أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد صالح - حين تٌضيء القناديل قطرة المطر














المزيد.....

حين تٌضيء القناديل قطرة المطر


جهاد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 01:17
المحور: الادب والفن
    



آه لو تأتين في الليلة الحزينة، حين يضحك القمر النجوم في عرسها،اليوم عيد الأنثى التي تخرج من روحها شتلة ياسمين،ويفوح من عبير عينيها تأتأة الطفلة حين تحبو،لكن القمح يغني في مواسم الصيف حصاده، ويحلم أن يكون خبزا بين يديها.
في صوتها المبتهل بصلاة الكنائس اهزوجة الحلم المسافر،والقناديل ظلت تتغذى من زيتها المقدس،هي تاء التأنيث ،ورقصة الفجر في هزيعه الأخير.
حين بكت غربة روحها عن الحب،انشطرت إلى تفاحتين،واحدة للسماء،والأخرى للأرض.
تهطل كقطرة مطر في كأس عاشق تاه عن ظلاله المتشحة بالحزن والسواد،شاعر فقد جسده واحترق مع حطب مدافئ المدينة،وجد روحه داخل نجمة سقطت أمام قدميها،قدم تلك الأنثى الغجرية.
عصفورة تغسل جرحها على وقع الليل،وانبلاج الصباح المعتق بالضوء،تهيم بأطيافها مع الريح والاتجاهات المجنونة،تسرد للرصيف زمنه، ولإسفلت الشوارع تاريخ القصائد المخضبة بالحناء.
صمتها يمدّ عنقه تجاه الأفق المرمري،والغربة غزال جميل يكاد يأخذها في سرعة الضوء،وتختفي في ضباب الشتاء،ولا يبقى منها سوى الزنبق وغصن زيتونة شرقية.
تخاف السؤال في كل عناق لحطب النهايات،حين تتحول إلى شعلة نار تتقد في عتمة القلب وخريف الفصول، ثلج وبرق ورعد، لا شيء سوى الفراغ،وعويل الذاكرة المشتعلة بالبرد؟
سأغني لك أغاني المطر،موشحات اندلسية، رقص على وقع طبول الحرية..
ولكن لا تلبسي أثواب الغياب، لا تتشحي بالليل وكرنفالات السنونو المهاجر..لا..لا تفعليها
لا تكوني شاطئا أتعبه النسيان، ولا كوكبا بعيدا عن مجرتي وأبجديتي المؤلفة من حروف إسمك.
بيني وبينك مسافة الياسمين،ياسمينة الوطن المخفي في قعر جرّة لا ترى، وفي أي أرض ٌطٌمرت.
وحدها كانت تصلي لي في غربتي، في منفاي الجريح بٌحبّ التمرد على الإلاه الساهي عنّا.
وحدها، أنتِ القصيدة المعلقة على ظهر حصان أبيض يسابق جنون الزمن وبعثرة الأمكنة.
دعيني أعبر في عرسك المحيط، وأخبئ حلمي مع أمشاطك ، علني أتوب عن الحزن، عن الألم، عن الشعر، عن الإحتراق في فانوس الغابة المظلمة.
تقولين في آذار، لا تتقن الصمت،ولا توقظ حواسكَ الهرمة في جذع سنديانة،وكأنكِ زغب بحر يُبللني بالموج،ولكن تظل الشهوة حطبا،والدمعة زيت العيون الحور، لن أدعكِ تختفين في سريالية الألوان،لأنك كما فراشة الياسمين،ترفلين في وجهي بصوتك الأشبه بالندى.
وصاياك المليئة بالزعتر والنرجس علقتها على جدار غرفتي،وأنا كل يوم أكاتبك،وأكتب في ورقي سطرا عنك،ولكن متى تسافرين إلى اللوحة، لأرسمك لمرة واحدة فقط،سأكتب عنك كثيرا لأنني أخاف أن أفقدك يوما وتختفين، حينها أفقد ذاكرتي وأختفي في جسد النسيان.
اطفاء الحواس أمرٌ مستحيل،والتفكير بالأنثى يٌشغل الشمس والأرض والفضاء،وأنا جزء من هذه الثلاثية الممزقة وراء ارتجالاتك الأنثوية، ولكن احذري فقد أتحول نسيما ذات صباح،فكيف لك أن تمسحيني عن زجاج نافذتك،وعن خصلات شعرك،أو عن وجهك المزين بالورد والتوت والسمك.
المسافات بيننا تهرول عكس الأماني،وأنت في الجانب الأخر من الدنيا،سأقصٌّ الجغرافيا بمقصّ الرجفة،والرعشة،وأبدأ بالغناء، والصلاة،والسفر، فافتحي يديكِ وضمّيني حتى الموت .
أنظري إلى الليل في أقصى عتمته، ووحشته، أنظري بعينيك الجميلتين،أنظري ومدّي يدك إلى النجوم والنيازك، مدّي أصابعك الطرية إلى وجه القمر، تضحكين بهمس القناديل، حين تغازلٌ الشوارع خلسة، كنتِ وحدك في روح الليل،فيما قميصك يلوّن الجسد الشهي بألف زهرة ولون.
كأنك تلونينني بك، وبكل الإحتمالات المنفية، تطرزين كل الدروب إليك، لأشبهك وأحبك.
أتأخذينني حبّة قمح ، وتطحنين روحي مع زبيب أنفاسك، لنكون معا وجبة للمساء في جوعه.
حين تثمل الأوردة،وتشيخ الأماني أمام ضحكتك المائية.
أيتها الأنثى القريبة والبعيدة،لاتحاصري الصمت بكبريائك، فالوقت هو للصراخ إلى أبعد مدى.
دعيني أمارس طقوس التوجّس في تربتك،لأضع قبلة واحدة،هي كل تاريخ الطبيعة والثمر والورد.
أنا الوحيد آتيك في الشتاء، وفي صمت القهوة بعد أن قرأتٌ كل مجوسيتك وانفراطك كحبّات البَردْ. لستٌ مٌحتملْ،ولا سرابْ،ولا حكاية من حكايات جدّتك، بل أنا الشاعر الذي يصافح الحمائم ويهدل الياسمينٌ بين يديه، إليك تعويذة الحٌبّ ،وبعدها أحتمي في نقائك وأختفي.
امرأة القطن المغزول مثل غمامة بيضاء، ما زلتِ طفلة بضفيرة طويلة،أستطيع أن أعدّ لك ما تملكينه من أحلام عشرة،فأنا أعرفك مثل نفسي، تذكّري حين غَسَلنا المطر،وعّطّرنا الزنبق وهو يلطمٌ خدّه، تذكّري تلك القصيدة الأخيرة، والوردة الحمراء في عيد ميلادكِ ،وعودة الربيع من شهر نيسان.
هكذا هي الأنثى في عيدها،وشِعرها ، تعيشٌ المٌباح من الكلام،والحبر المرصّع بالعطر، أنثى لحن المدينة الأولى،حين تحاكي العصافير بلغتها،والغناء على جذع شجرة يتحول إلى عودْ وطربْ.
في ضجّة الحلم، ورجّة الحبّ اليتيم، تبقى الصفحات بيضاء، والكلمات جمرة التائهين،وأنتِ هكذا حمامة أتوق إليها خارج الحياة وداخلها، عهودا لا زمن لها، أتأتين على ضوء القناديل،أتأتين؟
أنتظركِ دهرا لا ينتهي، ولا يمكنه النسيان.



#جهاد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق الحرية الامريكية وماهيتها لدى المرأة الشرقية
- ظلال الخطيئة الرشيقة
- القصيدة الأخيرة
- الانسانية والحرية في المعاناة الشعرية
- رعشة نار
- أوباما المحاور في الارض الساخنة
- معارضة بياقات بيضاء
- سوزان عليوان وانكسارات الحزن في طريق واحد
- رهانات وانتصارات من ورق
- دولة القانون
- فدوى الكيلاني...قصائد تعشق عبق النرجس الكردي
- الشاعرة اللبنانية: سامية السّلوم.. تتحرر من صمت الذاكرة إلى ...
- حينما أشعل إبراهيم يوسف قناديل الروح في كتاب الادّكارات
- الطورانية التركية بين الأصولية والفاشية
- في اليوم العالمي للطفولة: أطفال سوريا .. ضياع واحتراق ومصير ...
- الحرية لرجال يصنعن الأوطان
- جمانة حداد ليليت المتمردة على قوانين الوجود والحياة
- مشاركة المراة في العملية السياسية ودورها في صناعة القرار
- حوار مع الشاعر إبراهيم اليوسف
- إبراهيم اليوسف رسول الكلمة الحرة ......الجريئة


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد صالح - حين تٌضيء القناديل قطرة المطر