أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - صلاح الدين محسن - مذكراتي في كندا – 4















المزيد.....

مذكراتي في كندا – 4


صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)


الحوار المتمدن-العدد: 2556 - 2009 / 2 / 13 - 07:50
المحور: سيرة ذاتية
    


مرة ثانية . مع شارع " فليوري " . ذاك الشارع الجميل الذي قد نعود اليه في حلقة أخري قادمة .

دخلنا " كوفي شوب " . انا وصديق . لنتناول مشروبا وبعض الفطائر مع السمر المعتاد كاصدقاء .
وتصادف أن ذك المحل يمتلكه والد احدي طالبات وطلاب صديقي . بالمعهد التعليمي الذي يحاضر فيه

وما ان رأته حتي هللت بالتحية الفرنسية السائدة في مونتريال . والتي كثيرا ما تخرج من الافواه وكانها زغرودة – زغرودة مصرية - : " بونجووووووور " – نهارك سعيد - .
ثم سارعت بالخروج من منصة اعداد الطلبات للزبائن لتستقبله بالاحتضان والقبلات .
املينا طلباتنا .. تم اعدادها بسرعة .
وعند دفع الحساب ... :
تسلمت ثمن الطلبات عادي جدا ، بلا ضجة وبدون حوار مسرحي طويل من النوع الذي نعرفه ببلادنا.. أخذت الحساب .. بدون اي كلام ..
فهل هذا بخل ونذالة منها ؟؟!
كلا ..
وأنا متأكد من أنها لو كنا قد نسينا نقودنا و لا نحمل " فيزا كارد " لظهرت هنا شهامتها وبان كرمها . وربما عرضت علينا نقودا أيضا لزوم الطريق .
فالكرم يكون عند اللزوم .. وليس عمالا علي بطال .
والشهامة تكون وقت الحاجة اليها ، وبدون افتعال لا مبرر له .
لقد استقبلتنا أفضل استفبال وودعتنا افضل توديع خلاص .. أما النقود فقد كانت معنا النقود لندفع ثمن طلباتنا . فدفعنا بلا ضجيج . حيث لا مبرر للضجيج .

تصورت هذا الموقف قد حدث بمصر . أو باحدي عواصم الدول والدويلولات الناطقة بلغة أهل الجنة ..!
لوكان ذاك المحل وهذه الطالبة بالقاهرة . ودخل أستاذها لتناول مشروب . فكيف سيكون الحال عند دفع الحساب ؟
طبعا – ولعلكم تعرفون – ستحدث مسرحية ، وحوار طويل . اسمحوا لي بأن أذكركم به :
الاستاذ ( يمد يده بالحساب للطالبة بالكافيتريا ) : تفضلي وشكرا ..
الطالبة ( تشهق في دهشة وبأسف عاتب ) معقووول ؟؟ لا عيب . كده تشتمنا يا أستاذ ..
الاستاذ : لالا ابدا شكرا .
الطالبة ( ترفع يدها بحسم وتصيح ) : والله ابدا ..
الأستاذ : بس عشان نبقي نيجي تاني ..
الطالبة : تيجوا في أي وقت تشرفونا . هذا محلكم ..
الأستاذ : ندفع المرة دي ..
الطالبة : والله أبدا .. الحاج – والدها – موش موجود . بس لو عرف اننا دفعناك الحساب ح يزعل جدا . ويقول : ازاي ؟! هو احنا ما نعرفشي نعمل واجب مع استاذك ؟! هي دي الاصول ؟! أحنا ناس نعرف الأصول .
الاستاذ – معلشي . الله يخليكي . احنا ندفع المرة دي .
الطالبة : لا والله . لا يمكن ..
الأستاذ : بس كده تبقي موش عاوزانا نيجي عندكم تاني ..
الطالبة : ازاي يا أستاذ ؟! يا خبر ..! ما تقولشي كده ..
.... .... ....
وخذوا علي هذا المنوال . حوار طويل ودوشة وصداع وعطلة !
فلماذا كل ذلك ؟؟ وما هو الداعي ؟ ! وما هو المبرر؟؟!
لا يوجد داع ولا مبرر سوي : اننا شعوب عقولها فاضية وتملأها بهذا القش من اللغو ..!

كرم الضيافة في البيت . لكن المحل . مكان عمل ..
وما دام معنا فلوس ونستطيع دفع الحساب فلماذا لا ندفع بهدؤ وسلام ؟؟ ونوفر الوقت والجهد .. وان كنا قد فقدنا نقودنا أو نسيناها . فلماذا لا تظهر حينها الشهامة والكرم في الوقت المناسب فقط ..؟

تذكرت ما يحدث عادة لو دخل خمسة من الاصدقاء محلا لعصير القصب في مصر . فماذا يحدث :

كل سيسارع بوضع يده في جيبه قبل الآخر للفوز في سباق دفع الحساب !
الاول : ( يشد الثاني شدا لكي لا يسبقه في بطولة ماراثون دفع الحساب )..!
الثالث : ( سوف يحجز علي الرابع كي لا يتقدم عليه في الفوز بوسام سباق دفع الحساب ..) !
الرابع : ( سيدفع بالأول بيده ) .. !
والثاني : ( يزج الثالث ..) ..!
الاول : يقسم برحمة أمه . علي أن يدفع هو الحساب .. / وهو مبلغ زهيد ..!
الثاني : يحلف بشرف أبيه ..!
الثالث : يقسم بالطلاق ...!
الرابع : يحلف بحياة اولاده ...
الخامس : انا اكبركم سنا .. فعيب تتعدوا علي . خلاص انا سأدفع الحساب .../ وهو مبلغ زهيد .. ويمكن لأي منهم أن يدفعه / !
و.. و .. و .. انها مسرحية طويلة الحوار . طويلة الوقت . مضيعة للجهد.. !
كل ذلك العرض المسرحي السخيف للتسابق علي دفع مبلغ يسهل علي الجميع دفعه .. !
وما يحدث بمحل العصير . يحدث علي المقهي ، وبالاتوبيس وبالميكروباص وأمام السينما ... الخ ! .
فلماذا كل ذلك ؟؟!
من ليس لديه نقود أو ظروفه لا تسمح . فليقل : ليحاسب احكم يا اخوانا .. / وخلاص ..وهنا ما يستدعي ظهور الشهامة والكرم .
ان كان كل واحد من الاصدقاء معه من النقود ما يمكنه من دفع الحساب للجميع فليتركوا احدهم يدفع . وبعدها كل يمرر اليه نصيبه المستحق . ليأخذه منه بهدؤ وبلا ضجيج ..
أما الصياح والصخب والازعاج واضاعة الوقت والجهد بلا مبرر . فهذا سلوك غير حضاري . وقد آن الاوان لنفضه ..
-- --
الغريب هو ان صديقنا هذا لم يتعلم من تلميذته الكندية – ولا من غيرها – هذا لسلوك الكندي الغربي العملي . وانما هو لا يزال علي نفس سلوكنا ببلادنا . حيث المسرحيات العنترية المضيعة للوقت والجهد ..!
والاغرب هو أن هنا اناس يعيشون في كندا منذ 20 و30 سنة ولا يزالون كما كانوا ببلادنا السعيدة ..لا يتغيرون ولا يتخلون عن المفهوم العربي البدوي البدائي . بل ويعتزون به ..!
وما يستوجب الأسف هو أن المثقفين لا يختلفون عن غيرهم في ذلك ..!
فمنذ بضعة شهور زارني كاتب مصري معروف - وهو صديق عزيز – قادما من تورنتو . التي تبعد عن مونتريال بحوالي بين 3 و4 ساعات بالسيارة . – هاجر لكندا من حوالي 20 سنة - . كان قادما لقضاء بعض الأشغال في مونتريال . وأخبرني بالتليفون انه سيزورني . تناولنا طعام الغذاء معا بأحد المطاعم . .
وعند دفع الحساب . حدث نفس المهرجان اياه ..! وكنت قد أعددت نفسي لدفع الحساب باعتبار صديقي قادما من مدينة أخري . اي انه ضيف علي . ولكنه اصر علي أن يدفع هو لكوني حديث الاقامة بكندا بينما هو كندي – وأصر .. - .. لم اشا ان يطول الجدل التقليدي في مثل تلك الحالة بيننا . وضحك عندما قلت له :
ألا فائدة في أن نتثقف أو لا نتثقف .. ونبقي هكذا نتجادل حول من يدفع الحساب سواء في الاتوبيس او في المطعم . وسواء كنا في مصر او حتي في كندا .. وسواء كنا كتابا نكتب للناس او كنا قراءا .. نظل هكذا ولا نتغير ؟؟!!
... ... !
ألا توافقوننا علي أن الشعوب التي تفتعل ضجيجا حول مثل تلك المسألة الصغيرة ، لتختلق منها شهامة عنترية كاذبة وكرما حاتميا مزعوما . هي نفسها الشعوب التي تصدق ضجيجا يفتعل حول هزائمها الوطنية والقومية . ليصطنع منها انتصارات واهمة وصمود كاذب ومقاومة خائبة بادعاء عدم الاستسلام – من بين اطلال دمار وخراب و جثث ضحايا وصراخ جرحي وبكاء ثكالي وارامل ونحيب يتامي - !كيف يكون هناك انتصار وسط كل تلك الأشياء ؟! .
هناك اشياء في حياة الشعوب قد تبدو صغيرة الا انها مفاتيح لشخصيتها تكشف عن خيباتها الكبيرة .

ان بلادنا في حاجة الي جمع مثل ذاك التقليد . وغيره من التقاليد والعادات – والأمثال الشعبية والأقوال - القديمة المعوقة للتقدم . وتدريسها لاطفال المراحل الاولي من التعليم في مادة تسمي " السلوك " باعتبارها من السلوكيات المعيبة الواجبة النبذ . ويساند الاعلام مع التعليم في ذلك . وهذا سيساعد الكبار علي الاسراع في التخلص من عادات وتقاليد كثيرة التصقت باذهانهم وصارت تنبثق من دواخلهم بشكل لا ارادي .
***-***



#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منوعات بانورامية - 2
- تركيا الاسلامية بين الأرمن والفلسطينيين 3/3
- تركيا الاسلامية بين الأرمن والفلسطينيين 2/3
- تركيا الاسلامية بين الأرمن والفلسطينيين 1/3
- كورال البوم والغربان
- من مذكراتي في كندا -3
- الاسلام لم يختطفه أحد – والعكس صحيح .
- من ضحايا الاسلام – الشيخ عبد الله السماوي –
- الناس والحرية 21
- من خيرات الاسلام
- حصان اسمه فلسطين !
- الناس والحرية - 20
- كلية طب الحجامة – جامعة بعيركو
- منوعات بانورامية
- مسلم وملحد في الاحتفال برأس السنة
- الناس والحرية – الحلقة 19
- حركات التحرير الكاذب – من مراكش الي كوردستان –
- مصحف هيرو هيتو - 3
- شاعر الجغرافيا - افسد علما فجعلوه رمزا ! - الحلقة 17
- شعوب ادمنت الهزائم وتهوي اختلاق البطولات !


المزيد.....




- هكذا أنشأ رجل -أرض العجائب- سرًا في شقة مستأجرة ببريطانيا
- السعودية.. جماجم وعظام تكشف أدلة على الاستيطان البشري في كهف ...
- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي محذرًا: الشرق الأوسط ...
- حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...
- ألمانيا - القبض على شخصين يشتبه في تجسسهما لصالح روسيا
- اكتشاف في الحبل الشوكي يقربنا من علاج تلف الجهاز العصبي
- الأمن الروسي يصادر أكثر من 300 ألف شريحة هاتفية أعدت لأغراض ...
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب -نشاطات تخري ...
- حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره ويستهدف مواقع للاحتلال
- العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى ا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - صلاح الدين محسن - مذكراتي في كندا – 4