أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - أنا وأبي والمعنى














المزيد.....

أنا وأبي والمعنى


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2601 - 2009 / 3 / 30 - 08:23
المحور: الادب والفن
    




سقطَ الساحرُ من مائدةِ السحرِ على الأرض.

فتمزّق صوتُ الماءِ بكفّيه، بكى، واهتزّ كما يهتزّ الطائر

حين تمرر سكين الذبح على الرقبة.

الأرضُ تكرر لعبتها. ما كنتُ أكون. الغيمُ يجيء ويذهب

والفجرُ يطرّزُ حرفَ الدهرِ فلا معنى أبداً. أختبىء اليوم كطفلٍ،

أرنو للفجر، أقرر أن أبعث كلماتي حتى يعتدل العالم، يذهب

سيف الظالم في الظلماتِ. فما أحلى الكلمات! وما أسخفها!

سقط الساحرُ. كانت امرأة الساقين الفاتنتين تهدهد...

لا معنى لاعادةِ مشهدٍ حبٍّ مكرورٍ ملتهبٍ، لا معنى.

المرأةُ واقفةٌ خلف الشباك وخلف المكتب، خلف زجاج الباص

وما من شيء ينقذها. سقط الساحرُ من مائدةِ الفعلِ، فعضّ

يدي قال: سأقتصّ من الظالمِ. هددني بعيون الجمر، تقدّم

من دائرةِ السيفِ وأطلقَ جمعَ طيور ملأتْ جوّ الغرفةِ بالهذيان.

اكتشفُ اللحظة أنّ الساحرَ مسحور، أنّ الساحر يبكي كالطفل.

نظر الساحرُ لي قال: بأنّي الطفل.

فتعجّبتُ من القول

ونظرتُ إلى لغةِ الفجرِ فكانت سوداء.

قام الساحرُ بالرقص، اختطَّ لنا أرضاً تكفي لكلينا قال:

هنا نرقص ـ واختطّ بجانبها أرضاً أصغرَ ـ وهنا سنموت.

علينا بالرقصِ لأنّ المرأة شيء باطل

والطفل كذلك، والسيف قويّ، والمعنى مكتنزٌ في الرقص

فارقصْ!

أخبرتُ الساحرَ: إني أعمى لا أعرف إلا خيطاً من ذاكرةِ

الفجرِ وأخفي في كفّي وشماً لامرأةٍ عاريةٍ ماتتْ منذ سنين.

غضبَ الساحرُ من كلماتي وافرنقع مني، قال بأنّي كذّاب

خَرِفٌ. أخذ الساحرُ بالرقصِ فهبّ إلى الساحةِ مدفوعاً بسهامٍ

ورموزٍ زرق وشموسٍ حمر. واهتزّت ذاكرةُ الغرفةِ حتى غضب

الغيمُ وأمطرت اللحظةُ ُوقتاً مدفوعاً باللاشيء. افرنقع غيمُ شتاءِ

الروح. اشتدَّ المطرُ البريّ. نظرتُ إلى ما حولي علّي أتلمّس

شيئاً: الغرفةُ فارغةٌ كالموتِ. الساحرُ مشغولٌ بالرقصِ. الطائرُ

في جوّ الأسطورةِ ينمو. هبّتْ ريحٌ طيبةٌ فتذكّرتُ المرأة تأتي،

تأخذني لفراشِ الحُبّ تؤدب أوجاعي، وتذكّرتُ الطفلَ يحلّق

في النهرِ، تذكّرتُ السيفَ رجالاً ما عرفوا إلا الكذب الأسود

وعوانس من سخفٍ وخيوطٍ من لحمٍ و دمٍ. فصرختُ: أبي..

هلَّ أبي كهلالِ العيدِ بطيرِ النورسِ مؤتلقاً. واشتدّ المطرُ البريُّ.

افرنقعت الغيمةُ واهتزّ جدارُ الغرفةِ ثوباً في الريح. الساحرُ

يلعبُ، لم يتعبْ من رقصته، وخيوطُ العرقِ المصبوب على

الجسد العاري هبطتْ. كنتُ أحسّ بأني أ ُقْتَلُ هذا اليوم وأنّي

سأغادر ساحةَ رقصِ الساحرِ متجهاً بهدوءٍ نحو القبر المرسوم

على الأرضِ. المطرُ قوياً يشتدُّ. الغيمةُ تعصفُ تعصفُ تعصفُ.

جاءَ أبي، هبطَ الساعة من سقفِ العالمِ. كان أبي يتألق شمساً للفجر.

صرخَ الساحرُ في وجهي: ارقصْ . قلتُ بأنّي أعمى.

ضحكَ الساحرُ، قهقه ثم ارتجفَ الساحرُ حين تألّق وجهُ أبي في

الغرفة. أمسكَ بالعين الجرداء فأحياها. أمسكَ بالأذنِ الجرداء

فأسمعها، أمسكَ بي. اشتدَّ المطرُ فخفتُ على ثوبِ أبي الأبيض

أن يتسخَ. وقالَ أبي: لا تحزنْ إنّكَ في عيني. فبكيتُ، نظرتُ،

رأيتُ الفجرَ لأول مرّةْ.

ووقعتُ على كفّ أبي لأقبّلها. والغيمةُ تعصفُ عصفاً.

وبدا أنّ الأرضَ ستغرقُ. قالَ أبي: لا تحزنْ هذا مطرُ الفقراء،

انظرْ. فنظرت ُالعشبَ بقامةِ طفل!

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
www.adeebk.com



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألف المعنى
- أنثى المعنى
- نون المعنى
- راء المعنى
- حوارية المعنى
- قبورالمعنى
- سلام المعنى
- صراخ المعنى
- دال المعنى
- باء المعنى
- نسيان المعنى
- قصائد المعنى
- إيقاع المعنى
- رومانسية المعنى
- شمس المعنى
- زمن المعنى
- نص المعنى
- بيت المعنى
- أغنية المعنى
- عري المعنى


المزيد.....




- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - أنا وأبي والمعنى