أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم علاء الدين - الخليفة الراشدي عثمان بن عفان رفض المسلمون دفنه في مقابرهم













المزيد.....

الخليفة الراشدي عثمان بن عفان رفض المسلمون دفنه في مقابرهم


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2559 - 2009 / 2 / 16 - 06:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من نافل القول ان الموروث الديني والثقافة الاسلامية القائمة على السنة النبوية التي كتبها مؤلفون في العصرين الاموي والعباسي كي تدعم الاسرتين مواقعهما بالسلطة متغلعل في الثقافة الشعبية لدي غالبية المسلمين، كما ان الموروث الديني المسيحي واليهودي متغلغل ايضا لدى اتباع الديانتين بدرجات متفاوتة، وان كان الدين اتباع الدين المسيحي يميلون الى العلمانية في الغالب.
ومن المؤكد ان توجيه أي نقد مهما كان ناعما من هذا الموروث الذي يشوه الدين ويبعده عن جوهره الانساني يعرض الانسان لاتهامات اقلها التشكيك بالدين اواعلاها الكفر والالحاد.
وهذا امر منطقي حيث من بديهيات الامور ان يدافع الناس عن معتقداتهم بغض النظر عن درجة صوابها أو منطقيتها، او توافق ما تدعو اليه مع حقائق العصر والمتغيرات التي شهدتها البشرية. ولهذا فمن الطبيعي ان يتلقى من يتصدى لكشف بعض الحقائق ومن يتصدى لكشف الاوهام والاضاليل التي ينطوي عليها الخطاب الديني الى ردود بعضها حادة وسوقية مليئة بالسباب والشتائم، وبعضها مهذبا يحاول استخدام بعض ما يعتبرها ادلة دامغة على صحة وجهة نظره.
وفي كل الحالات لا بد من الاعتراف بان عدد الرسائل المعارضة لوجهة النظر التي تتضمنها مقالاتي التي تتصدى للخطاب الديني اكبر بكثير من تلك المؤيدة مما يعكس واقع ان الاغلبية تؤمن بعكس ما اؤمن به، وانها ترى بالدين الحل الكامل والشامل للمشكلات التي تعيشها الشعوب المسلمة، وتؤكد ان الخطاب الديني الذي ترفعه احزاب الاسلام السياسي يجد صدى وقبولا لدى شعوب المنطقة.
ولما كانت المسالة ليست تصويتا على موقف في مؤسسة ديمقراطية رسمية حتى تلتزم الاقلية برأي الاغلبية، وحتى لو كان الامر كذلك، فان الالتزام بما تقرره الاغلبية لا يعني مطلقا تخلي الاقلية عن افكارها، ولما كان صراع الافكار سوف يستمر طالما هناك بشر على سطح الارض فان من المنطقي ان يظل هناك فرقا وجماعات واحزاب وتيارات تتبنى افكارا مختلفة، ومن المنطقي ان يعتبر كل طرف ان افكاره هي الصواب، وان الاخرين على خطأ، وسوف تعتبر كل مجموعة ان حصول الافكار المخالفة على رضى وقبول من الاغلبية مشكلة يجب مواجهتها.
ولا توجد أي مشكلة بتعدد وتنوع الافكار، بل من المؤكد ان هذا التنوع وهذا الاختلاف لمصلحة البشرية وتطورها وارتقائها، لكن المشكلة اذا خرج الصراع عن طابعه السلمي ، واتخذ اشكالا من الصراع العنيف، عندها لن يكون صراعا بين الافكار وانما صراعا لفرض الافكار، سواء كانت هذه الافكار مستمدة من الدين او من ايدلوجيات فلسفية.
ومما يرفع من شدة الخطر اعتبار البعض ان افكارههم مستمدة من الاله وانها لا تقبل النقض او الرفض او التعديل او التطوير، فهذا البعض لا يرى بالاخرين سوى كفارا خارجين عن الدين ويجب اجبارهم عن اعتناق دينهم ومن يرفض هذه الدعوة ليس امامه سوى دفع الجزية كتعبير عن الخضوع او القتل.
ومن نافل القول ايضا ان اتباع الدين الاسلامي الذين يستمدون ثقافتهم كما قلنا من ما يسمونه السنة النبوية ونعيد لنؤكد ان هذه السنة كتبها فقهاء سلاطنة الامويين والعباسيين، هم وحدهم بين الديانات السماوية والارضية الذين يدعون الى اسلمة العالم، وان كافة اتباع الديانات الاخرى عليهم اعتناق الاسلام او دفع الجزية او القتل.
فالمسيحية تصالحت مع نفسها وكفت عن اجبار الناس على اعتناق الدين المسيحي والانتماء لليهودية يقوم على اسس عرقية، فيما الديانات الارضية في غالها ذات طابع علماني صرف، (مع احتفاظها بكل الخرافات والاوهام القديمة).
ولما كان همنا محصور بمنطقتنا أي بالبلاد العربية عموما وهذا الهم يهدف الى محاولة الخلاص من حالة التخلف المريع الذي تعيشه المنطقة، فاننا نعتبر ان الثقافة السائدة والقائمة على الموروث الثقافي الديني، من اهم الاسباب التي تدفع شعوبنا نحو المزيد من التخلف وتدفع بلادنا الى المزيد من الانهيار وعلى كافة الاصعدة، ولذلك نحاول ما امكننا ذلك محاربة الجهل والخرافة والاوهام التي تعشعش في الثقافة الدينية السائدة، ومواجهة التيارات والاحزاب والجماعات التي تروج هذه الخرافات والاوهام.
وكل ذلك في اطار الحوار السلمي بعرض الافكار على الجمهور، وبيان ضعف الحجة التي وضعها فقهاء القرون الهجرية الثلاثة الاولى، ودعوة الجمهور لاستخدام العقل في تقييم ما بين ايديهم من افكار، وسنظل نقوم بهذا العمل، في مواجهة قوى مؤثرة من الجماعات المنظمة في احزاب وحركات ومؤسسات دينية رسمية، تنشر افكارها وثقافتها بشكل واسع وسط المجتمعات. وانني على يقين بانه كلما زاد عدد الدعاة من المفكرين الذين يتصدوا لثقافة القرون الهجرية الاولى كلما امكن تحصين المجتمعات وحمايتها من تاثير ثقافة الخرافة.
كما اعتقد بقوة بان تلك الافكار التي يروجها رجال الدين والجماعات وتيارات الاسلام السياسي لا تصمد ابدا امام العقل والمنطق، وللدلالة على عدم تماسك وضعف الخطاب الديني، سوف اورد في هذه المقالة ردان جاءا من شخصين على مقالتين لنا نشرتا هنا الاول من السيد حسن حوارنة ردا على مقال "مشهد حياة الخليفة في الدولة الاسلامية" ورابطه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=162812

والرد الثاني من السيد عبدالله بوفيم ردا على مقال " الايديولجية الدينية تغذي التطرف اليميني الاسرائيلي والفلسطيني
ورابطه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=162951

وساورد في الاخير مقطعا من كتاب الحقيقة الغائبة للمرحوم فرج فوده الذي قتل على ايدي متطرفين اسلاميين حول مشهد اخر من حياة خليفة في هذه المرة كان الخليفة الراشدي عثمان بن عفان.

اما الرد الاول فقد جاء فيه :
الى الأخ أالكاتب الواعي للحقيقة التي عاشها الساعون للحكم (اما بيعة قسرية او معركة دموية) انما الأمر الذي لم تذكره ابدا أن هذه المصائب التي تكررت وتتكرر الآن وسوف تستمر (لا سمح الله) وأن الأمر اكثر عمقا مما تظن ، واليك الحديث الشريف حيث روي عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال:
كان فينا رجل نحتقر صلاتنا الى صلاته وكنا إذا عدنا من الغزاة عاد كلنا يعافث الأسواق والزوجات وهو يعود للسجد ولصلاته.
فرفعنا أمره لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبينا كنا جلوسا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا بالرجل قادما نحونا فقلنا هو يا رسول الله فنظر الرسول (عليه السلام) وقال إن في جبينه سفعة شيطان فلما وصل الينا قال الرسول (ص) الم تقل في نفسك الآن أنك خير من في المجلس قال نعم ومضي قبالة المسجد يصلي فقال عليه السلام من لي يهذا الرجل فقام ابو بكر ثم عاد فقال الرسول أقتلته قال رأيته يصلي فهبته ثم قال يا عمر قم اليه فقام ثم عاد فقال عليه السلام اقتلته يا عمر قال رأيته يصلي فترددت ثم قام عثمان وعاد ايضا فقال عليه السلام هل قتلته قال رأيته يصلي فاستحييت ثم قلت انا له يارسول الله قال هو لك إن ظفرت به فذهبت فلم أجده وعدت فقال الرسول (ص)هل قتلته قلت لم أجده قال الرسول أما وانك لو قتلته ما اختلف في امتي إثنان - يا علي سيخرج عليك قوم من حروراء على رأسهم رجل يده اليمنى مقطوعة تنتهي بما يشبه حلمة الثدي وفي رأسه ما يشبه الأبهام فاقتله - فلما كنت في الكوفة خرج علينا قوم من حروراء ونصرني الله عليهم وقلت يا قوم ان فيهم رجلا صفته كذا وكذا فبحثوا فلم يجدوه قلت لقد ذكره لي رسول الله والله ما كذبت على رسول الله قط ثم بحثوا فوجدوه مقتولا وملقى في غرفة خربه قلت هو الذي وصفه لي الرسول (ص)ان هذا الحديث يبين لنا اهمية هذه الفتن في بقاء نقاء الأسلام ولو أن ابا بكر سكت عن مسيلمة الكذاب لما بقي مسلم في شرق الجزيرة العربية ولو أن ابا جعفر سكت عن الرواندية لغلبت علي القوم الديانة الهندوسية والمجوسية ولبقي الأسلاف في حفنة قليلة جدا من الملسمين المتمسكين بالحق الذي جاء به رسول الله عن ربه واقول أخيرا ان الرسول دعا ربه ثلاثا أن لا يعبد الشيطان في أرض العرب فاستجاب وأن لا يستبيح بيضة العرب عدو خارج عنهم فاستجاب لي ربي ودعوت أن لا تقع فتنة في امتي فأبى.
اخي الكاتب هذا أمر الله وانادي بتقنين الشريعة واحتفاظ الدول الآسلامية بذلك في كومنولث اسلامي موحد
الا ترى معي سقوط فلسطين ثم العراق ثم افغانستان لم يكن ممكنا او بهذه السهولة لولا تفرقنا
وارحب بردكم يا اخي..

اما رد السيد عبدالله بوفيم فهو التالي:
بورك فيك, سيد إبراهيم علاء الدين, شكرا جزيلا على موضوعك القيم والمفيد جدا. لقد ولله الحمد والمنة أفدتنا بموضوعك هذا, الذي لقينا منه معلومات قيمة. هذا لو حدفت الخاتمة التي خلصت إليها أنت. إن موضوعك جيد وممتاز, ولم اكن اتوقع أن تكون الخاتمة التي ختمت بها مضوعك, هي التي سأقرأ. كنت بعد أن استرسلت في المطالعة فرحا مبشوشا, أمني نفسي وأقول ها ولله الحمد قد بدأ سيد إبراهيم يضع أسس حركة اسلامية متحضرة, تكون وسطية بين التيارات المعتدلة والمتطرفة. لكن ظني خاب بعد أن قرأت خاتمة موضوعك. عموما نشكرك, فقد ابديت وضوحا وكفاءة في الكتابة المفيدة بالحقائق والتوثيق المؤكد. اخي الكريم إبراهيم, لقد سردت ما يفيد أن الدين هو المحرك للصراع في الشرق الأوسط, وعلمت كما علم الجميع أن الفائز في الانتخابات الاسرائيلية هم المتدينون, الذين يرمون إلى حرق العرب والمسلمين, والمسيحيين وكل من من لا ينتمي إلى " شعب الله المختار". الاسرائليون إذا وضعوا ثقتهم في المقاتلين الداعين لأبادة الجميع. ولكي نكون نحن حضاريين حسب تحليلك يا إبراهيم يجب أن نبتعد عن التدين لعلنا وبعد أن نباد جميعا, يبتعد الاسرائليون هم كذلك عن التدين. هراء وكلام فارغ سيد إبراهيم. عليك وعلينا وعلى الجميع أن يقول إن العالم يعرف تدافعا وتطاحنا بين الديانات, ولن تكون الغلبة والبقاء إلا للدين الذي يستميت المتعنقون له في الدفاع وينشرونه بكل السبل. ديننا يا إبراهيم لا يمكن أن تقارنه بدين آخر. ديننا هو دين الفطرة والذي يجب على العالمين الاقتناع به, لكي ينالوا رضى الله رب العالمين. اليهود والديانات الاخرى قادرة اليوم على الفتك بنا وتخريب مدننا كما أشرت لذلك. لكنهم يعلمون أنهم ولو حرقوا بلاد المسلمين, ولم يبقوا فيها شبرا واحدا, فالاسلام سيهزم دياناتهم, ولن يكون لها إن شاء الله رب العالمين, بقاء ليس بابادة المعتنقين لها, بل باسلامهم, بعد أن يعرفوا حقيقة الاسلام. إن كنت صادقا في قولك صادقا مع نفسك, عليك يا سيد إبراهيم أن تسخر جهودك لنشر الاسلام بالكلمة الطيبة والمجادة الحسنة, والتعريف بالاسلام السمح الذي يسمح للجميع باعتناقه من غير أن يكون من جنس أو لون معين. لقد أثبت فعلا أنك فقيه وداعية, ولك نفس وروح طيبة, وقدرة على الاقناع, جيدة. استغلها اخونا الكريم في الحق والتعريف بالحق. سيكون لك شأن عظيم لو تصالحت مع نفسك. إني أراك تتقادفك النوازع, وبلغت حقائق مهمة, لكنك لم تشأ التصريح بها, وما تزال تكابر. ننتظر إفادتك لنا أخونا الكريم إبراهيم. مرة ومرات عدة وجب علينا أن نشكرك على جهودك التي تتحفنا بها. سلام علينا وعليكم وعلى عباد الله الصالحين.

الخليفة عثمان
في هذا الجزء من كتاب الحقيقة الغائبة يدلل المرحوم فرج فوده في كتابه الحقيقة الغائبة على ان القران او السنة النبوية لم تتضمنا قواعد للحكم وبالتالي فان الدعوة لتطبيق الشريعة دعوة غامضة لا اساس لها ويدلل فوده على ذلك من خلال قصة مقتل الخليفة الراشدي عثمان بن عفان فيقول:
على الرغم من أن عمر وعثمان قد ماتا مقتولين ، إلا أن عمر قد قـُتل على يد غلام من أصل مجوسي ، وترك قتله غصة في نفوس المسلمين ، وأثار في نفوسهم جميعاً الروع والهلع لفقد عظيم الأمة ، ورجلها الذي لا يعوض ، بينما على العكس من ذلك تماماً ، ما حدث لعثمان عند مقتله ، فقد قتل على يد المسلمين الثائرين المحاصرين لمنزله وبإجماع منهم ، وقد تتصور أن قتلة عثمان قد أشفوا غليلهم بمصرعه على أيديهم ، وانتهت عداوتهم له بموته ، لكن كتب التاريخ تحدثنا برواية غريبة ليس لها نظير سابق أو لاحق ، وإن كانت لها دلالة لا تخفى على أريب :
فالطبري يذكر في كتابه تاريخ الأمم والملوك الجزء الثالث ص 439 :
( لبث عثمان بعدما قتل ليلتين لا يستطيعون دفنه ثم حمله أربعة " حكيم ابن حزام وجبير بن مطعم ونيار بن مكرم وأبو جهم بن حذيفة " فلما وضع ليصلي عليه جاء نفر من الأنصار يمنعوهم الصلاة عليه فيهم أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي وأبو حية المازني ومنعوهم أن يدفن بالبقيع فقال أبو جهم ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته فقالوا لا والله لا يدفن في مقابر المسلمين أبداً فدفنوه في حش كوكب ( مقابر اليهود ) فلما ملكت بنى أمية أدخلوا ذلك الحش في البقيع )
وفي رواية ثانية ( أقبل عمير بن ضابئ ، وعثمان موضوع على باب فنزا عليه فكسر ضلعاً من أضلاعه ) ، وفي رواية ثالثة أنهم دفنوه في حش كوكب حين رماه المسلمون بالحجارة فاحتمى حاملوه بجدار دفنوه فوقع دفنه في حش كوكب .
هذا خليفة المسلمين الثالث ، يقتله المسلمون ، لا يستطيع أهله دفنه ليلتين ويدفنوه في الثالثة ، يرفض المسلمون الصلاة عليه ، بقسم البعض ألا يدفن في مقابر المسلمين أبداً ، يحصب جثمانه بالحجارة ، يعتدي مسلم على جثمانه فيكسر ضلعاً من أضلاعه ، ثم يدفن في النهاية في مقابر اليهود .
أي غضب هذا الذي يلاحق الحاكم حتى وهو جسد مسجى ، وينتقم منه وهو جثة هامدة ، ولا يراعي تاريخه في السبق في الإسلام والذود عنه ، ولا عمره الذي بلغ السادسة و الثمانين ، ويتجاهل كونه مبشراً بالجنة وزوجاً لابنتي الرسول ، ويرفض حتى الصلاة عليه أو دفنه في مقابر المسلمين شأنه شأن أفقرهم أو أعصاهم . هو غضب لا شك عظيم ، وخطب لا ريب جليل ، وحادث لا تجد أبلغ منه تعبيراً عن رأي المسلمين في حاكمهم ، وأمر لا يؤثر في الإسلام من قريب أو بعيد ، فعثمان رضي الله عنه ليس ركناً من أركان الإسلام ، وإنما هو بشر يخطئ ويصيب ، وحاكم ليس له من الحصانة أو القدسية ما يرفعه عن غيره من المسلمين ، لكنك لا تملك إلا أن تتساءل معي وأن تجيب .
* ألم يكن عثمان وقت اختياره واحداً من خيار المسلمين ، مبشراً بالجنة وأحد ستة هم أهل الحل والعقد ، وأحد اثنين لم يختلف المسلمون على أن الخلافة لن تخرج عنهما وهما عثمان وعلي ؟
والإجابة ( بلــــى )
* ألم يكن المسلمون في أعلى درجات تمسكهم بالعقيدة ، وأقرب ما يكونون إلى مصدرها الأول وهو القرآن ومصدرها الثاني وهو السنة ، بل كان أغلبهم أصحاباً للرسول وناقلين عنه ما وصلنا من حديث وأحداث ؟
والإجابة ( بلــــى )
* ألم تكن الشريعة الإسلامية مطبقة في عهد عثمان رضي الله عنه ؟
والإجابة ( بلــــى )
* هل ترتب على ما سبق ( حاكم صالح ومسلمون عدول وشريعة إسلامية مطبقة ) أن صلح حال الرعية ؟ ، و حسن حال الحكم ؟ وتحقق العدل ؟ وساد الأمن و الأمان ؟
والإجابة ( لا ) .
وهنا نصل سوياً إلى مجموعة من النتائج نستعرضها معاً عسى أن تحل لنا معضلة التفسير وأن تجيب معنا على السؤال الحائر و موجزه لفظ ( لماذا ) .
النتيجة الأولى :
أن العدل لا يتحقق بصلاح الحاكم ، ولا يسود لا بصلاح الرعية ، ولا يتأتى بتطبيق الشريعة ، وإنما يتحقق بوجود ما يمكن أن نسميه ( نظام حكم ) ، وأقصد به الضوابط التي تحاسب الحاكم إن أخطأ ، وتمنعه إن تجاوز ، وتعزله إن خرج على صالح الجماعة أو أساء لمصالحها ، وقد تكون هذه الضوابط داخلية ، تنبع من ضمير الحاكم ووجدانه ، كما حدث في عهد عمر ، وهذا نادر الحدوث ، لكن ذلك ليس قاعدة ولا يجوز الركون إليه ، والأصح أن تكون مقننة ومنظمة .
فقد واجه قادة المسلمين عثمان بخروجه على قواعد العدل بل وأحياناً بخروجه عل صحيح جوهر الإسلام ، فلم يغير من سياسته شيئاً ، وبحثوا فيما لديهم من سوابق حكم فلم تسعفهم سابقة ، ومن قواعد لتسيير أمور الدولة فلم يجدوا قاعدة ، وأشتد عليهم الأمر فحاصروه وطلبوا منه أن يعتزل ، ولأن قاعدة ما في الأمر لم تكن موجودة ، فقد أجابهم بقوله الشهير والله لا أنزع ثوباً سربلنيه الله ( أي ألبسنيه الله ) ، وحين اقترب الأمر من نهايته ، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من ملاقاة حتفه على يد رعيته ، أرسلوا إليه عرضاً فيه من المنطق الكثير ومن الصواب ما لا يختلف عليه .
فقد خيروه بين ثلاث :
- إما الإفادة منه ( أي أن يعاقب على أخطائه شأنه شأن أي مسلم يخطئ ) ويستمر بعدها خليفة بعد إدراكه أنه لا خطأ دون عقاب.
- وإما أن يتبرأ من الإمارة ( أي أن يعتزل الخلافة بإرادته ) .
- وإما أن يرسلوا الأجناد وأهل المدينة لكي يتبرأوا من طاعته ( أي أن يعتزل الخلافة بإرادة الرعية ) .
فكان رده كما ورد في رسالته الأخيرة كما انتسخها بن سهيل ( وهم يخيرونني إحدى ثلاث إما يقيدونني بكل رجل أصبته خطأ صواباً غير متروك منه شئ ، وإما أعتزل الأمر فيؤمرون آخر غيري وإما يرسلون إلى من أطاعهم من الأجناد وأهل المدينة فيتبرأون من الذي جعل الله سبحانه لي عليهم من السمع والطاعة فقلت لهم أما إقادتي من نفسي فقد كان من قبلي خلفاء تخطئ وتصيب فلم يستقدمن أحد منهم وقد علمت إنما يريدون نفسي وأما أن أتبرأ من الإمارة فإن يكلبوني أحب إلى من أن أتبرأ من عمل الله عز وجل وخلافته وإما قولكم يرسلون إلى الأجناد وأهل المدينة فيتبرأون من طاعتي فلست عليكم بوكيل ولم أكن استكرهتهم من قبل على السمع والطاعة ولكن أتوها طائعين ) .
هنا يوضح عثمان بصراحة أن مراجعة الخليفة على الخطأ لم تكن واردة فيمن سبقه من الخلفاء ( أبو بكر وعمر ) أو على الأقل ليس لها قاعدة ، وهنا أيضاً يعلن بلا مواربة أنه مُصر على تمسكه بالحكم حتى النهاية وأن اعتزاله غير وارد ، وهنا أيضاً يواجه الدعوة إلى سحب البيعة بمنطق غريب مضمونه ، وهل كنت أكرهتكم حين بايعتم ؟ وكأن البيعة أبدية ولا مجال لسحبها أو النكوص عنها .
لا قاعدة إذن ولا نظام للرقابة ، والأمر كله موكول لضمير الحاكم إن عدل وزهد كان عمر ، وإن لم يعدل ويمسك بالحكم كان عثمان .
لقد أعلن عثمان أن نظام الحكم الإسلامي ( من وجهة نظره ) يستند إلى القواعد الآتية :
- خلافة مؤبدة
- لا مراجعة للحاكم ولا حساب أو عقاب أن أخطأ .
- لا يجوز للرعية أن تنزع البيعة منه أو تعزله ، ومجرد مبايعتها له مرة واحدة ، تعتبر مبايعة أبدية لا يجوز لأصحابها سحبها وإن رجعوا عنها أو طالبوا المبايع بالاعتزال .
ولأن أحدا لا يقر ولا يتصور أن تكون هذه هي مبادئ الحكم في الإسلام ، قتله المسلمون ، لكن السؤال يظل حائراً ، ومضمونه ، هل هناك قاعدة بديلة ؟
أو نظام حكم واضح المعالم في الإسلام ؟
هل هناك قاعدة في القرآن والسنة تحدد كيف يبايع المسلمون حاكمهم ، وتضع ميقاتاً لتجديد البيعة ، وتحدد أسلوباً لعزل الحاكم بواسطة الرعية ، وتثبت للرعية حقها في سحب البيعة كما تثبت لها حقها في إعلانها ، وتعطي المحكومين الحق في حساب الحاكم وعقابه على أخطائه ، وتنظم ممارستهم لهذا الحق ؟
أعتقد أن السؤال كان حائراً ولا يزال ، بل إن السؤال نفسه قد اختفى بعد عهد الخلفاء الراشدين ، وحرص المزايدون والمتزيدون في عصرنا على إخفائه ، تجنباً للحرج ، وتلافياً للخلاف ، ونأياً بأنفسهم عن الاجتهاد وهو أمر بالنسبة لهم عسير ، ربما عن قعود ، وربما عن جمود ، وربما عن عجز .

النتيجة الثانية :
إن تطبيق الشريعة الإسلامية وحده ليس هو جوهر الإسلام ، فقد طبقت وحدث ما حدث ، وأخطر من تطبيقها بكثير وضع قواعد الحكم العادل المتسق مع روح الإسلام ، فقد رأينا أن الشريعة كانت مطبقة ، وأن الحاكم كان صالحاً ، وإن الرعية كانت مؤمنة ، وحدث ما حدث ، لغياب ما غاب ، وأظنه لا يزال غائباً .

الخلاصة :
هل يعرف عامة المسلمين تفاصيل مقتل عثمان، ام ان الخطاب الديني لا يتحدث الا عن ورعه وايمانه وانه احد المبشرين بالجنة وزوج بنتين من بنات الرسول، والا ترون معي ان في عدم ذكر الحقائق كاملة لجمهور المسلمين يعتبر تضليلا وكذبا وتجنيا على الحقيقة، ولهذا السبب تنتشر الخرافة والوهم في المجتمعات الاسلامية . وهل تتفقون معي بان نشر الحقيقة سوف يعمل على تنوير المجتمع بدينه وبالكيفية التي عليه ان يدير شؤونه وحياته، وان التنوير ونشر الحقائق سوف يؤدي الى تقليص نفوذ الاحزاب السياسية الاسلامية، ويدعم الجهود الهادفة الى بناء مجتمع معاصر وحديث، قادر على مواجهة كافة المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا من فقر وجهل وديكتاتورية وتعسف واضطهاد..؟؟
وللحديث بقية



#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الايديولجية الدينية تغذي التطرف اليميني الاسرائيلي والفلسطين ...
- مشهد من حياة الخليفة في الدولة الاسلامية
- اخوان سوريا تغيير التكتيك واستغلال الضحية الفلسطينية
- كيف نهزم قوى الاسلام السياسي
- حرية الصحافة غير محترمة في بلاد قناة الجزيرة
- العنف والفقر متلازمان
- مشعل : اما السيطرة على المنظمة او استبدالها
- لصوص حماس ووزيرها الكذاب
- لا نريد خلافة عثمانية ولا صفوية
- اعتقال ام المؤمنين .. والارهاب الاسلاموي
- المثقفون الراقصون على ايقاعات الخداع
- العراق يهزم الارهاب
- العميل نصر الله .. ومسرحيات اردوغان .. والجبهة الشعبية الضحي ...
- الصراع بين المشروع الاسلاموي الاخواني والمشروع الوطني
- اذا كانت ارادة الله فلماذا الاحتجاج ..؟؟؟
- جماعة الاخوان المصرية تواجه مأزقا .. ولن تنقذها حماس
- بعض كتاب اليسار الفلسطيني مصابون بالحول السياسي والفكري
- الخطاب الديني للاخوان المسلمين في خدمة اليهود
- كم انت رخيص ايها الفلسطيني في ديانة مشعل
- تظاهرات الاخوان -المسلمين- لنصرة حماس.. وليس دفاعا عن أهل غز ...


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم علاء الدين - الخليفة الراشدي عثمان بن عفان رفض المسلمون دفنه في مقابرهم