الأوربيون عن مصر سوى ديانتها العتيدة الراسخة المؤثرة ، حيث حمل الدين المصري اسمه المعروف ( جبت) ، لذلك عرف الأوربيون مصر بأنها (جبت) أو ايجبت (Egypt )، وأطلقوا على المسيحيين المصريين (جبت ) أو( Copts ) أى ( قبط )، وهي أيضا من (جبت)( Egypt ). وعندما فتح المسلمون مصر أطلقوا على المصريين الذين يحتفظون بدينهم الأصلي اسم الأقباط وهو تحريف مأخوذ من الدين المصري القديم(جبت).
ومصر هي أقدم دولة في العالم وأكبر دولة تأثر بها العالم المعروف خصوصا أوربا فى موضوع الدين لأن شخصيتها في الدين أساسا ، لذا فان الأوربيين لا يقولون عليها( مصر) وإنما يقولون ( إيجيبت ) , (Egypt ) لأن الدين المصري هو الدين الحقيقي لمعظم الأوربيين المسيحيين واليهود أيضاً ..
بهذا نفهم قوله تعالى عن النصارى واليهود معا : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ) ( التوبة 30).
وقد عرفنا من هم الذين كفروا من قبل ، كما عرفنا " الجبت " وعرفنا لماذا يقول الأوربيون عن مصر" Egypt " ولماذا يقال عن المصريين غير المسلمين " أقباط " أو باللهجة المصرية " جبط " . وكل ذلك نعرفه من القرآن الكريم ..!!



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسنى مبارك و قراقوش
- إنتماء المسلم هل هو إلى الوطن والقوم أم إلى العقيدة...؟
- فلسفة النجاح
- تأملات في قصة يوسف فى القرآن العظيم (5 ) لمحات قرآنية عن الن ...
- تأملات في قصة يوسف فى القرآن العظيم (4 ) المجتمع المصرى الق ...
- أيسر طريق للإصلاح والإنقاذ :الضغط على المحكمة الدولية لمحاكم ...
- فن ّ السياسة بين الممكن و المستحيل
- الامام مالك : مبتدع الدين السّنى ..
- الاسلام والرق : (1) مدخل : (وما ملكت أيمانكم )
- تأملات فى قصة يوسف فى القرآن العظيم ( 3 ج ) ملامح الفن الدر ...
- تأملات فى قصة يوسف فى القرآن العظيم ( 3 ب ) : ملامح الفن ال ...
- تأملات فى قصة يوسف فى القرآن العظيم ( 3 ا )ملامح الفن الدرا ...
- هل إلى هذه الدرجة يحب الرئيس مبارك الجندى الاسرائيلى شاليط ؟
- الفاتحة للنبى ..!!
- صفحات من كتاب ( العظات و العبر فى تاريخ القرن التاسع عشر..ال ...
- منهج البخارى فى تصوير النبى محمد عليه السلام
- حوار مع تلميذ سابق
- جماعات الفتوة وصفحة من تاريخ المسلمين الاجتماعى
- من خرافات الدين الأرضى (5 ) تحول علم الحرف فى القرآن الكريم ...
- الاحتراف الدينى يناقض الاسلام


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - التأصيل القرآنى لمعنى كلمتى ( مصر )و( Egypt )