أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوشنك بروكا - ثقافة الزعيم، كردياً















المزيد.....

ثقافة الزعيم، كردياً


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 10:04
المحور: المجتمع المدني
    


من عاش في ظل ثقافة الحزب الواحد، والرئيس الواحد، والكلام الواحد، والكتاب الواحد، والدين الواحد، يعلم كيف يجيد "الواحديون" فن سياسة تجنيد كل البلد، سماءً وأرضاً، حكومةً وشعباً، من الفوق إلى التحت، ومن الألف إلى الياء، لأجل معركة المصير الواحد؛ "معركة الزعيم" الجاهزة دائماً وأبداً.
فالعالم، بحسب هذه الثقافة الواحدية، موزعٌ بين دارين: دار الأنا الصحيحة الكاملة ودار الآخر المعتل الناقص؛ دار السلام ودار الحرب؛ دار الله ودار الشيطان؛ دار الخير ودار الشر؛ دار الحقيقة ودار الكذب؛ دار الطيبين الأخيار ودار السيئين الأشرار؛ دار الوطنيين المناضلين ودار الخائنين المتخاذلين.
العالم، بحسب نحو وقواعد ثقافة الزعيم، إثنان لا ثالث لهما أو بينهما: ال"مع" و"ضد"؛ الرفيق الوطني النصير، و"اللارفيق" الخارج وطني الحقير.

الكرد، كسواهم من ضحايا صراعات وحروب هذه الثنائيات الإيديولوجية الضيقة، عانوا ما عانوه. هم، ككل الضحايا الذين سقطوا تحت أقدام أمراء الحروب، سواء على مستوى الداخل الكردي أو خارجه، ك"شهداء مقدسين" أو ك"كقتلة إرهابيين مدنّسين"، عانوا الأمرّين، على مرّ تاريخهم الصعب واللارحيم، فقُصفوا بالكيمياء، بالجملة، وأُنفلوا وابيدوا وذُبحوا وهُجّروا وشُرّدوا بالجملة.
ووفقاً لذات المنطق الإيديولوجي السقيم والأعوج، وقاعدته العرجاء "يا أبيض يا أسود"، دخلوا مع بعضهم، في التاريخ القريب والبعيد، في "حروب الإخوة" الطاحنة، التي زهقت أرواح آلافٍ مؤلفة من "رفاق" الدرب الواحد المفترض، إلى "كردستان واحدة مفترضة".

اليوم، تغيّر العالم، وحصل الكرد في جهةٍ من جهاتهم المشتتة، على بعضٍ من كردستانهم، ببعض برلمان وبعض حكومة وبعض جيشٍ وبعض رئيس، ولكن المنطق الإيديولوجي الواحدي السقيم، كردياً، بقي هو هو، ينخر في العقل الكردي، ويعمل على ترسيخ الثقافة الرجعية الماضوية المقيتة ذاتها، ويسهر على صناعة "القتل والقتل المضاد"، رمزياً، عبر أساليب وأدوات جديدة قديمة، يشتغل على"إعادة تركيبها"، جوقة من المثقفين الطبالين الزمارين، المستكتبين المعتاشين على "كوبونات كردية"، أو "حماسويات ووطنيات قوموية"، مدفوعة الثمن سلفاً.

فيكفي أن تمتدح في الأب الرئيس(وما أكثر الرؤساء والزعماء الكرد والأمناء العامين والخاصين، ففي سوريا وحدها، حيث يقارب تعداد الكرد ثلاثة ملايين فقط، هناك 16 زعيم كردي أو ما يسمى غالباً ب"السكرتير")، والقائد الضرورة، المناضل(قدس الله سرّه)، وأصله وفصله، وعشيرته وعائلته، وآله وصحبه، أو حجله وحمامه وكلبه، لكي تحظى بشرف العضوية في جوقة الطبالين والزمّارين، المداحين المناضلين الأمينين على رسالة القائد الضرورة.
التعليقات والردود المفصّلة كردياً(من جهة الكتاب المستكتبين المجندين حصراً، وبعضهم يختفون وراء "حرية" الأسماء المستعارة، والوجوه المستعارة، والأخلاقيات المستعارة)، على المقالات التي يتناول فيها الكتاب(الكرد منهم على وجهٍ أخص) الشأن الكردي ببعض النقد، تكفي لقراءة الكثير مما تعانيه الثقافة الكردية، كسواها من الثقافات الجارة، المصابة بأكثر من داء، وأكثر من ديكتاتور، وأكثر من قائد ضروري "مجيد".

أما الموضة في الراهن من المشهد الثقافي الكردي، فهو ركوب النقد..نقد الآخر..نقد الكل..نقد الأرض ونقد السماء، إلا نقد الذات الكردية، لا سيما الذات الرسمية الممثلة بكردستان الرسمية منها. فهؤلاء "النقاد" الكرد، "يشتمون" بغداد في هولير، و"ينتقدون" الآخر التركي، أو العربي أو الفارسي، من موقع ثنائية "الظالم والمظلوم"(أو عقدة المظلومية)، ويتهمونه بشتى الأوصاف، والخصال الديكتاتورية والشوفينية والعنصرية والخارج حضارية، علماً أنّ الفوق الكردي(سواء الحزبي المعارض منه، أو الرسمي الحاكم)، يقلّد، كما هو واضح لكل متابع، في بعضٍ كثيرٍ من قيامه وقعوده، سلوكيات ذاك الآخر، الديكتاتور، الذي اختزل حدود الحزب والبرلمان والحكومة وسائر أجهزة الدولة، في حدوده.
هؤلاء "النقاد" الشطار، ينسون أن كل الشرق(بعربه وفرسه وأتراكه وأكراده..إلخ)، هو في هوى "الزعيم المقدس" سوى.

ومثلما يسهل على كل "بائع كلام" في الوطنيات الكردية، أن يدخل عبر بوابات "المديح المقبوض"، إلى "كتائب الكلام"، للوقوف بالمرصاد في وجه أيّ كلام خارجٍ عن الخط الكردي المرسوم من الفوق سلفاً، يريد به صاحبه "التشويش" على صورة الرئيس، يسهل على بائعي الكلام "الوطني" الكبير الكثير، هؤلاء، أيضاً، حجب كل الوطن عن كل "مشوّشِ"، أراد الإقامة في كلامٍ، من شأنه أن يهز حروف إسم الزعيم.

والرئيس أو الزعيم، كردياً، هنا، كثيرٌ جداً، يشمل الكل الكردي، في كل جهات الكرد قاطبةً، وبدون استثناء..حيث كل حزبٍ بصورة رئيسه وقائده معجبٌ..فلا كلام يعلو على كلام الرئيس، كما لا عقل يفوق عقل الرئيس..هو الأول وهو الأخير، هو المبتدأ والخبر، هو السؤال والجواب، هو الأرض والسماء..من هنا كل شيء يمكن، كردياً، كحال كل الجيران، أن يتغير، إلا الرئيس..فهو باقٍ من "الحزب المهد" إلى اللحد..وإن انتهى(لا سامح الله) فخليفته من دمه، أو قرابته القريبة المقرّبة جداً(والأقربون أولى بالمعروف)، مصنوعةٌ جاهزة، لإستلام مفاتيح الحزب أو الدولة.

أما "الكلام الوطني" المنظّر فيه من جهة "مثقفي الرئيس"، الضاج بعياط الوطنيات الثقيلة المحفوظة عن ظهر قلب، فما هو إلا تذكرة مرور هؤلاء إلى "وطن الرئيس"، الذي لن يكون إلا إذا كان الرئيس؛ فالوطن يحضر حين يكون الرئيس، والوطن يموت، لا محال، متى غاب الرئيس..فلا جدوى للوطن من دون الرئيس، لأن الوطن والرئيس واحد.

هذا الكلام الشغال ليل نهار لإشاعة "الوطن الزعيم"، بات كالصراط المستقيم، الذي لا بدّ لكل "مؤمنٍ وطنيٍّ" أن يمشي عليه، فإما أن تؤمن بالرئيس، ودين الرئيس، وحزب الرئيس، وعادات الرئيس، وإيتيكيت الرئيس، وهندام الرئيس(ولا يستغربن القارئ، حيث الكردي يقلّد رئيسه في كل شيء، ظالماً أو مظلوماً)، لتنعم ب"الجنة الوطنية" الموعودة، أو تكون "كافراً" "خارج كردياً"(لا بل خائناً)، بلا وطن أو حقوقٍ وطنية، ولا هم يحزنون، لتسقط في "نار" الخيانة الوطنية الأكيدة.

الرئيس، إذن، هو مقياس أو بارومتر الوطنية الأول والأخير..فكلما اقتربت من الرئيس ولففت كلامك بكلامه، ودهنت إيمانك بإيمانه، وخبأت عاداتك بعاداته، وأسقطت ملامحك في ملامحه، كلما دخلت الوطن والقاموس الوطني، من أوسع أبوابه، والعكس بالعكس. فحب الرئيس هو من حب الوطن، وحب كل الوطن هو حب الرئيس وحده.

وعلى قولة الكبير عادل إمام، في "مسرحية الزعيم": "اللهم إحفظ الزعيم..يخرب بيت اللي بيكرهو.. ويخرب بيت اللي بيحبو وهو جوا بيكرهو..الزعيم والقائد والثورة..يخلّيهنّ ويخلّي جميع الزعماء..كل الزعماء"



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تورك: من لغة القنابل إلى قنابل اللغة
- بيت أردوغان الذي من زجاج
- نقمة العَلَم السوري: قتل العلَم بالعَلم
- واأردوغاناه!!!
- أردوغان، خاطفاً لفلسطين
- مسعود بارزاني: كردستان في الإتجاه الخطأ
- خالد مشعل: سياسة طهي الدين
- دول الشوارع
- فلسطين المحتلة مرتين
- د. النابلسي من -الإخوان الجدد- إلى -المعتزلة الجدد-(2/2)
- د. النابلسي من الإخوان الجدد إلى المعتزلة الجدد(2/1)
- -ثقافة- الحذاء
- الباحثون عن ذواتهم
- وماذا عن فوق كردستان كساد الفساد؟
- نيجيرفان البارزاني في فخ القرضاوي
- الأردوغانية: كذبة -تركيا العدالة- الكبرى
- الأكراد الحمر
- أمريكا المعتدية وسوريا المتعدّية
- تركيا أتاتورك و-أتاكُرد- كردستان
- عراق الأكثريات الديكتاتورية


المزيد.....




- انعكاسات الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسؤولين أمميين حو ...
- اقتحام رام الله والبيرة واعتقال 3 فلسطينيين بالخليل وبيت أمر ...
- عودة النازحين.. جدل سياسي واتهامات متبادلة
- الخارجية الأردنية تدين الاعتداء على مقر وكالة -الأونروا- في ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من شلل جهود الإغاثة في لبنان
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسئولين أمميين حو ...
- الأونروا: استمرار غلق المعابر ومنع دخول الوقود سيصيب العمليا ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: السلام يبدأ بعضوي ...
- رسالة تهديد من مشرعين أمريكيين للمدعي العام بالمحكمة الجنائي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوشنك بروكا - ثقافة الزعيم، كردياً