أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - النظام الإقليمي العربي و22 فيتو















المزيد.....

النظام الإقليمي العربي و22 فيتو


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 09:56
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


أعادت الاصطفافات والاستقطابات في المواقف السياسية -ما بعد العدوان على غزة- أزمة النظام الإقليمي العربي إلى الواجهة، لا سيما بالتجاذبات التي حدثت بانعقاد مؤتمر قمة الدوحة ومؤتمر قمة الكويت (الاقتصادي)، وهو الأمر الذي كان مثار بحث طيلة العقود الثلاثة الماضية.
ولعل ذلك كان محور حديث لندوة مهمة التأمت في بيروت، وكانت بعنوان «مستقبل العروبة - أي عروبة تصحّ في القرن الحادي والعشرين»؟ دعا إليها تيار المستقبل (البرنامج الثقافي - قطاع التربية والتعليم)، حين تم بحث الأساسات والتحديات التي واجهها ميدان العمل العربي المشترك، لا سيما أن ذكرى تأسيس جامعة الدول العربية في 22 مارس 1945 تمر هذه الأيام.
وكانت «الجامعة» قد تأسست قبل تأسيس الأمم المتحدة، وبالطبع فقد كانت من أوائل المنظمات الإقليمية التي تأسست قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية، وسبقت مشاريع الاتحاد الأوروبي، لكن هذا الأخير خطا خطوات سريعة وحثيثة للتقارب والتعاون وصولاً إلى برلمان مشترك ومواطنة موحدة وسوق أوروبية مشتركة وعملة موحدة، في حين نكصت جامعة الدول العربية عن المهمات الأساسية التي وضعتها لنفسها، لا على الصعيد السياسي فحسب، بل على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والقانوني والتربوي والصحي والرياضي والبيئي وغيرها.
وإذا كانت «الجامعة» قد حققت بعض النجاحات المحدودة على الصعد غير السياسية، إلا أنها لا تزال متعثرة أو لم تصل إلى مستوى الطموح، لا سيما في ظل التطور الدولي باتجاه تشكيل كيانات وكتل اقتصادية وسياسية كبيرة.
وظلّت المحاولات الإصلاحية للنظام العربي الإقليمي مجرد إرهاصات لا ترتقي إلى الفعل، ناهيكم عن التطور الذي حصل في ميدان العمل المشترك على النطاق العالمي، وذلك بحكم التجاذب في المواقف العربية، بل والتباعد لحد الاحتراب أحياناً، لكنها في الوقت نفسه تبقى تعبّر عن حاجة تمس صميم العمل العربي المشترك بكل مشكلاته وعقده التاريخية، وما له علاقة بأبعاده المستقبلية، فشلاً أو نجاحاً، حتى وإن كان جزئياً ومحدوداً، خصوصاً أن فرص النجاح ضئيلة في ظل الاحتقان والتوتر والتباعد في الرؤى والمصالح، الأمر الذي يضع الجامعة ومستقبلها على بساط البحث.
وإذا كان إنشاء «الجامعة» حدثاً بالغ الأهمية للنظام العربي الإقليمي رغم أنه لم يستجب للطموح القومي العربي الذي كان سائداً، وبخاصة خلال فترة الحرب العالمية الثانية، فإنه خطوة مهمة من حيث التوجه العروبي للعمل المشترك، وهو مركز الثقل والاهتمام. هناك من اعتبر تأسيس «الجامعة» نوعاً من الائتلاف أو التنسيق بين دول عربية «مستقلة»، في حين كانت الأمة العربية مؤهلة لقيام شكل أرقى من أشكال الاتحاد والعمل المشترك، لكن تشكيل «الجامعة» من جهة أخرى لم يكن حدثاً عابراً، فلأول مرة يُنشئ العرب إطاراًَ مؤسسياً وآليات عمل تعاقدية واضحة، ولعل مثل تلك الخطوة كانت في حينها متقدمة أو واعدة ضمن مواصفات تلك الأيام.
اتسم ميثاق الجامعة بالبساطة الشديدة وبصياغات عامة، لم تستطع أن تغلّب أو تقدّم ما هو عربي مشترك على ما هو قُطري ومحلي، فقد ظلّ هذا الموضوع محل نقاش، وبدا وكأنه عقيم في ظل عالم يتغير ويتجدد، في حين استمر النظام الإقليمي العربي بحالة سكون أقرب إلى التراجع والتقهقر، وقد حرص الآباء المؤسسون للجامعة على تأكيد التمايز من خلال إبراز مفهوم السيادة على حساب العمل العربي المشترك وتقديم فكرة «الدولة» على حساب فكرة «الأمة» وإعلاء مبدأ «التنسيق» بين وحدات كيانية «مستقلة» وليس اندماجية أو موحدة أو اتحادية، كما لم يشر الميثاق لا من بعيد ولا من قريب إلى احتمال تدخل «الجامعة» في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وكان هذا الموضوع خطاً أحمر باستمرار، وهو الأمر الذي ظل مصدر التباس وإشكال وغضب أحياناً من جانب الهيئات والمنظمات الشعبية والمدنية والجمهور بشكل عام، إزاء موقف ودور الجامعة «الرسمي» بخصوص التطورات الداخلية، بما فيها انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأعضاء. لكن الخبرة العربية بدأت تتوسع على محدوديتها بإنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك (عام 1950)، خصوصاً بعد تطوّر الصراع العربي-الإسرائيلي.

ولذلك فإن مراجعة نحو 64 عاماً من العمل المشترك تعكس حالياً إخفاق الجامعة في حل النزاعات العربية-العربية وعدم تمكنها من حل النزاعات الحدودية وإخفاقها في التوصل إلى حل عادل ومقبول للقضية الفلسطينية، وإخفاقها كذلك في الحيلولة دون وقوع المنطقة تحت طائلة الحروب والعدوان والاحتلال وإخفاقها في تجنيب العديد من البلدان العربية نتائج الحصارات الدولية وإخفاقها في نجدة الشعوب العربية فيما إذا انفردت حكوماتها بها وتغوّلت عليها.
ولهذه الأسباب تبلور رأيان متعارضان متضادان بشأن مستقبل الجامعة والنظام الإقليمي العربي:
الأول: يقول إن «الجامعة» شاخت وانتهى دورها ولم يعد بالإمكان إصلاحها، والأجدر عدم الرهان على كيان يتدهور باستمرار.
والثاني: يقول بدلاً من إلغاء «الجامعة» أو حلّها وتصفية مؤسساتها، فإن على قوى المجتمع المدني العربي الموازي والقوى والأحزاب السياسية الشعبية ممارسة دورها وتحمل مسؤوليتها، من خلال ضغوطات متنوعة تمارسها على «الجامعة». ولا يكفي في هذا المجال أن تكون هذه المنظمات قوة احتجاج واعتراض حسب، بل وهذا هو المهم أن تتحول إلى قوة اقتراح وشراكة، فلعل ذلك ما يجعل النظام العربي الرسمي يتحمّل هو الآخر مسؤولياته، بل يعرّضه بهذا المعنى للمساءلة من خلال الرقابة والشفافية ومشاريع الاقتراحات، خصوصاً بعد أن وصلت الأوضاع الرسمية العربية إلى طريق مسدود.
إن دراسة واقع النظام الإقليمي العربي من أجل معالجة نواقصه وثغراته تتطلب أولاً وقبل كل شيء الإقرار والاعتراف بوجود أزمة يعاني منها العمل العربي المشترك والنظام الإقليمي العربي وجامعة الدول العربية تحديداً، وهذه تتطلب معالجات وحلولاً جذرية، خصوصاً أنها مستفحلة، وليست صعوبات عابرة أو طارئة، كما أنها ليست بنت اليوم، بل تمتد إلى عقود من الزمان، ولعل الإقرار بالأزمة يتطلب تشخيص أهم مظاهرها التي تتلخص في ميثاق «الجامعة» الذي يحتاج إلى مراجعة جذرية، إذ إنه يُعتبر متخّلفاً قياساً للتطور الدولي، وذلك لكي يتم تكييفه بحيث يصبح صالحاً للانسجام مع المتغيرات الدولية، وبخاصة قواعد القانون الدولي المعاصر، ومبادئ حقوق الإنسان. وهنا لا بد من التصديق على الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقرّته القمة العربية (2004) والسعي لتفعيل فكرة محكمة عدل عربية لمواكبة سير تحقيق العدالة، والانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
كما يتطلب الأمر إجراء إصلاحات هيكلية على المستوى الإقليمي في أجهزة الجامعة، على الصعيد القانوني والإداري وتعديل دور الموظف العمومي الإقليمي، بحيث يكون مُمثلاً للمؤسسة (الجامعة) وليس لبلده. والإصلاح يتطلب أيضاً البعد الداخلي في كل بلد عربي وعلى جميع المستويات، مثلما ينبغي امتداده إلى مؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً أن استحقاق التغيير أصبح دولياً أيضاً، وليس حاجة داخلية حسب.
ولذلك لا بد من الاهتمام بدور مؤسسات المجتمع المدني، لكي تكون عنصر رقابة ورصد ومساءلة ومساعدة «الجامعة»، لإنجاز مهماتها، وبخاصة ما يتعلق بالحريات وحقوق المرأة واحترام حقوق الإنسان وحقوق العمل والثقافة والأدب والفن والاتصالات والرياضة والصحة والتعليم والبيئة والسياحة وغير ذلك.
من جهة أخرى لا بد من معالجة مشكلة صنع القرار وتنفيذه داخل أجهزة الجامعة، وذلك لتجاوز الوضع البيروقراطي المؤسسي والعقبات التنفيذية الفعلية، فحتى القرارات الإيجابية غالباً ما تنتهي إلى الأرشيف لعدم القدرة على التنفيذ، وإذا كان في مجلس الأمن 5 فيتوات، ففي «الجامعة» 22 فيتو، أي أن القرارات تتطلب الإجماع، سواء كانت أساسية أو إجرائية.
كما ينبغي إيلاء موضوع النزاعات العربية-العربية ما يستحقه من أهمية، وذلك بالسعي لـ «عصرنة» الميثاق بما يستجيب للتطور الدولي، خصوصاً للفصل في النزاعات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحلها، وبخاصة بالوسائل السلمية أو من خلال تعزيز العدالة عبر قضاء عربي مشترك وله صلاحيات محددة.
ولعل مراجعة الميثاق تتطلب أيضاً معالجة مشكلة التصويت وذلك باعتماد ثلاث درجات له، فبدلاً من الإجماع الذي يمكن حصره على قضايا محددة كالأمن العربي والتكامل وبعض القضايا الجوهرية، فهناك قضايا أقل أهمية يمكن أن تكون بـ «أغلبية موصوفة» (محددة) (الثلثان أو ثلاثة أرباع)، وهناك ثالثاً مسائل إجرائية يمكن التصويت عليها بالأغلبية (بنصف +1) أو %51.
ولعل تجربة قيام الاتحاد الأوروبي والدور المرموق الذي يضطلع به على المستوى الكوني، فضلاً عن أن العولمة أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك أن دور الكيانات الكبرى والكتل الاقتصادية الكبيرة مهم ومؤثر جداً، وينبغي أن تكون ماثلة أمام العين، وذلك لأنها ضرورة تمليها الحياة ذاتها ومتطلبات التطور قبل فوات الأوان!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيثيات ومفارقات العدالة الدولية
- البحرين و الوطن الأم !
- لماذا لا تلجأ “إسرائيل” إلى القضاء الدولي؟
- كلمات عتب مملح إلى منظمة العفو الدولية
- كل ما أعرفه أنني لست ماركسياً!
- انهاء الاحتلال عسكرياً او تعاقدياً يتطلب تعهداً من الدول دائ ...
- الطيب صالح.. شرق غرب
- لا بدّ من بغداد ولو طال السفر
- ما الذي تبقّى من “اليسار الإسرائيلي”؟
- حصاد غزة والبروتوكول الأمريكي - “الإسرائيلي”
- أطياف روزا الحمراء : ماركسية واغتراب!
- محاكمة منتظر الزيدي ولحظة الحسم
- عبدالحسين شعبان: خمسة خيارات لمقاضاة مسؤولي إسرائيل
- بروموثيوس و متحفية الماركسية!!
- ثلاثة مخاطر أساسية تهدد الإعلاميين! (2-2)
- السفير مختار لماني والمواطنة العراقية!
- قمة الكويت والمجتمع المدني
- الأكاديميون العراقيون: أليس في الصمت شيء من التواطؤ؟
- ثلاثة مخاطر أساسية تهدد الإعلاميين!
- غزة من شارون إلى أولمرت: حسابات الحقل والبيدر!


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - النظام الإقليمي العربي و22 فيتو