أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطفي الهمامي - العنكبوت-2-















المزيد.....

العنكبوت-2-


لطفي الهمامي
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 2575 - 2009 / 3 / 4 - 05:46
المحور: الادب والفن
    


العنكبوت
الجزء الثاني

أيّها
البدويّ
و العثماني المنهزم في كل بداية
يحوطك العنكبوت
في كل نهاية
أُركض على ظهر الأرض
فظهرها ولَّى أسوارا مفخخة
و المتراس خلفه
مات الشهيدْ
أيتها المولعة بالذكريات
تذكرت كم تعب الوجه
في ثنايا المعركة
و اختزلته الورقة
و الحبر أنكر أسماء المقابرَ
و الشجر الطويـــــــــــــــل
و الحبر أنكر قفتها المملوءة بدموع الصبي
و وحشة الجيل الغائب
و اللظى و الشوارع المغلقة
أيّتها السّاقية المولعة بالذكريات
هناك احتضرت كل الذكريات
هناك نبت ألم الحلم
فارتفعت أناشيد الحياة
و الريح قرية تكبر
حولها المذبحة
أحشاء الأرض نطقت
و النمل حاور الأتربة
قال التراب:
"يا نمل: أنا ليس لدي عليك العون
و قد جاءني مخاض الخراب
و فيه عليك سمل العيون
و قد كنت عليك ستارا
و أما غدا أذوب فناء
و أمضي وهجا محترقا كأني إلاه المنون"
.....................................
فأضرم في نبيك كره البقاء
و اضرب لهُمُ من الطين الأنفاق سبيلا للرحيل
هي الريح هبت في قاع البئر
هي الأتربة سالت
و مضغت عروق الشجر
هي الأتربة سالت
و الأودية ارتخت
و الجبال سجدت
و إني لأسمع صوت الأحشاء دويا
و نواح الجماجم مأتما
و إني أرى قوم الأرض قد نهضوا من قُبُورهِمُ غسقا
كان يمشي
كان يمشي في بلاد عليلة
و شوارعها
مخبر
و منافيها كثيرة
و مدرج الحزن طويـــــــــــل
و آيات اللـه أطـــــــــــــــــــول
و الصدر السكران النابت فوق الزهر
قال النمل:
"مازال ينز في عروقنا الأمل
فإن هَجَعَ الموت عنا
و ولى زئيره
جئناك و شعور النساء لك حرير"
قال التراب:
"يا نمل هذا الوطن
فإما حياة و إما كفن"
تزّاحف الكتائب هلعا
يموت القصب البنيّ في لونه
يتبعثر الريح حبا في مشرحة الليل
يُسَرْبِلُ البوم المجاري اللاهثة
و القُرى النملية فوضى
و القرى النملية
هذي المنثورة زغبا
تـ
تـ
قـ
ـا
طـ
ـع
تتراكض
هي الفجيعة تنفجر
الأمهات تحملن بناتَهُنََّ على ظهورهنّ و الدمعُ
كأنهمُ
فوانيس بيض تزدان بهمُ الخيول السود ليلا موحشا
.................................الأرض
............الأرض
الضغط يقارعها
فهلاّ طمس الشجاع دمّلها
ليرتقي القصب السكري ظهر النمل
و يعبر به النهر
و الآن تذكرت كم تعب الوجه
و اللظى و الشوارع المغلقة
و تذكرت لون المعركة
و لون الأروقة
قالت البنت:
"أنظري
ذا أخي باكيا
فكيف نرحل فنتركه للغربان تنهشه
أماه لا تبكي
اقفزي على الصخر
فانتشلي رضيعك من المحرقة"
قالت الأم :
"هو الموت يلاحقنا
و إن عاودنا الخطو إلى سلف كان الهلاك
الأرض قالت وعدنا
أطلقي بنيتي بصرك للعراء هناك
ذا أبوك خَلفا
و ذا كل الرفاق ينشدون
تتناثر الحمم موتا
و الأذرع تنشد إلى حبل الحياة
ذي
الحرائر
أبصري كم تعددت هذي الحرائر
قال النمل:
"الأرض ابتلعت سُمّا
و اليوم تتوجع مضضا
الأرض تتقيأ أحشاءها
و تحترق
و نحن نلتهب
فروا
فبقاؤنا العدم
هذي الأشباح
تنبعث
جماجم استوت حياء
تقفز
تصيح
تختنق
القلق/القلق
يعض الأفق
الفزع/الفزع
المقابر تنفتح
و الجثث تنتفض
و النسر يحلق
و الأرض ترتبك
و النحل قد حط على صخر نزَّ من جريانه العسل"
و قالت نملة المعركة:
"يا أرض الحرائر
أنا هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ
مات أبي
أخي. عمِّي
و إني لأمارة وحش النمل
تمزيق صدركِ برمحه
فأقتلع منكِ الكبد
يا أرض الحرائر
بركانك عبث
و إني أشد النوق رحلة تتهادى
و أعاود عصفا مرعبا"
...................................................
قال التراب:
"يا نمل الخراب
يا ثاقب جلدي
و ممتص دمي
فليلحقك الموت
يا أسود اللون"
قالت النملة:
"أنا ما جرى لساني هتكا
و قد شربنا السواد من ثديك
و من رضع ريق الحليب الأسود
نال سواده"
.....................................................
الحمم/الحمم
الجمر/الجمر
الجمر
يذوب ثم
يذوب
و الموتى و الأحياءُ تنتفض
و النمل فوق رجليه يرتجف
يَـــلْحرائِرْ
كل العواصم ارتخى صهيل نخّاسها
و القرى هبّت
و كل السلاطين جفّت
و الشعوب هبّت
و هذي
و هذي البلاد
تتهادى
و هذي البلاد
ما أدركت أمر الشعوب حين يجيئها الغضب
تتكسر على موج الأطياف
و تتمزق عروقها وجعا


السجن المدني – تونس العاصمة
جويلية – اوت 1998
لطفي الهمامي
هوامش
1- البدويّ: "و أهل البدو لتفردهم عن المجتمع و توحشهم في الضواحي و بعدهم عن الحامية. و إنتباذهم عن الأسوار و الأبواب. قائمون بالمدافعة عن أنفسهم لا يُكلونها إلى سواهم و لا يثقون فيها لغيرهم فهم دائما يحملون السلاح".
مقدمة ابن خلدون ص 99 "فصل في أن أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر"دار العودة- بيروت
2- العنكبوت : "نافورة و الماء خيط العنكبوت ؟
يا من يموت و لا يموت" القصيدة. معين بسيسو
3- ساقية سيدي يوسف:تقع ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية – التونسية على الطريق المؤدي من مدينة سوق اهراس الجزائرية إلى الكاف التونسية .
تعرضت ساقية سيدي يوسف لقصف جوي في 8 فيفري 1958 ,خلفت وراءها دما تونسيا وجزائريا ( 79 قتيل, 11 امرأة,20 طفل,و130 جريح)
4- مخبر : "أنا ما تشاء. أنا الحقير
صباغ أحذية الغزاة.
و بائع الدم و الضمير
للظالمين
أنا الغراب
يقتات من جثث الفراخ
أنا الدمار
أنا الخراب
شفة البغيّ
أعف من قلبي و أجنحة الذباب أنقى و ادفأ من يدي
كما تشاء... أنا الحقير"
بدر شاكر السياب. المخبر، الديوان، مجلد 1، ص 338، دار العودة، بيروت
5- هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف: أهدر دمها من قبل الرسول وعفي عنها بعد أن جاءته مسلمة وتائبة.شهدت وشاركت في الحروب قبل وبعد الإسلام . شاعرة ,امرأة حرضت الساسة والجيش, نظمت الشعر مع الخنساء في رثاء العزيز من القتلى .



#لطفي_الهمامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنكبوت
- عندما يأكلُ الشمالُ جنوبهُ
- عندما ياكلُ الشمالُ جنوبهُ
- الحجاج(كليب)
- البوابة
- البنت تلعق غوايتها
- تاملات حسية
- سلاما ايها العسس
- شبح الاعدامات
- في الرد على الهيئة العالمية لنصرة الاسلام في تونس
- (قاتلهم يا قاتل شعبك (صدام حسين في المحكمة
- الدولة تمنع عنى واجبي وتعنفني
- الجمهورية الرقمية - شذرات في الرد على نحو جمهورية الجماهير


المزيد.....




- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطفي الهمامي - العنكبوت-2-